جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-15@03:31:22 GMT

هل الأمّ تمرض؟

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

هل الأمّ تمرض؟

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

أخبرتني إحدى صديقاتي الشهر الماضي أن كلّ أبنائها مرضوا وكانت تسهر عليهم، وعندما يستيقظون يرونها بجانبهم، وفي وقت ما سألها أحدهم سؤالاً أدهشها: هل الأم تمرض؟

يعجز قلمي عن وصف ملامحها وهي تخبرني الخبر، لم يكن لسانها يتحدّث وحده، كانت تقاسيم وجهها تشارك في إيصالي الخبر، كانت تخبرني بسؤاله ودهشة غريبة تعتريها ومشاعر مختلطة تستبدّ بها، تكرر السؤال ذاته وتقول: أرجوك اكتبي عن الموضوع "هل الأم تمرض؟"، قلت لها طبيعي أن يسأل ابنك هذا السؤال فأنت الوحيدة التي لم تمرض؛ فخطر في ذهنه أنّ الأمهات لا يمرضن، كنت بهذا الردّ أضع حاجزا أمام إلحاحها مع إيماني بأنّ الموضوع يستحق الكتابة؛ لكنّي وعدتها بالكتابة عن الموضوع لاحقاً حينما يكرمني الوقت.

لا أنكر أن السؤال استحوذ على اهتمامي وبما أننا في زمن الذكاء الاصطناعي الذي بات ينافس الآدمي في الذكاء والعطاء أردت أن أتوجه إليه بالسؤال؛ فكتبتُ السؤال في محرّك البحث فيGoogle  على أمل أن يسفر البحث عن نتائج مقنعة، ولكن لم تظهر سوى مواضيع ذات صلة؛ فجربت كتابة السؤال في تطبيق Chat GPT بصيغة هندسة الأوامر"اكتب لي إجابة عن السؤال الآتي: هل الأمّ تمرض؟

على الفور جاءت إجابة (GPT) وهي كالآتي "نعم، الأم قد تمرض مثل أي شخص آخر، الصحة والمرض جزء من الحياة البشرية، ويمكن للأم أن تواجه مشكلات صحية بحاجة إلى علاج ورعاية."

بعدها سألت ابني السؤال ذاته" فابتسم وقال بعفوية: أيش من سؤال هذا! مش الأنبياء يمرضون أكيد الأم تمرض.

فكرتُ بإجابته هذه فوجدتها تستحق التأمل، هو بالتأكيد جاوبها من مبدأ أنّ الأم بشر كغيرها من النَّاس تأكل وتمرض وتموت بالضبط كإجابة الذكاء الاصطناعي، ولكن استشهاده بمرض الأنبياء ميّز إجابته كثيرًا عندي، شعرتُ أنها تحديدا ما كنت أبحث عنه ولم أجدها في "الجي بي تي".

شعرتُ بأن بإجابته هذه العفوية قرن بين رسالتيَّ النبوة والأمومة دون أن يشعر، رأيتُ في إجابته أنّ الأم صاحبة رسالة لا تقل أهمية عن رسالات الأنبياء؛ تشقى وتواجه المتاعب لتحقيق أهدافها كما يفعل الأنبياء في أداء رسالاتهم لا فرق؛ فرجعت للتطبيق مرة أخرى وأمرته أن يكتب لي إجابة لسؤال آخر، هل الأم حاملة رسالة كالأنبياء؟

 

أجاب التطبيق، "الأم تحمل رسالة خاصة ومهمة في تربية أبنائها وتوجيههم، لكن لا يمكن مقارنتها مباشرة برسالة الأنبياء، الأم تسعى لتقديم الحبّ والدعم والرعاية لأبنائها بينما الأنبياء يحملون رسالات إلهية لتوجيه البشرية".

