التغيير: وكالات

حذّر خبراء في مجال ملفات النزاعات والعلاقات الدولية من أن دخول إيران على خط الحرب في السودان من خلال تزويد الجيش السوداني بالطائرات المسيّرة، ينذر بتوسيع رقعة الحرب المستمرة منذ عام في البلاد.

وأكد الخبراء على خطورة تأثير دفع إيران بطائراتها المسيّرة في الحرب لصالح الجيش السوداني وحلفاء البرهان من الجماعات المتشددة، في مواجهته مع قوات “الدعم السريع”.

وأكدوا أن الموقف الإيراني سيساهم في فتح جبهات قتال جديدة ومتعددة في دول أخرى بالمنطقة إلى جانب تبديد أية محاولات عربية ودولية لوقف هذه الحرب وإنهاء النزاع بين الأطراف المتقاتلة.

وقال محللون في تصريحات لـ(إرم نيوز)، إن “التواجد الإيراني في الحرب السودانية عبر المسيّرات، مع طرف على حساب آخر، هدفه المقايضة الدولية من جانب طهران، لصالح مشاريعها في ظل اعتمادها على بؤر التوتر لابتزاز الغرب والمجتمع الدولي”.

وتهدف إيران من وراء ذلك، بحسب المحللين، إلى تعزيز مشروعها النووي ورفع الحصار والعقوبات، والتمكن من بيع النفط والسماح بمناطق نفوذ متعددة، في ظل تفكير طهران المستند إلى نظرية “ولاية الفقية” القائمة على مبدأ “اللا دولة”.

ولفت المحللون إلى أن هذه المسيّرات ترتكب جرائم بحق المدنيين السودانيين، حيث أنها ورغم دقتها في ضرب الأهداف العسكرية، إلا أنها طالت تجمعات سكنية ومواقع لمدنيين.

وكان مصدر كبير في الجيش السوداني قد صرح لوكالة (رويترز) للأنباء بأنه “مع مرور عام على بدء الحرب الأهلية في السودان، تساعد الطائرات المسيّرة الهجومية الإيرانية على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم قوات الدعم السريع التي يحاربها الجيش واستعادة أراض حول العاصمة”.

ونقلت الوكالة عن مصادر إيرانية ومسؤولون ودبلوماسيون بالمنطقة طلبوا، شأنهم شأن المصدر العسكري، عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المعلومات، لرويترز إن الجيش حصل على طائرات مسيرة إيرانية الصنع خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية، د. خالد العزي، إن من الواضح السعي الإيراني للتدخل في السودان حتى من قبل سقوط نظام عمر البشير، الذي كانت لها علاقات جيدة معه، ومع سقوط النظام وانتشار جماعة الاخوان في مؤسسات الدولة، حاولت إيران أن يكون لها ركائز في هذا المؤسسات إلى حين اندلاع الحرب الحالية، وبالتالي رغم كل المحاولات العربية والافريقية والدولية لإنهاء العمل المسلح والاقتتال، كانت إيران تتربص الفرصة، وعندما استطاعت التدخل مباشرة بدعم “البرهان” وفريقه  العسكري، نتيجة العلاقة التي تربطها بالتنظيم الدولي للإخوان، كان هذا التدخل.

وأوضح العزي أنه في الوقت الذي سعى فيه البرهان لإظهار صورة معاكسة لتوجه دعم “الإخوان”، جاءت هذه الحرب التي أفرغت مضمون ذلك بأن فلول النظام السابق هي التي تحارب بدعم وتوجهات “الإخوان”، وهنا استطاعت إيران الوصول إلى هذه المجموعات وتحريكها بدعم لوجستي وعسكري الذي توج بإرسال “المسيرات” التي سيكون لها دور كبير عند المواجهة و حاسمة للمواقف مما يضغط على الطرف الأخر “الدعم السريع” للقبول او للاستسلام، مشيرا إلى أن الدخول بهذه “المسيرات” في المعارك سيكون له انعكاس  لصالح القدرات العسكرية الميدانية للمجموعات التي ترتبط بشكل مباشر بإيران.

