1 بالله، أهذه هي “أمريكا العظمى”؟! من أين تستمد عظمتها الان وقد أضحت عظامًا نخرة؟! يترأسها رئيس فاسد ومرتشٍ، بشهادة السيناتور سارة جاكوب، واقتصادها منهار، ومديونيتها بلغت تريليونات الدولارات. لم تعد حلمًا للإنسانية، بل كابوسًا عالميًّا. لم تعد أرض الأمل والوعد، بل أرضًا للخيبات المتراكمة.

لقد تخلّت عن قيمها، ولم تعد تتحدث عن الديمقراطية، بل أنكرت حقوق الإنسان، وهو يُذبح في غزة وهي تنظر بصمت.

لقد انهارت “أمريكا العظمى”، ورئيسها المرابي شايلوك، يَعِدُ بإعادتها إلى عظمتها… بينما يكذب كل يوم. آخر أكاذيبه كانت فضيحة رويترز بالأمس، حين استخدم صورة من مجزرة في الكونغو على أنها إبادة للبيض في جنوب إفريقيا!
ما المناسبة؟
بالأمس، ضجّت الأسافير والقنوات الفضائية بخبر اتهام أمريكا للسودان باستخدام أسلحة كيميائية في الحرب ضد الجنجويد!
متى ارتكب السودان هذه الجريمة؟ امريكا لاتعرف او لم تعلن

حسنًا… أين وقعت الجريمة؟ في “اللا مكان”! فالخبر لم يحدد موقع الجريمة في عالم 2024.
أين هم الضحايا من الجنجويد؟ مجهولون! لا أحد يعرفهم.!
كيف وقعت الجريمة؟ ليس بوسع أحد أن يعرف، حتى أمريكا نفسها!
إذًا نحن أمام اتهام بارتكاب جريمة فاعلها معلوم، لكن لا ضحايا لها، ولا يُعرف مكانها أو زمانها ولا الكيفية التي تمت بها .!

لو كنتُ رئيس تحرير، وجاءني صحفي صغير متدرب بخبر كهذا، لمزقته وألقيت به في سلة المهملات؛ لأنه لا يستجيب لأي من شروط الخبر المهني. بل هو مجرد تقولات!
فكيف تقبل دولة “عظمى” على نفسها أن تتهم دولة أخرى باتهام خطير، دون أدلة، أو تحديد للزمان والمكان؟ ثم ترتّب على ذلك الاتهام قرارات مباشرة، وتشوه سمعة دولة لم ترتكب جرمًا.؟!
هل هذه دولة عظمى؟ أم دولة منحطة، انحطت بأبسط قيم العدالة، وهي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؟!

2
دعونا من انحطاط أمريكا الآن؛ فهذا أمر معلوم. فالاتهام باستخدام الأسلحة الكيميائية تكرر مرارًا في مناطق النزاع، من العراق إلى سوريا، وغالبًا ما يُستخدم كأداة لإضفاء شرعية على تدخلات سياسية خارجية أو فرض عقوبات او حتى غزو، دون تقديم أدلة قاطعة.النموذج العراقي لا يزال حيًا في الذاكرة الجماعية: غزو بُني على كذبة “أسلحة دمار شامل” لم تُعثر عليها قط.

دعوني أروي لكم قصة هذا “القرار الأمريكي المبيوع”، والأهداف التي يسعى صُنّاعه لتحقيقها من وراء نشره.
في 16 يناير، كتب ديكلان وولش وجوليان إي. بارنز تقريرًا جاء فيه:

“قال أربعة مسؤولين كبار في الولايات المتحدة إن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية في مناسبتين على الأقل ضد الجماعة شبه العسكرية التي يقاتلها في البلاد.”
أربعة مسؤولين… لا أسماء، ولا صفات، ولا إثباتات.. هم فقط مصدر!

وكان ذلك بمثابة إشارة لانطلاق “الكورس الإعلامي” والعازفين الإضافيين على أوتار الأكاذيب.
فجأة ظهرت الناشطة القحاتية المأجورة، بمقال نشرته يورونيوز بتاريخ 22 يناير 2025، بعنوان:“كيف تحاول دول أخرى الاستفادة من انزلاق السودان إلى الحرب؟”
قالت فيه:
“القوات المسلحة السودانية تواجه اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية، وهذا يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.”
ثم تبعها أنور قرقاش، الذي كتب في تغريدة بتاريخ 9 أبريل 2025:

“تحاول سلطة القوات المسلحة السودانية صرف الانتباه عن دورها في ارتكاب الفظائع، عبر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.”
وقد استند فيها إلى مقال ديكلان وبارنز.
ثم خرجت علينا الخارجية الإماراتية، التي تقود “قطاع الإكسترا” من الخلف، لتصدر بيانًا على لسان لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، في 15 أبريل 2025، قالت فيه:
“القوات المسلحة السودانية تواجه اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي.”
لاحظوا: لا مصدر، لا دليل… والإمارات تتهم دولة أخرى دون أن تستحي!
3
في اليوم نفسه، 15 أبريل، ظهرت خلود خيري في برنامج Amanpour & Co. على شبكتي CNN وPBS، وقالت:
“الحكومة السودانية استخدمت الأسلحة الكيميائية.”

