في 6 أغسطس 1945، أسقطت قاذفة أمريكية القنبلة النووية "ليتل بوي" على هيروشيما. وبعد ثلاثة أيام، أُلقيت قنبلة بلوتونيوم ثانية على ناغازاكي. وأسفرت الهجمتان عن مقتل أكثر من 110,000 شخص على الفور، بالإضافة إلى مئات الآلاف ممن لقوا حتفهم لاحقًا بسبب الإصابات أو الأمراض الناجمة عن الإشعاع. اعلان

مع إحياء الذكرى الثمانين لأول استخدام للأسلحة النووية في الحرب العالمية الثانية، حذّر خبراء وناجون من أن العالم بات اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى استخدام هذه الأسلحة مجددًا، وسط تصاعد التوترات الدولية وتراجع اتفاقيات نزع السلاح.

ففي صباح الأربعاء، احتشد عدد من الشخصيات الرسمية والناجين القلائل المتبقين في منتزه هيروشيما التذكاري للسلام لإحياء اللحظة التي أسقطت فيها قاذفة أمريكية من طراز B-29 القنبلة النووية المعروفة باسم "ليتل بوي" على مدينة هيروشيما في 6 أغسطس 1945. وقد أعقبتها بعد ثلاثة أيام قنبلة بلوتونيوم دمرت مدينة ناغازاكي. وأسفرت الهجمتان عن مقتل أكثر من 110,000 شخص فورًا، فضلاً عن مئات الآلاف الذين لقوا حتفهم لاحقًا بسبب الإصابات أو الأمراض الناتجة عن الإشعاع.

يظهر هيكل المبنى وسط مساحات شاسعة من الأنقاض في هذه الصورة لمدينة هيروشيما اليابانية، في 8 أغسطس/آب 1945. AP Photo

ورغم أن تلك الهجمات تبقى الوحيدة التي استُخدمت فيها الأسلحة النووية في الحروب، فإن خطر استخدامها اليوم لا يزال قائمًا، بل ويتفاقم.

رئيس الوزراء الياباني، شينغورو إيشيبا، قال في كلمته خلال مراسم الذكرى إن "الانقسامات داخل المجتمع الدولي بشأن نزع السلاح النووي تتعمق، والبيئة الأمنية العالمية تزداد خطورة".

من جهتها، قالت منظمة نيهون هيدانكيو -وهي حركة شعبية يابانية تضم ناجين من القصف النووي، فازت بجائزة نوبل للسلام العام الماضي- في بيانٍ صدر قبيل المراسم: "نواجه تهديدًا نوويًا غير مسبوق، والتحدي الأكبر الآن هو التأثير ولو قليلًا على مواقف الدول المالكة للأسلحة النووية، التي تتجاهل دعواتنا".

يلقي عمدة مدينة هيروشيما كازومي ماتسوي كلمة خلال حفل إحياء الذكرى الثمانين للقصف في منتزه هيروشيما التذكاري للسلام، اليابان، الأربعاء 6 أغسطس/آب 2025. AP Photo

وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ يشهد تصعيدًا لافتًا في الخطاب النووي، لا سيما بين موسكو وواشنطن على خلفية الحرب في أوكرانيا. كما استهدفت الولايات المتحدة، خلال الأشهر الأخيرة، منشآت نووية إيرانية باستخدام قنابل تقليدية خارقة، في محاولة لوقف برنامج طهران النووي. وفي وقت سابق من هذا العام، شهدت الحدود بين الهند وباكستان توترًا عسكريًا بسبب النزاع المستمر حول إقليم كشمير، ما استدعى تحركًا دبلوماسيًا دوليًا عاجلًا لتفادي التصعيد بين قوتين نوويتين.

سباق التسلح

قال هانز كريستنسن، الباحث البارز في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، في تصريحات خلال يونيو الماضي: "نشهد اتجاهًا واضحًا نحو توسيع الترسانات النووية، وتصعيد الخطاب النووي، وتفكيك الاتفاقيات التي كانت تُنظّم هذا المجال".

هذا الاتجاه التصاعدي دفع "نشرة علماء الذرة" - وهي منظمة علمية مستقلة أُسّست عام 1945 على يد علماء شاركوا في تطوير القنبلة الذرية، وتُعنى بتقييم المخاطر الوجودية التي تهدد البشرية، كالأسلحة النووية والتغير المناخي والتقنيات التخريبية- إلى تحريك عقارب "ساعة يوم القيامة" نحو منتصف الليل، لتصبح على بُعد 89 ثانية فقط من الكارثة الشاملة، وهو أقرب توقيت منذ تأسيس الساعة عام 1947.

ورغم أن الساعة تقدمت بمقدار ثانية واحدة فقط مقارنة بعام 2024، أكدت النشرة أن هذا التغير البسيط لا يجب أن يُطمئن أحدًا. وجاء في بيانها: "العالم بات بالفعل قريبًا بشكل خطير من الهاوية، وأي تأخير في تغيير المسار يزيد من احتمالية وقوع كارثة عالمية".

