تقرير .. مخاوف من تلاعب في توزيع الوحدات السكنية الجديدة في بغداد
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أبريل 17, 2024آخر تحديث: أبريل 17, 2024
المستقلة/- تشهد العاصمة بغداد، كغيرها من مدن العراق، ازدياداً في مشاريع بناء مدن سكنية جديدة، تهدف إلى معالجة ازمة النقص الحاد في الوحدات السكنية، خاصةً لفئات محددة من ذوي الدخل المحدود والمستحقين. وتأتي هذه المشاريع، بتأكيدات حكومية على توفيرها بأسعار مناسبة لهذه الفئات.
ومع بدء تشييد بعض هذه المدن، مثل مدينة الجواهري التي تضم 40 ألف وحدة سكنية، تبرز مخاوف من تكرار تجارب سابقة، حيث ذهبت مشاريع سكنية مشابهة أدراج الرياح، ولم تصل إلى المستحقين، بل ضاعت بين أيدي المستثمرين وأصحاب النفوذ، لتصبح عرضة للمضاربة والتجارة.
وتعزز هذه المخاوف، تداول أنباء عن قرب بدء التقديم على شقق مدينة الجواهري. مما دفع بلجنة الخدمات النيابية إلى التأكيد على متابعتها لآلية التوزيع، لمنع أي تلاعب أو محسوبية قد تحول دون وصولها إلى مستحقيها الحقيقيين.
وبحسب عضو اللجنة، باقر الساعدي، فإن اللجنة ستراقب عن كثب عملية التقديم والتوزيع، وستتابع تخصيص أول 4000 وحدة سكنية في بغداد خلال العام الحالي. كما شدد على ضرورة مراقبة توزيع الوحدات لمنع استغلالها من قبل الفاسدين، مؤكداً على خضوع بعض الدوائر الحكومية لرقابة رئاسة الوزراء واللجان المختصة لضمان الشفافية والعدالة.
هل تتحقق آمال ذوي الدخل المحدود؟
تبقى الإجابة على هذا السؤال معلقة، تنتظر التطبيق العملي لوعود الحكومة وآليات التوزيع التي ستعتمدها. فهل ستتمكن هذه المشاريع من تحقيق هدفها في توفير سكن كريم وبأسعار مناسبة للمستحقين؟ أم ستذهب هي الأخرى ضحية الفساد والمحسوبية؟
إنّ ضمان وصول هذه الوحدات إلى مستحقيها الحقيقيين يتطلب شفافية كاملة في آليات التقديم والتوزيع، مع رقابة صارمة من قبل الجهات المعنية. كما يتطلب مشاركة فاعلة من المجتمع المدني لمتابعة سير العملية وكشف أي مخالفات أو تجاوزات.
وتبقى آمال ذوي الدخل المحدود معلقة على نجاح هذه المشاريع، في توفير سكن كريم يليق بهم، يُخفف من معاناتهم ويُساهم في تحسين مستوى حياتهم.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
المال كأداة سيطرة أو تلاعب
في بعض العلاقات، قد يتحوّل المال من وسيلة للعيش والأمان إلى أداة للسيطرة والتلاعب؛ يحدث ذلك حين يحتكر طرف واحد -وغالبًا ما يكون الرجل في كثير من المجتمعات- القرار المالي بالكامل، حيث تطالعنا أروقة المحاكم يوميا بأمثلة عن هذه السيطرة، حيث يتحكم هذا الطرف بالدخل والمصروفات ويضع الطرف الآخر في دائرة من التبعية.
أحيانًا يكون هذا التحكم عبر حجب الأموال أو مراقبة الإنفاق بدقة مفرطة، وأحيانًا عبر منع الطرف الآخر من الوصول إلى أمواله الخاصة أو اتخاذ قرارات تتعلق بها.
في مثل هذه الحالات، يصبح المال سلاحًا صامتًا لكنه فعّال، يُضعف القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة ويزرع شعور العجز أو الخوف من المطالبة بالحقوق.
من هنا، تؤدي الثقافة المالية دورا محوريا في استعادة الاستقلالية المالية، إذ يُعدّ التعليم المالي المبسّط خطوة أولى وأساسية. ولهذا أولته الحكومة أهمية كبيرة من خلال إصدار الإطار الوطني لتعزيز الثقافة المالية، بهدف رفع الوعي المجتمعي وتمكين الأفراد من إدارة شؤونهم المالية. وقد باتت المعرفة المالية اليوم أكثر إتاحة، سواء عبر الدورات المجانية أو من خلال تعلّم أساسيات إدارة الميزانية وفتح حسابات مستقلة. ويأتي الدعم القانوني مكمّلًا لهذا المسار، إذ يفتح الباب لفهم الحقوق المالية والحماية من أشكال العنف المالي، حيث توفّر مراكز الاستشارات والقوانين المحلية مساندة حقيقية في مثل هذه المواقف.
ولا يقلّ عن ذلك أهمية وجود شبكة دعم اجتماعي، كصديقة مقرّبة بالنسبة للمرأة، أو مجموعة دعم مجتمعية، أو حتى مجتمعات عبر الإنترنت، لما تمنحه من شعور بأن الشخص ليس وحيدًا في مواجهة هذه التحديات. كما توفّر الأدوات التقنية الحديثة، مثل التطبيقات المالية الآمنة أو المحافظ الإلكترونية، وسائل عملية لإدارة المال بعيدًا عن أعين الطرف المسيطر.
ويبقى الدعم النفسي والمالي الموجّه عاملا أساسيا، إذ يعيد بناء الثقة بالنفس ويؤكد أن الاستقلال المالي ليس رفاهية ولا مطلبا ثانويا، بل حقٌّ أصيل كفله ديننا الإسلامي الحنيف والقانون على حد سواء، حيث منح كلاهما ذمّة مالية مستقلة للمرء، رجلًا كان أو امرأة، لا يجوز سلبها أو منعه من الوصول إليها والتصرّف بها وفقًا لمبدأ الاستخلاف.
قد يُستخدم المال كقيد يحدّ من الحرية، لكنه في الوقت ذاته يمكن أن يكون مفتاحًا للتحرّر وصناعة القرار، إذا أُدير بوعي، وحُمِيت الحقوق بثبات ومعرفة.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية