ماذا كشفت صور حطام صواريخ في الهجوم الإيراني على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أوضحت شبكة "سكاي نيوز " البريطانية في تقرير ميداني، أن معاينة صواريخ بالستية إيرانية سقطت في إسرائيل، تكشف أن تلك الهجمات لم تكن ذات "أبعاد رمزية"، كما انتشر في "نظريات مؤامرة" تداولها البعض اعتقادا بأن طهران لم تكن تنوي الإضرار حقا بإسرائيل، لافتة الشبكة إلى أنه "لو سقط أحد تلك المقذوفات الضخمة على تجمع سكاني لتسبب بكارثة".
وكانت إيران قد شنت الأحد، هجمات على إسرائيل بنحو 300 مقذوف، من بينها 110 صواريخ باليستية.
وأعلنت إسرائيل أنه تم اعتراض "نحو 99 بالمئة" من المقذوفات، التي تضمنت أيضا طائرات مسيرة وصواريخ كروز، لافتة إلى سقوط بعض منها داخل البلاد، مما أدى إلى حدوث أضرار طفيفة.
وحسب مراسل "سكاي نيوز" الذي عاين بعض بقايا تلك الصواريخ، فإنها بدت "ضخمة جدا، بحيث كان من الصعب التصديق بأنها حقيقية".
وأشار المراسل إلى أنه خلال تواجده في قاعدة عسكرية بالقرب من ساحل البلاد، شاهد خزان الوقود الخاص بصاروخ "عماد"، الذي تم اعتراضه أثناء دخوله المجال الجوي الإسرائيلي في تلك الليلة.
وقال إن طول ذلك الصاروخ يبلغ 11 مترًا، لكن برأس حربي بحجم سيارة صغيرة، موضحا أنه كان من الممكن أن يكون أكبر عند الإطلاق.
ووفق التقرير، يصل مدى تلك النوعية من الصواريخ إلى 1000 ميل، وتحمل نصف طن من المتفجرات، منوها بأنه عند الوقوف بجانب ذلك الأنبوب الأسود فإن "الادعاءات بأن الهجوم الإيراني كان أمرا رمزيًا تعد سخيفة".
وتابع المراسل: "لو أن أياً من تلك الصواريخ الباليستية وصل إلى مركز سكاني إسرائيلي، لكان الأمر مدمراً".
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، وهو يعرض الصاروخ للصحفيين، إن الهجوم "لن يمر دون عقاب".
وتابع: "إن إطلاق 110 صواريخ باليستية مباشرة على إسرائيل لن يمر دو رد.. سنرد بالطريقة التي سنختارها".
وذكرت تقارير إعلامية سابقة، أن هناك جدلاً حادًا داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية الرد على الهجمات الإيرانية، والتي جاءت، حسب طهران، ضمن "حقها بالدفاع المشروع" عقب استهداف قنصليتها بدمشق بالأول من أبريل الجاري.
وتتعرض الحكومة برئاسة، بنيامين نتانياهو، لضغوط للرد بقوة وبسرعة، لتحصيل ثمن باهظ من شأنه أن يردع إيران عن توجيه مثل هذه الصواريخ نحو إسرائيل مرة أخرى.
لكن أوساط إسرائيلية تخشى أن يعرض ذلك الرد التحالف من الأصدقاء والجيران، الذي ساعد في حماية البلاد في تلك الليلة، إلى الخطر.
وقال رئيس تحرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الخبير في علاقات إسرائيل الدولية، ديفيد هوروفيتز، لشبكة "سكاي نيوز": "هناك قلق من أنه إذا قمنا بالرد فإننا نخاطر بتحطيم هذا التحالف، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى رد فعل إيراني آخر، وبالتالي نشوب حرب إقليمية، وربما حرب عالمية".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
“شعبي بدأ يكره إسرائيل”.. ماذا يعني اكتشاف ترامب؟
ظلّت استطلاعات الرأي في أميركا تتحرّك بشكل نامٍ وبطيء لصالح القضية الفلسطينية حتى عملية 7 أكتوبر (2023)، التي أحدثت تغيّراً تاريخياً، بدأت تظهر إرهاصاته، فتعدّت هذه القاعدة الديمقراطية الشبابية ليصل هذا النمو إلى قلب اليمين؛ قاعدة ترامب “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” (ماغا).
تساءلت صحيفة فايننشال تايمز أخيراً: “هل اختبرت غزّة حدود دعم دونالد ترامب بنيامين نتنياهو؟”.
