نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن جهود الولايات المتحدة لحماية دولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة في أعقاب الهجوم الإيراني يوم السبت، ردا على استهداف سفارتها في العاصمة السورية دمشق.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه "مع تحليق مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية عبر منطقة الشرق الأوسط ليلة السبت، تم بالفعل تفعيل خط دفاعي من الرادارات والمقاتلات النفاثة والسفن الحربية وبطاريات الدفاع الجوي من إسرائيل والولايات المتحدة وستة دول أخرى ضد الهجوم المتوقع من إيران.

ولم يصل أي شيء تقريبا من الوابل الإيراني إلى إسرائيل".

وذكرت الصحيفة أن "هذا العرض الهائل للدفاع الجماعي كان تتويجا لهدف أمريكي دام عقودا ولكنه بعيد المنال وهو ضمان إقامة إسرائيل علاقات عسكرية أوثق مع خصومها العرب في محاولة للتصدي للتهديد المشترك المتزايد من إيران. لكن الجهود الأمريكية لحماية إسرائيل في الأيام والساعات التي سبقت الهجوم الإيراني كان أمامها العديد من العقبات، بما في ذلك مخاوف دول الخليج من أن يُنظر إليها على أنها تهب لمساعدة إسرائيل في ظل استمرار الحرب على غزة".

اعترضت القوات الإسرائيلية والأمريكية معظم الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، لكنهم تمكنوا من القيام بذلك جزئيا بفضل المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الدول العربية حول خطط طهران الهجومية، وفتح مجالها الجوي أمام الطائرات الحربية، وتبادل معلومات التتبع بالرادار، أو في بعض الحالات توفير قواتها الخاصة للمساعدة، وذلك حسب ما قاله مسؤولون مطلعون، وفقا للتقرير.


وقال مسؤولون أمريكيون إن العملية كانت تتويجا لسنوات من الجهود الأمريكية لكسر الحواجز السياسية والفنية التي أحبطت التعاون العسكري بين إسرائيل والحكومات العربية السنية. وبدلاً من نسخة شرق أوسطية من حلف الناتو، ركزت الولايات المتحدة على التعاون الأقل رسمية في مجال الدفاع الجوي على مستوى المنطقة للتصدي لترسانة طهران المتنامية من الطائرات المسيرة والصواريخ، وهي الأسلحة نفسها التي هددت إسرائيل يوم السبت، حسب التقرير.

وأوردت الصحيفة أن الجهود المبذولة لبناء نظام دفاع جوي متكامل للمنطقة تعود إلى عقود مضت. بعد سنوات من البدايات الخاطئة والحد الأدنى من التقدم، اكتسبت المبادرة زخمًا بعد اتفاقيات إبراهيم لسنة 2020 التي توسّطت فيها إدارة ترامب، والتي أنشأت علاقات رسمية بين إسرائيل والإمارات والبحرين. وبعد ذلك بسنتين، نقل البنتاغون إسرائيل من قيادته الأوروبية إلى القيادة المركزية، التي تشمل بقية دول الشرق الأوسط، وهي خطوة مكّنت من تحقيق تعاون عسكري أكبر مع الحكومات العربية تحت رعاية الولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن دانا سترول، التي كانت حتى كانون الأول/ ديسمبر أكبر مسؤول مدني عن شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون، أن "انتقال إسرائيل إلى القيادة المركزية كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة"، مما سهّل تبادل المعلومات الاستخبارية وتوفير الإنذار المبكر عبر البلدان.

وفي آذار/ مارس 2022، عقد الجنرال البحري فرانك ماكنزي، الذي كان حينها قائد القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة، اجتماعًا سريًا لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل والدول العربية لتباحث كيفية التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات المسيّرة المتنامية. وكانت المحادثات التي عُقدت في شرم الشيخ بمصر المرة الأولى التي يجتمع فيها مثل هذا العدد من كبار الضباط الإسرائيليين والعرب تحت رعاية عسكرية أمريكية لمناقشة كيفية مواجهة إيران.

وأفاد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن "اتفاقيات إبراهام جعلت الشرق الأوسط يبدو مختلفًا... وقد أتاح الانضمام إلى القيادة المركزية المزيد من التعاون الفني مع الحكومات العربية. وهذا ما خلق هذا التحالف".

