آخر تحديث: 4 يونيو 2024 - 3:28 مبقلم:فاروق يوسف النظام السياسي العربي مريض إذا لم يكن ميتا. فهل يُعقل أن يُحمّل وزر ما يحدث في غزة؟ لو كانت إسرائيل تعرف أن المحيط العربي الذي تعرف أنه يكرهها على المستوى الشعبي على الأقل قادر على اتخاذ موقف رادع لها لاكتفت برد عسكري يقع ضمن القواعد الإنسانية الدولية على ما فعلته حماس ولبحثت عن سبل لاسترداد أسراها بعد أن تثبت أنها قادرة على تلقين حركة حماس درسا لن تنساه.
ولكنها كانت على يقين من أن أحدا لا يملك القدرة على أن يعاقبها وهي التي اعتادت الإفلات من العقاب في كل مرة تشن فيها حربا على غزة.ما لا يدخل ضمن المعقول أن يُقارن البعض بين موقف دولة مثل جنوب أفريقيا ومواقف دول عربية، كانت قبل سنوات تضع القضية الفلسطينية في أعلى سلم اهتماماتها السياسية. حتى الفلسطينيون أنفسهم هناك خلاف حاد بينهم سببه طريقة النظر إلى حركة حماس التي تعتبر الطرف الذي أشعل نار الحرب التي سعت إليها آلة الحرب الإسرائيلية لتكون وسيلتها لإبادة أكبر عدد ممكن من أهل غزة. فليس صحيحا أن هناك إجماعا فلسطينيا على الوقوف مع حركة حماس. والدليل على ذلك أن السلطة الفلسطينية كانت قد أعلنت في مناسبات عديدة عن عدم رغبتها في العودة إلى إدارة القطاع المحترق. فإذا كان الأمر على الجانب الفلسطيني على ذلك القدر من الضياع فهل يمكننا أن ننتظر من النظام السياسي العربي الذي تعرض لضربات قاتلة بدأت باحتلال الكويت، أن يكون قادرا على منع الكارثة والتصدي لأسبابها ومعاقبة مسببيها؟ لا يملك العرب أن يعاقبوا حركة حماس فكيف تمكنهم معاقبة إسرائيل؟ لا لأن حماس تمردت على السلطة الفلسطينية واستولت على غزة وعزلتها عن فلسطين حسب، بل وأيضا لأنها قطعت خطوط اتصالها بالعالم العربي ورمت قضيتها في حضن إيران التي تملك مشروعا في المنطقة لا علاقة له بالنضال الوطني الفلسطيني ولا يلتقي به في أية نقطة، وليست القدس التي يهتف باسمها الإيرانيون هي القدس التي يحلم الفلسطينيون بالعودة إليها. أهل غزة يدفعون ثمن وضع مركب، لم تكن لهم يد في صناعته. فلا هم سلموا مدينتهم لحركة حماس ولا هم رغبوا في قطع صلتهم بأهلهم في الضفة الغربية. وهم ليسوا مسؤولين عن تبني قادة حماس للمشروع الإيراني المعادي للعالم العربي بكل تجلياته، دولا وشعوبا. وبالرغم من كل ذلك فقد تحولت غزة إلى ما يشبه الجزيرة المعادية لمحيطها العربي. وهو ما عملت إسرائيل على تعميقه وتحويله إلى واقع، قبل أن تصحو من غفلتها ليلا يوم ضُربت بطريقة غير مسبوقة. لذلك جن جنون حكومة بنيامين نتنياهو وهو ما خطط له الإيرانيون وهم على يقين من أن العقل السياسي العربي سيكون عاجزا عن العثور على الأدوات الكفيلة بمنع إسرائيل من اختراق قواعد الرد التي تضمن لها حقها. تعرف إسرائيل إن ما حدث في العالم العربي عبر أكثر من ثلاثين سنة من انهيارات سياسية لن يؤهله لاسترجاع مواقفه الثورية من القضية الفلسطينية. لقد ذهب كل شيء إلى الذكرى. فبعد أن تحولت منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما يشبه الجمعية التعاونية انهارت دول عربية وسقطت أنظمة، انتهى زمن استعمالها. أما الدول التي ظلت مصرة على دعم الاقتصاد الفلسطيني فقد انتهت إلى الإحباط بسبب السلوك الفلسطيني المتعالي الذي اعتبر كل دعم عربي عبارة عن ضريبة لا تنطوي عل أي نوع من المساءلة. وهو ما يعني أن علاقة العرب بالقضية الفلسطينية صارت ملتبسة. وإذا ما تعلق الأمر بغزة فإن تلك العلاقة صارت أكثر التباسا. ما فعلته حماس زاد الأمر سوءا. ليس لأنه وضع العرب في زاوية ميتة بعد أن تمكنت منهم الواقعية السياسية لأسباب داخلية فحسب، بل وأيضا لأنهم صاروا يفكرون في خط النهاية الذي وصل إليه أهل غزة، وهم لا يملكون الوسيلة التي تمكنهم من ردع الهمجية الإسرائيلية على الاستمرار في حرب الإبادة. تحميل العرب مسؤولية إفلات إسرائيل من العقاب أمر فيه الكثير من الاستهانة بالوقائع التاريخية. سيكون علينا أن نتحدث عن نظام سياسي عربي فاشل، ولكن ماذا عن الشارع العربي وقد فشل في التعبير عن شعوره بالتضامن مع أهل غزة؟ لقد صار على العرب أن يعيدوا النظر في علاقتهم بالأشياء من حولهم قبل أن يلتفتوا إلى علاقتهم بالعالم.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: حرکة حماس أهل غزة
إقرأ أيضاً:
ما الذي تضمنه رد حركة حماس على ورقة ويتكوف للهدنة؟
كشف الرد الذي قدمته حركة حماس، على مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن تعديلات جوهرية، تتعلق برفض تدخل الاحتلال، بشؤون قطاع غزة، فضلا عن تولي المنظمات الدولية مهمة إدخال المساعدات بعيدا عن مشاريع الاحتلال مثل الشركة الأمريكية، إضافة إلى التأكيد على إنهاء العدوان.
