صدى البلد:
2025-06-10@22:37:51 GMT

عبد السلام فاروق يكتب: شيء من فيض الكتمان!

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

سعدت باستضافتي بالندوة التي أقيمت بمركز الحضارات المعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس لمناقشة كتابي: (مصر في عالم مضطرب)..
وبرغم أن الكتاب قد تم نشره في الهيئة المصرية العامة للكتاب منذ نحو عام ونصف، إلا أنه كما يبدو ما زال يحظى باهتمام المثقفين والقراء، وهُم مَن هم؟ إنه جمعٌ من أرقي العقول الأكاديمية البارزة ذات التأثير على جيل قادم من المواهب الشابة.

لهذا كانت سعادتي عظيمة بهذه الندوة وما حفها من تقدير وحفاوة فاقت التوقعات. ولعل أشد ما أعجبني فيها حجم التفاعل بالأسئلة والمداخلات والاستفسارات؛ والتي تنم عن مدي الاهتمام وعمق استدلال قراء ومناقشو الكتاب.

 

نضح الصدور
في اعتقادي أن أهم وأجل ما يمكن أن يحظى به أي كتاب هو التفاعل.. أي النقد والأخذ والرد والسؤال؛ لأنه دليل على أنه حرك راكداً في الآراء والأفكار..
الندوة في ذاتها نوع من التفاعل الراقي، والنقد الفكري نوع آخر، ثم الأسئلة التي تأتي في أعقابها بمثابة مؤشر حساس جداً عن مدي عمق فهم ما تطرحه من أفكار في الكتاب. وكثرة الأسئلة في هذا القسم من الندوة معناه أن هناك شواغل في الصدور والعقول تريد أن تفصح عن مكنون ما بها من ضجيج وزحام أفكار ورؤى..
إنني أحب انتهاز فرصة أي ندوة لأستمع أكثر مما أتكلم؛ لأني أعلم أن الناس، لاسيما المثقفين وأصحاب الفكر الأكاديمي المنضبط، يريدون أن يتكلموا ويعرضوا وجهات نظرهم فيما يجري حولهم من أحداث تستفز الاهتمام لأقصي درجة.


الأحداث في مصر والمنطقة العربية ثم في هذا العالم الواسع الممتد أحداث متقدة متلاحقة لا تترك فرصة للتأمل في مآلات الأمور. والعمل الصحفي يكتفي في صورته الإخبارية بنقل الأنباء من هنا وهناك، لكن ماذا عن التحليل والاستشراف واستشفاف ما بين السطور للخروج باستنتاجات قد يكون لها دور تنبؤي مصيري؟ هذا الدور قد يكون في أوقات سابقة فرض كفاية، أما في ظل ما يخيم على منطقتنا من تهديدات ومخاطر وأحداث ملتهبة يصبح التفكير في مستقبلنا شعوباً وقيادات فرض عين.

 

عصر مضطرب
نعم هو عالم مضطرب يضج بالأحداث والتحولات المحورية..
ومصر دولة مركزية ذات دور عظيم، ثم إنها تتأثر بكل ما يجري حول العالم، لا أقول حولها. فكيف يمكن أن تحقق التوازن في خضم مثل ما يعج به العالم من اضطراب؟ سؤال سيظل يشغل عقول المنظرين والمفكرين في مصر وخارجها لسنوات طويلة قادمة. وإذا كنت طرحت السؤال في كتابي فإنها مجرد بداية لأمر سوف يطول ويمتد. لهذا تراني في مقالاتي أعيد طرح نفس الأفكار أحياناً لا من باب التكرار بل من باب التذكير والتأكيد..


تحدثت في كتابي مثلاً عن الإعلام ودوره العظيم في تشكيل الوعي الجمعي، وهو الأمر الذي نشاهد اليوم آثاره في أحداث كأحداث غزة. وتابع إن شئت ما يجري من تحولات هائلة في الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية لدرجة أن جامعات الولايات المتحدة الأمريكية انتفضت ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم في مشهد لا يتوقعه أكثر المتشائمين من صفوف الكيان المحتل أو المتفائلين من صفوف مناهضي الظلم وكارهي الحرب. الإعلام العالمي والذي برعت المقاومة في استغلاله لصالحها رغم نقص إمكانياتها لعب الدور الرئيسي في هذا التحول الهائل في العقل الجمعي العالمي!
وإذا كان نقص الإمكانيات لا يحول دون التميز الإعلامي، فإن هذا معناه أن النجاح إعلامياً له مقومات أهم بكثير من مجرد الإنفاق المادي والتفوق الشكلي، بل المضمون هو الضامن الأكبر للنجاح. لقد تحدثت كثيراً في هذا الجانب سواء في مقالاتي القديمة أو الحالية، والتكرار هنا للاهتمام والضغط على المعني المراد. 
الكتاب في معظمه ضم عدداً من أهم مقالاتي التي نُشرت على صفحات عدة جرائد ومجلات ومواقع إليكترونية صحفية متخصصة. فآثرت أن أجمعها في إطار واحد يضمها معاً هو اهتمامي بمصر وحبي لها وخوفي على مستقبلها ومستقبل أهلها.. إن الفارق بين المقال الصحفي وبين الكتاب كالفارق بين هطول المطر وبين جريان النهر، الأول يغيب في بطن الأرض والثاني يبقي على السطح لينتفع به الناس الآن وغداً..