وقال مسؤولون أمريكيون إنه على الرغم من التقدم المحرز، فإن هدف الولايات المتحدة المتمثل في مشاركة إسرائيل والدول العربية بسلاسة بيانات التتبع الخاصة بالتهديدات الإيرانية في الوقت الفعلي، لم يتحقق بالكامل أبدًا بسبب المخاوف السياسية، وفقا للصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن بلال صعب، المسؤول السابق في البنتاغون الذي عمل على التعاون الأمني في الشرق الأوسط، أنه من السابق لأوانه الحديث عن التكامل الأمني في المنطقة بل "كان الأمر دائمًا تدريجيًا، وكان [هجوم يوم السبت] خطوة أولى مهمة فعليًا". لكن التعاون بين إسرائيل والحكومات العربية في مجال الدفاع الجوي بوساطة أمريكية أصبح شائعًا، حتى مع السعودية، التي لم تقِم بعد علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وذلك حسب ما قاله مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون.

وحسب الصحيفة، لم يتم اختبار تحالف الدفاع الجوي الناشئ هذا مطلقًا عندما أدت ضربة صاروخية في دمشق، في الأول من نيسان/ أبريل إلى مقتل العديد من الضباط الإيرانيين بما في ذلك الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي أدار العمليات شبه العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية ومسؤولين أمريكيين. في المقابل، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم.

وسرعان ما تعهّدت طهران بالرد، وبدأ كبار المسؤولين الأمريكيين الضغط على الحكومات العربية لتبادل المعلومات الاستخبارية حول خطط إيران لضرب إسرائيل والمساعدة في اعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ التي تُطلق من إيران ودول أخرى باتجاه إسرائيل، وذلك وفقًا لمسؤولين سعوديين ومصريين، حسب التقرير.

وأظهر نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي متعدد الطبقات قدرته على الدفاع عن إسرائيل ضد وابل فردي أو صغير من الطائرات المسيّرة والصواريخ، لكنه حسب مسؤولين ومحلّلين من غير المحتمل أن يقدِر على سرب كبير بما فيه الكفاية من الطائرات المسيّرة أو وابل صاروخي.

وأوردت الصحيفة أن الرد الأولي من العديد من الحكومات العربية كان حذرًا خوفًا من أن المساعدة المقدمة لإسرائيل قد تورّطهم مباشرة في الصراع وتخاطر بجعلهم في مرمى انتقام طهران. وبعد مزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة والإمارات والسعودية، وافقت هاتان الدولتان بشكل خاص على تبادل المعلومات الاستخبارية، بينما قبل الأردن السماح باستخدام مجاله الجوي من قبل الطائرات الحربية الأمريكية وطائرات الدول الأخرى مع استخدام طائراته الخاصة للمساعدة في اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.

وقال مسؤولون إنه قبل يومين من الهجوم، أطلع المسؤولون الإيرانيون نظراءهم من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى على الخطوط العريضة لخطتهم وتوقيتها لتوجيه ضربات واسعة النطاق ضد إسرائيل حتى تتمكن تلك الدول من حماية مجالها الجوي. وقد نُقلت هذه المعلومات إلى الولايات المتحدة مما أعطى واشنطن وإسرائيل تحذيرًا مسبقًا حاسمًا.

ومع وقوع هجوم إيراني شبه مؤكد، أمر البيت الأبيض البنتاغون بإعادة نشر الطائرات وموارد الدفاع الصاروخي في المنطقة وأخذ زمام المبادرة في تنسيق الإجراءات الدفاعية بين إسرائيل والحكومات العربية، وذلك وفقًا لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى الذي قال إن "التحدي كان يتمثل في حشد كل تلك الدول حول إسرائيل" في وقت تعتبر فيه معزولة في المنطقة مؤكدا أنها "كانت مسألة دبلوماسية"، وفقا للتقرير.


ونقلت الصحيفة عن ياسمين فاروق، الزميلة غير المقيمة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الدول العربية عرضت المساعدة في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية لأنها رأت فوائد التعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل طالما أن ذلك في الخفاء، مضيفة أن "دول الخليج تعرف أنها لم تحصل بعد على نفس المستوى من الدعم الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة، وترى أن ما فعلته [في هجوم السبت] وسيلة للحصول عليه مستقبلًا".

