وزارة الإصلاح المؤسسي: ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة السودانية
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
بقلم: عادل عبد العاطي
مقدمة:
لم يعد الحديث عن إصلاح الدولة السودانية ترفًا فكريًا أو مطلبًا حزبيًا محدودًا، بل تحوّل إلى أولوية وجودية تتعلق ببقاء الدولة ذاتها.
فبعد عقود من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاداري، وبعد عامين من الحرب المدمرة، وما خلفته من ترهل وعجز في كافة مؤسسات الدولة، لم يعد بالإمكان المضي قُدمًا دون معالجات جذرية تعيد هيكلة الجهاز الحكومي وتستأصل الفشل والفساد من جذوره.
في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة لتأسيس وزارة للإصلاح المؤسسي، تكون ذات صلاحيات واسعة واستقلالية كاملة، وتتبع مباشرة لرئيس الوزراء.
أزمة الدولة ومحدودية أدوات الإصلاح التقليدية:
شهد السودان، خاصة منذ مطلع الألفية الثالثة، انهيارًا متسارعًا في مؤسسات الدولة نتيجة الفساد الإداري، التسييس الحزبي، والمحسوبية وواقع الحرب. ادى لذلك لترهل وعجز كبير في اداء مؤسسات الدولة، سواء كان على المستوى الاتحادي او الولائي او المحلي. حال السفارات كممثليات للدولة السودانية بالخارح لا يقل سوءاً.
لقد فشلت محاولات الإصلاح السابقة لأنها اعتمدت على أجهزة تقليدية ضعيفة، خاضعة لذات المنظومة التي أنتجت الانهيار. بل إن بعض الهيئات الرقابية نفسها كانت جزءًا من المشكلة، إما بسبب افتقارها للموارد والصلاحيات، أو لانخراطها في شبكات النفوذ والمصالح المختلفة.
ما هي وزارة الإصلاح المؤسسي؟:
هي جهاز وطني مستقل يُؤسس بقانون، وتُمنح له الصلاحيات الكاملة في تقييم مؤسسات الدولة، محاربة الفساد، ومراجعة الأداء. لا تعمل كجسم رقابي فقط، بل كأداة تنفيذية لإعادة بناء الدولة على أسس الكفاءة، الشفافية، والحوكمة الرشيدة.
الاختصاصات الحيوية للوزارة:
وفق الورقة المرجعية التي اعددتها وقدمتها لرئيس الوزراء المعين الدكتور كامل ادريس، تتولى وزارة الإصلاح المؤسسي المهام التالية:
إصلاح هيكلي شامل: مراجعة هياكل الوزارات والهيئات، تقديم مقترحات بالدمج، الإلغاء، أو إعادة التنظيم، مع إعادة هيكلة الخدمة المدنية لتحقيق مبدأ الجدارة.
محاربة الفساد الإداري والمالي: من خلال وحدة متخصصة لتلقي البلاغات والتحقيق، وإعداد تقارير دورية معلنة، بالتنسيق مع القضاء ومؤسسات المحاسبة.
تقييم الأداء المؤسسي والفردي: عبر مؤشرات موضوعية للكفاءة والنزاهة، مع تقديم توصيات بشأن الإبقاء على القيادات أو استبدالها.
الرقابة الخارجية: تشمل مراجعة أداء السفارات والقنصليات، وهيكلة البعثات الخارجية بما يضمن الكفاءة والتمثيل الفعلي للدولة.
اقتراح السياسات والتشريعات: تكون الوزارة ذراعًا لرئيس الوزراء في تعديل القوانين المعيقة للتطوير، وضبط اللوائح بما يعكس رؤية الإصلاح الشامل.
لماذا نحتاجها الآن؟:
لأن الدولة تتفكك: الوزارات تعمل بجزر معزولة، ولا توجد جهة تنسق أو تراقب الأداء بشكل جاد ومهني.
لأن المواطن فقد الثقة: الشارع يرى الدولة كخصم لا كخادم، بسبب الفساد، الذي اشار اليه البرهان وعقار، التعيينات السياسية، وانهيار الخدمات.
لأن السودان يحتاج بناءً لا ترميمًا: نحن لا نعالج نظامًا معطوبًا فحسب، بل نؤسس لنظام جديد يعيد تعريف الدولة نفسها.
شروط نجاح الوزارة:
أن تُؤسس بقانون واضح، يضمن لها الاستقلالية عن التأثيرات الحزبية والبيروقراطية.
أن تتبع مباشرة لرئيس الوزراء، وتكون لها ذراع تنفيذي نافذ في كل المؤسسات والولايات.
أن تُدار بكفاءات وطنية محايدة، بعيدة عن المحاصصة.
أن تُربط قراراتها بنتائج تقييم واقعية، ويُمنح لها حق إقالة القيادات العليا أو اقتراحها لرئيس الوزراء.
خاتمة:
إن تأسيس وزارة الإصلاح المؤسسي ليس خيارًا إضافيًا ضمن برنامج الحكومة، بل ركيزة أولى لأي تحول ديمقراطي وتنموي في السودان. بدون هذه الوزارة، ستبقى مؤسسات الدولة أسيرة شبكات المصالح، وستتكرر دورات الفساد والانهيار مهما تغيرت الحكومات. هذه الوزارة هي الضمانة الوحيدة لبناء دولة فاعلة، شفافة، وخادمة لمواطنيها. هي وزارة المستقبل... ووزارة إنقاذ السودان.
عادل عبد العاطي
٢٣ مايو ٢٠٢٥م
adil@abdelaati.org
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لرئیس الوزراء مؤسسات الدولة
إقرأ أيضاً:
مكون الحراك الجنوبي: الحفاظ على الوحدة ضرورة وطنية تحت أي ظرف ومهما كلف الثمن
وأشار مكون الحراك في بيان لها إلى أن الوحدة اليمنية كانت وما زالت المنجز الوطني والقومي والإسلامي الأبرز في تاريخ الأمة المعاصر.
وقال المكون: "ومن أجل تصحيح مسار الوحدة اليمنية لتكون جاذبة لكل أبناء شعبنا اليمني العظيم نحن على ثقة أن الجمهورية اليمنية المنتصرة العظمى (قائد وشعب) على قدر عالي من المسؤولية الدينية والسيادية بالالتزام بتحرير كل شبر محتل من جغرافيا الجمهورية اليمنية برا وبحرا وجوا وتطهيرها من قوى الطغيان والغطرسة والاستكبار والعدوان والاحتلال ومرتزقتهم الإقليميين والمحليين".
وأشاد بالوعي الوطني والحس والإدراك العالي لدى الشعب اليمني في المحافظات المحتلة من الوطن الذين سيكونون في مقدمة الصفوف لمواجهة المخططات والمشاريع العدوانية الهدامة للغزاة المعتدين المحتلين وطردهم.
وثمن مضامين خطاب قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي الأعلى، بمناسبة العيد الوطني الـ35 للجمهورية اليمنية "22 مايو"، مباركاً النجاح الكبير للقوات المسلحة اليمنية في فرض الحصار الجوي على الشامل على الكيان الصهيوني إسناداً وانتصاراً لأحرار غزة والقرار الاستراتيجي بفرض الحصار البحري على ميناء حيفا، حتى إنهاء العدوان ورفع الحصار.
وأهاب بالشعب اليمني الاحتشاد المليوني المشرف في جمعة ومسيرات (ثباتا مع غزة...سنصعد في مواجهة جريمة الابادة والتجويع) في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وعموم الساحات في بقية المحافظات، نصرة وإسناداً لغزة وتأكيداً على مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني على الوطن.