أخبارنا:
2025-05-21@17:42:14 GMT

خيارات الجزائر لمواجهة دبلوماسية الرباط

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

خيارات الجزائر لمواجهة دبلوماسية الرباط

بقلم: بلال التليدي

في المقابلة التي أجراها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع تلفزيون بلاده في آخر شهر مارس، لوح بخيار إنشاء منظمة إقليمية في شمال إفريقيا على غرار غيرها من المنظمات الناشئة في غرب إفريقيا وشرقها، وحضرت في خطابه كثيرا لفظة «الغرب» التي يعني بها المغرب، وظهر بشكل واضح أن مواجهة هذا «الغرب» والحد من نشاط دبلوماسيته يمثل رهانا أساسيا بالنسبة إلى الجزائر.

في الواقع، لا شيء إلى حد الآن يبين جدية هذا الخيار، وتوافق الأطراف التي يفترض أن تشكله عليه، فكل ما يوجد من مؤشرات هو الاجتماع الذي تم على هامش القمة السابعة للغاز التي انعقدت في الجزائر، بحضور الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والتي تم فيها الاتفاق على عقد اجتماعات كل ثلاثة أشهر، يقام أولها في تونس بعد شهر رمضان.

موريتانيا التي كانت الجزائر تعول على أن تكون عضوا أساسيا في هذا الهيكل السياسي الإقليمي الجديد، لم تشارك في هذا اللقاء، وفضلت أن تبقى بعيدة عن أي مبادرة يمكن أن يفهم منها الضلوع في عزل المغرب عن محيطه الإقليمي وإخراجه بطريقة ناعمة من اتحاد المغرب العربي.

بيان الرئاسة الجزائرية، حاول أن يخفف من الموقف الموريتاني الرافض، وتحدث عن محادثة هاتفية بين الرئيسين الجزائري والموريتاني، تم فيها شرح عقد اللقاء الثلاثي، وفي أي سياق يندرج، فحاولت الجزائر بذلك أن تنفي وجود أي إرادة لعزل المغرب ومحاولة إخراجه من اتحاد المغرب العربي، وأن اللقاء انشغل بـ«قضايا راهنة ذات طابع إفريقي».

في الواقع، لم تكن هذه المبادرة فكرة جديدة للدبلوماسية الجزائرية، تم تقديمها في سياق مواجهة العنفوان الدبلوماسي الذي حققته الرباط في السنوات القليلة الماضية، بل سبق للجزائر أن تحدثت أكثر من مرة عن مغرب عربي بدون مغرب، لكنها لم تنجح في تنزيل الفكرة وإقناع الأطراف المعنية بها، بينما نجحت الرباط في جر عدد من الدول في الحدود الجنوبية المتاخمة للجزائر إلى المبادرة الأطلسية بعد أن تفجر الخلاف بين الجزائر والنيجر، ثم بين الجزائر ومالي، والتحقت تشاد هي الأخرى بالمبادرة، ودخلت موريتانيا في حوار عميق مع الرباط حول هذه المبادرة لا يزال مستمرا إلى اليوم، مع دخول قوى دولية أخرى على الخط لإقناع نواكشوط للانضمام إليها، وتثمين دورها الذي يفترض أن تقوم به في المنطقة وذلك على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية.

واضح أن التصريح بشكل علني ولأول مرة من قبل الرئيس الجزائري عن هذا التكتل الإقليمي في شمال إفريقيا جاء في سياق تدشين انطلاق حملته الانتخابية، بعد أن تم تقديم موعد الانتخابات إلى السابع من سبتمبر المقبل بدل شهر ديسمبر، فموضوع مواجهة المغرب، وإثبات تفوق الجزائر دبلوماسيا عليه يمثل واحدا من الموضوعات الانتخابية المهمة والحاسمة، بل تشكل إحدى الأوراق التي يعتمدها الرئيس الجزائري للترشح للرئاسة، بالنسبة إلى النخب الأمنية والعسكرية التي لم تحسم أمرها في دعم هذا الاختيار، خاصة وأن الرئيس نفسه ولحد الآن لم يعلن بشكل رسمي نيته خوض غمار الترشح لولاية أخرى.

تقييم مبادرة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يختلف بالاعتبار الدبلوماسي، والجيوستراتيجي، والسياسي، والاقتصادي.

