لليوم الثاني على التوالي من محاكمته التاريخية في نيويورك، يقف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أمام القضاء في قضية تزوير مستندات من أجل إخفاء أموال تم دفعها لممثلة أفلام إباحية إبان سباق الرئاسة لعام 2016.

وعلى الرغم من أن ترامب هو أول رئيس سابق في تاريخ الولايات المتحدة يمثل أمام محكمة في قضية جنائية، فإن المحاكمة التي قد تفضي إلى السجن تظل بعيدة عن أعين الجمهور.

وبدلا من بث وقائع المحاكمة على الهواء مباشرة، يستقي الجمهور الخارجي الأخبار عن طريق المراسلين داخل قاعة المحكمة في مانهاتن.

وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن السبب وراء عدم بث محاكمة ترامب تلفزيونيا يعود لقانون ولاية نيويورك فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية لإجراءات المحكمة، والذي يعد من أكثر القوانين تقييدا في الولايات المتحدة.

وتقول الوكالة في تقرير لها إن "إن بث محاكمة (نجم كرة القدم الأميركية السابق) أو جيه سيمبسون على الهواء مباشرة من قاعة محكمة في كاليفورنيا قبل 3 عقود من الزمن كان بمثابة تذكير واضح على "كيفية تخلف نيويورك عن الزمن".

لماذا لا تسمح نيويورك ببث المحاكمات؟

وتعود القواعد التنظيمية التي تحد من التغطية الإعلامية في قاعات محاكم نيويورك إلى ما يقرب من قرن من الزمان، عندما كانت المصابيح الكهربائية الساطعة ومشغلو الكاميرات وهم يقفون على طاولات الشهود ملفتة للنظر بشكل بارز، وذلك أثناء محاكمة رجل متهم باختطاف وقتل ابن الطيار الأميركي، تشارلز لندبرغ، عام 1935، ما اثار الخوف في المجتمع القانوني الأميركي، وفقا لتقرير صدر عام 2022 عن منظمة "صندوق المحاكم الحديثة" ومقرها نيويورك.

وقال التقرير إن قواعد لـ"فرض اللياقة" انتشرت على المستوى الوطني، وتم تعديلها لتأخذ في الاعتبار اختراع التلفزيون، حيث شعر محامو الدفاع بالقلق من أن التغطية بالفيديو قد تضر بقضاياهم.

بدء أول محاكمة جنائية لرئيس أميركي سابق.. ماذا ينتظر ترامب؟ سيصبح دونالد ترامب أول رئيس أميركي سابق في تاريخ الولايات المتحدة يمثل أمام محكمة جنائية حيث من المقرر أن تنطلق، الاثنين، محاكمته في نيويورك بقضية شراء صمت ممثلة إباحية أثناء موسم الانتخابات الرئاسية، عام 2016.

ومع ذلك، أدى الاهتمام بما يسمى "الحوكمة المفتوحة" إلى تقليص هذه القوانين، وبدأ السماح بكاميرات الفيديو ببطء وحذر في المحاكم بجميع أنحاء البلاد، بحسب أسويشتد برس، إذ غالبا ما يكون ذلك وفقا لتقدير القضاة الذين يرأسون القضايا المختلفة.

وسمحت نيويورك بذلك أيضا على أساس تجريبي بين عامي 1987 و1997، لكن تم إيقافها مجددا.

وقال فيكتور كوفنر، وهو مستشار سابق لشركة بمدينة نيويورك يدافع عن المحاكمات المفتوحة، إن جماعات الضغط الخاصة بمحامي الدفاع ما زالت قوية في الولاية وتتمتع بنفوذ خاص بين المحامين بمجلس نيويورك.

وبحسب "صندوق المحاكم الحديثة"، فإن نيويورك ولويزيانا هما الولايتان الوحيدتان المتبقيتان اللتان تقيدان تغطية الفيديو للمحاكمات بشكل كامل.

وقال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، السيناتور براد هويلمان سيغال: "نحن عاصمة الإعلام في العالم وحقيقة أن الكاميرات غير مسموح بها في أحد فروع حكومتنا الثلاثة أمر غير مقبول".

وأضاف السيناتور الذي سبق أن رعى مشروع قانون لمحاولة تغيير هذا الوضع: "إنها واحدة من أهم المحاكمات في عصرنا الحديث. أعتقد أن الجمهور لديه الحق في رؤية ما يحدث بالضبط في قاعة المحكمة".

وفي اليوم الأول للمحاكمة، الاثنين، أشار بعض المراسلين الصحفيين إلى أن ترامب في بعض الأحيان كان يغط في النوم داخل القاعة أثناء الإجراءات، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

في المقابل، شككت حملة الرئيس السابق في ذلك. ومع عدم وجود كاميرات فيديو موجهة نحو ترامب في القاعة، لا توجد طريقة للتحقق من ادعاء بعض المراسلين.

