سودانايل:
2024-06-12@08:05:06 GMT

بين الاتفاق الإطاري ومؤتمر باريس الثاني

تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT

د. أحمد جمعة صديق

كان "الاتفاق الإطاري" سيتم توقيعه بين الشق العسكري في مجلس السيادة وقوى إعلان الحرية والتغيير (ق ح ت) يهدف إلى حل الأزمة السياسية في السودان وإعادة الحكم المدني. وقد احتوى أطراً هي المبادئ العامة التي تضمنت ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة وآليات العدالة الانتقالية لوضع حد لظاهرة الافلات من العقاب.

ويؤكد على جيش مهني واحد ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة. كما كان يسعى لإقامة سلطة مدنية بالكامل دون مشاركة القوات النظامية.
وتطرق الاتفاق الى هياكل السلطة الانتقالية حيث تضمن مستوى سيادي مدني محدود يمثل رأس الدولة ورمز السيادة. كما شمل مستوى تنفيذي يرأسه رئيس وزراء مدني يتم اختياره من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق.وتضمن مجلساً تشريعياً وآخر للأمن والدفاع.
كما حدد الاتفاق الفترة الانتقالية بمدة عامين منذ تعيين رئيس الوزراء ويتم اختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق.وتشمل الإصلاحات المطلوبة إطلاق عملية شاملة لصناعة الدستور.وتنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية الفترة الانتقالية وإصلاح الأجهزة النظامية وتحديد مهامها.
بالاضافة الى إزالة تمكين نظام المعزول واسترداد الأموال والأصول المتحصل عليها بطرق غير مشروعة. كما اطر الاتفاق الى إصلاح القانون والأجهزة العدلية وبهذا فان هذا الاتفاق كان سيمهد لإنهاء الأزمة السودانية وتحقيق الاستقرار والديمقراطية في السودان وتكوين الدولة المدنية .
واتفاق بهذه البنود البسيطة والواضحة هو الذي دعى أحد الاطراف المتصارعة وهو الدعم السريع أن يبادر بالتوقيع على الاتفاق فوراً. وكان المتوقع ان يلحق الجيش بالتوقيع على البرتكول والذي لا نشك في انه مولود سوداني المولد والملامح. ولكن نكث الجيش على عهده. وتكشف تماماً – لحظتها - أن الجيش لا يملك ارادة وادارة امره تماماً وان الكيزان يسيطرون تماماً على مفاصل الجيش.
والاتفاق الاطاري وثيقة في رأي المتواضع قد قننت واصلّت العلاقة المستقبلية بين الجيش والدولة، وبالتالي بين الجيش والشعب. وفي رأي ان الأتفاق الاطاري لو سار على ما كان مخطط له لمهد لاعمال مصالحات ومعالجات كثيرة ربما كانت ستؤدي الى تفريغ الاحتقان والغبن الذي ملأ نفوس الناس من مؤسساته العسكرية والعدلية.
والسؤال لماذا بادر الكيزان لافساد هذا الاتفاق؟ الاجابة ببساطة انه كان نقطة مضيئة في نجاح الدبلوماسية السودانية الشعبية المدنية ان تثبت ان السودانيين قادرون على تفصيل وانتاج ما يناسب طقسهم من (ملابس) صيفية أو شتوية. والحقيقية الثانية أن الكيزان قد ادركوا با هذا الاتفاق سيكون لحظة فاصلة في تاريخ السودان الحديث اذ سيؤرخ لميلاد الدولة المدنية السودانية المختطفة منذ الاستقلال وهزيمة المشروع الكيزاني للأبد. اذن لا غرابة ان يصرح قادتهم بان توقيع هذا الاتفاق لن يتم الا على جثثهم. وهي صراحة هي اقصى درجات الوقاحة. والنتيجة افتعال المعركة بمهاجمة الدعم السريع للقضاء عليه كما كانوا يتوهمون في ايام معدودة، ثم يتفرغوا لتصفية الكادر المدني والعودة الى السلطة.
الاتفاق الاطاري في راي هو (الماجنا كارتا) السودانية وقد كان كفيل بوضع الاساس للسياسة السودانية كخارطة طريق واضحة المعالم لارساء قواعد الدولة المدنية التي رفع الشعب شعاراتها في المليونيات التي كانت تغطي وجه الشمس.
والآن تتكرر الهجمة الشرسة نفسها على نتائج مؤتمر باريس. والمؤتمر كما يعلم الجميع كان مؤتمراً مطلبياً لطلب إغاثات عاجلة لشعب السودان ولم يكن مؤتمراً سياسياً ليستدعى هذا العداء الرسمي من حكومة الامر الواقع في السودان.
كان المؤتمر ببساطة يسعى لجمع تبرعات لانقاذ الشعب السوداني من هلاك وجيز وهو أمر كانت الدولة السودانية نفسها أولى بالقيام به. وهو مشروع فشلت فيه تماماً كفشل الجيش في القيام بمهامه الدستورية في حماية الارض والعرض. وانطبق المثل ( لا بجدع ولا بجيب الحجار) وسيكون حال دولتنا مثل حال من (جو يساعدوه في دفن ابوه، دس المحافير).
لقد كان مؤتمر باريس أيضاً علامة أخرى مضيئة في نجاح الدبلوماسية الشعبية السودانية في تجاوز كل العراقيل التي تضعها حكومة الامر الواقع، لتستطيع مخاطبة العالم وعكس قضايا شعبنا الموتور.
التحية لكل من وضع لبنة من أجل البناء والتحية ل(تقدم وقحت) والتحية لرئيس الوزراء عبد اله حمدوك- الذي تدرع المهمة من غير من على بلده واهله.

كسره،،،
• لم لا يباشر (حمدوك) اعماله كرئيس للوزراء فهو لا زال الرئيس الشرعي في السودان؟؟؟
• لم لا يستدعى (حمدوك) مجلس وزرائه وتكوين حكومة (منفى) تخاطب العالم باسم السودان؟


aahmedgumaa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذا الاتفاق فی السودان

إقرأ أيضاً:

الموقف من المائدة المستديرة في مصر أول امتحان أمام تقدم!

الموقف من المائدة المستديرة في مصر أول امتحان أمام تقدم!

رشا عوض

رحبت بعض الأحزاب السياسية السودانية المنضوية في تحالف “تقدم” بالمبادرة المصرية الخاصة بتنظيم مؤتمر مائدة مستديرة للقوى المدنية السودانية في القاهرة تحت إشراف وزارة الخارجية المصرية نهاية يونيو الجاري.

على هذه الخلفية أرجو من هذه الأحزاب ومن تنسيقية “تقدم” أن تفكر بجدية في الحقائق الآتية:

أولا: لن ترضى عنكم مصر الرسمية حتى تتبعوا ملتها! وهذه الملة هي الحكم العسكري وهو خيار مدمر للسودان، وكانت الحرب الكارثية الحالية هي نتيجته الحتمية! ولو توقفت الحرب على أساس حكم عسكري بأي صيغة، ستندلع الحرب مجدداً وفي زمن قياسي.

ثانيا: اي اجتماع سياسي تنظمه الحكومة المصرية سوف تتحكم فيه بالكامل ابتداء من تحديد الشخصيات التي ستشارك مرورا باجندة الاجتماع وصولا الى مخرجاته، وهذا يتناقض مع جوهر فكرة المائدة المستديرة التي يتساوى اطرافها ويتحاورون بندية وبحرية دون وصاية او ترغيب او ترهيب ودون اي شكل من اشكال الهيمنة! يستحيل ان تسمح مصر للسودانيين بان يتحاوروا بحرية دون تدخلات مباشرة واملاءات مخابراتية مجهزة سلفا! ولن تتحرج مصر من ذلك ابدا لان ذهنية الوصاية على السودان مسيطرة عليها تماما، وضعف النخب المدنية والعسكرية السودانية المزمن امام الحكومات المصرية كرس هذه الوصائية المصرية وجعلها امرا طبيعيا جدا! لدرجة ان المخابرات المصرية في الماضي القريب، بكل بساطة اصدرت اوامرها لشخصية بقامة الامام الصادق المهدي- رحمه الله وتقبله في جنة رضوانه- بأن لا يسافر الى باريس للمشاركة في اجتماع قوى “إعلان باريس” عام 2017! وكانت تتوقع ان الامام سيسمع الكلام لان هذا ما اعتادت عليه! وعندما خالف الامام اوامرهم عاقبوه بعدم السماح له بدخول مصر!! وهو رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا ويمثل اكبر حزب سياسي.

هذا هو اسلوب مصر في التعامل مع اكبر كبير في السياسة السودانية!! الاوامر الفوقية ثم العقاب حال عدم التنفيذ!!
الان الامور ازدادت سوءا! اذ ان دخول السياسي السوداني وخروجه من والى مصر يحتاج الى موافقة امنية! فهل يعقل ان تخرج توصيات المائدة المستديرة دون “موافقة امنية”!!

ثالثا: انسب مكان لانعقاد مائدة مستديرة حقيقية هو دولة ديمقراطية مثل جنوب افريقيا التي نحتاج لاستلهام تجربتها الرائدة في التحول الديمقراطي، واتمنى ان تسعى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية تقدم لانجاح فكرة المائدة المستديرة باختيار المكان الصحيح، وقبل ذلك الاستعداد بالاجندة الصحيحة والتسلح بالارادة الصلبة لتحقيق السلام وانجاح الانتقال التأسيسي الى دولة مدنية ديمقراطية.

