بعد ترقب استمر لأسابيع في الأوساط السياسية بموريتانيا، لموقفه من الانتخابات الرئاسية، أعلن حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان بعد الحزب الحاكم) الدفع برئيسه أمادي ولد سيدي المختار كمرشح للسباق الرئاسي.

وقال الحزب الذي يتولى زعامة المعارضة في موريتانيا، إن قراره ترشيح رئيسه للانتخابات المقررة 29 يونيو القادم جاء "انسجاما مع رأي وخيار قواعده، وتطبيقا لنتائج شوراه".



وقال الحزب في بيان أرسل نسخة منه لمراسل "عربي21" إن قرار الترشح جاء بعد نقاشات وحوارات مطولة مع أحزاب المعارضة "سعيا لتبني مرشح موحد لمواجهة النظام ومرشحه وأجنداته".

وأضاف: "قرار ترشيح رئيس الحزب جاء احتراما لنتائج المشاورات الداخلية التي أجراها، وشملت كل هيئات الحزب من اتحاديات وأقسام، وكانت نتيجتها واضحة وجازمة، واعتبارا لضرورة واستعجال تغيير الواقع المزري الذي تعيشه البلاد على مختلف الصعد، من فساد وغبن وتهميش".

وتابع: "قرار الترشح جاء أيضا استحضارا لتعلق الناخب الموريتاني بالتغيير، ورهانه عليه، وتبنيه للخطاب المعارض عموما أخذا بثقة الناخب في الحزب وفي مرشحيه في مختلف الاستحقاقات التي تصدر فيها الحزب الفعل السياسي المعارض منذ عقد من الزمن، وخصوصا الانتخابات الأخيرة التي حافظ فيها على زعامة المعارضة للمرة الثالثة وبفارق معتبر، رغم ما شابها من تزوير واختلالات أعادت البلاد عقودا إلى الوراء".

وكان الحزب قد دعم مرشحا من خارج صفوفه في الانتخابات التي تلتها في عام 2019.


تماسك داخلي
ويرى المحلل السياسي سيد أحمد ولد باب، أن قرار الحزب الدفع برئيسه لخوض رئيسيات حزيران/ يونيو "عكس حجم التماسك الداخلي في الحزب، بعد أن تحدث كثيرون عن خلافات بين قادته".

وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن قرار الحزب الترشح "يجعل البلد فعلا على أعتاب انتخابات ديمقراطية تنافسية لأول مرة دون ضغط أو توجيه من السلطة أو ارتباك من المعارضة".

الغزواني أبرز المرشحين
وقد أعلن الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني ترشحه للانتخابات في رسالة من تسع صفحات وجهها للشعب مساء الأربعاء الماضي، تعهد فيها بمواجهة مسلكيات وممارسات الفساد والرشوة والتعدي على المال كافة.

ويرى عدد من المتابعين، أن المؤشرات توحي إلى أن الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني سيتجاوز من الشوط الأول في الانتخابات.

وبالإضافة إلى دعمه من حزب "الإنصاف" الحاكم، فإن ولد الغزواني مدعوم من عدة أحزاب أخرى، من بينها حزب "الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم" ثالث أكبر حزب ممثل في البرلمان، وحزب "الاتحاد والتغيير الموريتاني".

ووصل ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة بعد حصوله على 52.01 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي نظمت في حزيران/يونيو 2019.


خريطة سياسية جديدة
ويرى المحلل السياسي أحمد ولد محمد فال، أن قرار حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" الدفع برئيسه للانتخابات، سيكون له تأثير في تغيير الخريطة السياسية قبل الرئاسيات.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "بات الآن من الواضح من هم المنافسون للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني في الانتخابات القادمة".

ولفت إلى أن المتابعين كانوا ينظرون إلى الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد على أنه أبرز منافس للغزواني، لكن بعد قرار حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" بات من الواضح أن المرشح الرئيسي المنافس لمرشح السلطة، هو رئيس الحزب امادي ولد سيدي المختار.