وبحسب أسوشيتد برس، فإن غياب التغطية الحية للمحاكمة، وعدد المرات التي يختار فيها ترامب الاستفادة من تلك الكاميرات، وما إذا كانت المؤسسات الإخبارية تنقل تصريحاته سواء على الهواء مباشرة أو مسجلة أو لا على الإطلاق، كل ذلك سيلعب دورا كبيرا في كيفية النظر إلى القضية علنا.

وبحسب الوكالة، فإن هناك بعض التغطية المصورة للمحاكمة، وهي متاحة على شاشات المراقبة في غرفة مكتظة مجاورة لقاعة المحكمة الرئيسية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: على الهواء

إقرأ أيضاً:

لماذا شارك مستشارا ترامب في جلسة حكومة نتنياهو؟

في مشهد نادر في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية، شارك ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مبعوثا الرئيس الأميركي دونالد ترامب في جلسة الحكومة الإسرائيلية، في خطوة فسّرها محللون بأنها إشارة دعم مباشرة من واشنطن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مواجهة وزرائه "اليمينيين" الذين يعارضون اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقد كشفت تلك المشاركة الأميركية، التي تخطّت حدود التنسيق الدبلوماسي إلى الحضور داخل مقر القرار الإسرائيلي -وفق مراقبين- عن استخدام واشنطن نفوذها السياسي والرمزي لضمان تمرير الاتفاق، واحتواء أي تمرّد داخل ائتلاف نتنياهو المأزوم، في ظل تصاعد الأصوات الرافضة من سموتريتش وبن غفير وغيرهما من قادة ما يطلق عليه اليمين المتطرف الذين هددوا بالتصويت ضد الخطة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كوشنر وويتكوف يصلان إلى إسرائيل لمتابعة تنفيذ اتفاق غزةlist 2 of 4كيف يقرأ الإسرائيليون إعلان ترامب وقف إطلاق النار؟list 3 of 4لماذا وافق نتنياهو على وقف الحرب مرغما؟list 4 of 4إعلام إسرائيلي: بدء جلسة الحكومة الإسرائيلية للتصويت على اتفاق غزةend of list

ويرى مارك فايفل المستشار الأميركي السابق أن إدارة الرئيس قررت التدخل بهذه الطريقة المباشرة لتثبيت موقف نتنياهو، بعدما تبيّن أن رئيس الوزراء يفتقر إلى إجماع داخلي داخل حكومته.

وبحسبه، فإن دخول كوشنر وويتكوف إلى جلسة الحكومة الإسرائيلية يحمل دلالة رمزية قوية على أن واشنطن لم تكتفِ بدعم نتنياهو من بعيد، بل اختارت أن تكون جزءا من مشهد القرار نفسه، لتؤكد أن الصفقة تحظى بغطاء أميركي كامل.

ويعكس هذا الدعم، كما يصفه الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية محمود يزبك، إدراك نتنياهو لضعفه داخل حكومته، فهو اليوم -كما يرى- يواجه وزراء صنع هو فاشيتهم وساهم في صعودهم، ثم باتوا يهددون وجوده السياسي.

ولذلك، استعان نتنياهو بالرمزية الأميركية لإقناع شركائه بأن الموقف الذي يتبناه ليس خيارا شخصيا بل كان توجها مدعوما من الحليف الأقوى لإسرائيل. وتاريخيا، لم يكن الدعم الأميركي لنتنياهو موضع شك لكنه اليوم تجاوز الدعم السياسي التقليدي إلى ممارسة ضغط مباشر على شركائه في الحكم.

إعلان

ويشير يزبك إلى أن نتنياهو يخشى من أن يتحول رفض بعض الوزراء للصفقة إلى كرة ثلج تتدحرج وتفجّر حكومة نتنياهو، وهو ما دفعه إلى استخدام الحضور الأميركي رافعة سياسية داخلية تردع معارضيه وتمنحه غطاء شرعيا أمام قاعدته اليمينية.

رسالة مزدوجة

أما الباحث الفلسطيني في العلاقات الدولية بلال سلايمة فيرى أن هذا الحضور الأميركي يحمل في طياته رسالة مزدوجة: فمن جهة هي دعم لنتنياهو في لحظة سياسية حرجة، ومن جهة أخرى تعبير عن رغبة واشنطن في فرض الإيقاع على مسار الاتفاق بما يخدم رؤيتها لما بعد الحرب في غزة.

ويضيف أن الإدارة الأميركية تسعى لأن تكون الطرف الضامن الوحيد للاتفاق، مما يعني تهميش الدورين الإقليمي والعربي، وحصر مفاتيح التنفيذ في يد البيت الأبيض.