وأكدت الصحيفة أنه تم تعقّب الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية منذ لحظة إطلاقها بواسطة رادارات الإنذار المبكر في دول الخليج العربي المرتبطة بمركز العمليات الأمريكية في قطر، التي نقلت المعلومات إلى الطائرات المقاتلة من عدة دول في المجال الجوي للأردن ودول أخرى أيضًا. وقال مسؤولون إن الأمر يتعلق بالسفن الحربية في البحر وبطاريّات الدفاع الصاروخي في إسرائيل.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه من بين أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل، سقط عدد صغير فقط من الصواريخ في إسرائيل، مما تسبب في أضرار طفيفة لقاعدة عسكرية في الجزء الجنوبي من إسرائيل. وقال مسؤول إسرائيلي مشارك في جهود التعاون الأمني الإقليمي إنه على الرغم من أنه كان هناك تبادل متكرر للمعلومات الاستخباراتية حول تهديدات الدفاع الجوي في الماضي، إلا أن الهجوم الإيراني يوم السبت "كان المرة الأولى التي نرى فيها التحالف يعمل بكامل طاقته".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال الإيراني غزة إيران امريكا فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائرات المسیرة الولایات المتحدة القیادة المرکزیة الحکومات العربیة الهجوم الإیرانی الدول العربیة الشرق الأوسط الدفاع الجوی وقال مسؤولون بین إسرائیل الصحیفة أن فی المنطقة دول الخلیج یوم السبت

إقرأ أيضاً:

ميدل إيست آي : هل ترغب واشنطن حقا في إنهاء مجازر غزة؟

قال موقع ميدل إيست آي البريطاني إن محاولة أعلى محكمتين في العالم دعم القانون الدولي وإنهاء الفظائع في  غزة ، حوّل إسرائيل إلى "عدو عنيد"، وبعد أن كان من المفترض أن تؤدي الإعلانات المنفصلة الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية إلى إجبار إسرائيل على وقف هجومها الحالي على مدينة رفح، ردت بتكثيف فظائعها.

وسرد الموقع -في تقرير بقلم جوناثان كوك- بعض ما قامت به إسرائيل من فظائع أطلق عليها مسؤولو الأمم المتحدة اسم "الجحيم على الأرض"، وقال إنها هي التي حذر منها الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أشهر عندما أشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيشكل "خطا أحمر"، ولكن الخط الأحمر الأميركي تبخر لحظة تجاوز إسرائيل له، ووصفت واشنطن الصور من رفح بأنها "تفطر القلب".

وأضاف أنه قبل أيام من طلب محكمة العدل الدولية بأن توقف إسرائيل هجومها على رفح، بدأت المحكمة الجنائية الدولية بدورها تتحرك، وأعلن كريم خان كبير المدعين العامين، أنه سيسعى إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو ، ووزير دفاعه يوآف غالانت، بالإضافة إلى 3 من قادة  حماس .

وكلا القياديين الإسرائيليين متهمان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، منها محاولات إبادة سكان غزة من خلال التجويع المخطط له، حيث منعت إسرائيل تسليم المساعدات لعدة أشهر، مما أدى إلى حدوث مجاعة، وهو الوضع الذي تفاقم بعد استيلائها مؤخرا على المعبر الذي كان يتم من خلاله تسليم المساعدات بين مصر ورفح.

ونبه الكاتب إلى أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة "ذات أسنان" وهي أكثر خطورة على إسرائيل من محكمة العدل الدولية، لأن أحكامها تفرض التزاما على أكثر من 120 دولة بموجب نظام روما الأساسي، باعتقال نتنياهو وغالانت إذا وطئا أراضيها.

ولهذا السبب، اتهمت إسرائيل المحكمة بأنها "معادية للسامية" وهددت بإيذاء مسؤوليها، ووقفت واشنطن بعضلاتها إلى جانبها -كما يقول الكاتب- وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ردا على سؤال بمجلس الشيوخ عما إذا كان سيدعم اقتراحا جمهوريا بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، "نريد العمل معكم لإيجاد الرد المناسب".

وتابع التحقيق أنه من المرجح أن تكون الأعمال الانتقامية الأميركية، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز، على غرار العقوبات التي فرضها سلف بايدن عام 2020 بعد أن هددت المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها كل من إسرائيل والولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأفغانستان على التوالي.

وقد اتهمت إدارة الرئيس دونالد ترامب آنذاك المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب "فساد مالي ومخالفات على أعلى المستويات"، وهي اتهامات لم يتم إثباتها قط، ولكن مُنعت المدعية العامة وقتها فاتو بنسودا، من دخول الولايات المتحدة، كما تعهدت الإدارة باستخدام القوة لتحرير أي أميركيين أو إسرائيليين يتم اعتقالهم.

