جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-27@07:46:16 GMT

هل الأمّ تمرض؟

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

هل الأمّ تمرض؟

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

أخبرتني إحدى صديقاتي الشهر الماضي أن كلّ أبنائها مرضوا وكانت تسهر عليهم، وعندما يستيقظون يرونها بجانبهم، وفي وقت ما سألها أحدهم سؤالاً أدهشها: هل الأم تمرض؟

يعجز قلمي عن وصف ملامحها وهي تخبرني الخبر، لم يكن لسانها يتحدّث وحده، كانت تقاسيم وجهها تشارك في إيصالي الخبر، كانت تخبرني بسؤاله ودهشة غريبة تعتريها ومشاعر مختلطة تستبدّ بها، تكرر السؤال ذاته وتقول: أرجوك اكتبي عن الموضوع "هل الأم تمرض؟"، قلت لها طبيعي أن يسأل ابنك هذا السؤال فأنت الوحيدة التي لم تمرض؛ فخطر في ذهنه أنّ الأمهات لا يمرضن، كنت بهذا الردّ أضع حاجزا أمام إلحاحها مع إيماني بأنّ الموضوع يستحق الكتابة؛ لكنّي وعدتها بالكتابة عن الموضوع لاحقاً حينما يكرمني الوقت.

لا أنكر أن السؤال استحوذ على اهتمامي وبما أننا في زمن الذكاء الاصطناعي الذي بات ينافس الآدمي في الذكاء والعطاء أردت أن أتوجه إليه بالسؤال؛ فكتبتُ السؤال في محرّك البحث فيGoogle  على أمل أن يسفر البحث عن نتائج مقنعة، ولكن لم تظهر سوى مواضيع ذات صلة؛ فجربت كتابة السؤال في تطبيق Chat GPT بصيغة هندسة الأوامر"اكتب لي إجابة عن السؤال الآتي: هل الأمّ تمرض؟

على الفور جاءت إجابة (GPT) وهي كالآتي "نعم، الأم قد تمرض مثل أي شخص آخر، الصحة والمرض جزء من الحياة البشرية، ويمكن للأم أن تواجه مشكلات صحية بحاجة إلى علاج ورعاية."

بعدها سألت ابني السؤال ذاته" فابتسم وقال بعفوية: أيش من سؤال هذا! مش الأنبياء يمرضون أكيد الأم تمرض.

فكرتُ بإجابته هذه فوجدتها تستحق التأمل، هو بالتأكيد جاوبها من مبدأ أنّ الأم بشر كغيرها من النَّاس تأكل وتمرض وتموت بالضبط كإجابة الذكاء الاصطناعي، ولكن استشهاده بمرض الأنبياء ميّز إجابته كثيرًا عندي، شعرتُ أنها تحديدا ما كنت أبحث عنه ولم أجدها في "الجي بي تي".

شعرتُ بأن بإجابته هذه العفوية قرن بين رسالتيَّ النبوة والأمومة دون أن يشعر، رأيتُ في إجابته أنّ الأم صاحبة رسالة لا تقل أهمية عن رسالات الأنبياء؛ تشقى وتواجه المتاعب لتحقيق أهدافها كما يفعل الأنبياء في أداء رسالاتهم لا فرق؛ فرجعت للتطبيق مرة أخرى وأمرته أن يكتب لي إجابة لسؤال آخر، هل الأم حاملة رسالة كالأنبياء؟

 

أجاب التطبيق، "الأم تحمل رسالة خاصة ومهمة في تربية أبنائها وتوجيههم، لكن لا يمكن مقارنتها مباشرة برسالة الأنبياء، الأم تسعى لتقديم الحبّ والدعم والرعاية لأبنائها بينما الأنبياء يحملون رسالات إلهية لتوجيه البشرية".