وأشار إلى أن حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" يعتبر هو ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان بعد الحزب الحاكم، وله انتشار في جميع أنحاء البلاد.

وتابع: "الانتقادات الموجهة للنظام الحالي بخصوص عدم تمكنه من خفض معدلات البطالة والارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية وضعف الرواتب، سيستغلها الحزب لكسب ود الناخبين".

وأوضح أن البلد الآن بات أمام خريطة سياسية جديدة، يتصدر فيها الرئيس الحالي المرشحين للرئاسة، ثم يأتي المرتبة الثانية المرشح مادي ولد سيدي المختار، وثالثا النائب البرلماني والناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد المدعوم من حزب "الصواب" وهو رابع حزب ممثل البرلمان.

تحول في الساحة السياسية
من جهته اعتبر المحلل السياسي أحمد سالم ولد يب خوي، أن دفع حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" برئيسه للانتخابات الرئاسية يعد تحولا جديدا داخل الحزب نفسه، وكذا داخل الساحة الوطنية.

وأوضح ولد يب خوي، في تصريح لـ"عربي21" أن تصدر الحزب المشهد المعارض والسيطرة على زعامة المعارضة في البلاد، عشر سنوات "مؤشر على جديته في النزول للانتخابات الرئاسية بكامل طاقته".

وأضاف: "هنا رغبة لدى الحزب في إثبات نفسه كرقم صعب في الساحة السياسية الوطنية، لكنني رغم كل هذا أعتقد أن ترشيحه قد لا يغير الكثير داخل التوازنات التقليدية المتعارف عليها، رغم قابلية تحقيق المفاجأة نتيجة للتحديات الداخلية التي تواجه النظام، وعدم استيعاب غالبيته لذلك".

وتابع: "الحزب سيعمل على حصد المركز الثاني،  بعد أن كان المرشح الرئاسي بيرام الداه اعبيد الذي حصد هذه الرتبة لمرتين متتاليتين، وهي ذات الرتبة التي سيطر عليها التجمع الوطني للإصلاح والتنمية في الانتخابات النيابية والمحلية منذ عشر سنوات".


"انتقاء المرشحين"
في غضون اتهم معارضون موريتانيون، الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني بالسعي لانتقاء مرشحين على مقاسه لمنافسته في الانتخابات القادمة، وذلك بسلب المستشارين المحليين حقوقهم الدستورية والقانونية في تزكية المرشحين بالترهيب والترغيب".

جاء ذلك في بيان مشترك وقعه تسعة معارضين هم: أحمد ولد صمب ولد عبد الله، وأحمد ولد هارون، وأوتومان سومارى، وبا مامادو بوكار، وبيرام الداه عبيدي، وصدافه الشيخ الحسين، إلى جانب محمد ولد عبد العزيز، وموسى بوكار محمد، ونور الدين محمد.

وأعلن الموقعون على البيان ترشحهم للانتخابات الرئاسية، لكن قبول المجلس الدستوري لملفات ترشحهم يتطلب الحصول على تزكية من 100 مستشار محلي و5 عمد.

وأعرب الموقعون على البيان الذي وصلت نسخة منه لـ"عربي21" عن رفضهم الجماعي "لهذا التصرف وتشبثهم بمبدأ التنافس الديمقراطي الشريف المفتوح أمام جميع المرشحين من دون استثناء، لفسح المجال أمام الشعب للتعبير بكل حرية عن خياره".

كما طالبوا بضرورة وضع تدابير صارمة لحماية الانتخابات من كل أشكال التزوير، وإشراك مراقبين محليين ودوليين مستقلين في تلك التدابير .
      
وحددت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا 29 حزيران/ يونيو القادم، موعدا للانتخابات الرئاسية، وفي حالة شوط ثان يوم السبت 13 تموز/ يوليو 2024.

كما حددت اللجنة المستقلة للانتخابات يوم الجمعة 14 يونيو المقبل، موعد انطلاق الحملة الدعائية، على أن تُختتم يوم الخميس عند منتصف ليل 27 من الشهر نفسه.