وأشار جوناثان كوك إلى أن تحقيقا أجراه الموقع الإسرائيلي 972 وصحيفة غارديان البريطانية كشف هذا الأسبوع أن إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، كانت تدير حربا سرية على المحكمة الجنائية الدولية منذ فترة ليست بالقصيرة، بدأت منذ أن أصبحت فلسطين طرفا في المحكمة الجنائية الدولية عام 2015، وتكثف بعد أن بدأت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة فاتو بنسودا تحقيقا أوليا في جرائم الحرب الإسرائيلية.

وجدت بنسودا نفسها وعائلتها مهددين، وزوجها يتعرض للابتزاز عندما انخرط رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين شخصيا في حملة ترهيب، شبهها مسؤول مطلع على سلوكه "بالمطاردة".

وبالفعل حاول رئيس الموساد تجنيدها إلى جانب إسرائيل، قائلا لها "يجب أن تساعدينا وتسمحي لنا بالعناية بك. أنت لا تريدين التورط في أشياء يمكن أن تعرض أمنك أو أمن عائلتك للخطر".

 

وتدير إسرائيل أيضا -حسب التحقيق- عملية تجسس معقدة على المحكمة، وتقوم باختراق قاعدة بياناتها لقراءة رسائل البريد الإلكتروني والوثائق، وقد حاولت تجنيد موظفي المحكمة الجنائية الدولية للتجسس على المحكمة من الداخل.

ولأن إسرائيل تشرف على الوصول إلى الأراضي المحتلة، فقد منعت مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية من التحقيق بشكل مباشر في جرائم الحرب التي ترتكبها، وقامت بمراقبة جميع المحادثات بين المحكمة الجنائية الدولية والفلسطينيين الذين يبلغون عن الفظائع، وسعت لإغلاق المنظمات الحقوقية الفلسطينية وصنفتها "منظمات إرهابية".

وأشار التحقيق إلى أن مراقبة المحكمة الجنائية الدولية استمرت خلال فترة ولاية خان، وعلمت أن مذكرات الاعتقال قادمة، وبالفعل تعرضت المحكمة، وفقا لمصادر تحدثت إلى صحيفة الغارديان وموقع 972، "لضغوط هائلة من الولايات المتحدة" لمنعها من المضي قدما في إصدار أوامر الاعتقال، بل إن مجموعة من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في الولايات المتحدة أرسلت رسالة تهديد إلى خان تقول "استهدف إسرائيل وسوف نستهدفك".

وعلى الرغم من الترهيب، فإن الحبل القانوني يضيق بسرعة حول عنق إسرائيل، منذ أن أصبح من المستحيل على أعلى السلطات القضائية في العالم أن تتجاهل المذابح التي ترتكبها منذ 8 أشهر في غزة والدمار شبه الكامل للبنية التحتية، من المدارس والمستشفيات إلى مجمعات المساعدات والمخابز.

ولأن دور المحكمة الدولية ومحكمة جرائم الحرب هو على وجه التحديد وقف الفظائع وأعمال الإبادة الجماعية قبل فوات الأوان، فإن هناك التزاما على أقوى دول العالم بالمساعدة في فرض مثل هذه الأحكام، وبالتالي على مجلس الأمن أن يصدر قرارا لتنفيذ القرار.

وقد دعمت واشنطن بقوة، رغم أنها ليست طرفا في نظام روما الأساسي، مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ضد الزعيم الروسي فلاديمير بوتين عام 2023، وفرضت مع حلفائها عقوبات اقتصادية على موسكو، وزودت أوكرانيا بأسلحة لا حصر لها، ولكنها الآن لا ترى القيام بذلك في حالة إسرائيل.

ولأن دور الولايات المتحدة لا يقتصر على ترك إسرائيل تواصل الإبادة الجماعية في غزة -كما يقول الكاتب- بل هي تساعد بشكل نشط من خلال تزويد إسرائيل بالقنابل، وقطع التمويل عن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة التي تعد شريان الحياة الرئيسي لسكان غزة، ومن خلال تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، ورفض استخدام نفوذها لوقف المذبحة، فإنه يعتقد بشكل جازم أنها سوف تستخدم حق النقض ضد أي قرار ضد تل أبيب.