ويعتبر سلايمة أن تصريحات ترامب الأخيرة -التي أكد فيها أنه لن يُجبر أحد على مغادرة غزة- تُظهر أن واشنطن تريد طيّ صفحة التهجير القسري علنا، دون أن يعني ذلك بالضرورة تغييرا جذريا في السياسة الأميركية تجاه الاحتلال أو تجاه مفهوم السيطرة الأمنية على القطاع.

فجوهر الموقف الأميركي لا يزال مرتبطا بتثبيت الترتيبات الميدانية التي تحفظ لإسرائيل أمنها، وتمنع إعادة بناء قوة المقاومة.

ويرى محللون أن الإدارة الأميركية تدرك هشاشة الائتلاف الإسرائيلي، لذلك تتعامل معه كعامل ضغط داخلي يمكن توظيفه لتمرير اتفاق يخدم أهدافها الأوسع في المنطقة.

فترامب -بحسب تصريحات فايفل- يميل إلى المبالغة في وعوده، لكن أسلوبه السياسي يقوم على "رفع السقوف" لتصنيع الزخم والدفع بالوقائع إلى الاتجاه الذي يريده، سواء عبر التصريحات المفرطة في التفاؤل أو عبر الحضور الرمزي المكثف كما حدث في جلسة الحكومة الإسرائيلية.

موازنة أميركية

وفي خلفية هذا المشهد، تحاول واشنطن أن توازن بين حماية نتنياهو من تمرد داخلي وبين فرض مسار سياسي يضمن إنهاء الحرب بشروط تكرّس نفوذها، فإدارة ترامب -وفق المتابعين- لا تريد أن تبدو كمن يتنازل للفلسطينيين، بل من يفرض على إسرائيل "اتفاقا من داخلها" يحقق الاستقرار ويمنع الانهيار الإنساني دون أن يمس تفوقها الأمني.

غير أن هذا الدور الأميركي المنفرد يثير مخاوف لدى بعض المحللين من غياب آليات رقابة واضحة على تنفيذ الاتفاق. فبحسب سلايمة، لا توجد ضمانات دولية أو عربية موازية يمكنها إلزام إسرائيل بعدم خرق التفاهمات، خصوصا في ظل سوابق الاحتلال في تجاوز الالتزامات.

ولهذا يقترح أن تُنشأ شبكة ضمانات متعددة الأطراف تشارك فيها قطر ومصر وتركيا إلى جانب واشنطن، لضمان استمرار وقف إطلاق النار واستقرار الأوضاع الإنسانية.

ورغم أن نتنياهو يحاول إظهار الاتفاق على أنه انتصار سياسي بفضل علاقته الخاصة بواشنطن، فإن القراءة الأعمق -كما يوضح يزبك- تكشف أنه خضع في النهاية لضغوط أميركية متزايدة أجبرته على قبول ما كان يرفضه سابقا، مما يعني أن واشنطن باتت تملي إيقاع المرحلة المقبلة في غزة، وتحدد حدود المناورة الإسرائيلية داخلها.

وبينما يصف مراقبون هذا المشهد بأنه "تأميم أميركي" للقرار الإسرائيلي، يرى آخرون أنه أحد أشكال الإنقاذ السياسي لنتنياهو الذي يواجه تصدعا داخليا متسارعا.

إعلان

ففي كلتا الحالتين، يبدو أن الإدارة الأميركية قررت أن تتجاوز دور الحليف إلى دور "الوصي" الذي يحمي الاتفاق ويمسك بخيوط السياسة الإسرائيلية من داخل مجلسها الوزاري ذاته.

مقالات مشابهة

  • انتشال 61 جثة لمهاجرين غير نظاميين في سواحل ليبيا
  • اعتداء وشتائم على المرشح «ممداني» في نيويورك.. هل يتصاعد العنف السياسي بأمريكا؟
  • الكرملين: توريد صواريخ توماهوك الأمريكية إلى أوكرانيا يثير قلقنا ولكن
  • دبلوماسي سابق: اتفاق غزة تحول تاريخي.. ولا سلام بالمنطقة دون مصر
  • لماذا لم يفز ترامب بجائزة نوبل للسلام؟
  • توجيه اتهامات جنائية إلى المدعية العامة لنيويورك.. معارضة لترامب
  • لماذا فشل ترامب في الحصول على جائزة نوبل السلام؟
  • عاجل.. سيتم نشر 200 عسكري أميركي لـ "الإشراف" على تنفيذ الاتفاق المتعلق بغزة
  • لماذا شارك مستشارا ترامب في جلسة حكومة نتنياهو؟
  • لماذا وافق نتنياهو على وقف الحرب مرغما؟