 

أفكار ومفكرون
الدكتور سامر قنديل أستاذ التاريخ الحديث يعود إليه الفضل في دعوتي للندوة. وأنتهز الفرصة في هذا المقام لشكره على هذه الدعوة الكريمة. غير أن دعوته تلك هي دليل اهتمام وانشغال بقضايا الوطن على كل مستويات المثقفين بدءاً من قمة الهرم، أي المستوى الأكاديمي، نزولاً إلى سائر مستويات الثقافة والعلم. الجميع مشغول مهموم بقضايا الوطن ويريد أن يكون له دور في حلها بما يستطيع.
وإذا كان الكتاب قد عرض طرفاً من قضايانا اليومية الشاغلة، فإن مثل هذه الندوات تفتح المجال واسعاً لمناقشة أكثر عمقاً واتساعاً. الدليل على هذا ما كنا نقرأ عنه في العصر الذهبي للأدب والفكر أيام طه حسين والعقاد والمازني ومحمد مندور وسلامة موسي من ساحات الصراع الفكري والتلاقح الثقافي بين رموز الفكر والأدب آنذاك. وأغلبهم كانوا من أساتذة الجامعات. التلاقح الذي كان ينتج عنه زخم وتفاعل ونشاط عقلي واسع النطاق امتد أثره حتى وصل إلينا الآن فبات مضرباً للأمثال!
إن أفكار كتابي هي أفكار بسيطة متداوَلة يقولها رجل الشارع البسيط لكن بطريقته وأسلوبه. الفارق بيننا أنني أطرحها وأنشرها وأضعها في متناول التداول الفكري، كأنني حكم لمباراة أضع الكرة بين الأقدام تقاذفها وتتناوب على تقليبها ودحرجتها. الأفكار عندما تتدحرج وتندفع للأمام قد تأتيها الفرصة مرة للتهديف!
لا يهمني كثيراً إن اقتنع أحد بما أطرحه من أفكار، لكن يهمني أن يناقشني ويتفاعل معي فيضيف لأفكاري ووجهة نظري الضيقة نوافذ جديدة أري منها بصيصاً من نور.


أقول إني قد سعدت سعادة جمة بالندوة، وأكثر بهذه الكوكبة المشرقة من المفكرين والمثقفين من أساتذة كلية آداب عين شمس. كيف لا وقد أضافوا لي أفكاراً جديدة بما طرحوه من رؤي وما عرضوه من محاور لمناقشات عميقة تشير بالتأكيد لمدي اهتمامهم بما جاء في الكتاب من قضايا وطنية وثقافية مؤثرة في تشكيل الوعي والوجدان. وقد أعجبتني المداخلة الذكية للدكتورة هدي أباظة رئيس قسم اللغة الفرنسية بالكلية.
 كما أخص بالذكر الدكتورة حنان سالم وكيل كلية الآداب لشئون المجتمع وخدمة البيئة، والمؤرخ الكبير الدكتور محمد عبد الوهاب مدير الندوة. ويتصل الشكر لكل من الدكتور خالد حسين رئيس قسم التاريخ والدكتور محمود عبد الله رئيس مركز الحضارات المعاصرة والدكتور وليد محمد مصطفي والدكتور أحمد فاروق والدكتورة راندا جمعة .

