أفريقيا تتطلع إلى حلول ملموسة في قمتها الثانية للمناخ
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
أعلنت مفوضية الاتحاد الأفريقي أن أفريقيا تهدف إلى استخدام قمة المناخ الأفريقية الثانية لتحويل التطلعات المناخية إلى حلول ملموسة وقابلة للتطوير من أجل مستقبل مرن ومستدام للقارة.
وقال مفوض الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة في مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فيلاكاتي، خلال مؤتمر صحفي، إن المؤتمر الأفريقي الثاني للمناخ، المقرر عقده في الفترة من 8 إلى 10 سبتمبر/أيلول 2025، يؤكد استعداد أفريقيا ودعوتها للتعاون الدولي في تنفيذ الحلول الأفريقية المصممة خصيصًا للتحديات المناخية الصعبة في القارة.
وقال إن القمة، التي تحتضنها أديس أبابا تحت عنوان "تسريع حلول المناخ العالمية وتمويل التنمية المرنة والخضراء في أفريقيا"، تمثل تحولا من الحوار إلى العمل في رحلة أفريقيا نحو المناخ وتهدف إلى تحويل الالتزامات المناخية الطموحة إلى نتائج ملموسة وقابلة للتطوير.
وأضاف فيلاكاتي أن مؤتمر المناخ الأفريقي الثاني (ACS2) هو لحظتنا للريادة والابتكار والإنجاز. وانطلاقًا من مصالحنا المشتركة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة 2063، يجب علينا تعزيز حوكمة مناخية شاملة لا تغفل أحدا من أجل أفريقيا التي ننشدها.
وأكد أهمية تعزيز التنمية المستدامة من خلال تشجيع أصحاب المصلحة في التكنولوجيات النظيفة والصناعات الخضراء والوظائف الذكية مناخيا، مشيرا إلى أن المؤتمر يمثل فرصة لإنشاء وتعزيز الآليات اللازمة لدمج مخاطر تغير المناخ في السياسات والخطط والممارسات الوطنية.
وعلى الرغم من أن أفريقيا هي الأقل مساهمة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم بنسبة تقل عن 4%، فإنها تظل القارة الأكثر عرضة لتغير المناخ، وتواجه مخاطر غير متناسبة بسبب موقعها الجغرافي وظروفها الاجتماعية والاقتصادية وقدرتها المحدودة على التكيف.
وبحسب المفوض، تواجه أفريقيا فجوة كبيرة في تمويل المناخ حيث يتم تمويل 18% فقط من احتياجات التخفيف السنوية، وتتم تغطية 20% فقط من احتياجات التكيف، ويأتي 18% فقط من إجمالي تمويل المناخ من مصادر خاصة، وهو أقل بكثير من المتوسطات العالمية، حسب تقديره.
إعلانوأشار إلى أن أفريقيا تحتاج إلى 3 تريليونات دولار لتحقيق أهدافها المناخية، في حين لم تتلق سوى 30 مليار دولار بين عامي 2021 و2022، وهو ما يجعل سد فجوة تمويل المناخ "ضرورة وجودية" لضمان مرونة القارة وتنميتها الخضراء.
وأكد فيلاكاتي أن أفريقيا تقود العالم في إمكانات الطاقة الشمسية مع مناطق شاسعة تستقبل أكثر من ألفي كيلووات ساعة/ متر مربع سنويا، وأن المؤتمر يهدف إلى تسريع حلول المناخ وتمويل التنمية الخضراء، مع التركيز القوي على الطاقة المتجددة كقوة تحويلية.
وقال إن الكثير من التقدم تحقق منذ المؤتمر الأفريقي الأول للمناخ، مسلطا الضوء على جهود مفوضية الاتحاد الأفريقي لتعزيز الخدمات والتطبيقات المناخية من خلال الشراكات مع مراكز المناخ الإقليمية، ومركز السياسة المناخية الأفريقي، والإطار العالمي للخدمات المناخية.