صَادَقَ التطبيق على أنها صاحبة رسالة لكنها خاصة وليست للبشرية جمعاء كرسالة الأنبياء، استجد في ذهني سؤال آخر ولجأت للتطبيق ذاته فأمرته أن يكتب لي إجابة عن السؤال، لماذا يفكر الابن أنّ أمه لا تمرض؟  

فأجاب التطبيق بكل سهوله "الابن يفكّر أنّ أمه لا تمرض لأنه يرى فيها شخصا قويا، وعندما يكبر الطفل قد يظنّ أن الأم تملك القوة والقدرة على مواجهة كل شيء، قد يكون لديه اعتقاد طفولي بأن الأم هي الشخص المثالي الذي لا تصيبه المشكلات أو الأمراض"

إجابة التطبيق هذه بأن الطفل قد يكون لديه اعتقاد طفولي بأنَّ أمه هي الشخص "المثالي" الذي لا تصيبه المشكلات أو الأمراض أيقظ فيني سؤالا آخر وهو: هل تعتبر الأم بالنسبة للطفل مدينته الأفلاطونية التي عجز أفلاطون أن يحققها، هل استطاعت الأم تحقيقها لأبنائها في محيط البيت الأسري؟

فأمرت التطبيق بالإجابة وهي كالآتي: "الأم ليست دائمًا مدينة الطفل الأفلاطونية، ولكن يمكن أن تكون نموذجًا للحبّ والرعاية والتوجيه وفقًا لفلسفة أفلاطون، كانت مدينة الطفل تعتبر البيئة التي تهيئ الفرد للأفضل ليتطور فيها بشكل كامل ويحقق أقصى إمكاناته، ويحقق المُثُل ويعتبر بعض الناس أن الأم هي المكان الذي يجد فيه الطفل الحبّ والدعم اللازمين لنموه وتطوره".

وبناءً على هذه الأجوبة وصلت إلى معرفة أمّي التي لم أكن أعرفها حق المعرفة، فأدركت أن الحياة جعلت منها مدينتين، مدينة القيم والمُثُل التي أسكنتني فيها وتقوم فيها بتبلغ الرسالة، والمدينة التوليدية التي تتولى فيها توليد الطّاقة بكافة أنواعها؛ حتى صرتُ لأ أشعر بما يؤرقها ولا أرى منها إلا ما يسعدني؛ فتوهمتُ أنها لا تمرض ولا تواجهها مشكلات ولا حتى تجزع.

لا أعلم يا صديقتي إن كنتِ ستجدين في مقالي هذا إجابة لسؤالك؛ لكنّي أشكرك لأنك جعلتني أنتبه للمدينتين في شخص أمّي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دول مظلومة في فقه الهجرة: الأم تجقلب والشكر للكفيل

دول مظلومة في فقه الهجرة: الأم تجقلب والشكر للكفيل
قبل تلاتة أيام أو كدة كتبت بوست عن إقتصاديات الهجرة في أمريكا. عودة للسودان حقيقة أنا بستغرب عن كطريقة البيتكلم بيها بعد الخبراء عن الهجرة كصدقة من الدول المستضيفة توجب علي المهاجرين إمتنان ذليل. هذا منطق يقلب المعادلة راسا علي عقب وهو نوع من الشفشفة الفكرية.

الهجرة، بالذات الشرعية المنظمة، في جوهرها عملية نهب موارد بشرية من دول الجنوب تحصل فيها الدول المستضيفة علي كفاءات وقدرات عمل لم تنفق مليم واحد في تنميتها. ياهو زمان كان بيجو يخطفو العبيد من أجل توفير العمالة وحسي بيخطفو المهاجرين الشرعيين وغيرهم.
يعني شوف لما شاب سوداني أو نيجيري درس محاسبة وللا طب وللا هندسة وللا بقا نقاش ماهر أو ممرض. الزول ده علي أقل تقدير بيكون عاش كم وعشرين سنة علي حساب المجتمع السوداني أو النيجيري، وتحملت الأسرة والدولة والمجتمع تكاليف باهظة لتجهيزه. تكاليف مالية وتكاليف زمن التربية والتعليم والحماية وتكاليف عاطفية للحماية النفسية وكلو. دي تكاليف ما ساهلة مادية وللا غير مادية.

طيب الزول ده لما يهاجر لدولة، الدولة المضيفة دي ما دفعت تعريفة في تجهيزه، ومجتمعها لو كان داير مهني زيو كان لازم يدفع تكلفة التنشئة. زي ما تربي جدادة فترة طويلة ولما تبدا تبيض تشيلها بطول جارتكم وتطلب منك أن تشكرها لانها ساهمت في نضافة بيتك من خرا الجداد. يعني ببساطة قصة الهجرة دي جوهرها نهب موارد ومفروض الدول المستضيفة تشكر المهاجرين.