وحذر “العزي” من هذا التطور الخطير على المنطقة بأكملها، بالقول إن هذا المخطط الإيراني لا يطول السودان فقط، بل دول أخرى عربية وأفريقية، مما سينعكس على استقرار هذه الدول التي سيكون استعانتها بـ”المسيرات” من أجل حسم المعارك.

ولفت إلى أن استخدام هذه “المسيرات” ستعكس الأحوال وتحبط أية محاولات تهدف لإنهاء الحرب في السودان، وبالتالي نحن أمام متسع لجبهات متعددة ستكون الحرب الأهلية عنوانها البارز بواسطة التوسع الإيراني بغرض استخدامها للمقايضة الدولية من أجل مشاريعها في ظل اعتمادها على بؤر التوتر لابتزاز الغرب ، للعمل على إنجاح مشروعها النووي ورفع الحصار والعقوبات وبيع النفط والسماح بمناطق نفوذ متعددة، لأن إيران تفكر بمفهوم نظرية ولاية الفقيه الـ”لا دولة”.

المحلل السياسي المختص في الشأن الايراني، صلاح أبو شريف، قال إن دفع طهران بالمسيرات في الحرب بالسودان، يأتي ضمن مخطط النظام الإيرانية التوسعي الذي وضحت ملامحه في العقد الماضي بتوسع واضح بالدول العربية، وصولا إلى ما نشاهده بالبحر الأحمر مؤخرا، مما يوضح مخطط التوسع والنفوذ الإيراني بالشرق الاوسط.

واستكمل في تصريحات لـ(إرم): “ما يحدث في هذا الإطار بالسودان يظهر استغلال إيران بشكل سيء لأي ثغرة بين أبناء الشعب الواحد، مثلما حدث في العراق، سوريا، لبنان، اليمن” لافتا إلى أن السلطات الإيرانية تحلم بدخول السودان مجددا بعد انهيار نظام البشير، وقد جاءتها الفرصة الذهبية، وعدم التدخل العربي والدولي الحاسم لهذا المخطط، جعل الفرصة سانحة لإيران لتعمل بقوة في السودان.

وأردف: “الأمر الآن لا يستهدف السودان بل الأمن العربي القومي، والخوف أن تشكل طهران لها ميليشيات خاصة في الفترة القادمة بالسودان، تكون مأمورة منها وليس حليفة فقط”.

فيما أكد الباحث السوداني ماجد محمود، أن الطائرات المسيرة الإيرانية لا تفرق في عملها ضمن جانب الجيش السوداني بين المدنيين أو قوات الدعم السريع لافتا إلى أن هناك مخطط وعمل على تأديب المدنيين من جانب مستخدمي “المسيرات” للخضوع لصالح فريق “البرهان”، وأنه على الرغم من أن ضربات واستهداف المسيرات تقنيا للمواقع يكون بدقة، إلا أنها طالت مناطق وتجمعات سكنية، مما زاد من الضحايا المدنيين واتساع المعاناة بين الأبرياء

وتابع: “الهدف تعزيز الوجود الإيراني وأن تكون صاحبة ورقة ضغط ليس فقط في إطار اتساع الحرب الأهلية في السودان، ولكن للتواجد في هذه المنطقة وفرض شروطها بهذه الطائرات التي لها آثار كبيرة عسكريا”، محذرا من أن يظل المجتمع الدولي صامتا أمام ذلك، مما يطور هذه الحرب ويجعلها بصورة أبشع ، وسيخرج الأمر من خراب السودان إلى دول الجوار مما يزداد الوضع خطورة إقليميا وعربيا.

* إرم نيوز

الوسومإيران الإخوان المسلمون البرهان الجيش الحرب السودانية الدعم السريع السودان المسيرات طهران

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إيران الإخوان المسلمون البرهان الجيش الحرب السودانية الدعم السريع السودان المسيرات طهران الجیش السودانی الدعم السریع فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

النفط يُحمى.. والشعب السوداني يترك للمجهول!

ابراهيم هباني

في السودان لا يحتاج المرء الى جهد كبير ليفهم ما الذي يجعل الاطراف المتحاربة تتفق بسرعة، وما الذي يجعلها تختلف حتى اخر مدى.

