تقترب مصر من مرحلة سياسية مهمة متمثلة  في الإنتخابات البرلمانية القادمة، وهي ليست مجرد استحقاق دستوري أو حدث سياسي دوري، بل محطة مفصلية في مسيرة بناء الدولة، وتجديد دماء البرلمان، وتأكيد مبدأ المشاركة الشعبية في صنع القرار. 

وفي صدارة هذا المشهد الوطني، يأتي الشباب والمرأة كقوتين اجتماعيتين أساسيتين لا غنى عنهما، فهما معًا يشكلان الغالبية العددية، والعمق الاجتماعي، والطاقة القادرة على التغيير الفعلي.

وعلى الرغم من الخطاب الرسمي الداعم لمشاركة الشباب والمرأة، لا تزال هناك تحديات حقيقية تعيق البعض عن التصويت أو الترشح، وهنا يأتي الدور الأساسي للدولة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني في تقديم البدائل، والحلول، والتسهيلات التي تزيل العقبات، وتعزز المشاركة، وتحفّز الفئات المستهدفة على أن يكون لها دور فعّال في بناء برلمان يُعبّر عنهم.

إن التصويت في الانتخابات ليس فقط حقًا، بل هو واجب وطني، ومسؤولية أخلاقية، وأداة حقيقية للتغيير. حين يذهب المواطن إلى صندوق الاقتراع، فهو لا يمنح صوته لشخص بعينه، بل يعبر عن اختياره لمن يُمثّله، ويصوغ مستقبله، ويشرّع باسمه القوانين، ويراقب الحكومة، ويحدد أولويات البلاد.

غياب الشباب والمرأة عن التصويت يفتح الباب لاختيارات غير دقيقة، ويمنح الفرصة لقوى قد لا تعبّر عن الإرادة الحقيقية للمجتمع. أما مشاركتهم الفاعلة، فتمنح البرلمان شرعية وقوة، وتدفع المرشحين إلى الإهتمام الفعلي بقضاياهم.

يمثل الشباب المصري أكثر من نصف سكان البلاد، ما يجعله الكتلة التصويتية الأكبر، وصاحب التأثير الحاسم في أي عملية انتخابية، لكن لا يكفي أن يمتلك الشباب هذا الثقل العددي، بل يجب أن يترجمه إلى حضور فعلي في صناديق الاقتراع، واختيار واعٍ لمن يستحق تمثيله.

الشباب اليوم يمتلك أدوات المعرفة والتواصل، وقادر على تحليل البرامج الانتخابية، ومناقشة المرشحين، ونشر الوعي السياسي، لكنه يحتاج إلى دعم حقيقي من المؤسسات كي يشعر أن صوته سيُحدث فرقًا.

ومن جهتها أثبتت المرأة المصرية عبر التاريخ أنها ليست فقط داعمة للمشهد السياسي، بل شريكة أساسية فيه، وقد شهدت العقود الأخيرة تمكينًا حقيقيًا للمرأة، وتزايدًا في تمثيلها البرلماني، وتقلدها لمناصب قيادية ، ومع ذلك، لا تزال بعض التحديات الثقافية والإجتماعية تحول دون مشاركة فعالة للمرأة في بعض المناطق، وخاصة الريفية. 

وقد لعبت الدولة والأحزاب في توفير بيئة آمنة ومحفّزة للمرأة كي تشارك بفعالية، وتعبّر عن صوتها، وتنتخب من يُمثّل قضاياها.

رغم الإيمان بحقوق المشاركة، إلا أن هناك عوامل متعددة تعيق الشباب والمرأة عن التصويت أو الترشح، أبرزها:

• ضعف الوعي السياسي، خاصة لدى فئات لم تسبق لها المشاركة.

• غياب الثقة في جدوى التصويت، وشعور بعضهم بعدم تأثير الصوت الفردي.

• العوامل الاجتماعية والثقافية التي تقيد المرأة أو تهمّش دور الشباب.

• الانشغال بالحياة اليومية والصعوبات الاقتصادية، ما يجعل السياسة أولوية مؤجلة.

• قلة اللقاءات التوعوية والبرامج المبسطة التي توضح دور البرلمان وأهمية الانتخابات.

وحتى نضمن مشاركة فعالة من الشباب والمرأة، لا بد أن يكون هناك دور أكبر  للدولة والأحزاب في إزالة العوائق، وتقديم حلول عملية، وتوفير بيئة مشجعة، ومن ذلك:

يجب أن تطلق الدولة، بالتعاون مع الإعلام والمجتمع المدني، حملات توعية سياسية مبسطة، تستهدف المدارس والجامعات والمراكز الشبابية، وتُعرّف الناس بأهمية البرلمان، ومهامه، وكيفية التحقق من المرشحين، ودور المواطن في المتابعة والمساءلة.

ينبغي أن تقدم الدولة والأحزاب برامج لدعم النساء المرشحات، وتدريبهن على إدارة الحملات الانتخابية، والتحدث أمام الجمهور، وبناء برامج واقعية. كما يجب توفير حوافز للمرأة في المناطق الريفية للمشاركة في التصويت بحرية، من خلال التوعية، وتوفير وسائل نقل، وضمانات أمنية.

يمكن إستثمار الإنترنت ومنصات السوشيال ميديا في الوصول إلى الشباب والمرأة بلغة يفهمونها ويثقون بها. من خلال فيديوهات قصيرة، وندوات تفاعلية، وتغطيات مباشرة لبرامج المرشحين، وتحفيز المشاركة عبر حملات إلكترونية مبتكرة.

حتى نصل إلى برلمان حقيقي يُمثّلنا، يجب أن نعمل معًا – دولة، وشباب، ونساء، ومجتمع مدني – وفق خطة متكاملة، تشمل:

• الإطلاع على برامج المرشحين، ومشاركتهم بالأسئلة والنقاشات.

• التحفيز الجماعي للمشاركة، كأن تتوجه العائلات معًا للتصويت.

• مراقبة العملية الانتخابية لضمان الشفافية، سواء من خلال منظمات المجتمع المدني أو المبادرات الشبابية.

• متابعة أداء النواب بعد انتخابهم، والمطالبة بحقوقنا من خلال القنوات الشرعية.

صوت الشباب والمرأة هو قوة حقيقية قادرة على تغيير الواقع، وتحقيق التوازن داخل البرلمان، وطرح القضايا التي تمسّ المجتمع بصدق. لكن هذا الصوت لن يكون مؤثرًا ما لم يتم تفعيله، وتحويله من مجرد حق دستوري إلى ممارسة واعية ومسؤولة.

إننا نعيش في جمهورية جديدة تؤمن بتمكين الإنسان المصري، وكل خطوة نخطوها نحو المشاركة تعني أننا نشارك في رسم ملامح المستقبل. لنترك السلبية، ونتجاوز العقبات، ونتكاتف من أجل برلمان يمثلنا جميعًا، ويعبّر عن أحلامنا، ويصون حقوقنا.

فلنكن على قدر المسؤولية، ولنرفع صوتنا في صناديق الاقتراع، لأن صوتنا هو مستقبلنا.

طباعة شارك الشباب المرأة البرلمان

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشباب المرأة البرلمان الشباب والمرأة من خلال

إقرأ أيضاً:

محافظ المنيا: البحث العلمي مفتاح بناء جيل مفكر ومبدع وأبناؤنا هم علماء المستقبل

افتتح اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، فعاليات المعرض المحلي لمسابقة العلوم والهندسة ISEF للعام الدراسي 2025 / 2026، والذي أقيم بمدرسة الفريق صفي الدين أبو شناف الثانوية العسكرية بنين، بمشاركة واسعة من طلاب المدارس بمختلف المراحل والإدارات التعليمية.

وخلال تفقده أقسام المعرض، أكد محافظ المنيا أن أبناءنا هم علماء المستقبل وأن البحث العلمي يمثل المفتاح الحقيقي لبناء جيل مفكر ومبتكر، مشددًا على دوره في تنمية المهارات الفكرية والثقافية لدى الطلاب، وتوسيع آفاق الإبداع والابتكار، وتعزيز الثقة والقدرة على المنافسة في المسابقات المحلية والجمهورية والدولية، فضلًا عن دعم التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الوعي المجتمعي.

تفحمت سيارتهم بالكامل.. تفاصيل وفاة 4 مستشارين في حادث أليم بالمنيامحافظ المنيا: تخصيص أرض أمام محطة القطار السريع لإنشاء مجمع خدمات لوجستيةنائب محافظ المنيا يطالب بتذليل أي معوقات تواجه المواطنين بالمراكز التكنولوجية

وحرص المحافظ على تجربة أحد المشروعات المتميزة الذي يحمل اسم AM GLOVE وهو جهاز طبي واعد يهدف إلى الكشف المبكر عن الأمراض العصبية باليد باستخدام تقنيات متطورة، حيث استمع إلى شرح مفصل من الطالب القائم على المشروع حول آليات عمل الجهاز وأهميته في تقديم تشخيص أسرع وأكثر دقة، مشيدًا بتوظيف التكنولوجيا لخدمة القطاع الصحي ورعاية المرضى، وأثنى اللواء كدواني على تميز الطلاب المشاركين وروحهم الابتكارية،

وأشاد بالدور الكبير للقائمين على تنظيم المسابقة، لما بذلوه من جهد لضمان خروج المعرض بصورة مشرفة تليق بمحافظة المنيا، مؤكدًا أن التعاون بين الطلاب والخبراء وأعضاء هيئة التدريس يسهم في إكسابهم مهارات بحثية متقدمة، ويؤهلهم للوصول إلى مستويات تنافسية مشرفة.

ومن جانبه، أوضح صابر عبد الحميد وكيل وزارة التربية والتعليم بالمنيا، أن معرض ISEF يُعد إحدى المبادرات الرائدة لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ويهدف إلى غرس ثقافة البحث العلمي والابتكار لدى الطلاب من سن 14 إلى 18 عامًا، من خلال التدريب والتوجيه، وتوفير منصة تنافسية تشجع العمل الجماعي والتفكير النقدي، مع تقديم الدعم المادي والمعنوي لتمكين الطلاب من تصميم مشروعات علمية تخدم قضايا التنمية المجتمعية والاقتصادية والبيئية.

وأضاف وكيل الوزارة أن المعرض يضم هذا العام 85 مشروعًا بحثيًا بمشاركة حوالى 150 طالباً وطالبة من 37 مدرسة، تحت إشراف وتحكيم نخبة من أساتذة كليات الهندسة والعلوم والحاسبات والمعلومات بجامعة المنيا، تمهيدًا لتصعيد المشروعات للمنافسة على مستوى الجمهورية.

وأكد أن المحافظة تستعد بقوة للمنافسة في ISEF 2026 بجيل جديد من الباحثين والموهوبين، مشيرًا إلى أن المعرض يغطي مجالات علمية متعددة تشمل الفيزياء والفلك، الأحياء الخلوية والجزيئية، الطاقة الكيميائية، الهندسة البيئية، والعلوم الاجتماعية والسلوكية.

وحرص الطلاب المشاركون على التقاط الصور التذكارية مع محافظ المنيا خلال جولته التفقدية لأجنحة المعرض، تعبيرًا عن تقديرهم لدعمه لمسيرتهم العلمية والابتكارية.

يذكر أن محافظة المنيا حققت إنجازًا متميزًا بحصولها على 3 جوائز عالمية في معرض العلوم والهندسة الدولي ISEF 2025 -2024، بالإضافة إلى تحقيق المركزين الأول والثالث على مستوى الجمهورية، في تتويج لجهود دعم ورعاية الموهوبين وتأهيلهم للمنافسة العالمية.

جاء ذلك بحضور صابر عبد الحميد وكيل وزارة التربية والتعليم، عماد الدين محمود وكيل المديرية، أحمد عبد المحسن مدير عام الشئون التنفيذية،الدكتور بهاء حسن مدير إدارة المنيا التعليمية، المهندس أحمد فاروق مدير عام التعليم الفني، محمد حسين مدير مدرسة صفى الدين أبو شناف الثانوية العسكرية .

طباعة شارك المنيا محافظ المنيا معرض ايساف

مقالات مشابهة

  • القومي للمرأة يطلق غرفة عمليات لمتابعة التصويت فى انتخابات الدوائر الملغاة بأحكام قضائية
  • القومي للمرأة يطلق غرفة عمليات لمتابعة التصويت في انتخابات الدوائر الملغاة
  • وزارة الشؤون الاجتماعية تطلق منصة وطنية للتطوع
  • برلمان 2026.. تحركات برلمانية واسعة لتعديل قانون الإيجار القديم في المجلس الجديد
  • رئيسة "القومي للمرأة" تشارك في فعاليات “المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء”
  • محافظ المنيا: البحث العلمي مفتاح بناء جيل مفكر ومبدع وأبناؤنا هم علماء المستقبل
  • ضغوط يونانية على برلمان ليبيا لإسقاط الاتفاقية البحرية مع تركيا.. هل يستجيب عقيلة؟
  • الصقري: "الاقتصاد" تعكف على بناء نموذج مؤسسي مُستدام لرفع جاهزية الدولة للمستقبل
  • حلقة عمل وطنية لتوحيد وتنسيق الجهود في مجال استشراف المستقبل
  • الروابدة: القائد الإداري أساس بناء المستقبل