فاوتشي: لا علم وراء إجراءات تباعد كورونا.. ولكن
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
تعج المواقع الإخبارية بخبر مفاده أن أنتوني فاوتشي المستشار الطبي للرئيس الأميركي من 2021 إلى 2022، قد اعترف باختلاقه قواعد التباعد الاجتماعي التي تم تطبيقها خلال جائحة كورونا -بترك مسافة 6 اقدام بين الأشخاص- وأنه لا علم ورائها. فهل هذا الخبر صحيح؟
الحقيقة أن الخبر ليس دقيقا، وتم تحويره بشكل يوحي بأن فاوتشي قدم معلومات ونصائح مغلوطة.
أدلى الدكتور فاوتشي، المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، بتصريحاته خلال شهادته في جلسة استماع للجنة الفرعية بمجلس النواب حول استجابة الولايات المتحدة لوباء كوفيد-19 وأصول الفيروس.
كانت جلسة الاستماع أول شهادة علنية لفاوتشي في الكابيتول هيل منذ تقاعده من الخدمة الحكومية. لقد أصبح الأمر مثيرا للجدل في بعض الأحيان عندما قام الجمهوريون باستجواب فاوتشي حول مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك أساس توصيات الصحة العامة أثناء الوباء واستخدام البريد الإلكتروني من قبل مسؤولي الصحة العامة.
كما قام فاوتشي بتفصيل بعض التهديدات التي تلقاها هو وعائلته في أعقاب الوباء.
متى أدلى فاوتشي بتصريحاته؟اليوم الاثنين 3 يونيو/حزيران.
ماذا صرح فاوتشي؟أوضح الدكتور أنتوني فاوتشي أن إرشادات التباعد الاجتماعي -بترك مسافة 6 اقدام (حوالي 180 سنتميترا)- بين الأشخاص التي تم تقديمها خلال بدايات جائحة كوفيد-19 لم تأت منه، بل من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
وقال فاوتشي: "لقد جاءت بالفعل من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وكانت مسؤولة عن هذه الأنواع من الإرشادات للمدارس، وليس أنا".
هل قال فاوتشي إنه لا علم وراء هذه الإرشادات؟قال فاوتشي، الذي كرر هذه الإرشادات أثناء الوباء، ذات مرة إنه لا يوجد علم وراء ذلك، لكنه كان يعني أنه لا توجد تجارب سريرية تدعمها.
وقال فاوتشي: "لم يكن للأمر علاقة بي لأنني لم أقدم التوصية، وقولي "لم يكن هناك علم وراء ذلك" يعني عدم وجود تجربة سريرية وراء ذلك". (أي تجربة أجريت على البشر).
هذا لا يعني أن التوصية كانت خاطئة أو غير مبنية على معطيات، ولكنها كانت مبنية على دراسات سابقة حول الأمراض التنفسية وانتشار القطيرات، ليس منها دراسة حول كوفيد-19 الذي لم يكن موجودا من قبل بالطبع.
وأضاف أنه يعتقد أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها استخدم دراسات حول القطيرات منذ سنوات كأساس لإرشادات الـ 6 أقدام.
وعندما دعمت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لأول مرة لفكرة "التباعد الاجتماعي" لمسافة 6 أقدام للأشخاص الذين يتعين عليهم التواجد بالقرب من الآخرين أثناء الوباء، اعتقد العلماء أن القطيرات الملوثة الأكبر حجما ستتساقط من الهواء بسرعة ولا يمكنها الانتقال لمسافة أبعد من ذلك. 6 أقدام. وفي ذلك الوقت، أوصت منظمة الصحة العالمية الأشخاص بالحفاظ على مسافة متر أو 3.3 قدم بينهم. ولكن حتى في وقت مبكر من عام 2021، بدأ العلماء يدركون أن فيروس كورونا ينتقل عبر الهواء.