حياة الأفكار
أتمنى لمثل هذا التفاعل الطيب والنشاط المثمر أن يستمر..
الندوات والجلسات والمؤتمرات في حقيقتها فرصة للنقاش والحوار وتبادل الرؤي ووجهات النظر. ولابد أن تكون الأفكار متعارضة ومتباينة ليكون جو المناقشات صحياً مثمراً. هكذا نتغير ونتطور إلى الأفضل عندما نكتشف أن بعض أفكارنا في حاجة إلى إعادة هيكلة وتشكيل.
ولا أفضل من أن يناقش أفكارك علماء ومفكرون وأساتذة جامعات، هؤلاء هم قمة الهرم الثقافي في أي مجتمع، وأفكارهم هي خلاصة ما تنتجه القرائح والعقول، ولابد أن تستفيد كثيراً عندما تناقشهم وتنصت إليهم وتتعلم منهم.
لا ينبغي لأي مجتمع أن يكتم أفكاره في العقول، ولا همومه ومشاغله في الصدور فينطوي عليها ويكابد ألمها وحده، بل إن مشاركتها واستعراضها ومناقشتها مع الحكماء والعقلاء والمفكرين أمر ضروري وحيوي. وما لمسته في ندوة جامعة عين شمس كان شيئاً قليلاً من فيض ما تنطوي عليه الصدور والعقول من رؤي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی هذا

إقرأ أيضاً:

«بنات الخلق».. مي فاروق تعلن موعد طرح أغنيتها الجديدة

مي فاروق.. تستعد الفنانة مي فاروق لطرح أحدث أعمالها الغنائية التي تحمل عنوان «بنات الخلق»، المقرر طرحها عبر موقع الفيديوهات العالمي يوتيوب و مختلف المنصات الغنائية الرقمية.

و روجت الفنانة مي فاروق لأحدث أعمالها عبر حسابها الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام، ونشرت مي، بوستر الأغنية، وعلقت: «بنات الخلق الخميس 6 مساء على جميع المنصات ».

عرض هذا المنشور على Instagram

تمت مشاركة منشور بواسطة Mai Farouk | مي فاروق (@maifarouk)

والجدير بالذكر، أغنية بنات الخلق إحدى أغنيات ألبوم مي فاروق الجديد الذي يحمل إسم تاريخي وهي من كلمات الشاعر الغنائي عبد الرحمن محمد، وألحان مدين، وتوزيع موسيقي يحيى يوسف.

حفل مي فاروق بدار الأوبرا تفاصيل ألبوم تاريخي

ويذكر أن مي فاروق كانت قد أطلقت في مطلع العام الجاري عدد من أغنيات ألبومها الجديد تاريخي، ومنها:

«باركوا» كلمات تامر حسين، ألحان مدين، توزيع أحمد عبد السلام، إخراج باسم دوما

«سلطانة»كلمات عبد الرحمن محمد، ألحان مدين، إخراج محمد العمروسي

«ميزني» كلمات تامر حسين، ألحان تامر عاشور، توزيع أحمد إبراهيم

«كان نفسي أقابلك» كلمات تامر حسين، ألحان محمد النادي، توزيع يحيى يوسف

«اللي شافنا» كلمات تامر حسين، ألحان عزيز الشافعي، توزيع هاني يعقوب

مي فاروق حفل مي فاروق بدار الأوبرا المصرية

وكانت المطربة مي فاروق أحيت يوم 1 يونيو الماضي حفلا غنائيا على خشبة المسرح بدار الأوبرا المصرية، وكان الحفل تحت قيادة المايسترو مصطفى حلمي، وتضمن برنامج الحفل باقة من أشهر أغاني الزمن الجميل التي أبدعها عمالقة الطرب، حيث قدمت مي فاروق روائع مثل: ألف ليلة وليلة، للصبر حدود، فكروني، ومن غير ليه، إلى جانب مجموعة من أغنياتها الخاصة التي حظيت بإعجاب جمهورها.

اقرأ أيضاًموعد وأسعار تذاكر حفل مي فاروق بدار الأوبرا

مي فاروق تستعد لإحياء حفل بدرا الأوبرا المصرية

مي فاروق بعد حفلها في الرياض: «ليلة طرب في أرض المحبة» | صور

مقالات مشابهة

  • محمد فاروق: وسام ابو علي افضل من جراديشار.. وأرشح عمرو ناصر للزمالك
  • «بنات الخلق».. مي فاروق تعلن موعد طرح أغنيتها الجديدة
  • ادعولها يا جماعة..منى فاروق تطلب من متابعيها الدعاء لوالدتها
  • عبد السلام فاروق يكتب: الهيمنة التكنولوجية لمن؟
  • طرح أفكار جديدة لتعديل المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة
  • فاروق جعفر: سعيد بوجود سيف في قناة الزمالك
  • وضع الصوت المتقدم.. تشات جي بي تي يتحدث كالبشر
  • وزارة الإعلام اللبنانية تحذر مواطنيها من التفاعل مع المتحدثين باسم جيش الاحتلال
  • إيران: لن نقبل بمقترح أمريكا وعلى ترامب ترك أفكار نتنياهو الفاشلة
  • بعد التتويج بكأس مصر.. هيثم فاروق: الزمالك شرف لا يستحقه إلا الرجال