يكفي النظر الى ما جرى في هجليج، وما جرى قبله في الفاشر وبابنوسة، ليتضح ان اولويات الحرب لا علاقة لها بحياة الناس، بل بما فوق الارض وتحتها.

في هجليج، انسحب الجيش السوداني الى جنوب السودان، ودخلت قوات الدعم السريع الحقل بلا مقاومة كبيرة، ثم ظهر رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ليؤمن المنشاة الحيوية التي يعتمد عليها اقتصاد بلاده.

ولم يحتج الامر الى جولات تفاوض او بيانات مطولة. اتفاق سريع، وترتيبات واضحة، وهدوء مفاجئ. السبب بسيط: الحقل شريان لبلدين، وله وزن في حسابات دولية تتابع النفط اكثر مما تتابع الحرب.

لكن الصورة تختلف تماما عندما نعود الى الفاشر. المدينة عاشت اكثر من خمسمئة يوم تحت الحصار. 500 يوم من الجوع والانهيار، بلا انسحاب من هذا الطرف او ذاك، وبلا موافقة على مبادرة لتجنيبها الحرب. سقطت الفاشر لانها ليست هجليج. لا تملك بئرا، ولا انبوبا، ولا محطة معالجة. ولذلك بقيت خارج الحسابات.

وبابنوسة قصة اخرى من النوع نفسه. المدينة ظلت لما يقارب 680 يوما بين حصار واشتباكات وانقطاع، ثم سقطت نهائيا.

وخلال ذلك نزح منها ما لا يقل عن 45 الف شخص. ومع ذلك لم تعلن وساطة عاجلة، ولا ترتيبات لحماية المدنيين، ولا ما يشبه العجلة التي رأيناها في هجليج الغنية بالنفط!

بابنوسة، مثل الفاشر، لا تضخ نفطا، ولذلك لم تجد اهتماما كبيرا.

دولة جنوب السودان تحركت في هجليج لانها تعرف ان بقاءها الاقتصادي مرتبط بانبوب يمر عبر السودان.

والصين تراقب لان مصالحها القديمة في القطاع تجعل استقرار الحقول مسألة مهمة.

اما الاطراف السودانية، فاستجابت بسرعة نادرة عندما تعلق الامر بالبرميل، بينما بقيت المدن تنتظر نصيبا من العقل، او نصيبا من الرحمة.

المعادلة واضحة. عندما يهدد النفط، تبرم الترتيبات خلال ساعات. وعندما يهدد الناس، لا يحدث شيء. هجليج اخليت لانها مربحة. الفاشر وبابنوسة تركتا لان كلفتهما بشرية فقط.

والمؤسف ان هذا ليس تحليلا بقدر ما هو وصف مباشر لما حدث. برميل النفط حظي بحماية طارئة، بينما المدن السودانية حظيت بالصمت.

وفي نهاية المشهد، يبقى الشعب السوداني وحيدا، يواجه مصيره بلا وساطة تحميه، وبلا اتفاق ينقذه، وبلا جهة تضع حياته في اولوياتها.

هذه هي الحكاية، بلا تجميل. النفط يوقع له اتفاق سريع. الشعب ينتظر اتفاقا لم يأت بعد.

الوسومإبراهيم هباني

مقالات مشابهة

  • العقوبات المتراكمة ليست كافية لوقف الحرب في السودان
  • خبراء في الشؤون الأفريقية لـ«الاتحاد»: تدهور خطير للأوضاع الإنسانية في السودان
  • النفط يُحمى.. والشعب السوداني يترك للمجهول!
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • وزير الحرب الأمريكي: نعيد هيكلة الجيش لضمان الاستعداد لأي صراع
  • الجيش السوداني: ماضون في مسيرة تحرير الوطن والدفاع عن سيادته
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
  • الكونغرس:تجميد 50%من المساعدات الأمريكية للعراق إلا بعد حل الحشد الشعبي الإيراني الإرهابي
  • الجيش الإيراني يزيح الستار عن منظومة الحرب الإلكترونية “صياد 4”
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