في مهرجان نوادي المسرح 31.. "لعبة النهاية" دعوة للتخلص من رتابة الحياة
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
شهد مسرح السامر بالعجوزة، أمس الأربعاء، العرض المسرحي "لعبة النهاية" في رابع أيام المهرجان الختامي لنوادي المسرح، في دورته الحادية والثلاثين "دورة الكاتب المسرحي الراحل د. علاء عبد العزيز"، والمقام برعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة عمرو البسيوني، حتى 31 مايو الحالي.
العرض عن نص الكاتب الأيرلندي صامويل بيكيت، ويناقش فكرة الرغبة في الحياة وكسر الروتين، من خلال قصة شخص يعمل خادما لدى رجل كفيف ومصاب بالشلل، ويقنع الخادم بأنه لا يوجد عالم خارج القبو الذي يعيشان به، ويكتشف الخادم أنه يتعرض لخدعة فيفكر في الهرب واكتشاف الحياة خارج القبو، لتواجهه الكثير من التحديات.
صناع لعبة النهاية
"لعبة النهاية" لفرقة المنصورة المسرحية، أداء تمثيل شادي السعيد، محمد ياسر، آلاء إسماعيل، إعداد شادي السعيد، موسيقى أحمد مجدي، حسين وحيد، ديكور ياسمينا محرم، سينوغرافيا واستعراضات محمد أشرف، إضاءة حازم أحمد، مخرج مساعد زياد عرفات، تنفيذ ديكور محمد الإسناوي، ماكياچ داليا نور الدين، وإخراج أحمد مجدي.
لجنة التحكيم
شهد العرض لجنة التحكيم المكونة من المخرج هشام عطوة رئيس اللجنة، والدكتور محمد سمير الخطيب، والدكتور حمدي عطية، والمخرج سامح مجاهد، والموسيقار أحمد حمدي رؤوف، المخرج محمد الطايع مقرر اللجنة.
رؤى نقدية حول العرض
أعقب العرض ندوة نقدية أدارها الكاتب ياسين الضوي، وشارك بها د.أحمد القضابي والكاتب والناقد مجدي الحمزاوي.
استهل "الضوي" حديثه قائلًا: لأول مرة يصادفني عرضًا يمثل النظرة السوداوية البائسة للحياة من خلال موقف افتراضي عبثي لأسرة تعيش بمقلب للقمامة، ويحلم الأطفال في تغيير واقعهم الاجتماعي.
وتساءل هل هذه النوعية من النصوص من الممكن أن تكون مؤثرة وحاضرة وجاذبة للمشاهد اليوم؟ في زمن توفرت فيه الصورة والعروض بتقنيات رائعة.
من ناحيته قال الناقد مجدي الحمزاوي إن العرض المسرحي لا بد أن يعالج قضية في هذا المجتمع، والاستفادة دائمًا في الاختلاف، فلا بد أن تجد شيئا مختلفا تقدمه للجمهور، ومن يتفق معك في الرأي تماما لن تستفد منه بشيئًا فالاستفادة دائمًا في الاختلاف.
وقال د. أحمد القضابي العرض بحاجة إلى انتقاء رموز واضحة، لتقديم عرض متماسك تصل رسالته إلى الجمهور دون تشويش، مشيرًا إلى أن هناك عدة مفردات داخل العرض تسببت في حدوث اغتراب وهذه هي المشكلة القائمة.
المهرجان الختامي لنوادي المسرح تنظمه الإدارة العامة للمسرح برئاسة سمر الوزير، بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان تامر عبد المنعم، ويشارك به هذا الموسم 24 عرضًا مسرحيًا تقدم مجانا للجمهور، بمسرحي السامر وقصر ثقافة روض الفرج، ويصدر عنه نشرة يومية بالإضافة لندوات نقدية تعقب العروض يشارك بها نخبة من النقاد والمسرحيين.
وتتواصل الفعاليات اليوم الخميس على مسرح قصر ثقافة روض الفرج مع عرضين لفرقة بورسعيد المسرحية، الأول بعنوان "موسم الحرب والغناء" قصة ماكس فريش، وإخراج أحمد سعيد، ويقدم في تمام الساعة السادسة مساءً، يليه "٣٠٣" تأليف محمد عادل، وإخراج بيشوي عماد ويقدم في تمام الثامنة مساءً.