ثم واصلت هذه الناشطة الكاذبة نشاطها المسموم، فنشرت مقالًا آخر في أبريل 2025 على AllAfrica، قالت فيه:
“القوات المسلحة تفتقر للمصداقية، بما في ذلك مزاعم الإبادة واستخدام الأسلحة الكيميائية.”
ثم بدأت تطوف على مراكز البحوث والمنصات الإعلامية المأجورة، لتكرر ذات الأكاذيب، حتى وصلت البرلمان البريطاني!
وفي 28 أبريل 2025، أصدرت البعثة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة بيانًا بشأن السودان، تتهم فيه القوات المسلحة باستخدام الأسلحة الكيميائية.

ثم عاد قرقاش بالأمس، بعد صدور القرار من الخارجية الأمريكية، ليحتفي بالقرار الذي دفعوا ثمنه مقدمًا:
“العقوبات الأمريكية على الجيش السوداني بسبب استخدامه السلاح الكيماوي ضد مواطنيه، تضع النقاط على الحروف: لا بد من وقف فوري للحرب ومسار سياسي يفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.”
4
هذا الاتهام، وذلك النشاط المحموم، بدأ بعد نشر تقرير ديكلان وبارنز في يناير 2025، مباشرة بعد إعلان السودان نيته تقديم شكوى في نهاية ديسمبر 2024.

وتصاعد النشاط بعد أن تقدم السودان بشكوى رسمية ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية بتاريخ 5 مارس 2025. وعقدت المحكمة جلسة استماع علنية في 10 أبريل.
ولم تخاطب الخارجية الأمريكية الكونغرس إلا بعد ذلك، في 5 مارس.
ثم، في 15 أبريل، صدر ملحق تقرير “الامتثال”، وهو وثيقة فنية استخباراتية تُستخدم لتبرير القرار الرسمي.
وفي 24 أبريل 2025، صدر القرار الرسمي بعد أن فُضحت الإمارات عالميًّا كدولة ترعى مليشيات ترتكب الإبادة.
جاء القرار قبيل زيارة ترمب للإمارات في 15 مايو، ليقبض بعدها بيومين من“قرار الامتثال”، ويحصل على تريليون ونصف مليار دولار!
لاحظوا التواريخ:
15 أبريل = تقرير الامتثال الأمريكي
15 أبريل = بداية الحملة الإعلامية (خلود خيري)
15 أبريل = بيان بعثة الإمارات بالأمم المتحدة (لانا نسيبة)
5
من هنا نفهم أن القرار الأمريكي ليس إلا جزءًا من حرب العدوان التي تشنها الإمارات على السودان.
تستخدم في ذلك:
رشوة المسؤولين الأمريكيين
شراء المؤسسات الأمريكية
الدفع بأبواقها الإعلامية
تكرار الأكاذيب في المنصات الدولية
السعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن
وربما الدفع نحو تدخل دولي، بناءً على أكذوبة “ الأسلحة الكيميائية”
وقد تدعمها أمريكا… لأنها قبضت الثمن مقدمًا. ولأنها تعوّدت على شن الحروب وفرض العقوبات بناءً على ترهات وأكاذيب!

صدق السفير التركي فاتح يزدي، حين قال في تغريدة بالأمس تعليقًا على القرار الأمريكي:“لقد فقدوا مصداقيتهم منذ سنوات، حين شنوا حربًا بادعاءات باطلة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق.”
6
إن ما يحدث اليوم ليس صراعًا على القيم أو القانون الدولي، بل هو صراع على المصالح، والنفوذ، والقوة، والمال.فالمال اشترى الضمير، واشترى القرار معًا.
من يدفع… يقرر. والإمارات دفعت… فقررت أمريكا !!.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأسلحة الکیمیائیة أسلحة کیمیائیة القوات المسلحة أبریل 2025

إقرأ أيضاً:

مبادرات وبرامج إماراتية لدعم الأمن الغذائي في السودان

أحمد مراد (أبوظبي)

أخبار ذات صلة تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة وإيمانويل ماكرون.. انعقاد لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي في باريس الإمارات: العقوبات الأميركية على الجيش السوداني تضع النقاط على الحروف

تسبب النزاع الدائر في السودان، منذ أبريل 2023، في انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما جعل المجاعة تفتك بملايين السودانيين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، الذين يصارعون الجوع، والتشتت، والحرمان الشديد.
وتعمل دولة الإمارات بالتعاون مع منظمات المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والعالمية على وقف الحرب، والتوصل إلى تسوية تحقق إرادة السودانيين، وتوقف المعاناة، مؤكدة دعمها الثابت والراسخ للشعب السوداني.
ولا تكل الإمارات ولا تمل من دعواتها ومطالباتها بفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين، داعية إلى تضافر جهود منظمات المجتمع الدولي لإنقاذ الشعب السوداني، والتصدي لمحاولات عرقلة وصول الإمدادات إلى النازحين واللاجئين السودانيين.
وبحسب التقديرات الأممية والدولية، فإن النزاع الدائر في السودان أدخل نحو 25 مليون شخص في دائرة الجوع، لا سيما مع عرقلة قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المنظمات والدول الفاعلة في مجالات العمل الإنساني، وعلى رأسها دولة الإمارات.
وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي للعام 2025 قد حدد 17 منطقة سودانية معرضة لخطر المجاعة نتيجة الصراع المستمر، موضحاً أن أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين في إقليم دارفور.

