تناولت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها تطورا تكنولوجيا وطبيا هائلا يرتبط بعلم البصريات الوراثي والذي أصبح يُمكن البشر من استعادة البصر وتحديدا لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي. وذكرت الصحيفة أن التهاب الشبكية الصباغي هو مرض خلقي يصيب واحدًا من كل 5000 شخص، أي أكثر من مليوني شخص في جميع أنحاء العالم.

ويولد معظم الأشخاص المصابين بهذه الحالة وبصرهم سليم، وبمرور الوقت، يفقدون الرؤية المحيطية أولاً، ثم الرؤية المركزية، وأخيرًا، بصرهم، وأحيانًا في وقت مبكر من منتصف العمر.

لكن الحلول للتغلب على هذا المرض أصبحت في متناول اليد، إذ صممت شركة "ساينس" Science، وهي شركة ناشئة في ألاميدا بولاية كاليفورنيا، عضوا اصطناعيا بصريا يسمى Science Eye "ساينس آي" يمكنه استعادة الرؤية، وإن كان بشكل محدود، لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.

شارك ماكس هوداك، الرئيس التنفيذي للشركة، في تأسيس الشركة الناشئة "ساينس" بعد فترة قضاها في شركة Neuralink "نيورالينك" التابعة لإيلون ماسك. وتقوم شركات أخرى، مثل شركة التكنولوجيا الحيوية GenSight Biologics ومقرها باريس، وشركة Bionic Sight في نيويورك، بتجربة المزيد من الطرق لاستعادة البصر.

ووفقا للصحيفة، يعتمد جميعهم في عملهم على أداة بحثية في علم الأعصاب تسمى علم البصريات الوراثي، وهو شكل من أشكال العلاج الجيني الذي يوفر بروتينات تسمى الأوبسينات عن طريق الحقن في العين لتعزيز حساسية الخلايا للضوء في شبكية العين، وهي طبقة الأنسجة الموجودة في الجزء الخلفي من مقلة العين.

ونقلت الصحيفة عن أناند سواروب، وهو باحث كبير في المعهد الوطني للعيون في بيثيسدا بولاية ماريلاند، والذي عمل على تنكس الشبكية الوراثي لما يقرب من أربعة عقود، قوله إنه "من المؤكد أن العلاج البصري الوراثي لاستعادة الرؤية يبشر بالخير، لكن لا يزال هناك مجال للتحسين".

وقال سواروب: "على الأقل في هذه المرحلة، يبدو الأمر جيدًا جدًا في الحالات التي يكون فيها الشخص أعمى تمامًا، إذ يجب سيكون قادرًا على إيجاد طريقه ولن يصطدم بالأشياء، وهو أمر رائع. لكنه لن يتمكن من التمييز بين العديد من الأشياء المختلفة".

وشرحت الصحيفة كيفية عمل علم البصريات الوراثي، موضحة أنه في الرؤية الطبيعية، يدخل الضوء إلى العين من خلال العدسة ويشكل صورة على شبكية العين. تتكون شبكية العين نفسها من عدة أنواع مختلفة من الخلايا، وخاصة المستقبلات الضوئية.

ووفقا للصحيفة، فإن المستقبلات الضوئية هي خلايا حساسة للضوء على شكل قضبان ومخاريط تحتوي على الأوبسينات. وعادة، تقوم المستقبلات الضوئية بتحويل الضوء إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى الخلايا العقدية في شبكية العين، والتي بدورها تنقل تلك الإشارات الكهربائية عبر العصب البصري إلى الدماغ. وهذه هي الطريقة التي تقرأ بها الكلمات الموجودة في هذه الصفحة الآن.