كان إجراء التباعد الاجتماعي في الولايات المتحدة صارما بشكل خاص، حيث اعتمدت دول أخرى مسافات أقصر؛ حددت منظمة الصحة العالمية مسافة متر واحد، أو ما يزيد قليلا عن ثلاثة أقدام، والتي خلص الخبراء إلى أنها كانت فعالة تقريبا مثل علامة الستة أقدام في ردع العدوى، وكان من شأنها أن تسمح للمدارس بإعادة فتح أبوابها بسرعة أكبر.
كتب سكوت جوتليب، مفوض إدارة الغذاء والدواء السابق، في كتابه عن الوباء بعنوان «الانتشار غير المنضبط»: «كانت قاعدة الستة أقدام «على الأرجح التدخل الوحيد الأكثر تكلفة الذي أوصى به مركز السيطرة على الأمراض والذي تم تطبيقه باستمرار طوال فترة الوباء».
هل تصريحات فاوتشي تعني أن إجراءات التباعد الاجتماعي ضد كورونا كانت خاطئة؟أبدا، إذ يتفق الخبراء على أن التباعد الاجتماعي أنقذ الأرواح، خاصة في وقت مبكر من الوباء عندما لم يكن لدى الناس أي حماية ضد فيروس جديد يصيب الملايين من الناس. خلصت دراسة حديثة نشرتها مؤسسة بروكينجز، إلى أن التغييرات السلوكية لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، يليها التطعيم لاحقا منع حوالي 800000 حالة وفاة في الولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأمراض والوقایة منها التباعد الاجتماعی الولایات المتحدة على الأمراض علم وراء لم یکن
إقرأ أيضاً:
اجتياح صامت: البعوض ينقل أمراضًا مدارية إلى قلب أوروبا
يعتقد بعض الباحثين في مجال المناخ أن الأمراض التي توجد عادةً في المناطق الاستوائية، مثل حمى الضنك والشيكونغونيا، يمكن أن تصبح متوطنة في أوروبا. اعلان
تستعد أوروبا لصيف طويل وحار، يرافقه غزو متزايد من البعوض، الذي بات أكثر من مجرد مصدر إزعاج موسمي. فبعض أنواعه تحمل أمراضًا خطيرة مثل زيكا، وحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، والشيكونغونيا، وهي أمراض كانت تقتصر في السابق على المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، لكنها أصبحت تظهر بشكل متزايد في أوروبا بسبب التغير المناخي وتزايد حركة السفر.
ففي عام 2024، سُجلت 1,436 حالة إصابة بفيروس غرب النيل، و304 حالات بحمى الضنك في أوروبا، مقارنة بـ201 حالة فقط في العامين السابقين مجتمعين، وفقًا للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC). وحدها إيطاليا سجلت 238 حالة، في أكبر تفشٍ للحمى تشهده القارة حتى الآن.
ويبدو أن عام 2025 يتجه لكسر الأرقام مجددًا، إذ أعلنت فرنسا عن سبع حالات تفشي نشطة لحمى الضنك في وقت مبكر من الصيف، وأشار المركز الأوروبي إلى أن موسم البعوض بدأ أبكر من المعتاد.
ويقول جان سيمينزا، عالم الأوبئة البيئية في جامعة أوميو السويدية، لموقع "يورونيوز هيلث": "نحن أمام منحنى تصاعدي حاد".
تفشٍ صامت وأمراض قاتلةتُعد حمى الضنك من الأمراض التي يسهل انتشارها لأن أغلب المصابين لا تظهر عليهم أعراض واضحة، أو يعانون فقط من أعراض خفيفة. ومع ذلك، قد تؤدي أحيانًا إلى مضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا: الحمى، والصداع، وآلام العضلات والمفاصل، والغثيان، والطفح الجلدي.
أما الشيكونغونيا، فرغم ندرة أن يكون مميتًا، فإنه يسبب أعراضًا مشابهة بالإضافة إلى آلام مفصلية حادة قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات.
