هذا هو لسان حال باسيل مع التمديد البلدي والاختياري...أجت والله جابها
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
ما بين التمديد لقائد الجيش وسائر القادة الأمنيين والتمديد للمجالس البلدية والاختيارية فرق كبير. الأول كان حاجة وطنية، لكن الثاني لا يمّت إلى هذه الحاجة بأي صلة، وإن كان الوضع الأمني الحذر في الجنوب يحتّم إجراءً خاصًا يعود تقديره للجهات الرسمية المعنية. أمّا أن يتم اللجوء إلى التمديد في كل مرّة يكون فيها الوضع الأمني مهزوزًا فهذا يعني أن التمديد سيكون سيد المواقف والمواقع، ليس في المجال البلدي والاختياري فحسب، بل في كل المراكز والمناصب، التي تحتاج إلى انتخابات، ومن بينها بالطبع الانتخابات الرئاسية، بعدما أصبح التمديد للفراغ في سدّة الرئاسة الأولى سمة طاغية على الحياة السياسية، مع علم الجميع أنه بمجرد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق الآليات الدستورية فإن معظم مشاكل لبنان ستؤول إلى الحلحلة التدريجية، من دون أن يعني ذلك أن الرئيس الآتي إلى بعبدا، آجلًا أم عاجلًا، سيكون حاملًا معه عصا سحرية.
ما هو أكيد أن "التيار الوطني الحرّ" سيشارك في الجلسة النيابية التشريعية، التي ستُخصَّص لما ستدرجه هيئة المجلس من مواضيع على جدول أعمال الهيئة العامة، وفي طليعتها موضوع التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بناء على اقتراح القانون المعجل المكرر، الذي تقدّم به النائب جهاد الصمد إلى الأمانة العامة للمجلس لإدراجه على أول جلسة تشريعية.
ومشاركة نواب كتلة "لبنان القوي" في جلسة التمديد تأتي على خلفية أمرين، على رغم اقتناعهم بأن الانتخابات البلدية حاجة وطنية ضرورية، ورفضهم بالتالي مبدأ التمديد في المطلق. فالأمر الأول يعود إلى ما تم التوافق عليه بين النائب غسان عطالله وعدد من نواب كتلة "التنمية والتحرير" عشية الانتخابات في نقابة مهندسي بيروت، والتي نتج عنها تحالف بين "التيار" وحركة "أمل" و"حزب الله"، في مقابل مشاركة نواب "التيار" في جلسة التمديد البلدي والاختياري.
أمّا الأمر الثاني فيعود، من حيث المبدأ، إلى "التنقير" على "القوات اللبنانية"، التي ذهبت منفردة إلى جلسة التمديد لقائد الجيش، على رغم الحملة التي شنّها يومها النائب باسيل على نواب كتلة "الجمهورية القوية" لمشاركتهم في جلسة تشريعية في غياب أو تغييب رئيس الجمهورية، إلاّ أنه يقع اليوم في الخطأ نفسه.
ووفق المعلومات من مصادر لصيق بـ"ميرنا الشالوحي" فإن النائب باسيل يتجه إلى المشاركة في الحوار غير المشروط، الذي سيدعو إليه الرئيس نبيه بري، بعدما أبلغت كتلة "الوفاء للمقاومة" نواب كتلة "الاعتدال الوطني" موافقتها على الذهاب إلى حوار رئاسي غير مشروط.
وبذلك يكون النائب باسيل قد "سلّف" الرئيس بري دفعتين على حساب ما يمكن أن ينتج من "تفاهمات غبّ الطلب"، أو تفاهمات على القطعة وفق ما تمليه المصلحة الظرفية لوضعية باسيل داخل تياره أولًا، وداخل المجتمع المسيحي ثانيًا، مع ما يمكن أن يستتبع ذلك من تساؤلات قد يكون بعضها بريئًا، وبعضها الآخر ليس فيه حتى رائحة البراءة. ومن بين هذه التساؤلات، التي ستلاحق رئيس "التيار الوطني" على سبيل المثال لا الحصر: كيف سيبرّر لجمهوره أولًا قبل غيره من الجماهير لماذا سيسير بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية وهو في الأساس ضد مبدأ التمديد أيًّا يكن نوعه ومبرراته، وما هي الأسباب التي تدفعه إلى هذا الخيار المرّ، وهو يعرف أن ثلث البلديات قد أصبح منحّلًا، والثلث الآخر مكفوف اليد والثلث الأخير يعمل من "حلاوة الروح"؟
يُنقل عن النائب باسيل قوله "إجت والله جابها"، وهو يقصد بالطبع التمديد البلدي والاختياري، لأنه يعلم علم اليقين أن الرياح في الساحة المسيحية لا تسير كما يشتهي، وهو متيقن من أنه إذا حصلت هذه الانتخابات في أيار المقبل وفق جدولة وزارة الداخلية فإنه سيخسر الكثير من البلديات، التي كان يعتبرها في "جيبتو الزغيرة".
