مع تزايد الإخفاقات التي تحيط بدولة الاحتلال، يزداد استخدام الإسرائيليين لمفردات الانهيار والسقوط، مع أن الدول بالعادة لا تسقط دفعة واحدة، لأن مثل هذه العمليات التاريخية والسياسية تستغرق وقتا طويلا، غير أنهم باتوا في السنوات الأخيرة يلاحظون العلامات والنقوش الموجودة على الحائط لديهم. صحيح أنهم يحاولون إنكارها، ويغمضون أعينهم، ويديرون رؤوسهم ليهربوا من استحقاقاتها، لكنهم في النهاية، التي ستأتي متأخرة جدًا، لن يكون أمامهم ما يفعلونه حين تسقط الدولة.



أبراهام بورغ، وهو الرئيس السابق للكنيست والوكالة اليهودية، أكّد أن "ما انطبق على جميع الدول والإمبراطوريات سوف ينطبق على إسرائيل، البابليون والكلدانيون، اليونانيون والرومانيون والفرس، كانوا موجودين، ثم لم يعودوا موجودين".

ويوضح: "رغم أن هناك العديد من القواسم المشتركة بين انهيارها والوضع الذي تعيشه دولة الاحتلال اليوم، لاسيما امبراطورية روما، التي تطورت على مدار مئات السنين، من مدينة ملكية إلى قوة هائلة وعظيمة، وجمعت تحت جناحي النسر الإمبراطوري قمة التكنولوجيا والهندسة والعلوم واللوجستيات والمعرفة والفن والعسكرية والفلسفة والثقافة والقانون والفكر والإدارة".

وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21" أنه "رغم مرور 1500 عام منذ ذلك الحين، لكن تلك الامبراطورية انتهت، وانهارت فجأة، ويسرد المؤرخون عدة أسباب، أحدها يمسّ الإسرائيليين اليوم حقًا، هنا والآن، فقبل 150 سنة من سقوطها، تبنى الإمبراطور الديانة المسيحية، وجعلها دين الإمبراطورية".

وتابع: "وفي لحظة الذروة الدينية، بدأ السقوط الحتمي، ويرجع ذلك جزئيًا لتحويل الموارد الوطنية لصالح الأهداف الدينية الجديدة، وتنمية الجهاز الديني، وإنشاء المؤسسات الدينية، وصيانة رجال الأعمال الدينيين غير المنتجين على حساب دافعي الضرائب، وكل أوقية من الذهب ذهبت لخزائن الكنيسة كانت مفقودة لصيانة الإمبراطورية".

وأشار إلى أنه "عندما أصبحت المسيحية دين الدولة، شيء أساسي انكس، وفهم رعايا الإمبراطورية أن الولاء المطلوب منهم لم يعد للإمبراطور ووطنه، بل للإله الجديد وكنيسته، ممن هم فوق البلاد وعاصمتها البعيدة، واستغرق الأمر عدة أجيال لاستيعابها، وعندما حدث ذلك، انتهت الإمبراطورية".


وحذر بأن "هذا هو الوضع اليوم في إسرائيل في عام 2024، خاصة مع تعاظم نفوذ التيار الديني، الداعي لإقامة الدولة الدينية وهي بالمناسبة وصفة للانتحار، وبالتالي فليس هناك سوى حلّ واحد مثبت ضد مثل هذا الوباء، وهو العزل والانفصال، أو إذا شئت، فصل الدين عن الدولة، وبدونه، لن يكون لإسرائيل المعاصرة أي نهضة، وإلا السقوط والانهيار".

من جهته، دان بيري، وهو رئيس جمعية الصحفيين الأجانب في تل أبيب، وضع يده على سبب آخر لتراجع دولة الاحتلال ممثلة بـ"الفساد العميق متعدد الأنظمة في مؤسسات الدولة، لاسيما في ضوء الكشف مؤخرا عن عدد من فضائح الفساد التي كشفتها تحقيقات صحفية وتلفزيونية، صحيح أنها كانت مرعبة، لكنها ليست مفاجئة على الإطلاق، لأنه من الواضح منذ فترة طويلة أن الفساد بات من المعايير الموضوعة هنا في الدولة والمعمول بها".

وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21" أنه "خلال السنوات الطويلة لبنيامين نتنياهو وائتلافه الديني اليميني تحولت الدولة مع مرور الوقت إلى نوع من المافيا، ومعظم أنصارها لا يهتمون بمستقبلها لأسباب مختلفة، مع العلم أن السياسيين الحاليين لم يخترعوا الفساد، لأنه لعب دوراً كبيراً في سقوط حزب العمل عام 1977، ويا للمفارقة، لعب فساد حزب الليكود دوراً في عودة حزب العمل للسلطة عام 1992".

وأكّد أن "شعار الناخبين كان آنذاك هو "لقد طفح الكيل بالفاسدين"، رغم أنه بالمقارنة يظهر أن ذلك الفساد يمكن تشبيهه بألعاب أطفال مقارنة بما حدث في السنوات الأخيرة، فإن الفساد اليوم يتجاوز المناقصات والتعيينات والإجراءات الفاسدة وغير السليمة".

وتابع: "لقد باتت دولة الاحتلال أمام فساد متعدد الأنظمة وأعمق بكثير، لاسيما أسلوب إدارة نتنياهو ذاته، الذي يدرك أن كل من حوله غير أكفاء وغير جديرين، ولا يشكل أحد تحدياً له، أو يطغى عليه. ولهذا السبب تم طرد القلة من الليكوديين الموهوبين بالمهارات". 


وضرب على ذلك مثالا أنه "إذا كان هناك شيء واحد يمكن معرفته عن وزير المالية، بيتسلئيل سموتريش، فهو أنه ليس لديه أدنى فكرة عن المالية، وإذا كان هناك شيء واحد يمكن افتراضه بشأن وزير الحرب، إيتمار بن غفير، فهو أنه "مجرم مدان، وإذا قمت بتعيين غير أكفاء، فإنك تحصل على خلل وظيفي، وقد رأينا النتيجة في السابع من أكتوبر".

وأشار إلى أن "الفساد الاسرائيلي على المستوى الاستراتيجي أنتج استمرار احتلال ملايين الفلسطينيين ممن لا يتمتعون بحقوق متساوية، وبات العنف وانتهاكات حقوق الإنسان نتيجة طبيعية لهذا الوضع، الذي أسفر عن معايير سلوكية فظيعة تغلغلت لما وراء الخط الأخضر، بسبب وجود "إسرائيل الشريرة"، التي لا تفهم، ولا تحسّ، لا يهمها نقاء الأخلاق ولا المجتمع، وهذا الجزء من الدولة فاسد حتى العظم، حتى النخاع".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية قمة التكنولوجيا غزة التطرف الديني قمة التكنولوجيا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«العالمي للتسامح»: العيش بكرامة وسلام حق للشعوب

شارك أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، في مؤتمر «استراتيجية مكافحة التطرف في الشرق الأوسط وحول العالم من خلال التعليم من أجل التسامح وثقافة السلام»، الذي عقد داخل قاعات البرلمان الأوروبي، بحضور أعضاء البرلمان والتحالف البرلماني الدولي من أجل الأخلاق العالمية.
ولفت الجروان في كلمته، إلى الحراك الدولي المتزايد الذي يشهده العالم عبر الزيارات واللقاءات الرئاسية رفيعة المستوى، معتبراً أنه يعكس اهتماماً متنامياً بتفعيل قيم الأمن والسلام والتعايش السلمي.
كما أكد الحاجة الملحّة لتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالأراضي الفلسطينية، وضمان حق الشعوب في العيش بكرامة وسلام، مشدداً على أن هذا الحق يمثل أولوية دائمة للمجلس العالمي للتسامح والسلام. وأضاف أن التطرف يمثل أحد أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات حول العالم، مشيراً إلى أن النزاعات الدولية الأخيرة زادت من انتشار هذا التهديد، مما يستدعي تعزيز الجهود التعليمية والثقافية.
وأكد أن المجلس يرى في التعليم بمختلف مراحله حجر الأساس في مكافحة التطرف، مستعرضاً جهود المجلس في إطلاق برامج أكاديمية متخصصة، منها برنامج ماجستير في دراسات التسامح والسلام يُدرّس بعدد من الجامعات الأوروبية والعربية، ويهدف إلى إعداد جيل من الخبراء.

مقالات مشابهة

  • مسؤولون إسرائيليون بعد عملية واشنطن: “ندفع ثمن تطرفنا وجرائمنا”
  • تقرير أممي صادم: الطلب على الطاقة النظيفة يغذي الجريمة والفساد
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • محافظة القاهرة: لا توجد أي خسائر للهزة الأرضية التي وقعت اليوم
  • «العالمي للتسامح»: العيش بكرامة وسلام حق للشعوب
  • كيف لي أن أبدد مخاوفها وهي التي تظن أنني سأتركها بسبب مرضها؟
  • الشعب لن يسمح باستمرار الفساد والانقسام.. تحالف أحزاب التوافق الوطني يدعو للمشاركة في “جمعة الخلاص”
  • الإمارات عضواً بالمجلس التنفيذي للرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد
  • الإمارات عضو بالمجلس التنفيذي للرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد
  • من الذي التهم صنم العجوة ؟