ونبه الموقع إلى أن ازدراء واشنطن لأعلى السلطات القضائية في العالم صارخ لدرجة أنه بدأ يؤدي إلى توتر العلاقات مع أوروبا التي ألقى منسق سياستها الخارجية جوزيب بوريل بثقله خلف المحكمة الجنائية الدولية، ودعا إلى احترام أي حكم ضد نتنياهو وغالانت.

ونبه الكاتب على أن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية تدركان تماما المخاطر المترتبة على التعامل مع إسرائيل، وهما لذلك تتحركان ببطء شديد وحذر في التعامل مع الفظائع الإسرائيلية.

وذكر أن حملة القصف "الصدمة والرعب" وسنوات الاحتلال الوحشي للعراق من قبل القوات الأميركية والبريطانية، والاحتلال الأطول والأكثر دموية لأفغانستان، هي التي مزقت كتاب قواعد القانون الدولي ورفعت فوقه نظاما، القاعدة الوحيدة المهمة فيه هي أن القوة هي التي تصنع الحق.

ولهذا السبب، بذل خان كل ما في وسعه لعزل نفسه عن الانتقادات، وذلك بحرصه على وضع اتهامات ضد حماس أكبر من إسرائيل، وفي لائحة الاتهام ورط كلا من جناحي حماس السياسي والعسكري في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حين تجاهل تماما دور الجيش الإسرائيلي الذي ظل ينفذ رغبات نتنياهو وغالانت حرفيا على مدى الأشهر الثمانية الماضية.

والجدير بالذكر أيضا أن خان اتهم رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ، مع أن كل الأدلة تشير إلى أنه لم يكن لديه علم مسبق بالهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبالتأكيد لم يكن له أي دور في العمليات.

كما تجاهل خان الكثير من جرائم الحرب الإسرائيلية التي يسهل إثباتها، مثل تدمير المستشفيات ومرافق الأمم المتحدة، والقتل المستهدف لأعداد كبيرة من عمال الإغاثة والصحفيين، وحقيقة أن 70% من المساكن في غزة قد تم تدميرها وأصبحت غير صالحة للسكن.

ومن خلال رفع القضية ضد إسرائيل، عرف خان بوضوح أنه كان يواجه خصما شرسا، نظرا للدعم القوي الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة، حتى إنه قام بتعيين لجنة من الخبراء القانونيين على أمل أن يوفر له ذلك بعض الحماية من الانتقام.

وفي مقابلة حصرية مع شبكة "سي إن إن"، بدا خان حريصا على استباق الهجمات القادمة، وأشار إلى أن سياسيا أميركيا كبيرا لم يذكر اسمه حاول بالفعل ردعه عن توجيه الاتهام إلى القادة الإسرائيليين، وأشار إلى وجود تهديدات أخرى خلف الكواليس.

وخلص الكاتب إلى أن الولايات المتحدة والدولة العميلة المفضلة لديها لا تبديان أي علامة على استعدادهما للخضوع للقانون الدولي، وهم يفضلون مثل شمشون هدم البيت، على احترام قواعد الحرب الراسخة، لتصبح القوة وحدها هي التي تصنع الحق في عالم بلا قوانين، وسيكون الجميع خاسرا في نهاية المطاف.

المصدر : وكالة سوا - الجزيرة

مقالات مشابهة

  • ميدل إيست آي : هل ترغب واشنطن حقا في إنهاء مجازر غزة؟
  • فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات جنوب إسرائيل بواسطة الطائرات المسيرة
  • ما أسباب نقص وسائط الدفاع الجوي لدى دول الناتو؟
  • الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على وزير الدفاع الإيراني وقائد فيلق القدس وآخرين
  • الولايات المتحدة تكشف حجم مساعداتها المقدمة لأوكرانيا منذ فبراير 2022
  • "واشنطن بوست": حماس ستشهد تدفقا للمساعدات ووقف دائم للعنف حال وافقت على خطة بايدن
  • واشنطن بوست: حماس ستشهد تدفق للمساعدات ووقف دائم للعنف حال وافقت على خطة بايدن
  • عقوبات جديدة على إيران تستهدف صناعة الطائرات المسيرة
  • واشنطن تفرض عقوبات جديدة مرتبطة بصناعة الطائرات المسيرة الإيرانية
  • واشنطن ترفض مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن لوقف الهجوم على رفح لهذا السبب