وبهذا الموقف يكون باسيل قد أصاب عصفورين بحجر واحد: الأول في ردّه الجميل للرئيس بري بدعم مرشحه النقابي، والثاني عدم اضطراره لكشف تراجع شعبيته في الساحة المسيحية.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: النائب باسیل نواب کتلة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: عبادة بلا دعاء مسلوبة من الروح فلا تيأس واثبت على باب الله
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، كثير منا قد نسي الدعاء، والدعاء يقول فيه سيدنا رسول الله ﷺ: «الدعاء مخُّ العبادة»، ومخُّ الشيء أعلاه ومنتهاه، وإذا توقَّف المخ عن العمل فارق الإنسانُ الحياة؛ فعبادةٌ بلا دعاءٍ هي عبادةٌ مسلوبةٌ من الروح، ومن أعلى شيءٍ فيها، من رأسها، وهو الدعاء.
وفي حديثٍ آخر يقول سيدنا ﷺ: «الدعاء هو العبادة»؛ فيتقدَّم بنا خطوةً أخرى، فيُبيِّن أن الدعاء هو نفسُ العبادة وكلُّ العبادة، هو رأسُها وجسدُها، هو بدايتُها ونهايتُها، هو ذاتُها، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. فسوَّى بين الدعاء وبين العبادة.
وتابع: لكن رأينا كثيرًا من الناس كأنهم لم يعلموا أن الدعاء هو العبادة أو مخُّ العبادة؛ فترك كثيرٌ منهم الدعاء، مع أنَّ الدعاءَ في ذاته عبادةٌ استجاب الله أو لم يستجِب؛ فادعُ ربك، ولا تتعجَّل؛ يقول رسول الله ﷺ: «إن الله يستجيب للعبد ما لم يتعجَّل». قالوا: وما عجلته يا رسول الله؟ قال: «يقول: دعوتُ الله فلم يستجِبْ لي»، فيَدَعُ الدعاء.
وكأن هذا أمرٌ قد سرى فينا فتركْنا الدعاء، وكأننا نُلزِم الله بالإجابة، فتحوَّل الدعاءُ منَّا إلى طلب، بل إلى فرضِ رأي، والله سبحانه وتعالى لا يفرِضُ أحدٌ عليه رأيًا، وإذا كان الرأيُ نتداوله فيما بيننا، ونناقشه بنقصِ بشريَّتِنا؛ فإن الدعاء فيه التجاءٌ، وفيه خضوعٌ، وفيه توسلٌ، وفيه رجاءٌ، وفيه تضرع، حتى يكون عبادةً خالصة؛ فإذا استجاب الله فبمَنِّه وفضله علينا، وإذا أخَّر الاستجابةَ فبعلمه، وحُكمِه فينا، وحِكمته، وإذا ادَّخَرها لنا يوم القيامة فنِعْمَ المُدَّخَر، ونِعْمَ المُدَّخِر.
ستخسر كثيرًا إذا تركت الدعاء، وفي المقابل فإنك ستكسب كثيرًا إذا ما دعوت ربك، وتضرعتَ إليه.
صفات الدعاء المستجاب
وذكر ان من صفات الدعاء المستجاب الإلحاح؛ أَلِحَّ على ربك، وابكِ بين يديه، واغسِلْ نفسك من ذنوبك، وقصورِك، وتقصيرِك، وتواضَعْ لربك حتى يرفع من شأنك.
ولكي نَعلم أنَّ باب الدعاء لا يُغلق في وجه أحد، وأنَّ رحمة الله أوسع من ذنوب العباد، نتأمل في هذه القصة:
يُروى عن الحجاجِ بنِ يوسفَ الثقفي –وكان جبَّارًا في الأرض سفَّاكًا للدماء، والله لا يحبُّ سفكَ الدماءِ، ولا يحبُّ التجبُّر في الأرض– أنَّ هذا الرجلَ وفَّقه الله من ناحيةٍ أخرى أن يُتمَّ القرآنَ كلَّ أسبوع، فسبَّع القرآن؛ فكان يقرأ القرآنَ مرةً كل أسبوع، أربعَ مراتٍ في الشهر، وفَّقه الله في هذا، لكنه جبَّارٌ سفَّاكٌ للدماء، حتى تحدَّث الناس أن الله لا يغفر للحجاج؛ فسمع بهذا فناجى ربَّه، وكأنه يعرف كيف يكلِّم ربَّه، فقال عند موته: «اللهم اغفر لي، فإن الناس يقولون: إنك لا تغفر لي».
إنه لا ييأس من رحمة الله، ولا يستعظم ذنبًا في قبالةِ غفران الله، ويطلب من الله سبحانه وتعالى –بعد ما فعل في المسلمين– أن يغفر له، والله كريم: «اللهم اغفر لي، فإن الناس يقولون: إنك لا تغفر لي»؛ كأنه يتوسل إلى ربِّه ضدَّ الناس، والله غفورٌ رحيم.
فإذا كان هذا شأنَ الحجاج؛ فما بالك وأنت لم تسفك دمًا؟
فلا تترك باب الدعاء أبدًا، ولا تيأس من رحمة ربِّك، واثبت على بابه سائلًا، باكيًا، راجيًا.
واختتم منشوره بهذا الدعاء قائلا: اللهم أيقِظ قلوبنا لذكرِك، وافتح لنا أبوابَ الدعاء، ولا تَرُدَّنا عن بابك خائبين.