لغز المادة المظلمة في الفضاء يقترب من الحل
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
أرسل تلسكوب "إقليدس" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، صورا جديدة من الفضاء لـ"المادة المظلمة"، والتي تعتبر الأكثر غموضا في الكون، مما يتيح للعماء فرصة أكبر من أجل التعرف عليها، وفق صحيفة "تلغراف" البريطانية.
وللمرة الأولى، تمكن العلماء من اختراق سديم "مسييه 78"، وهي منطقة تشهد ولادة النجوم، وعادة ما تكون مغطاة بسحب كثيفة من الغبار والغاز، وتحجب الرؤية تماما، وتبعد حوالي 1600 سنة ضوئية عن الأرض"، وفق الصحيفة.
ولاتزال المادة المظلمة التي تمثل حوالي 85 بالمئة من كتلة الكون، ومسؤولة عن إبقاء النجوم والكواكب في مجراتها، تشكل لغزا بالنسبة للعلماء.
ومكّنت الكاميرا العاملة بالأشعة تحت الحمراء على متن "إقليدس"، العلماء من النظر إلى داخل السديم، حيث رصدوا أقزاما بنية و"كواكب مارقة"، وكلاهما يعتبران من المرشحين لتكوين "المادة المظلمة".
???? Euclid has delivered yet again...
Today, we release five never-before-seen, stunning images of galaxies and celestial phenomena provided by our Euclid telescope. They reveal an abundance of new science enabling scientists to hunt for rogue planets, use lensed galaxies to… pic.twitter.com/0gt60eBvQb
وقالت ماروسا زرجال من معهد الفيزياء الفلكية في جزر الكناري للصحيفة: "هذه الصورة غير مسبوقة لأنها الأولى من نوعها التي تتمتع بالعمق والحدة. كما أن مجال الرؤية الواسع يتيح لنا لأول مرة بالفعل دراسة أجسام ذات كتلة منخفضة جدا بهذه التفاصيل وبشكل موحد".
ولا يمكن رؤية المادة المظلمة بشكل مباشر، لكن يمكن ملاحظة تأثيرها من خلال التلسكوبات، لأنها تقوم بثني الضوء حول المجرات، مما يخلق حلقة من ضوء النجوم تعرف باسم "عدسة الجاذبية".
والأقزام البنية هي أجرام وسطية بين الكواكب الضخمة والنجوم، وتصدر إشعاعا، لكنها لم تتحول بعد إلى نجوم كاملة.
أما الكواكب المارقة فهي كواكب تصل كتلتها إلى 4 أضعاف كتلة المشتري، لكنها لا تدور حول أي نجم.
وحسب الصحيفة، فإن العلماء أصبحوا الآن قادرين على النظر إلى داخل السدم بفضل "إقليدس"؛ لتحديد ما إذا كان هناك ما يكفي من "الأقزام" و"الكواكب المراقة" لتفسير لغز المادة المظلمة.
ونقلت الصحيفة عن جيري تشانغ من معهد الفيزياء الفلكية في جزر الكناري، قوله، إن "المادة المظلمة، كما نعلم جميعا، غامضة للغاية وهي غير مرئية. لكن حتى الآن، تعتبر الأقزام البنية والأجرام ذات كتلة كوكبية من المرشحين لتفسير هذه الكتلة المفقودة".
ووفق العلماء، فإن 5 بالمئة فقط من الكون مرئية بالنسبة لنا، أما الباقي فهو يتكون من أمور "غريبة مجهولة" لا يمكن استنتاج وجودها إلا من خلال تأثيرها على الكون.
وحسب "تلغراف"، فبدون المادة المظلمة، لن يستمر الكون في التوسع، وفي الوقت نفسه تعتمد المجرات على "الثقل الجاذبي" للمادة المظلمة للحفاظ على تماسكها، وطالما كان تحديد ماهية العنصرين مهمة صعبة للغاية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المادة المظلمة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
في لحظة كانت الأنظار تتجه فيها إلى اجتماع الرباعية الدولية المقرر انعقاده في واشنطن، باعتباره فرصة لإحداث اختراق في مسار الحرب السودانية، جاء الإعلان المفاجئ عن إلغائه ليكشف عن تعقيدات الملف السوداني وهشاشة المبادرة الدولية ذاتها.
فهذا الاجتماع الذي كان يُفترض أن يُتوَّج مسارًا تنسيقيًا دوليًا نحو السلام، تحوّل إلى ساحة لتضارب الأجندات داخل الرباعية التي تضم: الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، ومصر. وقد بدأ واضحًا أن غياب الرؤية المشتركة طغى على أي إمكانية لتفاهم حقيقي.
ما تسرّب من كواليس دبلوماسية بحسب الشرق الأوسط أشار إلى أن الخلافات لم تكن حول الهدف المعلن، بل حول الوسائل والآليات، وعلى رأسها مسألة توسيع المشاركة لتشمل أطرافًا مثل بريطانيا، وقطر، والاتحاد الأوروبي. وهي خطوة دعمتها واشنطن، بينما رفضتها أطراف أخرى خشية فقدان السيطرة على القرار الجماعي.
