لفت رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل  الى "أن على لبنان كله أن يتضامن مع غزة  سواء على المستوى السياسي أو الإنساني"، قائلاً: "نحن مع الدفاع عن لبنان وليس مع تحرير فلسطين على أيدي اللبنانيين ولذلك، تقع على عاتق الفلسطينيين مسؤولية تحرير أرضهم، وأن يكون لهم وطنهم وعاصمته القدس الشرقية لكن ليس من مسؤولية اللبنانيين وحدهم تحمل وحدها هذا العبء الذي يجب أن يتحمله كل العرب".



وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "Le Point" الفرنسية، وردا على سؤال حول وجود خشية أن يجر "حزب الله" إسرائيل إلى صراع أكبر بكثير، قال باسيل: "هناك خوف طبعا، ولكن حتى الآن، أظهر "حزب الله" بعض الحكمة وضبط النفس في عدم جر البلاد إلى الحرب، وهو يرى أن هذه هي الطريقة التي يدعم بها سكان غزة، لأن إسرائيل تجد نفسها الآن أمام عدة جبهات في اليمن والعراق ولبنان. وبالتالي، فهو يعتبر أنه مع فرض معادلة توازن القوى هذه لا تستطيع إسرائيل القيام بمهاجمة لبنان".

وعاد باسيل وأكد ردا على "إذا كان فعلا يصدق ذلك، بالقول: إنه "مؤمن بذلك". وقال :"مع رجل مجنون كرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإنك لا تعرف أبداً. لأنه ينقذ حياته السياسية الشخصية ومصير إسرائيل، وهو يرى، في مكان ما، أنه إذا خسرت بلاده هذه الحرب، فهو سيفشل".

كما علق باسيل على نزوح مائة ألف شخص من شمال إسرائيل بسبب  الحرب، الى أن "ليس لديه مشكلة في مغادرة الإسرائيليين منازلهم لأن اللبنانيين اضطروا إلى القيام بذلك مرات عديدة من قبل ورأوا منازلهم مدمرة. لذلك، ليس هذا الأمر أولوية اللبنانيين عندما يكون لدينا ما بين 400 ألف إلى 500 ألف فلسطيني تركوا منازلهم منذ 75 عاماً"، مؤكدا أن "ما يهمنا هو مصلحة لبنان وهذا يقتضي أن نمتلك قوة داخلية تمنع إسرائيل من الإعتداء علينا في شكل مستمر".

واعتبر باسيل أن "ربط وقف إطلاق النار في لبنان بالوضع في غزة أمر يعرضنا للخطر، لكن ذلك لا يعني أننا لا نريد إظهار التضامن مع فلسطين، على الإطلاق"، مضيفا: "لكن نظراً لوضعنا الداخلي، ليس لدينا القدرة على خوض الحرب إذا قمنا بأعمال عدائية بأنفسنا"، لافتا الى أنه "لو بدأ حزب الله الحرب فلن نرى كل اللبنانيين يتضامنون معه، خاصة مع كل الناس الذين سيضطرون إلى مغادرة منازلهم في الجنوب”. 

ومن ناحية أخرى، إذا شنت إسرائيل الحرب أولا، فسنضطر للدفاع عن أنفسنا"، مؤكداً في الوقت نفسه أننا "مستعدون للقيام بذلك وأنا متأكد من أننا سننتصر في مثل هذا الصراع".

ورأى باسيل أن "من حق حزب الله أن يخشى التعرض لهجوم من جانب إسرائيل بمجرد أن تنهي من حربها مع الفلسطينيين"، لافتا الى أنه "لو حدث ذلك، فسنكون في حالة دفاع عن النفس، وسينجو لبنان، لأنه يتمتع بقدرة على الصمود لا تضاهى أي دولة أخرى". 

وأوضح: "لكن الضرر سيكون كبيراً للغاية، خاصة وأننا نواجه بالفعل أزمة اقتصادية حادة للغاية"، معتبراً أن "الخوف هو أن يتخذ حزب الله وحده قرار مهاجمة إسرائيل، الأمر الذي سيشكل مشكلة كبيرة، لأن المجتمع الدولي والدول العربية سيتهموننا بعد ذلك بالمسؤولية عن كل الأضرار، وسيرفضون مساعدتنا. وأشك في أن "حزب الله" سيتخذ مثل هذا القرار".

