في لحظة وجد، كنت اسير على جسر لندن، كانت الشمس ساطعة كأنها لم تلد إلا اليوم، ولم تبعث دفء بريقها من قبل قط.
نال برج لندن على يسار مروري نصيبه من بريق هذه الشمس وانعكست اشعاعاتها على الجدران الزجاجية التي ترتفع قاماتها على ضفتي نهر التيمز.
لا شك هذه اللحظة الفارة من الزمن تغري كل المارين بالتقاط صورها البهية، وهذا ما يحدث فعلا، فكل المارة ترفع اياديها عاليا بهواتفها لتلتقلط صورة “الآن” الهاربة من الزمن.
لندن مدينة جميلة حية ومغرية، دفعني إليها خوفي من العودة إلى بلدي في زمن مضى، فوجدت فيها المأوى الذي سعى كل رغباتي، لكنها ككل المدن التي زرتها وكل البلدان التي تسنى لي العيش فيها والتي وصل عددها حتى الآن خمسة دول، رغم كل ما قدمته لي، لم تشعرني أنها “وطني”.
الجمال الذي كان يبهرني في ترحالي هو تلك الصور التي تعيد لي ذكريات الوطن الذي هو ليس بوطن.
تزاحمت الكثير من الخواطر في مخيلتي وأنا أغمض عيناي واتأمل سطوع الشمس البهي من على فوق جسرها، وتذكرت:
أن جسدي يشيخ، وأن من أحبهم ومن أعرفهم قد ذهبوا، وأني بلا أسئلة ولا صوت.
تذكرت:
أنا ليس لي وطنٌ
أفاخر باسمهِ
وأقول حين أراه:
فليحيا الوطنْ.
وطني هو الكلماتُ
والذكرى
وبعضٌ من مرارات الشجنْ
باعوه للمستثمرين وللصوص
وللحروبِ
ومشت على أشلائهِ
زمرُ المناصب والمذاهب
والفتن.
لا أدري لماذا لا ننتظم كالحروف التي تكون كلمة تحمل معنى، وكالكلمات في جملة مفيدة تستعيد وتبني الوطن بدلا أن نكون كدقيق يبعثره الريح.
لماذا تجمعنا يد الله وتفرقنا الأطماع ويد الطامعين.
تذكرت أن طرابلس كصنعاء، فيها بيتا قديم
ساكنًا في الروح
تذكرت:
تاريخنا المجروح
والمرسوم في وجه النوافذ
والحجارة
والذي أصبحت:
أخشى عليه من القريب
ودونما سببٍ
أخاف عليه منه
ومن صراعات الإمارةْ.
لقد ضاقت بنا “الآن” بلا وطن والوطن البديل أضيق
وليس لنا عزاء إلا “سخاؤ الذكريات” التي تفيض علينا باستعادة اللحظة التي ضمنا فيها الوطن.
يحيا الوطن.
وكل الرحمة لفقيد اليمن الدكتور عبد العزيز المقالح.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
"فيها إيه يعني" يتربع على عرش الإيرادات قبل عرضه على يانغو بلاي
واصل فيلم "فيها إيه يعني" تألقه في شباك التذاكر، محققًا نجاحًا جماهيريًا واسعًا بعد مرور عشرة أسابيع على طرحه في دور العرض، حيث تجاوزت إيراداته 90 مليون و400 ألف جنيه، قبل أن ينتقل غدًا الخميس إلى منصة يانغو بلاي الرقمية ليصل إلى جمهور أوسع.
الفيلم من بطولة النجم ماجد الكدواني، والنجمة غادة عادل، إلى جانب أسماء جلال، مصطفى غريب، ميمي جمال، وريتال عبد العزيز، وهو من إنتاج أحمد الجنايني وتامر مرسي، وتأليف مصطفى عباس، محمد أشرف، ووليد المغازي، وإخراج عمر رشدي حامد.
ويقدم العمل رؤية اجتماعية وإنسانية ضمن إطار رومانسي كوميدي، حيث يبرز فكرة أن الحب لا يعرف قيود العمر، فـصلاح وليلى يلتقيان صدفة بعد سنوات من الفراق، لتبدأ رحلة مليئة بالمشاعر، المفاجآت، والتقلبات غير المتوقعة، مؤكدًا مكانته بين أبرز الأعمال السينمائية لهذا الموسم.