وذكرت الصحيفة أنه في التهاب الشبكية الصباغي، تتحلل العصي والمخاريط الموجودة في المستقبلات الضوئية وتموت في النهاية. أولاً، تذهب الرؤية المحيطية، ويطور الناس رؤية نفقية، أي أن عليهم أن يديروا رؤوسهم بالكامل فقط لرؤية العالم من حولهم. ويحتاج العديد من الأشخاص الذين يعانون من الرؤية النفقية إلى عصا للمساعدة في التنقل حول العالم (وتجنب الاصطدام بالأشياء، مثل الأثاث). ويتبع ذلك العمى بعد فترة ليست طويلة. ومع ذلك، فإن انهيار المستقبلات الضوئية لا يقلل من قدرة الدماغ على معالجة الإشارات الكهربائية، والأهم من ذلك، أن الخلايا العقدية تظل سليمة.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن علم البصريات الوراثي يسعى إلى التحايل على تصميم الرقصات المعتاد عن طريق توصيل بروتينات الأوبسين مباشرة إلى الخلايا العقدية، ما يعني أنه يمكن تحفيزها بالضوء لإرسال إشارات إلى الدماغ.

ويحتوي الطرف الاصطناعي البصري Science Eye "ساينس آي" على عنصرين، بحسب ما ذكرت الصحيفة. الأول عبارة عن عملية زرع مكونة من ملف طاقة لاسلكي ومجموعة من مصابيح LED الدقيقة المرنة للغاية والتي يتم تطبيقها مباشرة على شبكية العين، وهي عملية جراحية أكثر شمولاً مقارنة بإجراءات العين الأخرى مثل إصلاح إعتام عدسة العين. وفقًا لهوداك، فإن المصفوفة، التي يتم اختبار النماذج الأولية منها على الأرانب، توفر دقة تبلغ ثمانية أضعاف دقة شاشة "آيفون".

أما العنصر الثاني، وفقا للصحيفة، هو زوج من النظارات بدون إطار، تشبه في الحجم والشكل النظارات الطبية العادية، والتي تحتوي على كاميرات مصغرة تعمل بالأشعة تحت الحمراء وملفات طاقة حثية.

وبشكل عام ذكرت الصحيفة أن العملية تتكون من ثلاث خطوات، الخطوة الأولى تضم حقن الأوبسينات في الخلايا العقدية للعين، والخطوة الثانية تشمل بتثبيت الزرع، أما الخطوة الثالثة، فتتعلق بالنظارات التي تعمل على تنشيط الخلايا العقدية المعدلة عن طريق توصيل المعلومات لاسلكيًا من العالم المرئي؛ وبدورها، تنقل الخلايا العقدية الجديدة الحساسة للضوء تلك المعلومات عبر العصب البصري إلى الدماغ.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: شبکیة العین

إقرأ أيضاً:

ابتكارٌ عُمانيٌ واعدٌ لتنقية المياه الصناعية عبر حبر الحبار

العُمانية : يُقدم المشروع الابتكاري "مرشح مياه باستخدام حبر الحبار" للمبتكرة يسرى بنت يوسف الغدانية حلًا فعّالًا ومستدامًا لأحد أبرز التحدّيات التي تواجه قطاع النفط والغاز المتمثل في المياه المصاحبة لاستخراج النفط، التي تخرج بشكل يومي بكميات هائلة يصعب معالجتها لاحتوائها على العديد من المواد الكيميائية السامة.

ووضّحت يسرى بنت يوسف الغدانية لوكالة الأنباء العُمانية أنّها طوّرت مادة مرشحة مبتكرة تعتمد على حبر الحبار؛ ليكون بديلًا اقتصاديًّا وفعالًا للكربون المنشّط المستخدم في أغراض ترشيح المياه الملوثة الصناعية، وتعمل هذه المادة على امتزاز العناصر الثقيلة، وبعض المواد الهيدروكربونية الذائبة، كما تُسهم في تقليل ملوحة المياه، ويعمل على معالجة شاملة لهذا النوع من المياه الصناعية الملوثة بأقل التكاليف.