واضاف: "إذا كنا نتحدث عن حل عالمي يتضمن الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل، وعودة اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، وعودة النازحين السوريين إلى سوريا، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، والمبادرة العربية لعام 2002 المعتمد في بيروت، مع توفير كافة الضمانات اللازمة حتى يكون لبلدنا الحق في الاستثمار في موارده النفطية والغازية والحصول على ضمانات بشأن أمنه، عندها يمكن ان نتحدث عن  أكثر بكثير من مجرد إزالة بضعة كيلومترات. وأوضح: "لأنه بمجرد أن تقبل إسرائيل منطق القانون والعدالة هذا، فإن الأمور ستتغير حكماً"، مشددا على أنه "ومن ناحية أخرى، فإن أيَّ حل جزئي مثل وقف إطلاق النار والعودة إلى ما قبل "7 أكتوبر" لا يمكن أنْ يرتكز إلا على قرار الأمم المتحدة رقم 1701 اذ ليس هناك خيار اخر"، مؤكدا أنه "وحتى لو كان هناك انسحاب من جانب حزب الله، فسيكون انسحاباً شكلياً بحتاً، لأن مقاتليه هم من سكان قرى جنوب لبنان والقول إن المقاومة ستسحب صواريخها فوق نهر الليطاني لن يغيّر شيئاً، لأن السلاح  قادر على ضرب أي نقطة على الأراضي الإسرائيلية، وبالتالي فإن الحلول الجزئية يمكن أن تحقق قدراً من الهدوء كما حدث بعد حرب عام 2006، لكنها لن تجلب السلام والازدهار أبداً".

وعن التحالف السياسي بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، شدد باسيل على أنه "لم يكن هناك تحالف بالمعنى الحقيقي للكلمة. وكان هناك اتفاق على ثلاثة محاور رئيسية: بناء دولة القانون الذي يتطلب الإصلاحات ومكافحة الفساد؛ شراكة لبنانية – لبنانية، أي تقاسم متساوٍ للمؤسسات بين المسيحيين والمسلمين، وحماية لبنان تحت مظلة استراتيجية دفاعية يتم وضعها من خلال الحوار اللبناني".

وتابع :”للأسف مسألة بناء الدولة لم تطبّق في شكل صحيح، والشراكة لم تُحترم في نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ولا يجمعنا الآن سوى حماية لبنان، لافتاً إلى أنه "هنا ندعم "حزب الله" لكن ليس هو الحال نفسه بالنسبة لموضوع "وحدة الساحات" بين غزة ولبنان واليمن والعراق لأن ليس بالضرورة في مصلحة لبنان"، مضيفاً: "يمكن أن يحدث ذلك عندما يتعلق الأمر بالقتال ضد داعش في سوريا، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بالتدخل في المشاكل بين اليمن والسعودية لأن لبنان رفض دائماً تدخلات الدول العربية في شؤونه الداخلية، فلماذا يجب أ نتدخل في شؤون هذه الدول؟"

وردا على سؤال حول ما اذا كان التفاهم بين "حزب الله" و"التيار" قائما، أكد أنه لا يزال قائماً بخيط رفيع للغاية"، لافتاً إلى أنه "الآن نجد أنفسنا في حالة حرب، ولذلك من الضروري الحفاظ على الحد الأدنى من التضامن الداخلي".

وعن سبب عدم دعم سليمان فرنجيه مرشح "حزب الله" للرئاسة، اعتبر باسيل أن "هذا مثال نموذجي على عدم احترام هذه الشراكة". وقال: "فهل كلف أحد حزب الله بتعيين رئيسنا بمفرده، من دون موافقة شركائه في الوطن على الأقل؟ وعلى حزب الله أن يحترم خياراتنا في هذا الموضوع، خاصة أننا نأخذ في الاعتبار مخاوفه الأمنية ولسنا في موقف يهدف إلى مهاجمة المقاومة"، ومشيرا الى أننا "لا نريد أن يكون لدينا رئيس يستطيع إضعاف لبنان من خلال كونه طرفاً. وما دامت حماية لبنان والمقاومة تهمنا، فعلى حزب الله أن يأخذ بعين الاعتبار حرصنا على بناء الدولة والشراكة اللبنانية - اللبنانية."

