كن منتخبا وديمقراطيا ومجرما… لا بأس!
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
مع أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان وضع قادة الاحتلال والمقاومة في نفس السلة وهو يطلب إصدار مذكرة توقيف دولية في حق كل من يحيى السنوار ومحمد ضيف وإسماعيل هنية من حركة «حماس» وبنيامين نتنياهو ويوآف غالنت من الحكومة الإسرائيلية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنه من المناسب أن نرى كيف استقبلت «حماس» ذلك وكيف استقبلته «إسرائيل».
حركة «حماس» استنكرت بشدة «مساواة الضحية بالجلاد دون أساس قانوني» في «مخالفة للمواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال بما فيها المقاومة المسلحة». أما كل الطبقة السياسية الإسرائيلية فقد أجمعت على مهاجمة المحكمة والمنظومة الدولية التي تنتمي إليها معتبرة ما جرى «خطأ تاريخيا» و«وصمة عار على نطاق عالمي» متهمة إياها بالخصوص بمعاداة إسرائيل والسامية، لكن مع تركيز خاص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال مساواة «شخصيات منتخبة في حكومة ديمقراطية هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة» بحركة «إرهابية».
هنا يتضح أن الاستنكار الفلسطيني للتمييز بين قوة احتلال وشعب يرزح تحت بطشه، له رغم كل شيء، سنده القانوني في التشريعات الدولية، بينما الاستنكار الإسرائيلي لا سند له، ليس فقط لهجومه الكاسح على المحكمة والطعن في نواياها وصدقيتها وإنما بالخصوص في اعتبار «إسرائيل» نفسها محصنة من أية ملاحقات دولية مهما كانت، فهي لأنها «ديمقراطية وحكومتها منتخبة» فلا يقبل أن تلصق بها تهم لا تليق إلا بحركة «إرهابية»!!
هذا منطق غريب وغير مسبوق، بمعنى أن الجريمة حتى وإن كانت واضحة وموثقة فلا يجوز أن توجه لجهة منتخبة وديمقراطية، وهذا يعني في النهاية أنه بإمكانك أن تكون مجرما بلا حدود لكنك مع ذلك محصن لأنك منتخب وديمقراطي وبالتالي لا يجوز مساواتك بآخر ارتكب نفس الجرائم وعليه أن يلاحق عليها ويعاقب فقط لأنه مصنف «إرهابيا»!!
الاستنكار الفلسطيني للتمييز بين قوة احتلال وشعب يرزح تحت بطشه، له رغم كل شيء، سنده القانوني في التشريعات الدولية، بينما الاستنكار الإسرائيلي لا سند له
المصيبة أن هذا المنطق الأعوج والمتغطرس تبنته الولايات المتحدة هي الأخرى فوزير خارجيتها أنتوني بلينكن رأى أن مساواة إسرائيل بـ«حماس» في الجرائم وطلب مذكرات الاعتقال «أمر مخز» فيما وصفه البيت الأبيض بـ «الشائن» في وقت مضى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين بالخصوص في حملات ردح حقيقية ضد المحكمة وصولا إلى تهديدها بانتقام مقبل، يبدو أنه قد شرع في السعي إلى بلورته في الأوساط التشريعية.
من حسن الحظ أن هذا المنطق لم يتفش في كامل الأوساط الأمريكية ولا الغربية من ذلك مثلا أن السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، وفي خطوة تختلف عن زملاء له اتسمت بالتهديد والوعيد من أمثال لندسي غراهام وتيد بود وجايمس ريش، اعتبر أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية «على حق في إصدار أوامر اعتقال بحق القادة السياسيين المتورطين بارتكاب جرائم حرب» وأنه «يجب احترام القانون الدولي وبدون هذه المعايير فقد ينزلق العالم بسرعة إلى الفوضى والهمجية والحروب المستمرة».
وعلى عكس دول أوروبية سايرت نفس المنطق الأعوج الإسرائيلي والأمريكي، مثل المجر والنمسا والتشيك، جاءت مواقف فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيرلندا بل إن باريس ذهبت إلى أبعد من ذلك حين قالت خارجيتها إنها كانت حذرت إسرائيل «بضرورة التزامها الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة المستوى غير المقبول للضحايا المدنيين في قطاع غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف».
