عربي21:
2024-06-16@09:43:08 GMT

كن منتخبا وديمقراطيا ومجرما… لا بأس!

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

مع أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان وضع قادة الاحتلال والمقاومة في نفس السلة وهو يطلب إصدار مذكرة توقيف دولية في حق كل من يحيى السنوار ومحمد ضيف وإسماعيل هنية من حركة «حماس» وبنيامين نتنياهو ويوآف غالنت من الحكومة الإسرائيلية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنه من المناسب أن نرى كيف استقبلت «حماس» ذلك وكيف استقبلته «إسرائيل».



حركة «حماس» استنكرت بشدة «مساواة الضحية بالجلاد دون أساس قانوني» في «مخالفة للمواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال بما فيها المقاومة المسلحة». أما كل الطبقة السياسية الإسرائيلية فقد أجمعت على مهاجمة المحكمة والمنظومة الدولية التي تنتمي إليها معتبرة ما جرى «خطأ تاريخيا» و«وصمة عار على نطاق عالمي» متهمة إياها بالخصوص بمعاداة إسرائيل والسامية، لكن مع تركيز خاص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال مساواة «شخصيات منتخبة في حكومة ديمقراطية هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة» بحركة «إرهابية».

هنا يتضح أن الاستنكار الفلسطيني للتمييز بين قوة احتلال وشعب يرزح تحت بطشه، له رغم كل شيء، سنده القانوني في التشريعات الدولية، بينما الاستنكار الإسرائيلي لا سند له، ليس فقط لهجومه الكاسح على المحكمة والطعن في نواياها وصدقيتها وإنما بالخصوص في اعتبار «إسرائيل» نفسها محصنة من أية ملاحقات دولية مهما كانت، فهي لأنها «ديمقراطية وحكومتها منتخبة» فلا يقبل أن تلصق بها تهم لا تليق إلا بحركة «إرهابية»!!

هذا منطق غريب وغير مسبوق، بمعنى أن الجريمة حتى وإن كانت واضحة وموثقة فلا يجوز أن توجه لجهة منتخبة وديمقراطية، وهذا يعني في النهاية أنه بإمكانك أن تكون مجرما بلا حدود لكنك مع ذلك محصن لأنك منتخب وديمقراطي وبالتالي لا يجوز مساواتك بآخر ارتكب نفس الجرائم وعليه أن يلاحق عليها ويعاقب فقط لأنه مصنف «إرهابيا»!!

الاستنكار الفلسطيني للتمييز بين قوة احتلال وشعب يرزح تحت بطشه، له رغم كل شيء، سنده القانوني في التشريعات الدولية، بينما الاستنكار الإسرائيلي لا سند له

المصيبة أن هذا المنطق الأعوج والمتغطرس تبنته الولايات المتحدة هي الأخرى فوزير خارجيتها أنتوني بلينكن رأى أن مساواة إسرائيل بـ«حماس» في الجرائم وطلب مذكرات الاعتقال «أمر مخز» فيما وصفه البيت الأبيض بـ «الشائن» في وقت مضى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين بالخصوص في حملات ردح حقيقية ضد المحكمة وصولا إلى تهديدها بانتقام مقبل، يبدو أنه قد شرع في السعي إلى بلورته في الأوساط التشريعية.
من حسن الحظ أن هذا المنطق لم يتفش في كامل الأوساط الأمريكية ولا الغربية من ذلك مثلا أن السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، وفي خطوة تختلف عن زملاء له اتسمت بالتهديد والوعيد من أمثال لندسي غراهام وتيد بود وجايمس ريش، اعتبر أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية «على حق في إصدار أوامر اعتقال بحق القادة السياسيين المتورطين بارتكاب جرائم حرب» وأنه «يجب احترام القانون الدولي وبدون هذه المعايير فقد ينزلق العالم بسرعة إلى الفوضى والهمجية والحروب المستمرة».

وعلى عكس دول أوروبية سايرت نفس المنطق الأعوج الإسرائيلي والأمريكي، مثل المجر والنمسا والتشيك، جاءت مواقف فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيرلندا بل إن باريس ذهبت إلى أبعد من ذلك حين قالت خارجيتها إنها كانت حذرت إسرائيل «بضرورة التزامها الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة المستوى غير المقبول للضحايا المدنيين في قطاع غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف».