وأكد باسيل أن "حزب الله" لا يحترم جانبه من التفاهم". وأوضح: "وعندما رشحوا سليمان فرنجية مرشحاً لهم، لم تكن البلاد في حالة حرب. واليوم البلاد في حالة حرب و"حزب الله" يجب أن يكون في وضع يسمح له بأن يقول لشركائه إنه يثق بنا، وأنه يستطيع أن يتفق معنا على شخصية تهتم بهمومنا."  وأضاف: "لكن ترك الوضع معلقا والانتظار حتى تنتهي الحرب في غزة قبل المضي قدماً هو أمر غير مقبول"، مشددا على أن "الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أكد عدم الربط بين الحرب مع اسرائيل والانتخابات الرئاسية في لبنان، وهذا جيد جداً. لكن ذلك يجب أن يترجم إلى واقع بانتخاب رئيس، رجل توافق، وليس مرشح  وهو طرف لقسم من اللبنانيين على الآخر".

وعن جلسة 14 حزيران التي كان مرشحا فيها جهاد أزعور وسليمان فرنجية، لفت الى أن "الحق الدستوري لكل نائب أن يحضر جلسة البرلمان أم لا". وأكد: "أما ما لا يجوز، وهو الخطير، هو أن يفرض علينا وعلى اللبنانيين كافة مرشحاً يخالف التمثيل الشعبي ونتائج الانتخابات الأخيرة"، مضيفا: "جهاد أزعور هو مرشحنا بالفعل، ولكننا لم نقل أنه لن يكون هناك رئيس إذا لم يتم انتخابه"، ومشيرا الى أننا "ندعو الثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة أمل" إلى الحوار معنا للاتفاق على مرشحين آخرين يمكن أن يقبلهم الجميع؛ أو على الأقل بأغلبية أعضاء مجلس النواب اللبناني".

وعن اذا ما كانت الصيغة التي يعتمدها بعض الغرب بتوصيف "حزب الله" بأنه دولة ضمن الدولة، رأى باسيل أنها "مسؤولية اللبنانيين. أي أنه إذا وافق جميع اللبنانيين، الذين ليسوا من أنصار "حزب الله"، على بناء دولة، فلن يتمكن حزب الله من مقاومتهم"، مضيفا: " أنا ضد هذه الفكرة القائلة بأن كل مشاكل البلاد هي مسؤولية "حزب الله" وحده، فهذا ليس حقيقياً. وإذا لم يساهم في بناء الدولة اللبنانية، وهو بهذا المعنى مسؤول، فإن حزب الله ليس الطرف الوحيد الذي يتحمل المسؤولية".
وعما اذا كان "التيار" مسؤولا عن هذا الوضع من خلال تحالفه مع "حزب الله" لسنوات، رفض باسيل هذا الامر، مشددا على أننا " كنا حلفاء حزب الله للحفاظ على الوحدة الوطنية واسترداد حقوق المسيحيين في الدولة اللبنانية. وأوضح: "لكننا لم نقم  من خلال التزاماتنا الوطنية إلا بالوقوف مع حزب الله ضد العدو الإسرائيلي. لم نسلحه، ولم ندفع له أموالاً، ولم نزوده بالمقاتلين"، مؤكدا أن " حزب الله  يدين بقوته إلى الدعم الداخلي الذي يحظى به من شعبه وفي الخارج من إيران، وكذلك من خلال إضفاء الشرعية، من قبل الطبقة السياسية اللبنانية بأكملها، على ترسانة أسلحته، كما ورد في جميع البيانات الوزارية منذ عام 2005".