وتزامنًا مع فعاليات المهرجان، تستمر ورشة اعتماد المخرجين الجدد الذين تم تصعيدهم للمهرجان هذا الموسم ليتلقوا تدريبًا مكثفا لمدة أثنى عشر يومًا في مجال "الإخراج المسرحي، السينوغرافيا، الدراما، التثقيف المسرحي والتذوق الفني".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الهيئة العامة لقصور الثقافة تامر عبد المنعم لجنة التحكيم نوادي المسرح مسرح السامر الدكتورة نيفين الكيلاني ثقافة روض الفرج لعبة النهایة
إقرأ أيضاً:
لعبة المرايا في رواية متاهة الأوهام للمغربي محمد سعيد احجيوج
في عصر تزدحم فيه المكتبات العربية بروايات تتبع أنماطا مألوفة وتسعى وراء الجوائز والمبيعات، يقدم الروائي المغربي محمد سعيد احجيوج عملا يتحدى كل التوقعات، رواية "متاهة الأوهام" للكاتب المغربي محمد سعيد احجيوج (دار نوفل / 2023) ليست مجرد رواية تقرأ، بل تجربة معرفية تستدعي القارئ ليصبح شريكا في عملية الخلق السردي.
تفاصيل الرواية
تنقسم الرواية إلى ثلاثة كتب متداخلة، يظهر فيها الكاتب بوصفه شخصية روائية تعيش في عوالم متوازية، في الكتاب الأول، نتابع ثلاث تجليات مختلفة لـ "محمد"، الكاتب العاطل الذي يرعى طفلته بينما تعمل زوجته، والذي يتلقى مكالمات هاتفية غامضة من امرأة تعرف أسراره، ومكالمة أخرى تقوده إلى لقاء مع العميد "ش." من مديرية مراقبة التراب الوطني، الذي يعرض عليه صفقة: التخلي عن مشروعه الروائي حول اختفاء المهدي بن بركة مقابل كتابة رواية تمجد عمليات المخابرات.
ما يميز هذا العمل هو رفضه الجذري للحدود الفاصلة بين الواقع والخيال. إذ يصبح الكاتب شخصية في روايته، وتصبح الرواية واقعا يعيشه، في حلقة مفرغة من الإبداع والوجود المتبادل.
الكتاب الثاني يقدم مواجهة مع ناشر يرفض النشر ويطالب بكتابة تقليدية، بينما الكتاب الثالث يضعنا أمام بطل يستيقظ في غرفة بيضاء مطالب بالعثور على كاتب مفقود يحمل اسم احجيوج نفسه.
التقنية السردية المعقدة التي يوظفها احجيوج تجعل من القراءة عملية تأويل مستمرة، فالضمائر تتبدل والشخصيات تتداخل، وكل مستوى سردي يخلق المستوى الآخر في دوامة لا متناهية. هذا ما يسميه النقاد "الميتا سرد"؛ سرد عن السرد نفسه، حيث تصبح عملية الكتابة موضوع الكتابة.
لكن وراء هذا التعقيد الظاهر تكمن رسالة عميقة حول حرية الإبداع في مواجهة السلطة، سواء كانت سلطة سياسية تمثلها أجهزة المخابرات، أو سلطة ثقافية تجارية يجسدها الناشر، أو حتى سلطة الواقع نفسه، الرواية تطرح سؤالا جوهريا: إلى أي مدى يمكن للكاتب أن يحافظ على استقلاليته الإبداعية في عالم يحاول باستمرار توجيه قلمه؟
إذ أن ما يطرحه أحجيوج، أو يجربه في بناء الرواية العربية، هو أن يدخل إليها عناصر ليست من طبيعة السرد، أو أي من أساليب القص المألوفة، في ما يسمى بميتا الرواية، أي تلك العناصر التي تقترب أن تكون قواعد للرواية الحديثة، على حد تعبير الناقد اللبناني أنطوان بو زيد.
بطبيعة الحال، مثل هذا العمل التجريبي لن يناسب كل قارئ. فهو يتطلب صبرا وتركيزا ورغبة حقيقية في خوض مغامرة فكرية، كما أن الإلمام بأعمال احجيوج السابقة، خاصة "ليل طنجة" و"أحجية إدمون عمران المالح"، يثري التجربة ويضيف طبقات إضافية من المعنى.
“متاهة الأوهام”
تؤكد "متاهة الأوهام" أن الرواية العربية قادرة على مجاراة أعقد التجارب الروائية العالمية، وأن لدينا أصواتا إبداعية تجرؤ على كسر القوالب والبحث عن أشكال جديدة للتعبير، إنها رواية تستحق القراءة، ليس فقط لجمالياتها السردية، بل لأنها تفتح نقاشا ضروريا حول دور الأدب ووظيفة الكاتب في عالمنا المعاصر.
في النهاية، حين نصل إلى الكلمات الأخيرة "رفعت الأقلام وجفت الصحف"، ندرك أننا لم نقرأ مجرد رواية، بل خضنا تجربة تأملية في طبيعة الكتابة والوجود. وربما هذا هو أعظم إنجازات احجيوج: أن يجعلنا نعيد التفكير في علاقتنا بالنص والواقع والخيال.