الخامس: سرديات الجيوبوليتيكيا: من أنفاق غزة للجامعات ضد حروب الإمبراطورية
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
د. عمرو محمد عباس محجوب
افتتحت أريانا هافنجتون المعلقة السياسية ومؤسسة الموقع الالكتروني "ذي هافينغتون بوست" قسما بعنوان "هل أميركا في طريقها الى أن تصير دولة من العالم الثالث؟ ". وللإجابة على هذا السؤال المعقد ومتابعة ودراسة وتحليل المصاعب والتحديات التي تتعرض لها الطبقة الوسطى في أميركا وإيجاد لروابط بينها وبين انحسار مكانة الولايات المتحدة الاقتصادية والعلمية والتقنية في العالم، وما الذي يعنيه ذلك لقدرة واشنطن على الإبحار في عالم تزداد فيه التحديات "للقيادة الأميركية" في مختلف هذه المجالات.
عندما اعتصم طلاب جامعة كولومبيا، يوم ١٨ أبريل ٢٠٢٤، ذات التاريخ الطويل من الأنشطة الطلابية القوية منذ مظاهرات عام 1968 ضد حرب فيتنام وفي ذلك التاريخ دعا رئيس الجامعة آنذاك، بالسماح لشرطة نيويورك باقتحام الحرم الجامعي. وفي عام ١٩٨٥ دعا طلاب كولومبيا لمقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. واصبحت فعلاً جامعة كولومبيا أول جامعة أمريكية تقاطع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
عندما استدعت رئيسة الجامعة يوم ١٨ أبريل ٢٠٢٤ الشرطة لفض الاعتصام، ودخلت الشرطة واستعملت عنفها المفرط المعهود واعتقلت الطلاب، انتشرت الاحتجاجات، والتي تشارك فيها منظمات يهودية، ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، وادانة نظام الفصل العنصري والإبادة بالسلاح الأمريكي في مدن وعواصم الولايات المتحدة وفي شتى أنحاء الجامعات الأمريكية، اخيراً طفا على سطح الاحتجاجات وظهر مطلب وحيد للطلاب: سحب الاستثمارات من إسرائيل. وكما فعلت ادارة الجامعة دائماً فقد استدعت الشرطة للتدخل. هذا مجرد قمة الثلج من المصالح الضخمة الدولية الإمبراطورية التي تربط كل ممثلي البراديم الامبراطوري حول العالم، ويهددها بشكل حقيقي. هذا ليس نشاط سياسي او أكاديمي او مجرد تحركات عملياتية، لكنها تغيرات مفاهيمية عميقة غيرت طلاب ارقى معاقل المعرفة والفكر والعلم.
عبر الإعلام الرسمي للإمبراطورية واجهزة العنف المفرط اثناء الحرب الباردة رفعت تهم العمالة حتى سقوط السوفيت، بعدها تم رفع رايات الارهاب ضد افكار الحرية والإنصاف، ثم عندما بدات الإمبراطورية في الاهتزاز والارتباك بعد حرب الإبادة الصهيونية، رفعت تهم معاداة السامية ضد الاحتجاجات. لقد وصل هستيريا الخوف من الاحتجاجات إلى تدخل الموساد الإسرائيلي في الأراضي الأمريكية في تهديد الطلاب وخطابات متهافتة وسخيفة وتهديدية من نانسي بيلوسي رئيسة الكونقرس الديمقراطية السابقة، مايك جونسون رئيس الكونقرس الجمهوري الحالي، وكاملا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي وكافة قادة الإمبراطورية الأمريكية.
على وقع اقتحام الشرطة لجامعة كولومبيا، بدأت الجامعات في التضامن، والملاحظ انتشارها اولاً في جامعات النخبة التي ترفد الدول بقادتها المستقبليين مثل هارفارد وييل وبركلي ومعهد التكنلوجيا وبعدها انتشرت في كثير من الجامعات الامريكية ، وحتى المدارس الثانوية، ثم انتقلت لمعهد الدراسات السياسية والسوربون وغيرها في فرنسا والكلية الجامعية بلندن وجامعة سيدني بأستراليا والجامعات الاوربية الأخرى واليابان ونيوزيلندا والحبل على الجرار والتي سوف تنتشر في الكوكب كله.
بدات الإدارات في البداية تجاهل الاحتجاجات ولكن مع تصاعدها غيرت الاستراتيجيات إلى شيطنة هذه الاحتجاجات بمعاداة السامية وغيرها وعند فشلها انتقلت للعنف المفرط في الاعتقالات والتهديدات بالطرد وقطع أرزاق هيئة التدريس وتفريق الاعتصامات بالقوة وغيرها وبعدها انتقلت للتصلب في المفاوضات تحت ستار هائل من الإعلام المضلل، ودبلوماسية التشتيت والتحريض. حدث هذا في حرب فيتنام مع امبراطورية قوية وتعتيم إعلامي كامل ومع مقاطعة الأبارتايد في جنوب أفريقيا وسوف تنتصر مع امبراطورية اصابها الخرف والأزمات المتلاحقة والإضطراب والمقاومة والضربات من الشعوب المضطهدة والشعب الأمريكي.
