حمص-سانا

نظّم ملتقى أورنينا الثقافي اليوم محاضرة للباحثة الآثارية تيريز ليون عن الآرامية لغةً وحضارة وتاريخاً في كاتدرائية الروح القدس بحي الحميدية بحضور نخبة من المهتمين بالشأن الثقافي بحمص.

وسلطت الباحثة الضوء على أهمية هذه الحضارة وما تركته من إرث غني في مختلف المجالات حيث تنقلت بين مختلف مراحلها مستعرضة أبرز الملامح في كل مرحلة.

وبينت ليون أن الآراميين هم شعوب الشرق الأدنى القديم التي اصطلح على تسميتها الشعوب السامية ومنها الأكاديون والبابليون والآشوريون والاموريون والكنعانون والعرب وقد شهد القرن العاشر قبل الميلاد نقلة حضارية متميزة لهم وبدء مرحلة متطورة من تاريخهم.

وأضافت الباحثة: إن الآراميين في سورية شكلوا في عصرهم الحديدي الممتد من القرن 14ق.م حتى القرن 10 ق.م أهم عنصر لغوي وعرقي وانتشروا في طول بلاد ما بين النهرين وعرضها مبينة أنهم كانوا في سورية عبارة عن ممالك مرتبطة بمدينة مركزية تتبع لها أحياناً بعض المدن الصغيرة والقرى وتقوم بالحكم فيها أسرة متميزة ذات شأن.

وعن اللغة الآرامية تحدثت ليون مبينة أن دراسة تاريخ اللغة الآرامية ضمن الإطار السياسي والحضاري للآراميين تقودنا إلى الحكم بأنها لغة واحدة طرأت عليها تطورات تاريخية تبعاً للزمان والمكان ومجالات الاستخدام فبدت وكأنها لغات عدة.

بدوره بيّن مدير ملتقى أورنينا الثقافي ريمون كبرون أن الآراميين كانوا أمة كبيرة تركت بصمتها السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية، والآرامية هي أقدم لغة عرفها التاريخ، ومن هنا انطلق ملتقى أورنينا اليوم ليسلط الضوء على هذه الحضارة وما تركته من إرث إنساني.

لارا أحمد

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

حصاد قرن من السياسة في مصر

توجد لحظات مفصلية في حياة الأمم والشعوب والدول؛ لا تعود الحياة بعدها كما كانت قبلها. من هذه اللحظات الأعوام التي تلت ثورة 1919 في مصر وما تبعها من دستور 1923، فقد ختمت هذه المرحلة تاريخا سياسيا مصريا وعربيا وإسلامية عريقا، وبدأت تاريخا آخر نعيش تداعياته حتى اللحظة الراهنة ويلقي بظلاله على كافة مناحي الحياة؛ مضى عليه حتى الآن مائة عام بالتمام والكمال.

سنعرض مراجعة سريعة لهذا القرن للنظر إليه بعين الحاضر؛ ليس لمحاكمة الماضي واجترار المرارات أو الأمجاد بقدر أخذ العظة والعبرة والنظر للمستقبل بحكم مآلات الأمور ونطاق الخطط والأحلام وما وصلت إليه الأمور فعليا على أرض الواقع.

أبرز ملامح هذا القرن السياسي هي الرغبة الشديدة في القطيعة مع ما قبله باعتباره إرثا باليا على صعيد السلطة (الخلافة والملكية) وعلى صعيد الثقافة (دور الدين وأحكام الشريعة) وعلى صعيد المجتمع (دور الأسرة والزواج). وكانت هناك رغبة شديدة في التبرؤ مما يعد ماضيا والرغبة في القفز نحو الحداثة بشعارات ودوافع مختلفة؛ في أغلبها وطنية صادقة راغبة في الإصلاح وإن لم تُصب الهدف.

كان الحصاد المرحلي لهذه الفترة هو تعثر متوالٍ لهذه الشعارات بشكل لم يقنع أحد بمراجعة المسار من أوله، وليس مجرد مراجعة الخطط أو الأيديولوجيات. بعبارة أخرى، ما كان يمكن أن تحتل إسرائيل فلسطين قبل عام 1919، كان أمرا شبه مستحيل
رفعت هذه المرحلة شعار القوى الصلبة، أي الرغبة في حيازة القوة العسكرية والاقتصاد الوطني القوي، وكانت شعارات براقة في وقت كانت فيه البلاد مرتهنة لاحتلال أجنبي عسكري وسياسي واقتصادي ومكبلة بمعاهدات واتفاقيات إذعان.