طبعا في استثناءات ذي هجرة السودانيين لمصر بعد الحرب وقبلها. من المؤكد أن الأقتصاد المصري بيستفيد من وجود السودانيين أصحاب الثروات والمداخيل المعقولة. لكن الحقيقة أن مصر فتحت بابها للسودانيين وملايين منهم معدمين وفقر من فار المسيد وما عندهم حاجة يضخوها في الإقتصاد المصري. ومع ذلك استقبلتهم مصر ولم تشترط أي موارد إقتصادية لقبول المهاجر وطبعا أصلا هي مصر ما محتاجة لعمالة وافدة. المهاجرين السودانيين في مصر من جميع الأقاليم والقبايل والاعراق ومعظمهم فقراء لا يحتاجهم الأقتصاد المصري وفيهم جنجا وشذاذ أفاق .

ودة ما بيعني أنو المهاجرين ما ممكن يشكرو دولهم علي حسن الضيافة والتعامل الكريم. يشكرو ويقدرو ده واجب زي ما بنشكر أي زول أو دولة علي حسن التعامل في أي سياق. أنا حسي بشكر كل الدول العشت فيها أو زرتها علي حسن التعامل وممتن كتير. ولكن يظل جوهر عملية الهجرة كما هو: الحصول علي قوة عمل بالمجاني بعد أن دفعت مجتمعات أخري تكلفة تجهيزها.

بعدين ياخي حسي حول العالم في دول كتيرة من أغني الدول إلي المتوسط والفقير عندهم برامج لجذب المتقاعدين للهجرة إليها. أي متقاعد عندو حد أدني من الدخل بيرحبو بيهو وبيدوهو إقامة دايمة بتتحول لجنسية. دي دول موجودة في أوروبا واسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. المنطق ببساطة هو أن الدول دي بتكون دايرة أنو المتقاعد يصرف قروشو في سوقها وينشط العيادات الطبية الدكاكين والمطاعم والمولات وسوق العقارات والذي منو. ودة بيثبت ليك أنو الدول المستضيفة مفروض تشكر المهاجر وتديهو كيكة.

قال غسان كنفاني “يسرقون خبزك، ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك ان تشكرهم علي كرمهم….يا لوقاحتهم.”. بدل خبزك دي خت عمالتك الماهرة.

زمان في بداية المسيرة كتبت ورقة أكاديمية عن سبب أزمة ميزان المدفوعات المزمنة في السودان. بعد الكثير من الجداول والحساب والاحصاء قلت أن جذر الأزمة يعود إلي صدمة البترول الأولي. لما سعر البترول إرتفع أربعة أضعاف بين يوم وليلة. ودي كانت لحظة بداية إنهيار السودان الإقتصادي والسياسي لانو حدث فقر في السودان وفي المقابل ظهرت ثروة ضخمة في الخليج. نتج عن الثروة الجديدة وتعمق الفقر في السودان هجرة لاهم أنواع الخبرات من العمال المهرة من الحرفيين وعمال البناء إلي كبار الأطباء وأساتذة الجامعات وغيرهم.
بالتحديد قلت أن صدمة البترول دي كانت نقطة قطع الطريق علي ممكنات التنمية السودانية. الصدمة دي أضرت بكل دول أفريقيا لانها غيرت شروط التبادل التجاري – وارداتك سعرها زاد وصادراتك لم ترتفع أسعارها بنفس المستوي . لكن الصدمة عوقت السودان شديد واكتر من الدول الأخري لانو يترتب عليها نزيف دائم للقوة العاملة الماهرة وهي أساس التنمية الأهم. ده طبعا إضافة إلي مشاكل نجمت عن تعديل ميزان القوة السياسي والديني والايديلوجي والثقافي.

مثلا من الثمانينات كان ممكن دول واحدة في الخليج او زي بريطانيا يكون عدد الأخصائيين السودانيين فيها اكتر من المتوفر في السودان.
في دول أيضا تضررت زينا زي مصر لكن مصر عندها مهارات فائضة وقوة عاملة ضخمة وإحنا ما عندنا قدر سنامها.