الجيل الجديد من الطلاب (ما يسمى جيل زد) وعبر اعلامهم الموازي وسقوط حاجز الخوف من اجهزة العنف المفرط، أسقطت الاحتجاجات سردية الكيان الصهيوني وسرديات الإمبراطورية (الإمبريالية) والغرب المتهافتة وتصهين اطراف اخرى. تراوحت الاحتجاجات من مواقف حول الإبادة وإيقاف الحرب وجرائم الاحتلال إلى الدفاع عن حرية التعبير للشعوب الأمريكية والغربية. من الصعب رسم صورة محددة لما سوف يتمخض عنه هذه الاحتجاجات، لكنها خطوات في طريق طويل من استعادة الديمقراطية والعدالة للشعوب.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال: سندمر أنفاق حماس بغزة بعد استعادة الرهائن مباشرةً
قال وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائل كاتس، إنه أصدر أوامره للجيش بالاستعداد لتنفيذ مهمة نزع سلاح حركة "حماس" وتحييدها، وتدمير الأنفاق بقطاع غزة بعد استعادة المختطفين الإسرائيليين.
قال وزير الدفاع الإسرائيلي "إن التحدي الأكبر لنا بعد إعادة المختطفين سيكون تدمير جميع أنفاق حماس في غزة بشكل مباشر"، مشيرا إلى أن تدمير تلك الأنفاق "هو معنى تنفيذ المبدأ المتفق عليه بشأن نزع سلاحها وتجريدها من قدراتها".
واعتبر الوزير في منشور له على منصة "إكس" أن تنفيذ تلك الأهداف سيكون من خلال "الآلية الدولية التي ستُنشأ بقيادة وإشراف الولايات المتحدة".
هتافات ضد نتنياهو خلال كلمة المبعوث الأمريكي في تل أبيب
شهد ميدان الأسرى الإسرائيليين وسط تل أبيب، اليوم السبت، هتافات غاضبة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أثناء إلقاء المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كلمة أمام الحشود، وفقًا لتقارير إخبارية.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن المشهد أثار استياء نتنياهو، إذ ترددت هتافات استهجان من المستوطنين فور ذكر المبعوث الأمريكي اسمه خلال كلمته.
وقال ويتكوف في خطابه: "نحتفل الليلة بلحظة ظنها كثيرون مستحيلة.. نحتفل بسلام ولد من رحم الشجاعة، وليس من رحم السياسة، الرئيس ترامب أثبت أن السلام في الشرق الأوسط ليس مستحيلًا"، مضيفًا شكره لقادة مصر وتركيا وقطر على جهودهم في الوصول إلى هذه المرحلة من اتفاق السلام.
مظاهرات حاشدة في لندن ومدن أوروبية للمطالبة بمحاسبة إسرائيل
تظاهر الآلاف في العاصمة البريطانية لندن دعمًا لفلسطين، مطالبين بـوقف التعاون مع إسرائيل ومحاسبة قادتها، وفقًا لتقارير إخبارية.
وشهدت عدة مدن أوروبية أخرى مظاهرات مماثلة، عبّر المشاركون فيها عن تأييدهم لاتفاق وقف الحرب ودعوتهم إلى تسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدين على ضرورة إنهاء معاناة المدنيين وإحلال السلام العادل.
من جهة أخرى، كشف عاهد فائق بسيسو، وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، عن الحجم الكارثي للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في قطاع غزة جراء الحرب، مؤكدًا أن الحكومة تجري حصرًا شاملًا للخسائر بالتعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية العاملة على الأرض.
وأوضح بسيسو، خلال مداخلة مع الإعلامية أمل الحناوي في برنامج «عن قرب» على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن عملية الحصر تشمل جميع القطاعات الحيوية، من الإسكان والطرق والمباني العامة إلى الاقتصاد وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
وأشار الوزير الفلسطيني إلى أن تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي قبل ثلاثة أشهر كانت تشير إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 53 مليار دولار، إلا أن التقديرات الجديدة ارتفعت إلى أكثر من 70 مليار دولار نتيجة الدمار الإضافي الذي خلّفه العدوان الأخير.
وأكد بسيسو أن قطاع الإسكان تكبّد خسائر غير مسبوقة، إذ دُمرت نحو 300 ألف وحدة سكنية بالكامل من أصل 500 ألف وحدة، فيما تعرّضت 100 ألف وحدة أخرى لأضرار جزئية، واصفًا المشهد بأنه غير مسبوق في تاريخ القطاع.
ومن جهة أخرى، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن الوكالة بحاجة إلى ممرات إنسانية إضافية لزيادة عدد شاحنات المساعدات الواصلة إلى قطاع غزة، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية هناك.
وأضافت الأونروا أنها تمثل الجهة الأممية الوحيدة التي ما زالت تعمل بفعالية داخل القطاع، مشددًا على ضرورة تمكينها من أداء دورها الإنساني والإغاثي الكامل تجاه الفلسطينيين.