وأكد تقرير النشرة السنوي أن التهديد النووي لا يزال في صدارة المخاطر، مشيرًا إلى أن الدول المالكة للأسلحة النووية "تزيد من حجم وقدرات ترساناتها، وتضخ مئات المليارات من الدولارات في تطوير أنظمة قادرة على تدمير الحضارة".

Related ترامب يناور بالغواصات النووية.. مما يتألف الأسطول الأميركي تحت البحر؟أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاماً ضمن إطار "أوكوس"مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إسرائيل وارد

ترسانة نووية تتوسّع

بحسب معهد "SIPRI"، فإن قنبلة هيروشيما التي بلغت قوتها التدميرية 15 كيلوطن تُعد صغيرة نسبيًا مقارنة بالأسلحة النووية الحديثة. فالقنبلة الأضخم في الترسانة الأمريكية تبلغ قوتها 1.2 ميغاطن، أي ما يعادل 80 ضعف قنبلة هيروشيما. ويحذر خبراء من أن قنبلة نووية واحدة حديثة، إذا أُسقطت فوق مدينة كبرى، قادرة على قتل ملايين البشر في لحظات.

وتُقدّر الترسانة النووية العالمية بأكثر من 12,000 رأس نووي موزعة بين تسع دول: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، الهند، باكستان، كوريا الشمالية، وإسرائيل، بحسب أحدث تقارير معهد ستوكهولم.

وأشار التقرير إلى أن جميع هذه الدول واصلت في عام 2024 برامج تحديث وتوسيع لأسلحتها النووية، عبر ترقية أنظمتها القديمة وإضافة نسخ أكثر تطورًا.

وتأتي الولايات المتحدة وروسيا في الصدارة، حيث تملكان معًا نحو 90% من الرؤوس النووية في العالم، إلا أن دولًا أخرى مثل الصين والهند والمملكة المتحدة تسير في اتجاه التوسّع أيضًا. ووفق المعهد، أضافت الصين نحو 100 رأس نووي جديد في عام واحد، مع توقعات بمواصلة هذا النمو.

في المقابل، أبدت كوريا الشمالية تمسكًا صارمًا بسلاحها النووي. فقد صرّحت كيم يو جونغ، الشقيقة النافذة للزعيم كيم جونغ أون، الشهر الماضي أن بلادها "لن تتخلى عن ترسانتها مقابل أي محادثات مع واشنطن أو سيول"، مضيفة: "أي محاولة لإنكار وضع جمهورية كوريا الديمقراطية كدولة نووية سيتم رفضها بالكامل".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس فلاديمير بوتين إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس فلاديمير بوتين هيروشيما اليابان الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة نووية إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس فلاديمير بوتين قطاع غزة حروب بنيامين نتنياهو حزب الله انفجار قوات الدعم السريع السودان

إقرأ أيضاً:

هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي بعد 80 عاما من قصفها

تحيي اليابان الأربعاء الذكرى الثمانين لالقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، في مراسم يشارك فيها عدد غير مسبوق من الدول وسط دعوات للتخلي عن السلاح النووي في عالم يشهد حربا في أوكرانيا وأزمة في الشرق الأوسط.

ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما في 6 آب/أغسطس 1945 وأخرى على ناغازاكي بعد ثلاثة أيام، وهما الحالتان الوحيدتان في التاريخ التي تم فيهما استخدام الأسلحة النووية في زمن الحرب. وبعيد ذلك استسلمت اليابان، مما أنهى الحرب العالمية الثانية.

قضى حوالى 140 ألف شخص في هيروشيما و74 ألفا في ناغازاكي، بينما لقي كثيرون مصرعهم لاحقا بسبب التعرض للإشعاع.

من المتوقع أن يحضر ممثلون من 120 دولة وكيان، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، المراسم الأربعاء في هيروشيما، بحسب مسؤولي المدينة. وسيمثل فرنسا النائب الأول في سفارتها في الحفل المقام في هيروشيما والسبت في ناغازاكي.

في المقابل، تغيب عن مراسم الأربعاء قوى نووية كبرى مثل روسيا والصين وباكستان. وستكون ايران، المتهمة بالسعي لامتلاك القنبلة الذرية، ممثلة في الاحتفال.

وخلافا لعادتها، أشارت اليابان إلى أنها لم « تختر ضيوفها » لهذه المراسم ولكنها « أخطرت » جميع الدول والكيانات بالحدث.

وبالتالي، أعلنت فلسطين وتايوان اللتان لا تعترف بهما اليابان رسميا عن حضورهما للمرة الأولى.