هذا الانقسام لم يكن شكليًا، بل عبّر عن تباين جوهري في أولويات كل طرف: فبينما تنظر الولايات المتحدة إلى السودان من منظور جيوسياسي مرتبط بصراعات النفوذ مع الصين وروسيا، تركّز القوى الإقليمية على استقرار حدودها ومصالحها المباشرة. أما السودان نفسه، كدولة وشعب، فيغيب عن معادلة الحل وصناعة القرار.
إقصاء الجيش السوداني والحكومة الرسمية عن الاجتماع، رغم أن القضايا المطروحة تشمل الترتيبات الأمنية والمساعدات الإنسانية، أثار شكوكًا واسعة حول جدية المبادرة. فكيف يُناقش وقف إطلاق النار دون حضور من يمتلك سلطة فرضه على الأرض؟ هذا الغياب اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على أن ما يُطبخ خلف الأبواب المغلقة لا يعكس تطلعات السودانيين، بل يُعيد إنتاج خارطة النفوذ الإقليمي بواجهة سياسية.
وقد ازداد المشهد تعقيدًا بعد إعلان مليشيا الدعم السريع وتحالف “تأسيس” مؤخرًا عن تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا بجنوب دارفور، حملت اسم “حكومة السلام والوحدة”، برئاسة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ، مع تعيين عبد العزيز الحلو نائبًا، ومحمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء.
هذه الخطوة، التي ترافقت مع إعادة تفعيل الهياكل التنفيذية والإدارية في مناطق سيطرة المليشيا، تجسّد فعليًا الأطماع الإقليمية ، وتحول الصراع من نزاع على السلطة إلى تنازع على الجغرافيا والشرعية. وقد قوبل هذا التطور برفض واسع من الحكومة السودانية والنخب والأحزاب الوطنية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره محاولة لتقسيم البلاد.
هذا الإعلان يُقوّض أي مسار تفاوضي يُدار من الخارج دون مشاركة حقيقية للفاعلين على الأرض، ويؤكد أن التراخي الدولي والتنازع داخل الرباعية لا يفتحان بابًا للسلام، بل يُمهّدان لمناخ تقسيم غير معلن. كما يُعيد طرح الأسئلة حول مشروعية أي مبادرة لا تستند إلى تفويض شعبي أو غطاء سياسي من مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
فشل اجتماع واشنطن لا يمكن اعتباره مجرد تعثّر دبلوماسي، بل هو دليل إضافي على غياب إرادة دولية موحدة، وافتقار المبادرة لتمثيل عادل وغطاء قانوني. فالسلام في السودان لا يُبنى على تفاهمات فوقية أو تسويات نفوذ، بل على مسار سياسي شامل ينطلق من الداخل ويستند إلى شرعية وطنية، لا وصاية فيها لأحد على أحد.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل دروس التجارب الإقليمية القريبة. ففي ليبيا واليمن، لعبت أطراف إقليمية ودولية أدوارًا مزدوجة: فاعلة في النزاع ووسيطًا في آنٍ معًا، ما أفرغ مسارات السلام من مضمونها الحقيقي.
تلك الوساطات، بدلاً من أن تستجيب لصوت الضحايا، تحوّلت إلى أدوات لتمرير صفقات النفوذ. وكانت النتيجة حروبًا متجددة واتفاقات هشة. وإذا فشلت تلك القوى في بناء السلام هناك، فما الذي يجعلها مؤهلة لقيادة مسار ناجح في السودان، وهي لا تزال تتعامل معه بعقلية النفوذ لا المسؤولية؟
ربط مستقبل السودان بمصالح الخارج هو وصفة مكرّرة لإعادة إنتاج الفشل، ما لم يكسر السودانيون هذا النمط عبر مراجعة جذرية وشجاعة لخلافاتهم، وصولاً إلى مشروع وطني خالص، ينمو من داخل المجتمع السوداني، بدعم مؤسسات الدولة والجيش والأحزاب السياسية.
وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد صراع على السلطة أو موارد الدولة، بل هو صراع على تعريف الدولة ذاتها. والرباعية الدولية، بصيغتها الحالية، لا تملك مقومات الحل بقدر ما تعكس تاريخًا مخزيا ساهم في إدخال السودان إلى نفق الحرب، وسط توازنات متقلبة ومصالح متقاطعة.
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أن أي سلام لا ينبع من إرادة السودانيين، سيُولد ميتًا. أما المشروع الوطني الجامع، فلن يأتي بقرار دولي أو إعلان سياسي من نيالا أو واشنطن، بل بإرادة داخلية تفرض حضورها وتجبر العالم على الإصغاء.
دمتم بخير وعافية
.إبراهيم شقلاوي
الخميس 31 يوليو 2025م
[email protected]