وقالت: إنّ فكرة المشروع بدأت في عام 2023 خلال مشاركتها في ماراثون "منافع" التابع لموارد وكان أحد التحدّيات فيه يتمحور حول الاستفادة من الموارد العُمانية المحلية لتصميم منتجات مفيدة ومنها بدأت رحلة تطوير هذا الابتكار.

وبيّنت أنّ المرشح يعتمد بشكل رئيس على مادة مسحوقية تمّ تطويرها من حبر الحبار بعد معالجته بطريقة خاصة تمنحه خصائص الامتزاز المطلوبة إذ يتميز هذا المسحوق بإمكانية دمجه مباشرة في أنظمة الترشيح المختلفة، وخصوصًا في أنظمة "الفلترة المعبأة" أو ما يُعرف بالـ Compact Filters، دون الحاجة إلى تعديل كبير في البنية الأساسية للأنظمة المستخدمة، وهذا يجعل استخدامه عمليًّا ومرنًا في التطبيقات الصناعية؛ حيث يمكن إضافته مباشرة داخل وحدات الفلترة والاستفادة من خصائصه في إزالة الملوثات.

وحول الفوائد البيئية لهذا المشروع مقارنة بالمرشحات التقليدية أفادت بأنّ هذا الابتكار يتميّز بكونه أكثر استدامة من المرشحات التقليدية، خصوصًا الكربون المنشّط المستخدم في ترشيح المياه الصناعية، فعملية إنتاج المادة المبتكرة من حبر الحبار لا تتطلب عمليات تصنيع معقدة أو استهلاكًا عاليًا للطاقة، مما يُقلل من البصمة الكربونية.

وقالت: إنّ هذه المادة صديقة للبيئة من حيث مصدرها وطريقة تصنيعها، ويمكن إنتاجها محليًّا في سلطنة عُمان من موارد طبيعية متوفرة، على عكس الكربون المنشط الذي غالبًا ما يتمُّ استيراده ويحتاج إلى تجهيزات صناعية متقدمة، وهذا يمنح المشروع ميزة مزدوجة: حماية البيئة ودعم الاقتصاد المحلي في آنٍ واحد.

وذكرت أنه تمّ اختبار المادة المطورة في البداية على عينات محاكية للمياه المصاحبة للنفط، وأظهرت فعالية عالية جدًا في امتزاز العناصر الثقيلة وتقليل الملوحة، كما أجرينا مقارنة علمية بين المادة الجديدة والكربون المنشّط الوظيفي المستخدم حاليًّا في ترشيح هذا النوع من المياه، وكانت النتائج متقاربة جدًا من حيث الكفاءة، مما يعكس قدرة المرشح على أداء نفس الوظيفة بكفاءة عالية.

ولفتت إلى أنها تعمل حاليًّا على اختبار المادة على عينات حقيقية من المياه المصاحبة للنفط في بيئات أكثر قربًا للواقع الصناعي، ولا تزال هذه الاختبارات قائمة، مشيرةً إلى أنّ النتائج الأولية مبشّرة ولها دلالات إيجابية، والعمل على مواصلة تطوير وتحسين المادة لضمان فعاليتها واستدامتها عند التطبيق على نطاق أوسع.

وحول التحدّيات التي واجهت مشروعها الابتكاري أشارت إلى أنّ المشروع واجه عدّة تحدّيات خلال مرحلة تطويره أبرزها كان صعوبة تنفيذ التجارب العلمية وإثبات فعالية المادة عمليًّا، خاصة أنني كنت قد تخرّجت بالفعل ولم أعد أنتمي لأي جامعة، وبالتالي لم يكن لدي وصول مباشر إلى المختبرات الجامعية لكنني تغلبت على هذا التحدي من خلال تكوين فريق بحثي مكوّن من أشخاص ذوي خبرات متعددة في المجالين المالي والعلمي.

