قال مستشار الرئيس السوداني السابق والقيادي البارز في "التيار الإسلامي العريض" بالسودان، الدكتور أمين حسن عمر، إن "الإسلاميين لم تمر عليهم أوقات هم أكثر اتفاقا وتعاونا من الوقت الراهن، والتيار الإسلامي في توحده وتنسيقه اليوم مؤهل، ولا ريب، لقيادة مرحلة ما بعد الحرب".

وأكد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "هناك جهات خارجية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على دفع البلاد لتسوية مرفوضة تضمن وجودا فاعلا للمليشيا (في إشارة لقوات الدعم السريع) في القوة المسلحة، وفي المجال السياسي، وهو أمر يرفضه غالب السودانيين بقوة، وسوف يقاومونه بذات القوة؛ فالمليشيا المجرمة ومرتزقتها من خارج البلاد ليس لهم أي مكان في بلد حر يرفض الانصياع والإذلال".



وأشاد عمر بالتصريحات الأخيرة التي قالها مساعد قائد الجيش السوداني، ياسر العطا، والتي كشفت أن رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، سيلغي الوثيقة الدستورية ويعلن أخرى جديدة، كما سيقوم بتعيين رئيس وزراء مستقلا.

وأضاف عمر، وهو كبير المفاوضين عن الحكومة السودانية في محادثات الدوحة للسلام في دارفور (2009-2011): "تصريحات العطا تتجه ذات الاتجاه الذي يرغب فيه الشعب السوداني، وهذه القرارات تأخرت كثيرا للأسف استرضاءً لجهات لن ترضى إلا بالخضوع الكامل لإملاءاتها"، وفق قوله.

وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف ترى المشهد العام في السودان اليوم بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب؟


واقع الحرب شبيه بأوضاع كل حرب يقع فيها تطاول بسبب تعقيد الظروف الميدانية والسياسية والاقتصادية، وأكبر تعقيدات هذه الحرب هو التدخل الإقليمي والدولي الكثيف لغير صالح الشعب السوداني، والإمداد الذي يزيد ولا يتوقف من الجهات الراعية للمليشيا، والصمت المخزي مما يُسمى بالمجتمع الدولي تجاه جرائم المليشيا في حق المواطنين العزل من المدنيين، وحرب التطهير العرقي التي يشارك فيها آلاف المرتزقة من أنحاء متفرقة من أفريقيا.

الجيش السوداني يحزر تقدما بطيئا في الخرطوم ووسط السودان، كما تصدى لهجمات المليشيا على عاصمة إقليم دارفور وتكبّدت خسائر فادحة في الأنفس والمعدات، لكن الدعم اللوجستي والحربي لا يزال يُصب عليها صبا من الدولة الراعية لها عبر دول مجاورة تورطت بالرشاوى في الحرب، وما تدري لأي منزلق تقود بلادها بهذا السلوك المخزي، خاصة أن هناك محاولات باسم العمل الإنساني من قِبل دولة بعينها لتسهيل إمداد المليشيا بالسلاح، وخاصة من خلال دارفور، استغلالا لإعلان الحكومة السودانية ترحيبها بالعمل الإنساني في كل أنحاء البلاد بكامل الحرية.

وهذه حرب قاسية لا تستهدف فيها المليشيا مؤسسات الدولة، والسيطرة على الحكومة فحسب، وإنما تستهدف الأفراد والأشخاص والمرافق المدنية وتنهب وتقتل وتغتصب، وهذه الأعمال المجرمة أصبحت معلومة للكافة، في حين كانت الاستجابة تجاهها استجابة ضعيفة ولا تزيد عن الألفاظ الكلامية، لكن في الوقت نفسه هناك مساعي ومحاولات جادة من أجل البحث عن نهاية تحفظ للشعب السوداني حريته وإرادته وكرامته.

