وثيقة الملكية العامة والقطاع الخاص فى مصر
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
بهدوء شديد وبموضوعية آن لنا الآن أن نتساءل عن نتائج وثيقة الملكية العامة للدولة، خاصة أن أكثر من عام والنصف قد مر على طرحها.
ففى نهايات عام 2022 ، وبعد حوارات موسعة ومتنوعة للحكومة مع مستثمرين وخبراء إقتصاد وأسواق، تم طرح وثيقة جديدة فى مصر عرفت باسم وثيقة الملكية العامة، تضمنت فرص الاستثمار المتاحة أمام القطاع الخاص بعد تخارج الجهات الحكومية والعامة من كثير من مجالات الاستثمار التى كانت تعمل فيها.
ووقتها كتبت كثير من الصحف، نقلًا عن وزراء ومسئولين وخبراء ما يعنى أن الوثيقة تُمهد الطريق أمام استثمارات عملاقة أجنبية ومحلية فى كافة المجالات. لكن لم ينفتح الباب ولم تتدفق الاستثمارات ولم يرجع القطاع الخاص لقيادة قطار التنمية فى مصر.
وعلى الرغم من توقيع الحكومة المصرية فى شهر مارس الماضى للصفقة الاستثنائية الكبرى فى رأس الحكمة مع الجانب الإماراتي، ورغم النتائج الإيجابية العظيمة التى حققتها على مستوى المؤشرات العامة للاقتصاد، فإن القطاع الخاص، المصرى والأجنبي، ما زال بعيدًا عن الاستثمار فى مختلف المجالات التى استهدفتها وثيقة الملكية العامة.
وكان من الملاحظ أن إطلاق الوثيقة فى 2022 فى حد ذاته، لم يشجع القطاع الخاص للعودة للاستحواذ على الجانب الأكبر فى المشروعات الاقتصادية خاصة فى قطاع الصناعة، نتيجة ضعف الثقة والتشكك فى جدية الحكومة فى التعامل مع المعوقات التقليدية المتراكمة للاستثمار.
لقد أعلنت وقتها الحكومة عن الوثيقة باعتبارها خطاب نوايا، لكنها لم تتبعها بإجراءات عملية تقضى على البيروقراطية الراسخة فى مختلف المؤسسات. وحسبنا هنا أن نستعيد ما ذكرته مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى فى دراسة تشخيصية لها عن القطاع الخاص فى مصر سنة 2020 من "أن وجود شركات مملوكة للدولة فى جميع القطاعات الاستثمارية يغذى تصورات سلبية لدى القطاع الخاص بصعوبة المنافسة، فضلًا عن أن كثرة القوانين الحاكمة وأُطر الملكية التى تعمل بموجبها تلك الشركات تجعل من التعرف عليها أمرًا صعبًا ومعقدًا".
من هنا، فإننى أرى أن طرح وتطبيق وثيقة ملكية الدولة فى حد ذاته ليس كافيًا لاستعادة القطاع الخاص للعمل بقوة فى الأسواق، ومن الضروى الدخول بعمق إلى بيئة الاستثمار والنظر إلى مشكلاته، وتحليل المعوقات ودراستها والعمل على إزالتها بحسم وسرعة.
إن صاحب رأس المال ما زال مترددًا فى الدخول إلى مجالات لا يجد فيها قصص نجاح للقطاع الخاص نتيجة هيمنة الكيانات العامة لعدة سنوات عليها، كما أنه يُريد ضمانات بعدالة المنافسة مع أى كيانات قائمة حتى لو كانت حكومية.
ولا شك أننا فى حاجة ماسة لممارسة إصلاحات هيكلية فى بنية الاستثمار، تتجاوز حدود الإصلاحات التشريعية أو تقليل الأوراق اللازمة لبدء مشروع ما، فالقضية الآن تخص الثقة وهى لن تتحقق سوى بصناعة قصص نجاح مماثلة فى قطاع الاستثمار، عربية كانت أو محلية.
فنحن فى حاجة للبناء على ما تحقق فى رأس الحكمة، حتى يتحول المشروع إلى اسم على مُسمى، بما يمثل فاتحة خير لعودة المياة إلى مجراها الطبيعي، باستعادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصري.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القطاع الخاص مصر القطاع الخاص فى مصر
إقرأ أيضاً:
البرلمان المصري يقر قانونا لتنظيم ملكية الدولة للشركات لدعم الموازنة.. تعرّف عليه
أقر البرلمان المصري، الثلاثاء، قانون "تنظيم ملكية الدولة للشركات"، لتحقيق وفورات مالية تمكّن من دعم الموازنة العامة، ولحصر الشركات المملوكة أو التي تساهم فيها الدولة وإعداد قاعدة بيانات لها، وتحديد آليات التخارج الأنسب، ويتضمن: إنشاء وحدة مركزية بمجلس الوزراء، يديرها رئيس تنفيذي متفرغ.