وردا على سؤال حول لماذا لا يكون الجيش اللبناني هو الذي يدافع عن البلد؟ لفت باسيل الى أن "السبب يعود الى أنه كان ممنوعاً على الجيش اللبناني أن يكون مسلحاً جيداً"، مشيرا الى أن "جميع حلفاء إسرائيل يرفضون أن يكون الجيش اللبناني قوياً،  ويتم التعامل معه وكأنه  "شرطة داخلية" في لبنان، ولذلك فهي مسؤولية المجتمع الدولي. وقال: "أذكّركم أن القرار الأممي رقم 425 الصادر عام 1978  الذي لم يسمح للبنانيين عبر الدبلوماسية والقانون الدولي من تحرير أرضهم"، مضيفا: "ولذلك كان علينا أن ننتظر حتى عام 2000 حتى تتمكن المقاومة اللبنانية من استعادة الارض"، مشيرا الى أنه "ولهذا السبب لم يعد اللبنانيون كما العديد من الشعوب العربية لم يعودوا يؤمنوا بالقانون الدولي، ولهذا السبب أيضاً لجأ الفلسطينيون، في حالة من اليأس، إلى "حماس".

وحول ما اذا كان يستطيع الجيش اللبناني في نهاية المطاف أن يحل محل مقاتلي "حزب الله" في الجنوب، كما نص على ذلك قرار الأمم المتحدة رقم 1701. رأى باسيل أن "الجيش اللبناني، في وضعه الحالي، يستطيع أن يلعب دور المراقب أو الضامن للأمن"، مضيفاً: " لكن لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يدافع عن لبنان وحده. إذا كان لدينا أفضل جيش وأفضل المقاتلين، فمن الضروري أن نمنحهم الأسلحة المناسبة وهذه هي الضمانات الأمنية التي أتحدث عنها"، مشيرا الى أنه "على الولايات المتحدة، المستعدة لتقديم مليارات الدولارات للجيش الإسرائيلي، أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة للبنان، وإلى ان "هناك شيئاً واحداً فقط يمكن أن يضمن أمننا، وهو تكافؤ القوى بين إسرائيل ولبنان".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجیش اللبنانی حزب الله باسیل أن فی حالة الى أنه یمکن أن من خلال أن یکون على أن الى أن

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء تراجع لبنان عن اللجوء للجنائية الدولية ضد إسرائيل؟

بعد قبولها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق والملاحقة القضائية "في الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 أكتوبر الماضي"، عادت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وتراجعت عن قرارها في جلسة عقدتها يوم الثلاثاء الماضي.

وكانت الحكومة اللبنانية صوتت في أبريل الماضي على توجيه وزارة الخارجية لتقديم إعلان إلى المحكمة الجنائية الدولية يسمح لها بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة على الأراضي اللبنانية والمشمولة في نظام المحكمة وهي، جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، لكن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب لم يقدّم الإعلان المطلوب، ولم يرد على سؤال لرويترز بشأن سبب عدم اتخاذه هذه الخطوة.

 ونشرت الحكومة يوم الثلاثاء قراراً معدلاً لم يأت على ذكر المحكمة الجنائية الدولية، بل ذكر أن لبنان سيتقدم بشكاوى إلى الأمم المتحدة بدلاً من ذلك.

ويتهم لبنان إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بشكل متكرر منذ أكتوبر، عندما بدأ حزب الله والجيش الإسرائيلي تبادل إطلاق النار بالتوازي مع حرب غزة. وأدى القصف الإسرائيلي منذ ذلك الحين بحسب رويترز إلى مقتل نحو 80 مدنياً في لبنان بينهم أطفال ومسعفون وصحفيون.

 وجاء تراجع لبنان عن قراره باللجوء إلى المحكمة الجنائية، بعد أيام قليلة من طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع وثلاثة من قادة حماس.

كواليس الخطوة الأولى

كواليس اتخاذ لبنان قرار اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، في أبريل الماضي، تشرحها الناشطة الحقوقية المحامية ديالا شحادة بالقول "العام الماضي، عُقِدت ندوة في مركز "بيت بيروت" شارك فيها وزير الإعلام زياد مكاري، تناولت الاعتداءات التي يتعرض لها الإعلاميون في جنوب لبنان من قبل إسرائيل. خلال الندوة، قدمتُ مداخلة حول كيفية مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. طلب مني مكاري أن أرفع له توضيحاً قانونياً حول هذا الإجراء، كونه ليس الجميع يعلمون بإمكانية اتخاذه عبر قرار حكومي لا يقتضي مصادقة مجلس النواب أو رئيس الجمهورية".