وقالت: إنّ التحدي الآخر تمثل في إيجاد جهة حاضنة للمشروع إذ شاركت بداية في برنامج "منافع" التابع لمؤسسة موارد، وكنت أطمح إلى أن يكون هو بوابة الوصول إلى المنتج النهائي، لكن للأسف لم أتأهل لمرحلة الحاضنات، مما تسبب في توقّف مؤقت لمسار المشروع، وبدأت بعدها رحلة بحث عن جهة تستضيف المشروع بشكل فعلي، كما تواصلت مع عدّة مؤسسات دون استجابة واضحة، إلى أن وُفّقت بالانضمام إلى مسرعة OQX التابعة لشركة أوكيو، والتي قدمت لنا الدعم المطلوب، وما زلنا نعمل تحت مظلتها حتى اليوم.

وحول الأهداف المستقبلية للمشروع الابتكاري وخطط تطويره بشكل أكبر ذكرت أنّ الأهداف المستقبلية التي تعمل عليها حاليًّا تتمثل في تنفيذ مشروع تجريبي ميداني في أحد حقول شركات النفط والغاز؛ لإثبات فعالية المنتج في بيئة واقعية وتحت ظروف تشغيل فعلية، وهذا سيكون خطوة مفصلية لتقييم الأداء الصناعي للمادة ومقارنتها بشكل مباشر مع المواد المستخدمة حاليًّا.

وأكّدت على أنها تسعى إلى تأسيس شركة ناشئة تحمل اسم "InkClear"، لتكون بمثابة منصة لتطوير وتسويق هذا الابتكار بشكل احترافي. طموحي أن يتحول هذا المنتج العُماني إلى منتج عالمي يصل إلى أسواق دولية ويُعتمد عليه بوصفه حلًّا مستدامًا لمُعالجة المياه الصناعية، خصوصًا في قطاع النفط والغاز.

وحول تأهل مشروعها الابتكاري لتمثيل سلطنة عُمان في المعرض الدولي للاختراع والابتكار والتكنولوجيا بماليزيا 2025، قالت يسرى بنت يوسف الغدانية: يُعدُّ تأهلي إنجازًا كبيرًا وشرفًا عظيمًا يشعرني بالفخر والمسؤولية في آنٍ واحد، إذ إنّ هذا التمثيل لا يُعدُّ تكريمًا لمشروعي فحسب، بل يُمثّل أيضًا فرصة حقيقية لعرض الابتكار العُماني على منصة عالمية.

وأضافت: إنّ هذه المشاركة في هذا الحدث الدولي تمثل بوابة لعرض مشروعي وشركتي الناشئة "InkClear" أمام جمهور دولي يضم مستثمرين، وخبراء، ومهتمين بمجال الابتكار والتقنيات البيئية، وأعدها فرصة ذهبية لفتح آفاق جديدة، وبناء شراكات، وربما جذب استثمارات تدفع بالمشروع نحو العالمية، ووجودي هناك لا يمثلني فقط، بل يمثل كل شاب عُماني يؤمن بأفكاره ويعمل من أجل تحويلها إلى واقع.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف طبي واعد: اختبار جديد يشخص نوع سرطان الدماغ في أقل من ساعتين
  • صناعة العسل في الحدود الشمالية.. استثمار واعد بعوائد اقتصادية
  • حديقة العين تحتفي بـ«يوم السلحفاة»
  • مليشيا الانتقالي بذكرى الوحدة اليمنية: الدولة الجنوبية قادمة لا محالة
  • تساؤلات بشأن استعادة الموساد ملف الجاسوس كوهين
  • ابتكارٌ عُمانيٌ واعدٌ لتنقية المياه الصناعية عبر حبر الحبار
  • روسيا تنقذ السودان في استعادة مفقودات مهمة بسبب الحرب
  • كما نشرت "الرؤية".. توقعات بتشكل حالة مدارية شرق بحر العرب
  • إصابة مواطن برصاص الاحتلال في مخيم العين غرب نابلس
  • تساؤلات وتكهنات بعد استعادة إسرائيل أرشيف جاسوسها إيلي كوهين