ويتضمن قانون تنظيم ملكية الدولة للشركات، 14 مادة، تحدّد الشركات المخاطبة بالقانون وهي: المملوكة لوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ووحدات الإدارة المحلية، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وكذلك الشركات المملوكة لتلك الشركات، عدا الشركات المنشأة تنفيذا لاتفاقيات دولية، وشركات التأمين المملوكة للدولة، أو التي تباشر أغراضا ذات بعد قومي.
وفي السياق نفسه، ألزم القانون، الرئيس التنفيذي للوحدة والعاملين بها، بالحفاظ على سرية البيانات والمعلومات والوثائق والمستندات التي يتصل عملهم بها، كما يلتزمون بالإفصاح لرئيس الوزراء عن أية مصلحة مباشرة أو غير مباشرة تتعارض مع مقتضيات وظائفهم أو المهام المكلفين بها، فيما يحظر عليهم في الوقت نفسه عضوية أي من مجالس إدارة الشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها، وحدّد القانون مهام الوحدة بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وفق توقيتات ومستهدفات محددة، وتشجيع المشاركة مع القطاع الخاص.
تجدر الإشارة إلى أن القانون نفسه، قد أتى استكمالا للوثيقة التي صدرت خلال عام 2022، والتي تستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وحوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وكذا تركيز تدخلها لضخ الاستثمارات في القطاعات والأنشطة التي يعزف القطاع الخاص عن الدخول فيها، والتخارج من الأنشطة والصناعات المستهدفة، بحسب رغبة واستجابة القطاع الخاص واستعداده للتواجد بها.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فخري الفقي، إنّ: "قانون تنظيم ملكية الدولة للشركات، يستهدف تنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة، المتمثلة في تخارجها من بعض الأنشطة الاقتصادية لصالح القطاع الخاص من خلال بيع حصص أو كل المساهمات في الشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها".
وأضاف الفقي: "هناك خططا للتخارج من 50 شركة خلال الفترة المقبلة، وذلك لإفساح المجال للقطاع الخاص لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي".
وعدد الفقي، في تصريحات إعلامية، متفرٍّقة، مزايا القانون الجديد في تنظيم تخارج الدولة من الشركات المملوكة لها أو التي يساهم فيها، حسب إقبال القطاع الخاص عليها، وتحديد أنسب آلية للتخارج، وزيادة عوائد الدولة من هذه الأصول بما يسهم في زيادة موارد الموازنة العامة، وتطبيق قواعد حوكمة شفافية ومرنة تسهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد.
إلى ذلك، أشار رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى: "زيادة عدد الهيئات الاقتصادية من 53 إلى 63 هيئة، وذلك خلال آخر 4 سنوات بعضها يحقق خسائر مالية، وكذلك لا تحقق الأهداف المرجوة منها".
وأشار الفقي، كذلك، إلى: "انعكاس القانون على تنشيط برنامج الطروحات الحكومية، عبر إنشاء قاعدة بيانات بالشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها، وتحديد الأنسب للطرح وفق رغبة القطاع الخاص والآلية المرجوة وكذلك التوقيت المناسب، على أن يستهدف من هذا التخارج تحقيق أعلى عائد للموازنة العامة".
وخلال السنة المالية 2025/2026، تستهدف الحكومة المصرية، طرح حصص في 11 شركة من الشركات المملوكة للدولة، وذلك ضمن برنامج الطروحات الحكومية، لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتنشيط الاقتصاد الوطني.
وبحسب تقرير رسمي لمجلس الوزراء المصري، فإنّ عدد الشركات المملوكة للدولة حتى 30 أيلول/ سبتمبر 2024، قد بلغت 709 شركات، منها 163 شركة تتجاوز نسبة مساهمة الدولة فيها 75 في المئة، وحققت 373 شركة مملوكة للدولة أرباحا، فيما حققت 138 شركة خسائر، بينما لم تستكمل 198 شركة قوائمها المالية، وتتركز الشركات المملوكة للدولة في 18 نشاطا رئيسيا تأتي في المقدمة الصناعات التحويلية بواقع 200 شركة.