في 22 نوفمبر الماضي، أرسلت شحادة المقترح إلى وزير الإعلام، وإلى نائبين تغييرين، "رغم عدم امتلاكهما الصلاحيات اللازمة، لكن بهدف الضغط على الجهات المعنية ليس أكثر".

أحال مكاري المقترح إلى وزير العدل، بحسب ما تقوله شحادة لموقع "الحرة"، "إلا أن الأخير تحفّظ عليه، مما دفع عائلة الصحافي عصام عبد الله الذي قتل خلال تغطيته الأحداث في جنوب لبنان، خاصة شقيقته، إلى التواصل مع وزير الإعلام والإصرار على بذل جهود لمحاسبة الإسرائيليين الذين قتلوا شقيقها".

في ذات الوقت، "صدر تقرير المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي (TNO) المرتبط بالتحقيق في مقتل عبد الله، فاستأنف وزير الإعلام جهوده لاتخاذ موقف حكومي يتيح المقاضاة الدولية. وبالفعل، صدر في أبريل الماضي قرار بهذا الشأن".

في الجلسة التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي "والتي غاب عنها وزير الإعلام بسبب تواجده في البحرين، تراجع الوزراء المجتمعون عن القرار، وقد أعرب وزير الإعلام عن استيائه من هذا التراجع"، تقول شحادة، وقد أكد مكاري لرويترز أنه سيواصل "البحث عن محاكم دولية أخرى لتحقيق العدالة".

يذكر أن لبنان وإسرائيل ليسا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يتعين على كل منهما تقديم إعلان رسمي يمنحها السلطة القضائية لبدء تحقيقات خلال فترة زمنية معينة، أي أن "الانضمام للمحكمة هو انضمام جزئي ضمن إطار زمني محدد وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 12 من نظام روما الأساسي" بحسب ما يقوله محامي تجمع نقابة الصحافه البديلة، فاروق المغربي.

وتنص هذه الفقرة على أنه "إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازماً بموجب الفقرة 3، جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء".

خلفيات التراجع

تصف الباحثة في مؤسسة سمير قصير، الصحفية وداد جربوع، موقف الحكومة اللبنانية بأنه "صادم"، وترى في حديث مع موقع "الحرة أن "أي تبرير لهذا التراجع مرفوض". 

كما تأسف شحادة لتمنّع الحكومة اللبنانية "عن استخدام الأدوات القضائية الدولية التي لا تتطلب سوى كتاب من وزير الخارجية اللبنانية أو السفير اللبناني في هولندا إلى المحكمة الجنائية الدولية، خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها المحكمة لجهة إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين كبيرين، مما ينهي الجدل حول جدوى عملها في الشكاوى المقدمة ضد إسرائيل".

وترجع شحادة سبب تراجع لبنان عن اللجوء إلى هذه المحكمة إلى "ضغوط مارسها حزب الله وحركة أمل، اللذان يخشيان من أن تشمل تحقيقات المحكمة إطلاقهما صواريخ على مناطق سكنية في إسرائيل، مما يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وهو ما ذكره مسؤول لبناني لوكالة رويترز".

وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، للوكالة، إن القرار الأولي لمجلس الوزراء أثار "ارتباكاً" بشأن ما إذا كان الإعلان "سيفتح الباب أمام المحكمة للتحقيق في كل ما تريد في ملفات مختلفة".

كما كشف أن "طلب إعادة النظر في القرار جاء من جورج كلاس الوزير المقرب من رئيس البرلمان نبيه بري الذي يرأس حركة أمل الشيعية المتحالفة مع حزب الله".

وأكد كلاس عندما اتصلت به رويترز أنه طلب مراجعة القرار الأولي لمجلس الوزراء لكنه نفى أن يكون ذلك خوفاً من أن يتعرض حزب الله أو حركة أمل لمذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.

ومنذ أكتوبر، أطلق حزب الله وحركة أمل صواريخ على إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 10 مدنيين، وفقاً للجيش الإسرائيلي، وتشريد حوالي 60 ألف ساكن بالقرب من الحدود.