رسالة تضامن
وأوضح الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، أنه في ظل الانهيار المتسارع للأوضاع الإنسانية داخل السودان، يبرز الدور الإماراتي كأحد أهم الجهود التي تسعى ليس فقط للتخفيف من حدة الكارثة، بل لبناء جسر عبور نحو استعادة الدولة السودانية لوظيفتها الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد زهدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات اتخذت مساراً مختلفاً عن كثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، إذ لم تكتف بإصدار البيانات أو دعوات التهدئة، بل انتقلت مباشرة إلى الفعل الميداني، عبر جسر متصل من المساعدات الإنسانية والإغاثية التي طالت شرائح واسعة من السكان المنكوبين، لا سيما في المناطق التي تعاني انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما يمثل الأزمة الأخطر والأكثر تعقيداً في السودان.
وأشار إلى أن دعم الإمارات لملف الغذاء والدواء لا يأتي فقط من باب الاستجابة الطارئة، بل يُعبر عن فهم عميق لطبيعة الأزمة السودانية كأزمة مركبة، أمنية وإنسانية وسياسية، لا يمكن معالجتها إلا بمداخل متزامنة، موضحاً أنه حين تُرسل الدولة شاحنات القمح والأدوية، وتُنشئ مستشفيات ميدانية ومراكز إيواء، فهي بذلك تؤسس لمعادلة استقرار قائمة على إنقاذ الإنسان السوداني أولاً، تمهيداً لاستعادة السياسة والمجتمع والدولة لاحقاً.
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، إن السودان لا يحتاج فقط لمن يرفع صوته بالنيابة عنه في المحافل، بل لمن يضع قدماً على الأرض في معسكرات النزوح والمستشفيات، ويُقدم نموذجاً فاعلاً للتضامن الإنساني العملي، مضيفاً أن الإمارات تقدم نموذجاً يستحق التقدير والتثمين، لأنه يتعامل مع السودان كقضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية أو أمنية.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يزداد فيه الجوع ويغيب الدواء، تكتسب كل قافلة إماراتية تصل إلى الداخل السوداني معنى أكبر من مجرد شحنة دعم، مؤكداً أنها تمثل رسالة تضامن، ومحاولة جدية لردم الهوة بين الخراب وإمكانية التعافي.

دعم إماراتي
بدوره، شدد مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الدكتور محمد صادق إسماعيل، على أهمية المبادرات والبرامج التي تتبناها دولة الإمارات لدعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل التداعيات الخطيرة المترتبة على النزاع الدائر منذ أبريل 2023، ما جعل البلاد تواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي، بحسب التقديرات الأممية والدولية.
وأوضح إسماعيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن النزاع تسبب في تداعيات خطيرة، سواءً على مستوى النزوح أو الخسائر الاقتصادية أو تفشي أزمة غذائية معقدة يُعانيها ملايين السودانيين، مؤكداً أن الإمارات تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تخفيف معاناة الشعب السوداني، عبر قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تشكل دعماً بارزاً للأمن الغذائي السوداني.
وفي إطار تضامنها الراسخ والثابت مع الشعب السوداني، تحرص دولة الإمارات على دعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل تأثره بتداعيات النزاع الدائر منذ أبريل 2023. 

سياسات متوازنة
وقال مدير المركز العربي للدراسات، إن دولة الإمارات تتبنى سياسات خارجية متوازنة تهدف إلى إحلال السلم والأمن في مختلف مناطق العالم، وتسوية النزاعات والصراعات بالطرق السلمية، إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والغذائية للمتضررين من النزاعات والصراعات، ما يعزز الحضور الإماراتي الفاعل على المستويين الإقليمي والعالمي.

مقالات مشابهة

  • ما وراء ادعاء أميركا استخدام الجيش في السودان أسلحة كيميائية
  • د. مزمل أبو القاسم: عقوبات إدارة (شيلوك المُرابي)!
  • عقوبات أمريكية جديدة على السودان على خلفية اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية
  • الإمارات: العقوبات الأميركية على الجيش السوداني تضع النقاط على الحروف
  • مبادرات وبرامج إماراتية لدعم الأمن الغذائي في السودان
  • تضع النقاط على الحروف.. أنور قرقاش يعلق على العقوبات الأمريكية على الجيش السوداني
  • واشنطن تفرض عقوبات جديدة على السودان بسبب أسلحة كيميائية والحكومة السودانية ترد ببيان ساخن وتكذب إتهامات
  • واشنطن: سنفرض عقوبات على السودان بسبب استخدام "أسلحة كيميائية"
  • عقوبات أمريكية على حكومة السودان بدعوى استخدام أسلحة كيميائية