وفي بيانات سابقة، أبدت أحزاب معارضة خشيتها من عدم قدرة "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات" في تشكيلتها الحالية على تنظيم انتخابات شفافة.

وأثارت الانتخابات النيابية والمحلية التي جرت في 13آيار/  مايو الماضي جدلا واسعا بموريتانيا، إثر حديث أحزاب سياسية من المعارضة والموالاة عن "تزوير" واسع، ومطالبتها بإلغاء نتائجها وإعادتها".

وأسفرت تلك الانتخابات عن فوز كاسح لحزب "الإنصاف" الحاكم الذي حصد 107 مقاعد من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ 176، فيما تقاسمت أحزاب المعارضة وأحزاب أخرى موالية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بقية المقاعد بنسب متفاوتة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية موريتانيا موريتانيا انتخابات الرئاسة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة للانتخابات الرئاسیة الرئیس الحالی فی الانتخابات أحمد ولد حزب ممثل

إقرأ أيضاً:

القومي لحقوق الإنسان يشيد بدور "الوطنية للانتخابات" في كشف محالفات الدوائر الملغاة

أكد المستشار عصام شيحة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الهيئة الوطنية للانتخابات باتت تنتهج نهجًا أكثر وضوحًا وصراحة في التعامل مع العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أنه في المراحل الأولى من عمل الهيئة لم تكن تشير من قريب أو بعيد إلى المخالفات التي تشهدها بعض الدوائر، على عكس ما يحدث الآن من مكاشفة ومصارحة حول ما يجري في الميدان.

بحوزته بطاقات أقاربه.. الداخلية تضبط شخصين ظهرا في فيديو الانتخابات بالهرم زيلينسكي: ناقشت مع البرلمان الأوكراني سبل إجراء الانتخابات تشجيع المواطنين على الإبلاغ وتقديم الشكاوى

وأوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال حوارببرنامج "الحياة اليوم" المذاع عبر قناة الحياة، أن الهيئة الوطنية للانتخابات تقوم بدورها المنصوص عليه في القانون، وتسعى بشكل حثيث إلى تعزيز الوعي بأهمية المشاركة في الانتخابات، مؤكدًا أنها باتت تحرص في كل بياناتها على الإشارة إلى الرقم الساخن لتشجيع المواطنين على الإبلاغ وتقديم الشكاوى.

وكشف عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن عددًا كبيرًا من الدوائر التي شهدت التصويت اليوم كانت قد شهدت أيضًا حالات شراء أصوات الناخبين في الانتخابات الماضية، موضحًا أن شكاوى رسمية تم تقديمها بشأن هذه التجاوزات، ما يعكس ضرورة استمرار الرقابة المجتمعية والالتزام بالقانون لضمان عملية انتخابية نزيهة وشفافة.

مقالات مشابهة

  • علي ناصر محمد يكشف أسرار "القصر المشؤوم" والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • كيف حافظ قانون مباشرة الحقوق السياسية علي نزاهة الانتخابات.. تفاصيل
  • رام الله: اجتماع لبحث الجاهزية اللوجستية والتنظيمية للانتخابات المحلية
  • غليان داخل بيت الأمة من ترشح يمامة لرئاسة الوفد.. ومصادر لـصدى البلد: سينسحب من الانتخابات في هذه الحالة
  • حديث عن الاتجاه لارجاء الانتخابات النيابية.. ولا فيتو سعوديا على ترشح بهية الحريري
  • القومي لحقوق الإنسان يشيد بدور "الوطنية للانتخابات" في كشف محالفات الدوائر الملغاة
  • رئيس الوزراء يضع خطا فاصلا: حرية النقد مصانة.. لكن الشائعات والأخبار الكاذبة تسيء للبلد
  • غرفة عمليات الحزب المصري الديمقراطي تتابع سير عملية تصويت المصريين بانتخابات مجلس النواب
  • رئيسة هندوراس تتهم ترامب بالتدخل وتزوير الانتخابات
  • فضل التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات.. داوم عليه وترى تغييرا فى حياتك