وقال رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي في تصريح أدلى به الأسبوع الماضي إن « وجود قادة (سياسيين) يرغبون في تعزيز قوتهم العسكرية لحل النزاعات، بما في ذلك امتلاك السلاح النووي، يجعل من الصعب تحقيق السلام العالمي »، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا والنزاع في الشرق الأوسط.

الشهر الماضي، حث رئيس البلدية دونالد ترامب على زيارة المدينة ليرى بنفسه الآثار المدمرة للأسلحة النووية، ردا على مقارنة الرئيس الأميركي بين إلقاء القنبلة الذرية عام 1945 والغارات الجوية الأخيرة على إيران.

وقال ماتسوي للصحافيين « يبدو لي أنه لا يدرك حقا ماذا تعني القنبلة الذرية التي تودي بعدد هائل من المواطنين الأبرياء… وتهدد بقاء البشرية ».

وهيروشيما باتت اليوم مدينة مزدهرة تعد 1,2 مليون نسمة، لكن وسطها لا يزال يضم أنقاض مبنى يعلوه هيكل معدني لقبة لا تزال قائمة تذكيرا بفظاعة الهجوم.

وأكد توشيوكي ميماكي، الرئيس المشارك لمنظمة « نيهون هيدانكيو » اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والتي تجمع ناجين من القصف الذري والحائزة على جائزة نوبل للسلام في 2024، على أنه « من المهم أن يجتمع الكثير من الناس في هذه المدينة التي ضربتها قنبلة ذرية لأن الحروب تتواصل » في العالم.

وتدعو نيهون هيدانكيو الدول إلى التحرك من أجل التخلص من الأسلحة النووية، مستندة إلى شهادات الناجين من هيروشيما وناغازاكي، الملقبين « هيباكوشا ».

واعرب ميماكي عن أمله في « أن يزور الممثلون الأجانب متحف هيروشيما التذكاري للسلام ليدركوا ما حدث » تحت سحابة الفطر الناجمة عن القصف الذري.

يشكل نقل ذاكرة « الهيباكوشا » والدروس المستفادة من الكارثة تحديا متزايدا لهذه المنظمة التي تضم ناجين يبلغ متوسط أعمارهم 86 عاما.

وقال كونيهيكو ساكوما (80 عاما) الذي كان عمره تسعة أشهر وقت القصف وكان يبعد 3 كيلومترات عنه، لوكالة فرانس برس « أعتقد أن التوجه العالمي نحو عالم خال من الأسلحة النووية سيستمر. جيل الشباب يبذل جهودا لتحقيق ذلك ».

وساكوما الذي من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا بعد المراسم، يعتزم مطالبة طوكيو بالانضمام إلى معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية الموقعة في 2017.

وترفض طوكيو التوقيع عليها، معتبرة أن الهدف منها غير قابل للتحقيق دون مساعدة القوى النووية.

وفي ناغازاكي، من المتوقع أن يحضر المراسم السبت عدد قياسي من الدول، من بينها روسيا وذلك للمرة الأولى منذ هجومها في أوكرانيا في 2022.

العام الماضي، قررت ناغازاكي عدم دعوة السفير الإسرائيلي لحضور المراسم السنوية في هذه المدينة، مما دفع السفير الأميركي لدى اليابان إلى مقاطعة الحفل.

وقال رئيس بلدية ناغازاكي شيرو سوزوكي للصحافيين آنذاك إن القرار « ليس له دوافع سياسية » بل هو إجراء أمني تحسبا لأي اضطرابات محتملة، مثل الاحتجاجات المتعلقة بالنزاع في الشرق الأوسط وغزة.

وقال مسؤول في ناغازاكي لوكالة فرانس برس، « حرصنا هذا العام على أن يحضر المشاركون بأنفسهم ليعاينوا عن قرب حجم الكارثة التي يمكن أن يخلفها السلاح النووي ».

(وكالات)

 

 

 

كلمات دلالية الذكرى اليابان هيروشيما

مقالات مشابهة

  • جوتيريش يدعو للقضاء على خطر الأسلحة النووية في الذكرى 80 لقصف هيروشيما
  • هيروشيما تحيي ذكرى مرور 80 سنة على إلقاء القنبلة الذرية
  • هيروشيما.. 80 عاما على الكارثة
  • الصليب الأحمر يدق ناقوس الخطر بشأن السلاح النووي في ذكرى قصف هيروشيما وناغازاكي
  • هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي بعد 80 عاما من قصفها
  • آلة يوم القيامة النووية الروسية تهدد العالم نظام أوتوماتيكي قاتل ليس بيد البشر
  • اليد الميتة.. آلة يوم القيامة النووية الروسية
  • بعد 80 عامًا على أول قنبلة نووية... من يوقف الثالثة؟
  • 80 عامًا.. أرقام مخيفة عن ضحايا الإشعاع النووي في هيروشيما وناغازاكي