Relatedلماذا ينجذب البعوض إلى أشخاص دون غيرهم؟.. إليك السبب وفقا لدراسة أمريكيةشاهد: عاملون صحيون يرشون المبيدات للقضاء على البعوض في بيروويحذر سيمينزا وغيره من العلماء من أن هذه الأمراض قد تصبح قريبًا مستوطنة في القارة الأوروبية. وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أنه إذا ما وصل نوع جديد من البعوض إلى دولة أوروبية في تسعينيات القرن الماضي، فقد كان الأمر يستغرق نحو 25 عامًا لوقوع تفشٍ كبير. أما اليوم، فلا يتعدى الأمر خمس سنوات.
يقول سيمينزا: "هذا الإطار الزمني انهار بالكامل".
ورغم أن عدد الإصابات في أوروبا لا يزال محدودًا مقارنة ببقية العالم، فإن الأرقام العالمية مثيرة للقلق: أكثر من ثلاثة ملايين حالة إصابة بحمى الضنك، و220,000 حالة شيكونغونيا، وأكثر من 1,400 وفاة بسبب الضنك، و80 وفاة بالشيكونغونيا منذ بداية عام 2025.
عودة بعوض الحمى الصفراء وقلق من المستقبلوتثير عودة بعوض الحمى الصفراء إلى قبرص – بعدما اختفى سابقًا من أوروبا – قلقًا إضافيًا. ويقول سيمينزا: "نحن قلقون للغاية من احتمال غزو هذا البعوض العدواني لأوروبا".
يرى سيمينزا أن القضاء الكامل على البعوض غير ممكن، لكن يمكن للدول الأوروبية اتخاذ تدابير فعالة للحد من انتشار الأمراض. من بين هذه التدابير: تعزيز الرقابة خاصة في دول الجنوب خلال أشهر الصيف، والتركيز على المطارات ومراكز التنقل، حيث قد يحمل المسافرون الفيروسات دون علمهم.
وأضاف: "إذا وصل مسافر من منطقة موبوءة بحمى الضنك وكان مصابًا، ينبغي عزله على الفور لمنع انتقال العدوى إلى البعوض المحلي، وبالتالي الحد من خطر التفشي".
Relatedيونيسف: الأطفال في السودان تحت تهديد المجاعة والأوبئة في ظل الصراع المستمرتحسبا للحروب والأوبئة وتغير المناخ وكل الطوارئ..النرويج تبدأ بتخزين الحبوبفي إسبانيا، أُطلق تطبيق يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أنواع البعوض من الصور التي يرسلها المواطنون. ويساعد هذا النظام السلطات الصحية على رصد الأنواع الغازية مثل بعوض النمر الآسيوي، الذي يمكن أن ينقل حمى الضنك والشيكونغونيا، وقد تم تحديد وجوده في 156 بلدية منذ عام 2023، بحسب وزارة الصحة الإسبانية.
من جهته، ينصح المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السكان باتخاذ احتياطات شخصية مثل استخدام طارد الحشرات، وارتداء ملابس طويلة خلال فترات نشاط البعوض عند الفجر والغروب. كما يُطلب من المسافرين العائدين من مناطق موبوءة – مثل أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي – الاستمرار في اتخاذ هذه الاحتياطات لمدة ثلاثة أسابيع بعد عودتهم، لتفادي نقل العدوى إلى البعوض المحلي.
ويشير خبراء المناخ إلى ضرورة أن تستفيد أوروبا من خبرات الدول التي تتعامل مع هذه الأمراض منذ عقود، مثل بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وآسيا، وأمريكا الجنوبية.
ويختم سيمينزا: "في أوروبا، لا يزال الأمر موسميًا إلى حد كبير، لكننا نلاحظ تمدد هذا الموسم، ومعه ارتفاع عدد الحالات عامًا بعد عام".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة