ـ أهالي قرى المارات ـ وكرب يطالبون بتعزيز الخدمات الأساسية كالمدارس والمركز الصحي وتقوية شبكة الاتصالات

عُمان بلد استثنائي في تضاريسه كما هو بلد استثنائي في تاريخه.. فقد ساهمت التضاريس الصعبة والقاسية في صناعة الإنسان في هذه البلاد، ولذلك عندما صنع العماني تاريخه كان صلبا واستثنائيا، لأنه قُدّ من صلابة الجبال ومن شموخها الذي يطاول السماء، ولا غرابة إذن أن يستطيع العماني تطويع التضاريس الصلبة ويشق وسطها طرقا تكون شرايين تنقلاته وتفاعلاته الحياتية.

ووسط سلسلة جبال الحجر الشامخة والمليئة بالحكايات والأساطير ثمة حياة وتجارب تستحق أن توثق لأنها تقدم نماذج في الكفاح وفي التضحية وفي الصبر.

وفي هذا التحقيق الصحفي تسلط "عمان" الضوء على قريتي "المارات" و"كرب" التابعتين لولاية الرستاق، وهما قريتان في عمق سلسلة جبال الحجر الغربي، لم تكن رحلة الوصول إليهما سهلة، كان علينا الاتجاه من محافظة مسقط إلى محافظة الداخلية لبلوغ القريتين وذلك عبر ولاية الحمراء ثم صعود جبل شمس.. واستغرق فريق التحقيق أكثر من 3 ساعات للوصول إلى تلك القرى.

ربط قريتي المارات ـ كرب بمركز ولاية الرستاق بدأ من قبل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عام 2007، حيث استطاعت الشركة المسند لها المشروع شق 8 كيلومترات من أصل 11 كيلومترا وهي المسافة بين قريتي كرب ـ يصب، ليتوقف العمل بعد ذلك لوجود أماكن شديدة الصلابة، وفي عام 2016، فأخذ الأهالي زمام المبادرة لإكمال شق الطريق بدءا من قرية يصب، وقد استطاعوا -بجهودهم الذاتية- شق كيلومتر واحد، ليتوقف العمل بعدها بسبب الصلابة الشديدة للجبل، وعادوا مرة أخرى في 16 يونيو 2021 لإكمال شق الطريق من حيث انتهت الشركة المسند لها المشروع من ناحية قرية كرب، وتكلل العمل بالنجاح، وافتتح الطريق أخيرا في 25 مايو 2024.

كان خبر افتتاح الطريق المنجز بجهود ذاتية وسط وعورة جبال الحجر الغربي يستحق المغامرة، ولم يتأخر فريق التحقيق في جريدة "عمان" عن المغامرة.

استغرق هذا الطريق سنوات طويلة حتى أصبح حقيقة رغم وعورته ولكنه قصر المسافات وربط القرى بالخدمات التي تقدمها المدينة، وخلال سنوات العمل تعرضت المعدات التي شقت هذا الطريق للكثير من الأعطال، لكن لم يتسلل اليأس إلى نفوس أصحاب المشروع الذي تبناه أحد أفراد قرية "المارات" وبدعم من أهالي الولاية ومكتب محافظ جنوب الباطنة، وأصرّ الجميع على ذليل الصخر ونحت طريق وسط صخوره الصلدة.

قام فريق جريدة "عمان" بتجربة الطريق المعلق في أعالي الجبال والذي يمرُّ بمنحدرات صعبة تجاورها منحدرات سحيقة جدا، رغم ذلك فقد كانت قيادة المركبة في طريق "كرب ـ يصب" سلسة، ولم تواجه الفريق تحديات حتى بلوغ مشارف قرية "يصب" في رحلة قصيرة استغرقت حوالي 30 دقيقة فقط ذهابا ومثلها للإياب، وكان الموقع الذي مر به الطريق -رغم وعورته- مغريا لسياحة المغامرات ولمحبي التخييم، حيث يمتاز بجو جميل طوال العام، ولا يختلف الطقس في هذه القرى عما هو عليه في الجبل الأخضر، إذ مررنا على مزارع الرمان والمشمش والعنب والخوخ وغيرها من المزروعات التي لا تنمو إلا في مثل طقس الجبل الأخضر، كما اتخذت أشجار العتم والعلعلان وغيرها من الأشجار المعمرة موطنا لها في تلك القرى عالية الارتفاع.

تبني الطريق

التقت جريدة "عمان" بعدد من قاطني قرى "المارات" و"كرب" خلال الزيارة وناصر بن علي الحاتمي، أبرز المساهمين في مشروع طريق "كرب ـ يصب" حيث قال لنا: جاءت فكرة المشروع بعد مطالبات للجهات الحكومية بشق طريق يربط القرى بمركز الولاية وكل مرة يأتي الرد بعدم وجود وفورات مالية تسمح بإنجاز الطريق، وتمت دراسة سير الطريق ووضع خطة العمل، وبجهد القائمين بدأ العمل منذ أكثر من سنتين وقد واجهتنا صعوبات منها الأعطال التي تصيب المعدات بسبب صعوبة المكان وتكلفة صيانتها العالية وكذلك الأنواء المناخية التي جعلتنا نقوم بإعادة صيانة ما تم إنجازه، ومن الصعوبات، أيضا، اعتراض الصخور الصلبة لمسار الطريق، مما زاد من وقت العمل وتكلفته، لكن بالإصرار على تحقيق الهدف بلغنا قرية يصب في 25 مايو 2024، واستكملنا إنجاز هذا العمل الذي تم بمبادرة أهلية، ولكن الطريق يحتاج إلى سفلتة بالأسمنت في بعض الأماكن ووضع العبارات الصندوقية وتوسعة بعض الأماكن، وإنشاء مواقف تكون عبارة عن إطلالة للتصوير خاصة في بعض المواقع التي تتميز بالمناظر الساحرة.

وأكد سعيد بن خلفان بن محمد الحاتمي أن المناطق الواقعة في قريتي "المارات" و"كرب" لا تزال بحاجة إلى المزيد من الخدمات الأساسية، ومن بينها المركز الصحي، إذ يستغرق نقل المريض وقتا طويلا للوصول إلى أقرب مؤسسة صحية في ولاية الحمراء أو نقله إلى ولاية الرستاق، إضافة إلى ضرورة رصف بعض الطرق وإيصال خدمات المياه وتقوية شبكة الاتصالات في المنطقة.

وقال خميس بن راشد الحاتمي: إن قريتي "المارات" و"كرب" من القرى الجبلية البعيدة عن مركز ولاية الرستاق، وثمة حاجة ماسة إلى وجود مركز صحي يخدم مثل هذه القرى وكذلك المدارس، إذ يضطر الطلبة لقطع مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم إضافة إلى ضرورة تقوية شبكة الاتصالات، كما نأمل من الجهات المعنية تقديم الدعم لرصف طريق "كرب ـ يصب" لتسهيل تسويق ووصول المنتجات الزراعية إلى مركز ولاية الرستاق وتتمثل هذه المنتجات في العنب والمشمس والخوخ والرمان والبرقوق.

وأكد حمود بن سعيد الحاتمي أن طريق "كرب ـ يصب" يختصر المسافات للوصول إلى مركز ولاية الرستاق والذي استكمل بجهود أهلية وبمساهمات من بعض القاطنين بعد توقف الشركة المسند لها المشروع، وقد استغرق المشروع نحو 3 سنوات وتكلل هذا المشروع بافتتاحه في 25 مايو 2024.

وقال عبدالله بن سالم الخاطري، عضو المجلس البلدي بمحافظة جنوب الباطنة ممثل ولاية الرستاق: إن طريق "كرب ـ يصب" يعتبر من الطرق المهمة والتي تعقد عليها الآمال، فهو ليس مجرد طريق يصل بين قريتين وإنما طريق حيوي يربط بين محافظتين، محافظة جنوب الباطنة والداخلية والأشمل من ذلك فهو يربط بين محافظات مسقط وشمال وجنوب الباطنة بمحافظة الداخلية.

وأشار إلى أن العمل في هذا الطريق بدأ عام 2007م بمناقصة تم طرحها في تلك الفترة من قبل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، حيث تم شق الطريق لمسافة 8 كيلومترات تقريبا من أصل 11 كيلومترا وهي المسافة بين قريتي "كرب ويصب" ليتوقف العمل بعد ذلك لوجود أماكن شديدة الصلابة بحاجة إلى تفجير وهو ما لم يتم التوافق عليه بين الشركة المسند لها المشروع والوزارة.. مشيرا إلى أن الأهالي استهلوا في عام 2016م إكمال شق الطريق ولكن هذه المرة من قرية يصب، وقد استطاعوا بجهودهم الذاتية شق كيلومتر واحد من المسار ليتوقف العمل بعدها بسبب الصلابة الشديدة للجبل، ومضت الأيام والأعوام وبتاريخ 16 يونيو 2021م قام الأهالي بمحاولة أخرى لإكمال شق الطريق ولكن هذه المرة من المكان الذي توقفت فيه الشركة المسند لها المشروع من جهة قرية كرب، ومع الإصرار والعزيمة والتكاتف من الجميع وبعد مرور 3 أعوام استطاع الأهالي شق المسافة المتبقية وهي 2 كيلومتر لتفتح الآمال والتطلعات أمام الأهالي قبل فتح الطريق.

وأوضح أن طريق "كرب ـ يصب" سيوفر على الأهالي الوقت والجهد والمال، فبدلا من قطع مسافة تقدر بـ300 كيلومتر للوصول من مركز مدينة الرستاق إلى جبل شمس، تقلصت تلك المسافة كثيرا مع افتتاح هذا الطريق، أما بالنسبة للنتائج المرجوة من هذا الطريق فكثيرة وأهمها زيادة التقارب الاجتماعي بين المواطنين كما أنه سيساهم بشكل مباشر في تنشيط الحركة السياحية من وإلى جبل شمس كما أنه سيعزز النشاط الاقتصادي.

الخدمات البلدية

التقينا بالشيخ عبدالعزيز بن محمد بن حمود المعمري، مدير دائرة البلدية بالرستاق خلال زيارتنا لقريتي "المارات وكرب" والذي قال: إن قريتي "المارات وكرب" من القرى البعيدة التابعة لولاية الرستاق والواقعتين في جبل شمس وبعد الأنواء المناخية الأخيرة ارتأينا الوقوف على احتياجات الأهالي في قريتي المارات وكرب والتأكد من سلامة الطرق وكذلك الوقوف على الخدمات التي تقدمها البلدية ومن بينها النظافة العامة خاصة بعد الأنواء المناخية الأخيرة، ووضع مطالباتهم ضمن سلم الأولوية نظرا لبعدها الجغرافي عن مركز الولاية.

سينسى السكان كل سنوات الانتظار والجهود والتضحيات التي بذلت من أجل أن يصل الطريق إلى قراهم ويربطهم بمركز الولاية، سينسون كل ذلك التعب بمجرد أن يستطيعوا الوصول في أقصر مدة ممكنة إلى قريتهم في قمة الجبل قادمين من مركز الولاية، حيث الخدمات الطبية والتعليمية. أما تلك السنوات التي شهدت التعب والصبر والجهد، فيما هي إلا سنوات تضاف إلى سنوات البناء من أجل عمان ومن أجل إنسانها العظيم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مرکز الولایة للوصول إلى هذا الطریق شق الطریق جبل شمس

إقرأ أيضاً:

235 مليون ريال تكلفة مشروع شبكات توزيع المياه في الظاهرة

 

 

 

 

عبري- العُمانية

تنفذ نماء لخدمات المياه مشروع إنشاء شبكات توزيع المياه لولايات عبري، وينقل، وضنك في محافظة الظاهرة الحزمتين الأولى والثانية.

ويهدف المشروع إلى توفير المياه الصالحة للشرب بشكل آمن ومستدام لجميع قاطني الولايات الثلاث وتعزيز منظومة شبكات توزيع المياه، مما يضمن توفير مياه الشرب لعدد السكان المتزايد في محافظة الظاهرة، إضافةً إلى تعزيز التخزين الاستراتيجي للمياه في ولايات عبري، وينقل، وضنك لتلبية الطلب المستقبلي على المياه حتى عام 2050 بناءً على معطيات ومؤشرات التوسع السكاني والعمراني.

ويبلغ عدد التوصيلات بالمشروع 22 ألف توصيلة ويستفيد منه أكثر من 270 ألف شخص في ولايات المحافظة الثلاث، ومن المتوقع أن يصل عدد التوصيلات نصف مليون توصيلة حتى 2050.

ويشتمل المشروع في نطاق عمله على إنشاء 41 خزانًا أرضيًا تتراوح السعة بين 200 متر مكعب و93500 متر مكعب، إضافةً إلى إنشاء 8 خزانات علوية تتراوح السعة بين 300 متر مكعب و600 متر مكعب. ويشتمل أيضًا على إنشاء 35 محطة ضخ تتراوح قدرتها بين 4 أمتار مكعبة/ساعة و4936 مترًا مكعبًا/ساعة، كما يتضمن المشروع إمداد خطوط لنقل المياه تتراوح الأقطار بين 150 مم و1000 مم تمتد لمسافة إجمالية تبلغ 608 كم، إضافةً إلى شبكات توزيع المياه تبلغ أطوالها 1.130 كيلومتر تتراوح الأقطار بين 110 مم و355 مم.

وقال المهندس محمد بن حارب المخمري مدير المشروع، إنّ التكلفة الإجمالية للمشروع تبلغ 235 مليون ريال عُماني، وقد بدأت الأعمال الفعلية في المشروع بداية ديسمبر من عام 2024 ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذ المشروع في الربع الثاني من 2028.

وأضاف أنّ المشروع سيساهم في تعزيز الفرص بالولاية والتي تشمل المساهمة في التعمين لبعض الوظائف المتعلقة بالإشراف والتنفيذ، إضافةً إلى المساهمة بما قيمته 20 مليون ريال عُماني من المشروع كفرص وأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافةً إلى فرص أخرى تشمل قطاع الخدمات والصناعات المحلية والأصول والمساهمة المجتمعية. 

مقالات مشابهة

  • مصر وقطر توقعان مشروع إنشاء مصنع لإنتاج وقود الطائرات المستدام SAF
  • كيف حول مشروع الاستباحة الصهيوأمريكي المناهج إلى أداة هيمنة
  • 235 مليون ريال تكلفة مشروع شبكات توزيع المياه في الظاهرة
  • بهدف الغساني.. النهضة يحسم لقاء الرستاق في الدوري
  • محافظ صعدة يطلّع على سير العمل في المرحلة الثانية من مشروع طريق دماج – آل سالم
  • 75 مشروعًا أولوية.. سويلم يشهد فعاليات ختام خريطة طريق للجيل الثاني للمياه 2.0
  • وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات لـ عمان: تواصل تنفيذ 60 مشروعا بأكثر من 2 مليار ريال عماني
  • وزير الري يشهد ختام ورشة العمل "خريطة طريق للجيل الثانى لمنظومة المياه 2.0 "
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • تشغيل العمال عن طريق متعهد.. ضوابط جديدة يقرها القانون