ووفقا لرد الحركة، فقد تضمن ردها، تقسيم عملية إطلاق سراح أسرى الاحتلال، على دفعات، تشمل كافة أيام وقف إطلاق النار الـ 60 يوما، وليس كما عرض ويتكوف إطلاق سراحهم خلال الأسبوع الأول دفعة واحدة.
وطلبت حركة حماس، العودة إلى البروتوكول الإنساني، وفقا للاتفاق السابق، عبر الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى بما فيها الهلال الأحمر، وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع غزة، وإدخال مواد البناء وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمخابز.
كما تضمن الرد السماح لسكان القطاع بالسفر والعودة من وإلى قطاع غزة عبر معبر رفح، دون أي قيود، وعودة حركة البضائع والتجارة.
إضافة إلى ذلك، اشتمل على أنه "خلال فترة المفاوضات يتم الانتهاء من إعداد الترتيبات والخطط لإعادة الإعمار للبيوت والمنشآت والبنية التحتية التي تم تدميرها خلال الحرب ودعم الفئات المتضررة من الحرب، على أن يتم البدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 إلى 5 سنوات تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات بما في ذلك: مصر وقطر والأمم المتحدة".
وطلبت الحركة، أن تنتهي فترة وقف إطلاق النار بوقف دائم للعدوان، وهدنة طويلة الأمد تمتد إلى ما بين 5-7 سنوات.
أما ترتيبات اليوم التالي للقطاع، فتعد شأنا فلسطينيا، لا تدخل للاحتلال فيه، عبر مباشرة لجنة مستقلة من الكفاءات إدارة كافة شؤون القطاع، بعد بدء تنفيذ الاتفاق.
وكان ويتكوف، أعلن مساء السبت، رفضه للرد الذي سلمته حركة حماس، بشأن المقترح الأمريكي الخاص بوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يوما، وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى.
وقال ويتكوف في تصريحات صحفية: "تلقيت رد حماس على مقترح الولايات المتحدة وهو غير مقبول بتاتا ولن يؤدي إلا إلى تراجعنا"، مطالبا الحركة بقبول مقترح الإطار الذي تم طرحه، "كأساس لمحادثات التقارب، والتي يمكننا بدؤها فورا الأسبوع المقبل".
وتابع قائلا: "هذه الطريقة الوحيدة لإبرام اتفاق وقف إطلاق نار 60 يوما، يعود بموجبه نصف الأسرى الأحياء ونصف الأموات".
وذكر أنه "يمكننا من خلال الاتفاق إجراء مفاوضات جوهرية في محادثات التقارب بحسن نية، سعيا لوقف دائم لإطلاق النار".
من جانبه، قال مسؤول في حماس لوكالة رويترز للأنباء إن موقف ويتكوف من الحركة "غير عادل" ويظهر "تحيزا كاملا" لإسرائيل، نافيا أن تكون الحركة رفضت مقترحه لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وتابع المسؤول الذي لم تسمه الوكالة، إن الحركة تعتبر اقتراح ويتكوف مقبولا لإجراء مفاوضات، ورد الاحتلال لا يتوافق مع ما وافقت عليه الحركة.
وتابع "تعاملنا بإيجابية ومسؤولية عالية ورددنا عليه، بما يحقق تطلعات شعبنا. لماذا يعتبر الرد الإسرائيلي هو الرد الوحيد للتفاوض عليه، فهذا يخالف النزاهة والعدالة في الوساطة، ويشكل انحيازا كاملا للطرف الآخر".