صَادَقَ التطبيق على أنها صاحبة رسالة لكنها خاصة وليست للبشرية جمعاء كرسالة الأنبياء، استجد في ذهني سؤال آخر ولجأت للتطبيق ذاته فأمرته أن يكتب لي إجابة عن السؤال، لماذا يفكر الابن أنّ أمه لا تمرض؟  

فأجاب التطبيق بكل سهوله "الابن يفكّر أنّ أمه لا تمرض لأنه يرى فيها شخصا قويا، وعندما يكبر الطفل قد يظنّ أن الأم تملك القوة والقدرة على مواجهة كل شيء، قد يكون لديه اعتقاد طفولي بأن الأم هي الشخص المثالي الذي لا تصيبه المشكلات أو الأمراض"

إجابة التطبيق هذه بأن الطفل قد يكون لديه اعتقاد طفولي بأنَّ أمه هي الشخص "المثالي" الذي لا تصيبه المشكلات أو الأمراض أيقظ فيني سؤالا آخر وهو: هل تعتبر الأم بالنسبة للطفل مدينته الأفلاطونية التي عجز أفلاطون أن يحققها، هل استطاعت الأم تحقيقها لأبنائها في محيط البيت الأسري؟

فأمرت التطبيق بالإجابة وهي كالآتي: "الأم ليست دائمًا مدينة الطفل الأفلاطونية، ولكن يمكن أن تكون نموذجًا للحبّ والرعاية والتوجيه وفقًا لفلسفة أفلاطون، كانت مدينة الطفل تعتبر البيئة التي تهيئ الفرد للأفضل ليتطور فيها بشكل كامل ويحقق أقصى إمكاناته، ويحقق المُثُل ويعتبر بعض الناس أن الأم هي المكان الذي يجد فيه الطفل الحبّ والدعم اللازمين لنموه وتطوره".

وبناءً على هذه الأجوبة وصلت إلى معرفة أمّي التي لم أكن أعرفها حق المعرفة، فأدركت أن الحياة جعلت منها مدينتين، مدينة القيم والمُثُل التي أسكنتني فيها وتقوم فيها بتبلغ الرسالة، والمدينة التوليدية التي تتولى فيها توليد الطّاقة بكافة أنواعها؛ حتى صرتُ لأ أشعر بما يؤرقها ولا أرى منها إلا ما يسعدني؛ فتوهمتُ أنها لا تمرض ولا تواجهها مشكلات ولا حتى تجزع.

لا أعلم يا صديقتي إن كنتِ ستجدين في مقالي هذا إجابة لسؤالك؛ لكنّي أشكرك لأنك جعلتني أنتبه للمدينتين في شخص أمّي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟

ورد سؤال لدار الإفتاء، جاء مضمونه: «كيف يتم تقسيم ذهب الأم المتوفَّاة؟ وهل يجوز للبنات إعطاء مقابله مالًا لشقيقهم الذكر؟ وما حكم اعتقاد البعض أن الذهب من حق البنات فقط؟».

الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟

وجاء رد دار الإفتاء على النحو الآتي:

وقالت دار الإفتاء: ذَهَبُ الأم المتوفَّاة ملكٌ لها وتركةٌ عنها تقسم بعد وفاتها على جميع ورثتها الشرعيين كلٌّ حسب نصيبه الشرعي، لأن التركة هي كلُّ ما تركه الميت من الأموال خاليًا عن تَعَلُّقِ حَقِّ الغَير بعينٍ من الأموال، كما جاء في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (7/ 350 ط. دار الفكر) نقلًا عن «شروح السراجية»، وعرَّفها الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في «مواهب الجليل» (6/ 406، ط. دار الفكر) بأنها: «تُرَاثه، وهو الميراث، وضبطه بعضهم بأنه حقٌّ قابِلٌ للتجزِّي ثَبَت لمستحقٍّ بعد موتِ مَن كان له، لوجود قرابة بينهما أو ما في معناها»، وعرَّفها الإمام أبو البقاء الدَّمِيرِي الشافعي في «النجم الوهاج» (6/ 111، ط. دار المنهاج) بأنها: «ما يخلفه الميت»، وعرَّفها الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في «شرح منتهى الإرادات» (2/ 499، ط. عالم الكتب) بأنها: «الحق الْمُخَلَّف عن الميت».