هل هي حرب جنرالين أم بين مشروعين متناقضين؟

سردية أن الحرب بين جنرالين سردية ينشرها ويقودها إعلام الدولة المتورطة في الحرب عبر رعايتها المليشيا، وإلا فأن ما يُصرّح به جنود المليشيا وقادتها مُخالف لهذه الرواية؛ فهم يتحدثون عن إسقاط الدولة التي عرفها السودان منذ استقلالها، ويعملون على طرد المواطنين من بيوتهم، ونهب الأملاك، ووضع أيدي المرتزقة القادمين من خارج السودان على أملاك السودانيين ومنازلهم وأوطانهم.

هذه الحرب الآثمة هي حرب يقودها الخارج الطامع، ويستخدم فيها مرتزقة من داخل البلاد، ولكن غالبهم من خارجها، حيث جلب مرتزقة من كل أنحاء أفريقيا، لتحقيق سيطرته على موارد البلاد، وفرض نفوذه على قراراتها السيادية، ولكن هيهات لهم أن يُحققوا ذلك على حساب الشعب السوداني.

ياسر العطا مساعد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، أعلن قبل أيام أن رئيس مجلس السيادة سيلغي الوثيقة الدستورية ويعلن أخرى جديدة، كما سيقوم بتعيين رئيس وزراء مستقلا.. كيف تنظرون لهذه الإجراءات المرتقبة؟

تصريحات العطا تتجه ذات الاتجاه الذي يرغب فيه الشعب السوداني أو سواده الأعظم، وهذه القرارات تأخرت كثيرا للأسف استرضاءً لجهات لن ترضى إلا بالخضوع الكامل لإملاءاتها، وبالأمس رفض السودان الطريقة التي وجهت بها الولايات المتحدة طلبا للسودان للذهاب لجدة، ورأى فيها نائب رئيس مجلس السيادة (مالك عقار) استخفافا واحتقارا للسودان، وأكد أن الحكومة لن تستجيب لهذا الطلب الذي جاء وكأنه "أمر" وليس طلبا من دولة ذات سيادة يقطنها شعب سريع الحساسية تجاه كل ما يمس كرامته واستقلال قراره الوطني.

ياسر العطا قال أيضا إن "روسيا طلبت نقطة تزود على البحر الأحمر مقابل إمدادنا بالأسلحة، والبرهان سيوقع على اتفاقيات مع روسيا قريبا".. ما تعقيبكم؟

الاتفاق على نقطة إمداد وإعادة تزود مع روسيا قديم منذ أكثر من خمس سنوات، وهو اتفاق سيادي ويحق لكل دولة أن تقرر ما تراه محققا لمصالحها وخاصة في ظروف مثل الظروف الماثلة، ولذلك فإن تبادل المصالح مع روسيا وغير روسيا لا يجب أن تأخذ فيه القائمين بالأمر لومة لائم.

هل يمكن أن يحدث تقسيم جديد في السودان في ظل احتدام الاشتباكات في الفاشر في إقليم دارفور؟

لن يكون هناك انقسام جديد في السودان، حتى في دارفور التي تتخذها المليشيا منصة للهجوم على كل أنحاء السودان؛ فغالبية المواطنين يرفضون هذه المجموعة، ويقاتلون الآن بكرامة وبقوة ضد محاولات المليشيا للسيطرة على عاصمة الإقليم في الفاشر.

ما موقع الإسلاميين في المشهد الراهن في ظل انقسامهم الذي يلحظه البعض؟ وما أبعاد الخلافات بينهم اليوم؟

أولا لا أدري أين هو المراقب الذي لاحظ انقسام الإسلاميين؛ فهو إما متوهم أو سامع غير شاهد؛ فالإسلاميين لم تمر عليهم أوقات هم أكثر اتفاقا وتعاونا من الوقت الراهن؛ فالجماعات ذات التوجه الإسلامي كلها توحدت في تنسيقية واحدة باسم "التيار الإسلامي العريض"، وهي تعمل بقيادة واحدة في مجالات إسناد القوة المقاتلة بالمال والرجال وكافة المعدات والاحتياجات.

واستهداف الجماعات الإسلامية الذي لم يفرق بين جماعة وأخرى، وكذلك استهداف المؤسسات الإسلامية والمكتسبات الإسلامية، كان من أقوى حوافز جمع كلمة الإسلاميين واصطفافهم للتصدي للاستهداف والعدوان.

هل هناك فرصة لاستعادة المسار السياسي مُجددا في السودان؟

المسار السياسي لم يذهب حتى يُستعاد؛ فما يجري من حوار وسجال بين القوى السياسية داخل وخارج السودان هو مسار سياسي متوافق مع متطلبات المرحلة، ولكن التركيز الآن هو على دحر العدوان وصده ثم جمع الصفوف بلا استثناء، إلا لمَن أبى، وذلك من أجل إعادة البناء السياسي والاقتصادي على رؤى يتوافق عليها سواد الناس أو غالبيتهم المشهودة.

وحتما سيتشاور كل السودانيين يوما ما للتوصل إلى تفاهم سياسي يشمل الجميع ولا يستثني أحدا، ولن يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، ولكل مواطن -مهما كان رأيه- الحق في تقرير مصير بلده من خلال الوسائل الديمقراطية التي اصطلح عليها الجميع.

مع العلم أن المجموعة السابقة التي سيطرت سابقا على البلاد، وتحالفت بصورة أو أخرى مع الطرف المعتدي الآن، تحاول يائسة أن تعيد الأمور إلى الشكل الذي يعيد هذا الحلف من جديد إلى الساحة السودانية، لكنها لم ولن تنجح في ذلك، لأن كل الناس تضرّروا من هذا العدوان، وعزلوا هذه المجموعة السياسية.

ما هو مستقبل التيار الإسلامي في السودان؟

التيار الإسلامي في السودان تيار واسع متنوع الاتجاهات، ولكنه متوحد في الرؤى الدينية الكبرى والمصالح الوطنية التي لا يختلف عليها الأحرار العقلاء. ولذلك فهو في توحده وتنسيقه ومحافظته على ذات الروح التي يتحلى بها في مواجهة العدوان هو مؤهل، ولا ريب، لقيادة مرحلة ما بعد الحرب، ولو كره ذلك كارهون من داخل البلاد ومن خارجها.

ما أبعاد التدخلات الإقليمية والدولية اليوم في السودان؟

جهات خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على دفع البلاد لتسوية مرفوضة تضمن وجودا فاعلا للمليشيا في القوة المسلحة، وفي المجال السياسي، وهو أمر يرفضه غالب السودانيين بقوة، وسوف يقاومونه بذات القوة؛ فالمليشيا المجرمة ومرتزقتها من خارج البلاد ليس لهم أي مكان في بلد حر يرفض الانصياع والإذلال.

وللأسف الشديد التوازنات السياسية الدولية والإقليمية تمنع من أن يكون هناك ضغط دولي أو إقليمي قوي يساهم في إنهاء تلك الحرب، ومؤخرا طلبت الجامعة العربية عدم إمداد هذه الميليشيا بالسلاح الذي تعتدي به على الدولة، وطلبت أن تعترف كل الدول العربية بالجيش السوداني الرسمي، لكن هناك دولة واحدة تحفظت على ذلك. بكل أسف هناك إمداد سياسي وعسكري وإعلامي قوي تحظى به هذه المليشيا من قوى إقليمية معروفة في المقابل هناك سكوت مريب من قِبل قوى دولية أخرى.

لذلك، السبيل هو مواجهة المليشيا ودحرها وهزيمة مقاصدها ومقاصد مَن يدفعونها ويدفعون لها، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، وقد يتطلب كثيرا من التضحيات، ولكن القاعدة الشرعية هي ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبنا، ونحن سنقوم بالواجب بإذن الله.

والمطلوب اليوم هو تلاحم الجميع مع بعضهم البعض حتى نجبر هذه المليشيا المجرمة على الانصياع لإرادة الشعب، أما أن نستسلم لها ونقبل بوجودها هكذا، فهذا أمر غير مقبول جملة وتفصيلا، وسنواصل جهادنا ضدها حتى لو طالت هذه الحرب عشر سنوات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات السوداني الدعم السريع البرهان السودان الدعم السريع البرهان حرب السودان امين حسن عمر المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التیار الإسلامی الشعب السودانی فی السودان

إقرأ أيضاً:

توقعات الطقس فى السودان ال24ساعة المقبلة

توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية انخفاض متوقع في درجات الحرارة العظمى بمعدل (1-3) درجات مئوية في معظم أنحاء البلاد.
درجات الحرارة الصغرى تواصل انخفاضها الطفيف في الشمال والأواسط، بينما تسجل ارتفاعاً طفيفاً في باقي المناطق.
الطقس نهاراً: حار في شمال غرب وغرب البلاد.
حار إلى حار جداً في الشمال، الشرق، الأواسط، والجنوب.
الطقس ليلاً: معتدل في معظم الأنحاء.

الرياح:
شمالية خفيفة في أجزاء من الشمال، الأواسط، والشمال الغربي.
شرقية خفيفة إلى متوسطة على شمال ساحل البحر الأحمر.
جنوبية غربية خفيفة في الشرق والجنوب.

توقعات الأمطار:
أمطار خفيفة متوقعة في: شرق القضارف، جنوب شرق سنار، شمال شرق وجنوب غرب النيل الأزرق، جنوب جنوب كردفان، جنوب غرب كردفان، شرق دارفور، جنوب جنوب دارفور، جنوب وسط دارفور

أعلى درجة حرارة متوقعة اليوم:
43.0°C في مدينة شندي
أدنى درجة حرارة متوقعة صباح الغد:
22.0°C في شلاتين ورشاد

على ساحل البحر الأحمر: انخفاض في درجات الحرارة العظمى واستقرار في الصغرى، مع طقس صافٍ ومعتدل. :

من أهم معالم الطقس خلال ال24ساعة القادمة وفق ما جاء فى نشرة الهيئة اليوم :
مرتفع جوي يتمركز في شمال غرب إفريقيا يمتد حتى شمال، شمال غرب، وغرب البلاد.
منخفض السودان الحراري يغطي شرق، أواسط، وجنوب شرق البلاد.
الفاصل المداري يمر اليوم عبر: شمال كسلا، ود مدني، جنوب الخرطوم، الأبيض، الفاشر، والجنينة.

ملخص طقس الأمس:
أعلى درجة حرارة: 45.5°C في مدينة كريمة.
أدنى درجة حرارة صباح اليوم: 22.0°C في بورتسودان.
أمطار خفيفة في مدينة رشاد

سونا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الدكتور المصطفى: كل المنصات الإعلامية التي تلتزم بالعمل الوطني مرحب بها
  • وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
  • البرهان يصدر قرار عاجل بشأن إتهامات أمريكية بإستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب
  • ميناء جدة الإسلامي يستقبل آخر فوج من حجاج السودان
  • نعم الوضع في السودان ليس ذلك الوضع الذي يصل حد الرفاهية
  • السوداني يوجه بتسهيل عمل المقاولين ومعالجة المعوقات التي تواجههم
  • تفاؤل أمريكي بقرب إنهاء الحرب في غزة.. مبادرة ويتكوف تدخل مرحلة الحسم
  • توقعات الطقس فى السودان ال24ساعة المقبلة
  • ميليباند: هناك شعورٌ بوجود الإمكانات لأول مرة في سوريا منذ 13 عاماً
  • هل يستبعد ضلوع المليشيا وقحت في حرب بيولوجية ضد الشعب السوداني؟!