وفي ضوء ما قاله جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من أن «جميع الدول التي صادقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة» فإنه من المتوقع أن يعطي التعاون الأوروبي في تطبيق مذكرات الاعتقال، حين صدورها، زخما كبيرا لعملية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
مشهد يبدو أنه سيزيد في تعميق الفرز الدولي مما يجري وسيزيد في جعل الولايات المتحدة الوحيدة التي تبقى على تأييدها الأعمى للسياسات الإسرائيلية، ففي أي وضع ستجد الإدارة الأمريكية نفسها إذا ما مضت مذكرات الاعتقال قدما وأصبح نتنياهو وغالنت ممنوعين من السفر وزيارة العواصم العالمية، عدا عن مذكرات سرية قد تصدر في حق آخرين، وبعضهم قد يزور واشنطن نفسها، من يدري؟ وفي أي وضع ستجد الإدارة الأمريكية نفسها إذا ما أدانت محكمة العدل الدولية في لاهاي إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في حين ما زال الرئيس بايدن ينكر ذلك حتى قبل يومين فقط؟
العالم يتغير بسرعة والمد التضامني والحراك الطلابي المتصاعدان يدفعان بقوة نحو ذلك ما سيعري أكثر فأكثر «الفشل الأخلاقي» الذي سقطت فيه عواصم كبرى وسياسيوها وسينهي، وهذا هو الأهم على الاطلاق، حالة الاستثناء التي كانت تحظى بها إسرائيل لعقود.
إسرائيل وقادتها في ضنك حقيقي هذه الأيام، أما السنوار والضيف، فكما كتب موقع «مسار» الفلسطيني «فلن يكترثا للأمر، لسبب بسيط أنهما قررا الموت أو الحياة داخل غزة، ولا يفكران في قضاء إجازة رأس السنة في لاس فيجاس».
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجنائية الدولية الاحتلال نتنياهو الفلسطيني فلسطين نتنياهو الاحتلال الجنائية الدولية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تأهّل منتخبنا الوطني لكرة اليد الشاطئية للرجال لكأس العالم 2026
العُمانية: تأهل منتخبنا الوطني لكرة اليد الشاطئية للرجال إلى كأس العالم للرجال والنساء لعام 2026 وسيتحدد في وقت لاحق مكان إقامتها بمشاركة 32 منتخبًا من مختلف قارات العالم منها 16 منتخبا للرجال و16 منتخبا للنساء.
جاء تأهل منتخبنا الوطني بعد فوزه المستحق اليوم على منتخب الأردن بنتيجة 2 / صفر ضمن مباريات الدور قبل النهائي للبطولة الآسيوية العاشرة لكرة اليد الشاطئية للرجال والنساء لعام 2025م - تصفيات كأس العالم للرجال والنساء لكرة اليد الشاطئية لعام 2026 التي تستضيفها سلطنة عُمان وانطلقت في السادس من مايو الجاري وتُختم بعد غد الخميس بالملعب الرملي بمجمع السلطان قابوس الرياضي بولاية بوشر بمحافظة مسقط.
ويرافق منتخبنا الوطني إلى كأس العالم من هذه التصفيات المنتخب الإيراني الذي حقق اليوم الفوز على المنتخب الباكستاني بنتيجة 2/ صفر ليلعب المنتخبان في ختام البطولة بعد غد الخميس على المركزين الأول والثاني فيما يلعب منتخبا الأردن وباكستان على المركزين الثالث والرابع.
وفي المباريات الأخرى لتحديد المراكز من الخامس حتى الثامن فاز منتخب السعودية على منتخب المالديف بنتيجة 2/صفر وفاز منتخب الفلبين على منتخب هونج كونج بالنتيجة نفسها.
ويلتقي المنتخبان الخاسران من هاتين المباراتين في اليوم الختامي للبطولة لتحديد المركزين السابع والثامن ويلتقي المنتخبان الفائزان للمنافسة على المركزين السادس والخامس.
وفي منافسات النساء تأهل منتخبا الفلبين وفيتنام إلى كأس العالم بعد أن ضمن المنتخبين المركزين الأول والثاني بختام مباريات اليوم، حيث فاز منتخب الفلبين على منتخب الهند بنتيجة 2 / صفر وفاز منتخب فيتنام على منتخب هونج كونج بنتيجة 2/ صفر أيضا وستخلد كل المنتخبات للراحة غدا الأربعاء ليلتقي في ختام البطولة منتخب الهند مع منتخب هونج كونج ومنتخب الفلبين مع منتخب فيتنام.