تحل في النصف الأول من مايو، وبالتحديد في اليوم الثاني عشر، الذكرى الـ 114 على ميلاد شيخ الأزهر الأسبق وأبو العارفين الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود، حيث حرص كبار علماء الأزهر ومحبيه اليوم الجمعة، على إحياء الذكرى من مسجده بمحافظة الشرقية، وفي السطور التالية، نرصد محطات في مسيرة أبو العارفين.

مولد أبو العارفين 

«أبو العارفين»، أمر عرف به الصوفية الإمام الأكبر عبد الحليم محمود وهو عندهم رائد مدرسة الفكر الإسلامي والتصوف في العصر الحديث، فالتصوف عنده صفاء ملائكي يتطلب سلوك طريق من الإيمان والإخلاص والصفا والبحث عن الدرجات العليا في التقرب إلي الله حيث يقول عنه: نظام الصفوة المختارة، إنه نظام هؤلاء الذين وهبهم الله حسا مرهفا، وذكاء حادا، وفطرة روحانية، وصفاء يكاد يقرب من صفاء الملائكة، وطبيعة تكاد تكون مخلوقة من نور.

ويعني «المتصوف» أنه الملتزم بتعاليم الدين قولا وعملا حيث يقول: الصوفي هو الذي التزم بتعاليم الإسلام سيرة وسلوكا، وقولا وعملا، وهو الذي يستحضر ذكر ربه في كل وقت؛ فإذا وصل المؤمن إلى إسلام حقيقي يجعله مستحضرا ربه في كل وقت؛ فلن يهتم بمعصيته، ولن يأمر بمنكر، ولن ينهى عن معروف.

وهو أيضا عنده ليس بالقارئ في شأن التصوف حيث يشير إلي ذلك من خلال القول فالصوفي لا يكون صوفيا بالقراءة أو الدراسة والبحث، حتى ولو كانت هذه القراءة والدراسة في الكتب الصوفية نفسها، وفي المجال الصوفي خاصَّة، وقد يكون شخص من أعلم الناس بهذه الكتب، درسها دراسة باحث متأمل، وعرف قديمها وحديثها، وميز بين الزائف منها والصحيح، وصنفها زمنا وميزها أمكنة، وهو مع ذلك لا سهم له، في قليل ولا في كثير في المجالات الصوفية.

وقال في موضع آخر: فالتصوف ليس ثمرة لثقافة كسبية؛ إن الوسيلة إليه ليست هي الثقافة، ولكن الوسيلة إليه إنما هي العمل، إن الطريق إليه إنما هو السلوك، والمعرفة الناشئة عن العمل والسلوك هي إلهام، وهي كشف، وهي ملأ أعلى انعكس على البصيرة المجلوة فتذوقه الشخص حالا، وأحس به ذوقا، وأدركه إلهاما وكشفا.

وحول رحلته إلي عالم التصوف، يشير الإمام الأكبر عن نفسه بعد إعداده رسالة الدكتوراه: “بعد تردد بين هذا الموضوع أو ذاك، هداني الله - وله الحمد والمنة - إلى موضوع التصوف الإسلامي، فأعددت رسالة عن (الحارث بن أسد المحاسبي) فوجدت في جو (الحارث بن أسد المحاسبي) الهدوء النفسي، والطمأنينة الروحية، هدوء اليقين، وطمأنينة الثقة، لقد ألقى بنفسه في معترك المشاكل، التي يثيرها المبتدعون والمنحرفون، وأخذ يصارع مناقشا مجادلا، وهاديا مرشدا؛ وانتهيت من دراسة الدكتوراه، وأنا أشعر شعورا واضحا بمنهج المسلم في الحياة، وهو منهج الاتباع”

واضاف: "لقد كفانا الله ورسوله كل ما أهمنا من أمر الدين، وبعد أن قر هذا المنهج في شعوري، واستيقنته نفسي، أخذت أدعو إليه كاتبا ومحاضرا، ومدرسا، ثم أخرجت فيه كتاب "التوحيد الخالص" وما فرحت بظهور كتاب من كتبي، مثل فرحي يوم ظهر هذا الكتاب؛ لأنه خلاصة تجربتي في الحياة الفكرية". 

أحمد كريمة: درست التصوف سنتين كاملتين على يد الإمام عبد الحليم محمود أحمد كريمة يروى تفاصيل طرد الإمام عبد الحليم محمود لأحد طلابه محطات في حياة أبو العارفين عبدالحليم محمود

ولد عبد الحليم محمود في قرية أبو الحمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ= 12من مايو 1910م)، ونشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، وكان أبوه ممن تعلم بالأزهر لكنه لم يكمل دراسته فيه. بعد أن أكمل الصبي حفظ القرآن الكريم التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1351هـ=1932م) ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي في باريس، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في التصوف الإسلامي، عن الحارث المحاسبي في سنة (1359هـ= 1940م). 

وبعد عودته إلى مصر عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، وتدرج في مناصبها العلمية حتى عين عميدا للكلية سنة (1384هـ= 1964م) ثم اختير عضوا في مجمع البحوث الإسلامية، ثم أمينا عاما له، ثم اختير وكيلا للأزهر سنة (1390هـ= 1970م) ثم وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر. 