ومن الوقت داك أصبح هدف العملية التعليمية في حدها الأعلى هو تجهيز مهاجرين. وطبعا السؤال هو كيف تتطور دولة في أدني سلم التنمية لو كانت بتفقد معظم مهاراتها بمجرد التخرج واكتساب حد أدني من الخبرة. وطبعا خسارة السودان تساوي مكاسب الدول التي جذبت إنسانه العامل.
أدناه مقال مكتوب قبل أيام عن اقتصاديات الهجرة.
إقتصاديات هجمة ترمب علي المهاجرين:
يشن دونالد ترامب حملات شعواء ضد المهاجرين، خاصة غير الشرعيين، لكن هذه السياسات قد تترتب عليها عواقب اقتصادية وخيمة. فوفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، يشكل المهاجرون غير الشرعيون نحو 40% من عمال المزارع . وفي حال تنفيذ ترحيل جماعي لهؤلاء العمال، فمن المتوقع أن تغلق آلاف المزارع أبوابها، مما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية. وهذا الارتفاع لن يثير استياء الناخبين فحسب، بما في ذلك مؤيدو ترامب أنفسهم، بل سيضر أيضًا بالشركات وأصحاب الأعمال. فمع ارتفاع تكاليف المعيشة، سيطالب العمال والموظفون بزيادة الأجور، مما سيضغط على أرباح الشركات ويضعف قدرتها التنافسية.

ولا يقتصر التحدي على ذلك، فالعمل في المزارع شاق ويصعب استقطاب العمالة المحلية أو المهاجرين الشرعيين له، حتى مع زيادة الأجور. فالظروف القاسية، من العمل تحت أشعة الشمس الحارقة إلى البعد عن المراكز الحضرية، تجعل هذه الوظائف غير جذابة للأمريكيين.
على صعيد آخر، فإن تشديد القيود على المهاجرين الشرعيين وطلبة الجامعات يحرم الاقتصاد الأمريكي من كفاءات علمية وهندسية وريادية عالية. وبدلاً من أن تساهم هذه المواهب في دفع عجلة الابتكار والنمو في أمريكا، سينتهي بها الحال إلى تعزيز اقتصادات منافسة، مثل الصين أو دول أوروبا الغربية.

ومن الجدير بالذكر أن التفوق التاريخي للاقتصاد الأمريكي مقارنة باقتصادات أوروبا الراكدة يعزى إلى حد كبير إلى انفتاح الولايات المتحدة على مساهمات المهاجرين، سواء كانوا شرعيين أو غير شرعيين. فالكثير من الدراسات الأقتصادية التجريبية تؤكد أن المهاجرين يشكلون دعامة أساسية للاقتصاد الأمريكي، وليس عبئًا عليه.

بمعني آخر، أن حملات ترمب ضد المهاجرين تضر بفقراء وأغنياء أمريكا معا ولا يسندها منطق إقتصادي. ولكن اليمين الأمريكي تدفعه إعتبارات عنصرية وثقافية ودينية تعلو علي الجانب الإقتصادي، لذلك فان الشركات تفضل أن تظل أبواب الهجرة مفتوحة حتي لو تم وضع بعض القيود هنا وهناك لإمتصاص الحماس العنصري عند شرائح مهمة من اليمين الإنتخابي.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • منتج جديد عبارة عن مناديل مبللة بديلة للوضوء.. دار الإفتاء تكشف الحكم
  • التطبيق قريبا .. الرقم القومي الموحد للعقارات شرط لأي تعامل رسمي | تفاصيل
  • امتحان الفيزياء لطلاب الثانوية العامة 2025.. إجابة الاختبار كاملًا
  • تباين الآراء بين طلاب الثانوية العامة بالإسكندرية حول امتحاني الفيزياء والتاريخ
  • السؤال الحائر: هل تحتفظ إيران بمخزونها من اليورانيوم المخصب؟
  • دول مظلومة في فقه الهجرة: الأم تجقلب والشكر للكفيل
  • إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد مقر خاتم الأنبياء في غارات إسرائيلية
  • إيران تعلن استشهاد قائد “مقر خاتم الأنبياء” - المعين حديثا - في العدوان
  • إيران تعلن وفاة قائد مقر خاتم الأنبياء متأثرا بجروح أصيب بها في غارة إسرائيلية
  • النائب المحسيري تسال عن منحة البنك الدولي لبرنامج تعزيز الفرص الاقتصاديه للمراة