تستشهد الصحيفة بما قاله ترامب عن نتنياهو في اسكتلندا يوم الاثنين: “هناك مجاعة حقيقية جارية في غزّة”، وذلك بعد يوم من وصف نتنياهو التقارير عن المجاعة بأنها “كذبة صارخة”. قال إنه شاهد صور الفلسطينيين الجياع على شاشة التلفزيون، ويوم الثلاثاء صرّح بأن الشخص لا بدّ أن يكون “بارد القلب جدّاً” أو “مجنوناً”، حتى لا يجد هذه الصور مروّعة. كان هذا توبيخاً نادراً من رئيس أميركي لم يفرض سوى قيود قليلة على سلوك أكبر مستفيد من المساعدات الخارجية لواشنطن، الذي امتدحه نتنياهو بوصفه “أعظم صديق عرفته إسرائيل على الإطلاق”.
تفكّك الإجماع التاريخي على دعم إسرائيل بين الحزبين، وحتى داخل الحزب الجمهوري نفسه
ولكن تعليقات ترامب، في خضمّ تصاعد الإدانة الدولية لإسرائيل، لمّحت إلى وجود حدودٍ غير مُعلَنة لتلك العلاقة، وفقاً لما يقوله محلّلون وأشخاص مقرّبون من الإدارة، بحسب الصحيفة.
واللافت ليس التوبيخ العلني لنتنياهو، الذي يمكن أن يلحسه الرئيس المزاجي، بل في التغيّر في قاعدة ترامب اليمينية، بمن في ذلك جمهوريون شباب (ومقدّمو) بودكاست من أقصى اليمين، أكثر تشكّكاً في علاقة واشنطن بإسرائيل. قالت كانديس أوينز (بودكاستر شهيرة ومروّجة متكرّرة لنظريات المؤامرة المعادية للسامية)، في برنامجها الأسبوع الماضي: “ما هذه العلاقة الفريدة، الغريبة، المقزّزة، المنحرفة التي يبدو أن لدينا مع إسرائيل؟”. كما وصفت النائبة النارية المؤيّدة لترامب، مارغوري تايلور غرين، يوم الاثنين، الأزمة في غزّة بأنها “إبادة جماعية”، واقترحت تشريعاً لحظر المساعدات لإسرائيل.
رفض الكونغرس ذلك، لكن استطلاعات الرأي تفيد بأن لدى شباب جمهوريين الآن نظرة سلبية تجاه نتنياهو. قال ترامب أخيراً لأحد كبار المانحين اليهود، وفقاً لخبير في شؤون الشرق الأوسط يتواصل بانتظام مع الإدارة: “شعبي بدأ يكره إسرائيل”.
ما أكّدته الحرب المدمّرة بعد “7 أكتوبر” أن العدو الصهيوني لا يستطيع الاستمرار في الحرب من دون دعم أميركي كامل
تنقل الصحيفة عن جون هوفمان (محلّل شؤون الشرق الأوسط في معهد كاتو الليبرالي بواشنطن) أن المسؤولين الإسرائيليين “يدركون ما هو قادم”، ويعرفون أن الشيك المفتوح الذي منحته لهم هذه الإدارة قد لا يستمرّ، لا في الإدارة المقبلة، ولا بعد انتخابات منتصف المدّة الأميركية عام 2026. لكن عندما قصفت إسرائيل الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزّة، في وقت سابق من الشهر الماضي (يوليو/ تموز) ، ما أثار شكاوى من قادة مسيحيين في العالم، اتصل ترامب بغضب بنتنياهو، بحسب ما أفاد به مسؤولون. وعندما نفّذت إسرائيل في اليوم نفسه غارات على دمشق، حيث رفعت الإدارة الأميركية العقوبات القديمة لإعطاء القيادة الجديدة هناك “فرصة للعظمة”، تدخّل ترامب سريعاً، ووجّه وزير خارجيته ماركو روبيو لاحتواء التوتّر.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، وبعد وساطته لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، شنّ ترامب هجوماً على نتنياهو لاستمراره في شنّ الهجمات. قالت كافاناه: “أعتقد أن هناك قيوداً على نتنياهو، وأن هناك خطوطاً حمراء.
لكن من الصعب تحديدها بدقّة، لأنها تعتمد على كيف يعرّف ترامب المصالح الأميركية في اللحظة الراهنة”. ولا يزال الجمهوريون يدعمون الحكومة الإسرائيلية بنسبة 71%، في المقابل الدعم بين الديمقراطيين انخفض إلى 8% فقط، وفقاً لاستطلاع جديد من “غالوب”.