وللدكتور عبد الحليم محمود أكثر من 60 مؤلفا في التصوف والفلسفة، بعضها بالفرنسية، ومن أشهر كتبه: أوربا والإسلام، والتوحيد الخالص أو الإسلام والعقل، وأسرار العبادات في الإسلام، والتفكير الفلسفي في الإسلام، والقرآن والنبي، والمدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي.

كانت حياة الدكتور عبد الحليم محمود جهادا متصلا وإحساسا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه، فلم يركن إلى اللقب الكبير الذي يحمله، أو إلى جلال المنصب الذي يتقلده، فتحرك في كل مكان يرجو فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأحس الناس فيه بقوة الإيمان وصدق النفس، فكان يقابل مقابلة الملوك والرؤساء، بل أكثر من ذلك؛ حيث كانت الجموع المحتشدة التي هرعت لاستقباله في الهند وباكستان وماليزيا وإيران والمغرب وغيرها تخرج عن حب وطواعية لا عن سوق وحشد وإرهاب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر علماء الازهر الصوفية عبد الحلیم محمود

إقرأ أيضاً:

طنطا تتلألأ بنور مولد السيد البدوي.. عروس الدلتا تحتفي بروح الإيمان والمحبة

في قلب عروس الدلتا مدينة طنطا، تتجدد في هذه الأيام أجواء الإيمان والمحبة مع الاحتفال بمولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، أحد أبرز رموز التصوف في مصر والعالم الإسلامي، الذي يفد إلى مقامه الآلاف من الزائرين من داخل مصر وخارجها .

توجيهات محافظ الغربية 

وأكد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، أن مسجد السيد البدوي يعد من أهم المزارات الدينية والسياحية في مصر، ويمثل قيمة روحية وتاريخية عظيمة وضعت طنطا في موقع متميز على خريطة السياحة الدينية، مشيراً إلى أن المحافظة تعمل بكل أجهزتها على توفير كل سبل الراحة والأمان للزائرين، بما يعكس الوجه الحضاري والإنساني للمحافظة.

دعم الأسر وزوار السيد البدوي 

وأضاف المحافظ أن مولد السيد البدوي  مناسبة تحمل في طياتها معاني الإخلاص والوحدة والمحبة، وتبرز ما تتمتع به طنطا من مكانة خاصة في قلوب المصريين، مؤكداً أن هذا المسجد الطاهر سيظل منارة للعلم والإيمان .

جامعة طنطا توقع بروتوكول تعاون لتقديم الخدمات البريدية والمالية داخلهاالنمر مغلطش.. أنوسة كوتة تكشف تفاصيل جديدة عن حادث سيرك طنطاالقائم بأعمال عميد طب طنطا يلتقي مدير عام الاستراتيجية بالمجلس الصحي المصريتشغيل عدد من الرحلات الإضافيةمن والي مدينة طنطا الجمعة القادمةالسكة الحديد: تشغيل عدد من الرحلات المخصوصة من وإلى مدينة طنطا يوم الجمعة المقبلإصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص على خط طنطا ـ كفر الزيات .. أسماءرئيس جامعة طنطا: برقية شكر وتقدير إلى القيادة المصرية لوقف الحرب على غزةضبط شاب أنهى حياة عمه داخل سيارته بكورنيش طنطاوفد "منتدى الأرز الأفريقي" يزور "طنطا موتورز" للوقوف على أحدث تقنيات الزراعة والحصادجامعة طنطا تحتل المركز الثالث محليا في تصنيف التايمز 2026

طنطا.. عروس الدلتا، مدينة الروح ، حيث يلتقي التاريخ بالإيمان، وتبقى محافظة الغربية دائماً في قلب المشهد، حاضنةً لتراثها وروحها الأصيلة.

طباعة شارك اخبار محافظة الغربية زوار السيد البدوي طنطا عروس محافظات الدلتا السياحة دينية

مقالات مشابهة

  • طنطا تتلألأ بنور مولد السيد البدوي.. عروس الدلتا تحتفي بروح الإيمان والمحبة
  • وفد بريطاني يزور مسقط رأس الإمام أحمد عمر هاشم لتقديم العزاء
  • رفض أبي صلتي له هل أعد من قاطعي رحم الوالدين؟.. الأزهر يجيب
  • أحمد عبد الحليم: قمة السلام إنجاز تاريخي لمصر.. والزمالك قادر على استعادة لقب الدوري
  • المصطلحات العسكرية في معجم المنجد في اللغة أحدث إصدارات الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية
  • أمين البحوث الإسلامية: الأزهر يجسد التكامل بين العلم والدين في خدمة الإنسانية
  • انطلاق احتفالات مولد سيدنا الحسين.. غدا
  • رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (1 من 3)
  • قيادات جامعة الأزهر يفتتحون ندوة "الإسلام حضارة بين التأصيل والمعاصرة واستشراف المستقبل"
  • قيادات جامعة الأزهر يفتتحون ندوة الإسلام حضارة بين التأصيل والمعاصرة بكلية الوافدين