وكان الحصاد المرحلي لهذه الفترة هو تعثر متوالٍ لهذه الشعارات بشكل لم يقنع أحد بمراجعة المسار من أوله، وليس مجرد مراجعة الخطط أو الأيديولوجيات. بعبارة أخرى، ما كان يمكن أن تحتل إسرائيل فلسطين قبل عام 1919، كان أمرا شبه مستحيل، ناهيك عن أن تحتل سيناء والجولان السوري بعد ذلك.

الأمر نفسه ينطبق على المنظومة التعليمية التي تمت التضحية بها، ممثلة في هيمنة ومركزية التعليم الديني لصالح التعليم المدني وتقزيم لدور الأزهر في مقابل تعظيم دور المدارس والجامعات المدنية. ورغم هذا وبعد قرن من الزمان وجدنا الأزهر والتعليم الديني التقليدي، بكل ما فيه من مشاكل، متفوقا على منظومة التعليم المدني، بعيدا عن المدارس الخاصة والأجنبية التي لا تمثل نسبة تذكر من تعليم أبناء الشعب المصري.

كان شعار القرن الماضي من السياسة المصرية هو أن السياسة هي قاطرة التحديث وتحمل في عربتها الخلفية كل مشاريع النهوض والتطوير، والحقيقة أن الأمر عكس ذلك تماما، فلم تكن السياسة وحدها سوى مرآة لما عليه حال المجتمع من قوة وثقافة ووعي.

كان شعار القرن الماضي من السياسة المصرية هو أن السياسة هي قاطرة التحديث وتحمل في عربتها الخلفية كل مشاريع النهوض والتطوير، والحقيقة أن الأمر عكس ذلك تماما، فلم تكن السياسة وحدها سوى مرآة لما عليه حال المجتمع من قوة وثقافة ووعي
في كتابه "خرافة التقدم والتخلف" يدحض المفكر المصري الدكتور جلال أمين الفكرة الرئيسية التي سيطرت على كثيرين خلال هذه القرن، وهي أن كل ما هو جديد وحديث هو صالح وكل ما هو قديم هو متخلف، وكأن الحضارة هي سلم كلما صعدنا عليه ارتقينا وتقدمنا، وهذا مجاف للحقيقة. وضرب مثلا بالفكر اليوناني القديم الذي كان ينظر للحضارات وتوالي الأمم على قيادتها كعملية دائرة تمر بها كل الدول والأمم، وليس سلما هناك شعوب في أعلاه وشعوب في أدناه عليها أن تصعد إليه.

إننا بحاجة إلى إعادة تقييم نظرتنا لأنفسنا وللعالم ولدور مشاريع التحديث الوهمية وقدرتها على إصلاح البلاد والعباد، وكيف أن ما تنازلنا عنه جماعيا طواعية خلال قرن كامل لم يحل محله ما يسد فراغه بشكل كامل. فلم يصنع التعليم الحديث طائفة واعية من المثقفين، ولم تمنع الموازنات العسكرية التمدد الاستعماري بأشكاله المختلفة، وعلى رأسه الوضع المزري في فلسطين، ولم تثمر قوانين الأسرة الحديثة سوى مزيد من التفكك الأسري.

x.com/HanyBeshr

مقالات مشابهة

  • الشرطة: الزيارات المتكررة لارض المعركة تسهم في رفع الروح المعنوية لجميع المقاتلين
  • في درعا… فعالية ثقافية مشتركة بين فريقي مئة كاتب وكاتب وأثرنا الثقافي الاجتماعي
  • كلية طب الأسنان عين شمس تنظم ندوة تعريفية عن امتحان مزاولة المهنة
  • السياحة الثقافية… وأهمية مواقع الجذب الثقافي في سورية
  • حصاد قرن من السياسة في مصر
  • وصفتها لجنة نوبل بالتحفة النادرة.. رواية جبل الروح الصينية لغاو شينغجيان
  • فرحة وزفة تملأ الأجواء.. تعميد الأطفال في مولد السيدة العذراء بالمنيا
  • “أركان القوات البرية” تُعزز كفاءة مجنديها من خلال محاضرات تعبوية
  • من حرب غزة إلى حرب الرقائق.. لماذا تُعتبر إسرائيل روح الروح لرئيس إنفيديا؟
  • «جمعة الماجد» ينظم محاضرة عن تطبيقات التعهيد الجماعي