من جانبه يرى المغربي أن هناك تحليلين لقرار مجلس الوزراء اللبناني بالعدول عن اللجوء إلى هذه المحكمة، "الأول، أن حزب الله طلب عدم اتخاذ هذه الخطوة تخوفاً من صدور مذكرات إلقاء قبض بحق قيادييه وإن لم يرتكب أي من جرائم الحرب".

والثاني، أن "أميركا وأوروبا تدخلتا لدى الحكومة ووزارة الخارجية اللبنانية لتفادي المزيد من التعقيدات، أي احتمال صدور مذكرات إلقاء قبض بحق مسؤولين إسرائيليين. وبموجب ذلك، صدر قرار الحكومة اللبنانية بأن تتخذ الإجراءات أمام هيئات دولية بعيداً عن المحكمة الجنائية، لكن هذه الهيئات تبقى قاصرة عن تحقيق العدالة".

وقدّم لبنان بانتظام شكاوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن القصف الإسرائيلي على مدى الأشهر السبعة الماضية، لكنها لم تسفر عن قرارات ملزمة للأمم المتحدة.

الفرصة قائمة

بعد قرار الحكومة بالعدول عن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، يمكن للإعلام اللبناني والمجتمع المدني والحقوقي اللبناني، بحسب شحادة "الضغط على الرأي العام والحكومة اللبنانية، كي يوجه وزير الخارجية أو السفير اللبناني في هولندا الإعلان إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهذا إجراء بسيط لجأت إليه أوكرانيا، مما مكّن المحكمة من التحقيق وإصدار مذكرات توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

كذلك تشدد جربوع على ضرورة "تحرك المؤسسات الحقوقية والإعلامية تحديداً، كونها الأكثر تضرراً من هذه الاعتداءات والانتهاكات، للضغط على الحكومة اللبنانية لاستكمال إجراءات اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية. خاصة أن السلطة اللبنانية يمكنها في أي وقت استكمال هذه الإجراءات، نظراً لعدم وجود مهلة زمنية محددة".

وأدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القرار الوزاري الجديد، وقال الباحث في شؤون لبنان في المنظمة، رمزي قيس، "أتيحت للحكومة اللبنانية فرصة تاريخية لضمان تحقيق العدالة والمحاسبة على جرائم الحرب في لبنان. ومن المخزي أن يضيعوا هذه الفرصة"، معتبراً أن إلغاء القرار يظهر أن "دعوات لبنان للمحاسبة جوفاء".

وسبق أن رحبت منظمة هيومن رايتس ووتش بقرار الحكومة اللبنانية قبول اختصاص المحكمة قائلة إنه "خطوة محورية نحو ضمان العدالة في جرائم الحرب في لبنان".

وكشفت المنظمة أنها وثقت هجومين إسرائيليين في لبنان في 13 أكتوبر "أدّيا إلى مقتل الصحفي عصام عبد الله وإصابة 6 آخرين"، وخلصت إلى أن الضربة "كانت هجوماً متعمداً مفترضاً وتشكل بالتالي جريمة حرب".

وفي هجوم آخر شنه الجيش الإسرائيلي في لبنان في نوفمبر، وثّقت هيومن رايتس ووتش أن "مقتل ثلاثة طفلات وجدّتهن كان أيضاً جريمة حرب مفترضة" كما كشفت عن "استخدام الجيش الإسرائيلي الفسفور الأبيض في عملياته في لبنان منذ 7 أكتوبر".

مقالات مشابهة

  • عون يمهّد لفصل عون
  • نصرالله: المعركة مع إسرائيل تصنع مستقبل فلسطين ولبنان
  • إصابتان إثر غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
  • ماذا وراء تراجع لبنان عن اللجوء للجنائية الدولية ضد إسرائيل؟
  • باسيل يعدّل استراتيجيته.. هل ينجح؟
  • رئيس الوزراء الهند ينهي حملته الانتخابية بالتأمل لمدة 45 ساعة
  • السويد تحقق فى واقعة إلقاء الخنزير أمام واجهة مسجد
  • غالانت..نصر الله يجر الشعب البنانى صعب للغاية
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يوجه سؤالا لأمين عام "حزب الله" حسن نصر الله
  • إنزعاج كبير من باسيل..لسنا ملزمين بمواقفه