وفي ضوء ما قاله جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من أن «جميع الدول التي صادقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة» فإنه من المتوقع أن يعطي التعاون الأوروبي في تطبيق مذكرات الاعتقال، حين صدورها، زخما كبيرا لعملية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

مشهد يبدو أنه سيزيد في تعميق الفرز الدولي مما يجري وسيزيد في جعل الولايات المتحدة الوحيدة التي تبقى على تأييدها الأعمى للسياسات الإسرائيلية، ففي أي وضع ستجد الإدارة الأمريكية نفسها إذا ما مضت مذكرات الاعتقال قدما وأصبح نتنياهو وغالنت ممنوعين من السفر وزيارة العواصم العالمية، عدا عن مذكرات سرية قد تصدر في حق آخرين، وبعضهم قد يزور واشنطن نفسها، من يدري؟ وفي أي وضع ستجد الإدارة الأمريكية نفسها إذا ما أدانت محكمة العدل الدولية في لاهاي إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في حين ما زال الرئيس بايدن ينكر ذلك حتى قبل يومين فقط؟

العالم يتغير بسرعة والمد التضامني والحراك الطلابي المتصاعدان يدفعان بقوة نحو ذلك ما سيعري أكثر فأكثر «الفشل الأخلاقي» الذي سقطت فيه عواصم كبرى وسياسيوها وسينهي، وهذا هو الأهم على الاطلاق، حالة الاستثناء التي كانت تحظى بها إسرائيل لعقود.

إسرائيل وقادتها في ضنك حقيقي هذه الأيام، أما السنوار والضيف، فكما كتب موقع «مسار» الفلسطيني «فلن يكترثا للأمر، لسبب بسيط أنهما قررا الموت أو الحياة داخل غزة، ولا يفكران في قضاء إجازة رأس السنة في لاس فيجاس».

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجنائية الدولية الاحتلال نتنياهو الفلسطيني فلسطين نتنياهو الاحتلال الجنائية الدولية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بيان مشترك لـ93 دولة تجدد دعمها للمحكمة الجنائية الدولية

جددت 93 دولة التزامها بدعم المحكمة الجنائية الدولية وتصميمها على الوقوف متحدة ضد الإفلات من العقاب.

وشددت في بيان مشترك على أهمية دعم مبادئ وقيم نظام روما الأساسي والحفاظ على نزاهتها من أي تدخلات وضغوط. كما دعت جميع الدول إلى ضمان التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية.

وقبل أسبوع، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت أو حاكمت أشخاصا محميين من واشنطن أو حلفائها.

وجاء ذلك بعد إصدار المحكمة أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.

وبينما نادى بعض النواب ببعث رسالة تأييد قوية لإسرائيل وعدم ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية مستقبلا مسؤولين وجنودا أميركيين، عارض آخرون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري التصديق على مشروع القانون بحجة أنه يضر بعض حلفاء الولايات المتحدة الذين يتعاونون مع المحكمة مثل اليابان وفرنسا.

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن قبل نحو أسبوعين أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال بِتُهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية فيما يتعلق بالحرب في غزة وهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال خان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في غزة، وأضاف أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وغالانت متواطئان في التسبب بمعاناة وتجويع المدنيين في قطاع غزة.

وفي المقابل، قال خان إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد أن كلا من زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة يحيى السنوار ومحمد دياب إبراهيم المصري المعروف بمحمد الضيف القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ورئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، مسؤولون عن ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إسرائيل.

ورغم أن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، فإن مسؤولين أميركيين عبّروا عن الغضب من توجه المحكمة، خاصة أنها المرة الأولى التي تسعى فيها لمحاكمة حليف لأميركا.

مقالات مشابهة

  • باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل
  • 93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة إسرائيل
  • بيان مشترك لـ93 دولة تجدد دعمها للمحكمة الجنائية الدولية
  • 93 دولة تطالب الاحتلال بالتعاون مع مع المحكمة الجنائية الدولية
  • آليات التعامل مع الأطفال الشهود والضحايا في النزاعات المسلحة … أطفال السودان نموذجا
  • إلى أين يتجه تحقيق “الجنائية الدولية” الجديد بشأن دارفور؟
  • مساعٍ حقوقية دولية لمحاكمة مسؤولين أمريكيين وأوروبيين على جرائم الإبادة والتجويع في غزة
  • إلى أين يتجه تحقيق الجنائية الدولية الجديد بشأن دارفور؟
  • الكشف عن مساع لمحاكمة مسؤولين أمريكيين وأوروبيين على جرائم الإبادة والتجويع بغزة
  • تكتيكات التجويع في ماريوبول.. هل ترقى أفعال روسيا إلى جرائم حرب؟