دبلوماسيا، يصعب تقييم المبادرة لأن شروطها لم تتخلق بعد، فليس هناك وضوح بشأنها بالنسبة إلى الأطراف المعنية، فالطرف الوحيد الذي أعلن عن فحواها ومراميها هو الجزائر، بينما لم يصدر عن تونس وطرابلس أي تصريح بهذا الشأن، فيلزم انتظار أول لقاء بعد شهر رمضان في تونس، لتكتمل الصورة، وتظهر جدية المبادرة، ويبرز موقف تونس بحكم أن اللقاء سينعقد بها. وما يجعلها محدودة في طموحها، أنها عجزت أن تضم إليها موريتانيا، مما يجعل فرصة عزل المغرب، وإقصائها من الاتحاد المغرب العربي الجديد، خيارا مستبعدا.

بالاعتبار الجيوستراتيجي، يعني قيام هذا الهيكل السياسي الإقليمي تمدد الجزائر في شرقها، والنجاح في إيجاد متنفس لتدبير عزلتها في الجنوب، أي في امتدادها الإفريقي، بعد أن دخلت في توترات معلنة وأخرى صامتة مع دول الساحل جنوب الصحراء (النيجر، مالي) ولم تنجح في جر موريتانيا الحذرة إلى مربعها في الصراع مع الرباط.

المشكلة بالاعتبار الاستراتيجي، أن كلا من تونس وليبيا تعانيان أزمات مختلفة المستويات، تلتقي كلها في عنوان هشاشة الاستقرار السياسي، فتونس تعاني من حكم استبدادي فقد القدرة على إدارة الحوار مع المجتمع الدولي، ومع النخب المحلية، وتعاني من أزمة اقتصادية خانقة، زادت من حدتها عدم التوصل إلى تفاهمات مع صندوق النقد الدولي. أما ليبيا، فلحد الآن، لم ينجح الفرقاء السياسيون في المضي بالبلد إلى الخطوة النهائية، أي إجراء الانتخابات، وبناء الهياكل السياسية والمؤسساتية للدولة، وإنهاء الفترة الانتقالية بكل متعلقاتها.

في الواقع، يمكن أن تستمر تونس على موقفها في الاقتراب من الجزائر على حساب الرباط فهي تحتاج الدعم المالي والاقتصادي حتى تؤمن فترة أخرى من شرعية الرئيس المتهاكلة، لكن اللحظة الانتخابية على الأبواب، وكل الاحتمالات مفتوحة بما في ذلك إنهاء دور قيس سعيد أو تثبيته في الحكم، لكن بالنسبة إلى ليبيا، فعلاقتها بالرباط قوية تأخذ أبعادا مختلفة، يصعب معها تصور أن تكون طرابلس جزءا من إرادة إضعافها أو عزلها عن محيطها الإقليمي، أو حتى إخراجها بشكل ذكي من اتحاد المغرب العربي.

أما بالاعتبار السياسي، فالمبادرة حتى لو تم لها النجاح، فإنها لن تتعدى ترسيم واقع حاصل هو مزيد من خلق شروط جمود اتحاد المغرب العربي، فخلق الكيانات التجزيئية (من ثلاث دول) يؤشر على أن التكتل الإقليمي الواسع (المشكل من خمس دول) سيدخل منعطفا آخر من الموت النهائي بعد أن كان في مرحلة الموت السريري.

تونس منذ أن استقبل رئيسها قيس سعيد قيادة البوليساريو، لم تخط خطوة أخرى تصعيدية اتجاه الرباط، واشتغلت دبلوماسيتها طوال المدة الفاصلة بسياسة التهدئة، بينما مزجت الرباط بين إظهار الغضب على الموقف التونسي، وبين عدم التصعيد في الرد، وذلك بحثا عن إمكان تطويق المشكل عبر آلية تصحيح الموقف التونسي. أما ليبيا، فلا تستطيع أن تغامر في أي خيار يراد منه عزل المغرب عن محيطه، وذلك لسبب بسيط وهو أن أغلب الاتفاقات التي جمعت الفرقاء الليبيين تمت إما في الصخيرات أو بوزنيقة، وأن المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، تحدث بوضوح في نوفمبر من العام الماضي عن دور الرباط من خلال عقد لقاء تحضيري في الصخيرات يجمع ممثلي المؤسسات الرئيسية الليبية للتمهيد للقاء القادة لحسم ما علق من خلافات بين الفرقاء، كما أجرى وزير الخارجية المغربي مباحثات مع نظيره الليبي الطاهر الباعور بالقاهرة وذلك على هامش أعمال الدورة 161 لمجلس الجامعة العربية وذلك في سياق توفير الظروف الملائمة للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا، عبر تنظيم استحقاقات انتخابية سليمة وشفافة، انطلاقا من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات سنة 2015. هذه الاعتبارات الثلاثة، الدبلوماسية، والاستراتيجية، والسياسية، تجعل من مبادرة الجزائر خطوة جد محدودة، وربما تكون ذات خلفيات انتخابية أكثر منها مبادرة دبلوماسية استوفت شروط النضج في مواجهة نشاط وتقدم دبلوماسية الرباط في إدارة الصراع الإقليمي مع الجزائر.