وأضافت: وإذا كان الذهب الذي تركته الأم ملكًا لها فهو إذَن تركة عنها وليس ملكًا للبنات وحدهن إلا إذا كانت الأم قد أوصت لبناتها بهذا الذهب كله أو بعضه، فإنه حينئذٍ يكون وصيةً.

وتابعت: والوصية تنعقد شرعًا إما باللفظ أو بالكتابة، لكن لا تسمع دعوى الوصية عند الإنكار بعد وفاة الموصي، إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفَّى، وعليها إمضاؤه، طبقًا للمادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م.

واستطردت: وإن لم تكن الوصية مكتوبة على النحو السابق بأن كانت شفهية أو نحو ذلك، فإذا أقر الورثة جميعًا بصحة نسبتها للموصي فهي صحيحة نافذة في حقهم، وإن أقر بصحتها بعضُهم دون الآخرين فهي صحيحة نافذة في حق من أقرها فقط، وتنفذ في حدود نصيب من أقر بها.

وقالت: وفي كل حال فإن الوصية تنفذ في حدود ثلث التركة، فإذا زادت عن الثلث فهذه الزيادة تحتاج إلى إجازة الورثة، فإن أجازها جميعُ الورثة نفذت في حقهم جميعًا، وإن أجازها بعض الورثة ورفضها البعض الآخر نفذت الزيادة في حق من أجازها فقط، ثم تقسم باقي التركة بين جميع الورثة كلٌّ حسب نصيبه.

وهو ما نصَّ عليه القانون المذكور في المادة (37- الفقرة الأولى) منه: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ مِن غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.

واختتمت: وبخصوص أخذ البنات ذهب الأم المتوفَّاة وإعطاء مقابله مالًا لشقيقهم الذكر، وظنِّ البعض أن الذهب من حق البنات فقط، فإنه قد تقرر أن ذهب الأم المتوفَّاة يُعدُّ جزءًا من تركتها، فيقسم بين الورثة جميعًا قسمة الميراث كلٌّ حسب نصيبه الشرعى، ولا سبيل لانفراد بنات المرأة المتوفَّاة به دون أبنائها الذكور، إلا إذا تم التراضي بينهم على ذلك، سواء بالتنازل عنه لهن أو بدفع قيمة ما زاد عن حقهن في الميراث في هذا الذهب.

ما يظنه البعض من أن الذهب من حق البنات فقط ظن غير صحيح، ولا يترتب عليه أى أثر شرعيّ.

اقرأ أيضاًدار الإفتاء تحذر من «البشعة»: ممارسة محرمة شرعًا وتعرّض الإنسان للأذى

الحكم الشرعي في من أمسك بالمصحف «ناسيا» وقرأ القرآن وهو على غير طهارة

الإفتاء تحتفل بمرور 130 عامًا على مسيرة الفتوى الرشيدة والعطاء المؤسسي

مقالات مشابهة

  • أديب: الذكاء الاصطناعي سيطر عليا.. الـAI بيرد قبل ما أخلص السؤال
  • نهم السؤال وظمأ الذات
  • سؤال: هل اللَّغة الصينية حاجة لنا أم رفاهية؟
  • إعفاء المدارس المتميزة من الاختبارات المركزية .. وتمكين الإدارات من التوسع في التطبيق
  • عاجل | إعفاء المدارس المتميزة من الاختبارات المركزية .. وتمكين الإدارات من التوسع في التطبيق
  • الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟
  • التطبيق 1 يناير رسميًا.. قرار حكومي بشأن الحد الأدنى لـ المعاشات
  • مدرب توتنهام يشعر بالملل من تكرار هذا السؤال!
  • إجابة غير متوقعة.. منى الشاذلي تفاجئ ياسمين عبد العزيز بسؤال عن الاكتئاب
  • متى يسقط القانون حضانة الأم؟.. وهل تؤثر الأحكام الجنائية على صلاحيتها؟