نتمنى ان تثبت تقدم تقدميتها فعلا بتقديم دليل عملي على انها محصنة من المرض المستوطن في السياسة السودانية والذي استعصى على العلاج لعقود طويلة ممثلا في “الخوف من مصر والخضوع غير المشروط لاملاءاتها بل الارتجاف رعبا من مجرد توجيه انتقادات علنية للسياسة المصرية وزجر من يفعل ذلك من السودانيين الشجعان امثال الدكتور النور حمد”!! إن التعافي من هذا المرض يجب ان يكون اهم معيار في تقييم وطنية وديمقراطية السياسي السوداني وكذلك في تقييم جدوى التحالفات السياسية للقوى المدنية.

سيكون امرا محبطا ومخيبا للامال لو رأى المواطنون السودانيون “تقدم” التي استبشروا بميلادها خيرا لا تختلف عن ما يسمى “الكتلة الديمقراطية” وغيرها من الدمى التي تتلاعب بها مصر!!

رابعا: من حق “القوى المدنية الديمقراطية السودانية” ان تسجل موقفا احتجاجيا ضد السياسة المصرية تجاه السودان منذ اندلاع الثورة وحتى الان! فمصر لم تسمح باذاعة خبر عن ثورة ديسمبر في اعلامها حتى يوم 9 ابريل 2019! وبعد سقوط البشير تدخلت تدخلات سافرة وموثقة في تخريب الفترة الانتقالية وفي تخطيط وتنفيذ ومساندة انقلاب البرهان وفي احتضان المطبخ الكيزاني الذي هندس الانقلاب والحرب، وبعد ان اتت رياح الحرب بما لا تشتهي سفن التآمر العسكركيزاني على الثورة السودانية طرأ تغيير في الخطاب الرسمي المصري عن الحرب في السودان باتجاه تبني الحل السلمي التفاوضي ولكن لم يطرأ اي تغيير على الموقف المصري من القوى المدنية الديمقراطية، وظلت السياسة المصرية هي تصنيع الحواضن السياسية للعسكر وتقوية وكلاء الحكم العسكري وتمكينهم من الفضاء السياسي والاعلامي والاشتراك المباشر معهم في تسفيه القوى المدنية الديمقراطية والتقليل من شأنها والتآمر عليها اختراقا وتقسيما واضعافا، فما هو المنطق في ان ترحب القوى الديمقراطية بعقد مائدة مستديرة تحت اشراف وزارة الخارجية المصرية؟

خامسا: واجب القوى السياسية المدنية ان تقدم سودان السلام والديمقراطية للجوار الاقليمي وفي مقدمته مصر كصديق متعاون في حفظ الامن والسلام وكشريك مخلص في بناء علاقات اقتصادية وتنموية منتجة تحقق المصالح المشتركة بين السودان والدول المجاورة له بما فيها مصر، ولكن لن يتحقق ذلك بعدالة تحفظ كرامة السودان والسودانيين الا بواسطة قوى سياسية تعرف متى تقول نعم ومتى تقول لا، وبناء العلاقات الايجابية بين الدول لا يتم بالمجاملات والسباق المحموم لإرضاء دولة لن ترضى بغير التبعية المذلة، بل يكون بتقوية المنصات الوطنية والتسلح بالتحالفات الذكية داخليا واقليميا ودوليا والقدرة على التعامل من مواقع الشراكة لا من مواقع التبعية.

مصر ناصبت الانتقال المدني الديمقراطي في السودان العداء السافر واضرت بمصالح السودان الاستراتيجية ويجب ان تدفع مقابل ذلك ثمنا دبلوماسيا وبصورة معلنة.

لا للمشاركة في اي مائدة مستديرة او مستطيلة في مصر هل هناك معضلة في تبني مثل هذا الموقف وهو اضعف الإيمان؟!

الوسومالسودان الصادق المهدي القوى الديمقراطية الكتلة الديمقراطية المائدة المستديرة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم رشا عوض مصر

مقالات مشابهة

  • الهندي عزالدين: القاعدة الروسية .. “البرهان” ليس ” تشرشل” والسودان ليس بريطانيا العظمى
  • اجتماع بين روسيا ومصر يؤكد على إنهاء الحرب في السودان
  • الموقف من المائدة المستديرة في مصر اول امتحان امام تقدم!
  • لماذا تكون هنالك حروب في السودان؟
  • الحياد الروسي في حرب السودان
  • الموقف من المائدة المستديرة في مصر أول امتحان أمام تقدم!
  • أوتشا: الحرب السودانية تغذي كارثة إنسانية بأبعاد أسطورية
  • الرئيس السيسي يبحث مع مدبولي استعدادات الدولة لعيد الأضحى ومؤتمر الاستثمار
  • "الدعم السريع" تطلق سراح 537 من أسرى الشرطة السودانية
  • قوات الدعم السريع تطلق سراح المئات من أسرى الشرطة السودانية