وبحسب قوله، فقد حسّنت هذه المبادرات أنظمة الإنذار المبكر، والتنبؤات الموسمية، وبيانات المناخ المصممة خصيصًا لقطاعات مثل الزراعة والصحة والمياه. ومع ذلك، لا تزال القارة تواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف المناخية المعاكسة.
وكان مؤتمر المناخ الأول الذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي في سبتمبر/أيلول 2023 قد حددت هدفا يتمثل في مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة إلى 300 غيغاوات بحلول عام 2030.
وتتوقع وكالة الدولية للطاقة المتجددة أن 90% من توليد الطاقة في أفريقيا يمكن أن يأتي من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، وفقا للمفوض.
وتسعى إثيوبيا إلى استضافة قمة ناجحة بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، انطلاقا من كونها كانت منذ فترة طويلة نموذجا للقيادة المناخية حسب وزير الدولة للتخطيط والتنمية الإثيوبي سيوم ميكونين.
وأشار ميكونين إلى أنه من المقرر تنظيم أكثر من 56 فعالية رسمية حول مواضيع المؤتمر الأفريقي الثاني للعلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى أكثر من 300 فعالية جانبية. ومن المتوقع مشاركة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وشركاء التنمية والقطاع الخاص والسلك الدبلوماسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات مبادرات بيئية مفوضیة الاتحاد الأفریقی تمویل المناخ أن أفریقیا
إقرأ أيضاً:
الشحن الأخضر قد يعني أفريقيا الخضراء
في أوائل شهر سبتمبر، اجتمع القادة الأفارقة في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، للمشاركة في قمة المناخ الأفريقية الثانية، التي ركزت على التغلب على العقبات التي تحول دون التنمية القادرة على التكيف مع المناخ المتغير في القارة. في إطار جهودهم الرامية إلى ابتكار الحلول ودفع عجلة الإبداع واجتذاب التمويل، يعمل هؤلاء القادة على إعادة تشكيل العمل المناخي العالمي. وهُـم، كجزء من هذه العملية، يدركون على نحو متزايد أن إزالة الكربون من قطاع الشحن البحري ــ قطاع يولد ما يقرب من 3% من الانبعاثات العالمية من غازات الانحباس الحراري (GHG) ــ من الممكن أن تعمل كحافز قوي للتصنيع الأخضر في أفريقيا.
برزت الحكومات الأفريقية بالفعل بين اللاعبين الرئيسيين في المفاوضات بشأن خفض انبعاثات الشحن البحري. في وقت سابق من هذا العام، ساعدت هذه الحكومات في تأمين الموافقة على إطار عمل صافي الصفر في المنظمة البحرية الدولية، وهي المنظمة البحرية التابعة للأمم المتحدة. وتَـضَـمَّـن الإطار أول آلية تسعير ملزمة على مستوى العالم للانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري التي تطلقها السفن. يمثل هذا الإجراء، الذي من المتوقع أن تتبناه المنظمة البحرية الدولية رسميا في دورتها القادمة في أكتوبر، انتصارا مهما للعمل المناخي المتعدد الأطراف، ويشير إلى بداية نهاية اعتماد الشحن البحري على الوقود الأحفوري.
لكن الاختبار الحقيقي يتمثل في كيفية تصميم هذه السياسة المحورية وتنفيذها على مدار السنوات القليلة المقبلة. من منظور الحكومات الأفريقية، يتمثل السؤال الأكبر في كيفية تحقيق الإيرادات المتولدة عن آلية التسعير التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية، والتي من المتوقع أن تتراوح بين 10-15 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
في حال توزيع هذه الأموال بشكل عادل، فهي كفيلة بمساعدة أفريقيا على سد فجوة الطاقة الهائلة، وتحديث البنية الأساسية لموانئها وأساطيلها، والاستثمار في شبكات النقل والشبكات التي من الممكن أن تطلق العنان لإمكاناتنا الهائلة في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الحرارية الأرضية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية. كما أن وجود شبكة مرنة أمر ضروري لإنتاج الهيدروجين المتجدد وغيره من أنواع الوقود التركيبي الأخضر ــ وهو الحل الواعد للطاقة النظيفة في صناعة النقل البحري للأمد البعيد. ومن المرجح أن يُـعطي هذا دفعة قوية لمشاريع الهيدروجين الأخضر القائمة في أفريقيا وتحفيز مشاريع جديدة، وفي إطار العملية ذاتها، تسريع عملية التصنيع، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وتأهيل القارة كَـمُـصَـدِّر عالمي للطاقة.
حتى الآن، واجهت أفريقيا تحديات في تطوير مواردها المتجددة الوفيرة بسبب ارتفاع تكلفة رأس المال إلى حد كبير. وتظل الاقتصادات الأفريقية مثقلة بأعباء الديون التي لا يمكن تحملها والتصنيفات الائتمانية المتدنية، الأمر الذي يجعل الاستثمار في الطاقة النظيفة باهظ التكلفة. ونظرا للمخاطر المتصورة، تتلقى القارة حاليا حوالي 2% فقط من الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة. ولكن من الممكن استخدام الإيرادات المتأتية من آلية المنظمة البحرية الدولية الجديدة لتسعير الكربون لخفض التكاليف الأولية، وإزالة المخاطر من استثمارات الطاقة النظيفة، وتمهيد الطريق أمام أفريقيا لتزويد السفن العالمية بالطاقة.
من الأهمية بمكان أن تدعم المنظمة البحرية الدولية هذا التوجه لتسخير موارد أفريقيا المتجددة من خلال خلق حوافز قوية للوقود التركيبي. بخلاف ذلك، تهدد الخيارات الأرخص مثل الغاز الطبيعي المسال، الذي يعد أشد تدميرا للكوكب، والوقود الحيوي القائم على المحاصيل، الذي يزيد من الضغوط المفروضة على النظم الغذائية، بتقويض مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر وإعاقة الجهود التي تبذلها البلدان الأفريقية لتحقيق النمو والتنمية المستدامة.
سوف تكون زيادة استخدام الوقود الحيوي كارثية بشكل خاص في البلدان الأفريقية. في بلدي، نيجيريا، حيث يواجه الملايين من الناس بالفعل الجوع الحاد، سيكون تحويل المحاصيل لإنتاج الوقود للسفن ــ التي تحمل غالبا بضائع وإمدادات متجهة إلى البلدان الغنية ــ تصرفا غير أخلاقي ومتهورا على المستوى الاقتصادي. ومن المرجح أن يؤدي توليد الوقود الحيوي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وزيادة عمليات إزالة الغابات، والانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري، وتدهور الأراضي ــ وفي بعض الحالات بدرجة أكبر حتى من إنتاج الوقود الأحفوري.
مثلها كمثل بلدان أفريقية أخرى، تمتلك نيجيريا كل ما يلزم لتصبح رائدة في مجال وقود الشحن المستدام، بما في ذلك وفرة الشمس والرياح، وقوة عاملة شابة. وهي الآن تحتاج فقط إلى الاستثمارات المناسبة. إذا جرى تصميم إطار عمل المنظمة البحرية الدولية على النحو الصحيح، فمن الممكن أنه سيساعد في توفير الأموال التي تحتاج إليها أفريقيا لزيادة قدرتها في مجال الطاقة المتجددة. وقد يُـفـضي الفشل في وضع سياسة طموحة ومنصفة إلى الحد من آفاق أفريقيا.
بينما يجتمع أعضاء المنظمة البحرية الدولية في لندن هذا الشهر لاعتماد إطار عمل «صافي الصِـفر»، يتعين على البلدان الأفريقية أن تُـظهِـر ذات القدرة القيادية والتصميم كما فعلت في قمة المناخ الأفريقية الثانية. وسوف يكون ضمان جني القارة لفوائد آلية المنظمة البحرية الدولية الجديدة مثالا رائعا على التعاون الدولي. لقد بات المستقبل القادر على التكيف مع المناخ في متناول اليد، ما دامت الأصوات الأفريقية مسموعة وتؤخذ على محمل الجد على الساحة العالمية.
تشوكووميري أوكيريكي أستاذ الحوكمة العالمية في جامعة بريستول
خدمة بروجيكت سنديكيت