 

كاتب وباحث مغربي

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: اتحاد المغرب العربی الرئیس الجزائری بالنسبة إلى بعد أن

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: على إسرائيل أن تمنع حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية"

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، اليوم الإثنين، 19 مايو 2025، إن على إسرائيل أن تمنع حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية"، مشيرًا إلى أنه كان واضحا منذ بداية الحرب بشأن ضرورة تجنب حدوث مجاعة في القطاع، إذا ما أرادت إسرائيل تحقيق أهدافها من العملية العسكرية.

وأوضح نتنياهو في تصريحات له، أن حكومته كانت قد قررت، خلال الحرب، السماح بدخول الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها أوقفت ذلك لاحقا بعد أن تبين، بحسب قوله، أن حركة حماس تستولي على تلك المساعدات.

وأضاف أن تل أبيب، بالتعاون مع الإدارة الأميركية، تعمل حاليا على إنشاء آلية جديدة لتوزيع المساعدات، عبر نقاط محددة تحظى بحماية الجيش الإسرائيلي.

وكشف نتنياهو أن الهدف النهائي من هذه الخطة هو إنشاء منطقة كاملة تخضع لسيطرة الجيش، بحيث تكون مخصصة لتوزيع المساعدات، ويتوجه إليها سكان غزة للحصول على احتياجاتهم الإنسانية.

اقرأ أيضا/ 9 شاحنات مُساعدات تدخل إلى غـزة اليوم بإشراف مؤسسات دولية

وصباح اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي، عن دخول 9 شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، في إطار الجهود لتوصيل الإغاثة إلى السكان في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

وبحسب البيان، فإن الشاحنات المحملة بالمساعدات ستتجه إلى مخازن الجمعيات داخل القطاع، حيث ستتولى المؤسسات الدولية المعنية مهمة توزيعها على المستفيدين.

ومن جانبها، أفادت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، بأن المساعدات التي ستدخل إلى غزة هذا الأسبوع وفق النظام القديم ستشمل نحو 30 شاحنة يوميا، محمّلة بمواد غذائية (مثل بدائل الحليب، والطحين وما شابه) بالإضافة إلى مساعدات طبية.

وتأتي هذه الخطوة في ظل مطالبات متزايدة من منظمات الإغاثة لتسهيل دخول المساعدات، وسط استمرار الحصار والتصعيد العسكري الذي يعاني منه سكان غزة منذ أشهر.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية 9 شاحنات مُساعدات تدخل إلى غزة اليوم بإشراف مؤسسات دولية اغتالت قياديا واختطفت عائلته.. قوة إسرائيلية تُنفّذ عملية خاصة في خانيونس محدث: نتنياهو يصادق على إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة الأكثر قراءة نتنياهو يمثل للمرة الـ30 أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم فساد أحدث إحصائية لعدد شهداء غزة الجيش الإسرائيلي يوقف إطلاق النار بغزة لاستلام الأسير عيدان ألكسندر فرنسا: طلب مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية "أمر مشروع" عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • لقجع يعلن افتتاح ملعب الرباط الجديد خلال الأسابيع المقبلة
  • مغدوشة على مفترق استحقاق: تكرار تجربة أثبتت حضورها أم خيارات جديدة؟
  • الجزائر تشيد بجنيف بالمبادئ التي تضمنتها معاهدة الوقاية من الجوائح
  • منصور: كلمة الرئيس السيسي عكست التزام مصر الثابت بدعم الأمن والاستقرار الإقليمي
  • الرئيس الجديد لمجلس الأمة: مصلحة الجزائر أولويتي
  • هذا ما قاله سفير الجمهورية الصحراوية عقب استقباله من الرئيس تبون
  • الرئيس السيسي يبحث مع نظيره اللبناني استعادة الاستقرار الإقليمي
  • الرئيس السيسي يبحث مع نظيره اللبناني تعزيز التعاون واستعادة الاستقرار الإقليمي
  • نتنياهو: على إسرائيل أن تمنع حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية"
  • جوزيف عون: مصر شريك أساسي في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.. وأشكر الرئيس السيسي دعمه للبنان