في النتيجة، تفكك الإجماع التاريخي على دعم إسرائيل بين الحزبين، وحتى داخل الحزب الجمهوري نفسه. تبدو الأمور قد حُسمت داخل الحزب الديمقراطي، وهي تتطوّر لصالح فلسطين في الحزب الجمهوري، كما كشفت تصويت أكثرية أعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، الذين صوّتوا للمرة الأولى لصالح قرارات تحظر بيع أسلحة هجومية لإسرائيل. القرارات التي قادها السيناتور بيرني ساندرز، وبدعم من جيف ميركلي وبيتر ولش، هدفت إلى منع صفقة بقيمة 675.7 مليون دولار تشمل آلاف القنابل الثقيلة وقطع التوجيه الذكي. أيضاً، صفقة بيع عشرات آلاف البنادق الآلية لقوات تشرف عليها شخصيات متطرّفة مثل إيتمار بن غفير.
قال ساندرز إن الأسلحة الأميركية تُستخدم في قتل المدنيين وانتهاك القانون الدولي، مضيفًا: “لدينا قانون يمنع تقديم مساعدات لمن يعرقل المساعدات الإنسانية أو ينتهك حقوق الإنسان، وإسرائيل تفعل الاثنين معاً”.
ورغم إسقاط المشروعَين بأغلبية 70 مقابل 27، إلا أن الرقم يحمل دلالة تاريخية: للمرّة الأولى يصوّت أكثر من نصف الديمقراطيين ضدّ تسليح إسرائيل. يعكس التصويت، بدرجةٍ ما، اتجاهات استطلاعات الرأي الأخيرة، ففي استطلاع غالوب (إبريل/ نيسان 2025)، دعم 36% من الأميركيين فقط إسرائيل في غزّة، ما يعني انخفاضاً من 54% في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وهو يتوافق مع استطلاع بيو (يونيو 2025)، الذي بين أن 64% من الديمقراطيين يعتبرون أن إسرائيل “ذهبت بعيداً” في ردّها العسكري. و42% من الجمهوريين يوافقون الرأي، وهي أعلى نسبة منذ بدء تتبع هذا السؤال عام 2006. كما بين الاستطلاع أن 58% من الشباب (تحت سن 30) يرون أن على واشنطن الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، بينما يدعم 23% يدعمون إسرائيل بلا شروط.
ماذا يعني ذلك استراتيجيا لإسرائيل؟… تفيد تحليلات مراكز بحثية مثل “Cato” و”Defense Priorities” بأن الحكومة الإسرائيلية تدرك أن بيئة الدعم الأميركي تمرّ بمرحلة انتقالية. يقول جون هوفمان من Cato إن إسرائيل “تقرأ الواقع جيداً”، وتسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الإقليمية في غزّة ولبنان وسورية، قبل أن تُفرض عليها قيود جديدة، سواء عبر انتخابات 2026 أو تغيّر محتمل في ميزان القوى داخل الحزبَين.
في المقابل، يرى محلّلون أن ترامب نفسه بدأ يرسم خطوطاً حمراء لنتنياهو، خصوصاً حين اتصل به غاضباً بعد قصف الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزّة، أو حين بعث وزير خارجيته ماركو روبيو إلى دمشق للتهدئة بعد الغارات الإسرائيلية على مواقع سورية.
لكن موقف ترامب يبقى غامضاً، كما يقول السيناتور الديمقراطي كريس مورفي: “ترامب يقول كلّ شيء ونقيضه… من الصعب بناء سياسة على هذا الأساس”. لا توجد لدى ترامب أيّ قيم أخلاقية، ولا دوافع إنسانية، وهو يشاهد المجاعة في غزّة، تحرّكه غريزة حيوان سياسي يقرأ المزاج العام بذكاء تاجر. عندما يقول إن شعبه “بدأ يكره إسرائيل” فهو سيتبع مزاج شعبه؟
ما أكّدته الحرب المدمّرة بعد “7 أكتوبر”، أن العدو الصهيوني لا يستطيع الاستمرار في الحرب يوماً من دون دعم أمريكا الكامل، في المقابل تواصل غزّة الصمود من دون دعم حتى برغيف خبز. والحرب كما قال علي عزّت بيغوفيتش، في أوج المجازر في البوسنة، يكسبها “من يصبر أكثر لا من يقتُل أكثر”. ولم يعرف تاريخ البشرية صبراً كصبر أهل غزّة ولا قتلاً كقتل نتنياهو.
الشروق الجزائرية