عندما يصبح … الشريف … شاذ … ؟؟
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
بقلم المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..
في كل زاوية من الوطن الحزين، تصدح صرخات الألم والحرمان.
أرض الحضارات العريقة، بات اليوم مسرحًا لصراعات لا تنتهي، تتقاذفه الرياح العاتية بين الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية.
في الشوارع يكمن الغضب في عيون الأطفال الذين يلهون وسط الأنقاض، بينما تشكو الأمهات من فقدان الأمن وفقدان الأمل.
تحت سماء مكفهرة، تجتمع الأرواح المثقلة بالتعب والخيبة، تبحث عن بصيص من نور يعيد لها الحياة.
فالحياة في العراق لم تعد كما كانت؛ الأمن والاستقرار أصبحا أحلامًا بعيدة المنال.
بين طيات الوطن، تتجسد مأساة إنسانية تعكس واقعًا مؤلمًا لأمة تبحث عن السلام والكرامة.
في وسط الظلام الدامس، يظل الأمل هو الشعاع الذي يتمسك به رغم كل ما مررنا به من معاناة.
يأملون في غد أفضل، يوم يكون فيه الوطن مجددًا أرض الخيرات والسلام، يوم تعود فيه الابتسامات إلى الوجوه التي طالما ذبلت من الحزن.
في الوطن اليوم، تتشابك خيوط الفساد بشكل يُعقد الوضع الاقتصادي، حيث يتربع سراق المال العام على كل مفاصل الاقتصاد، مثل وحش ينهش في جسد البلاد.
هؤلاء السراق، بوجوههم المتعددة، يُحكمون قبضتهم على الثروات، ينهبون الموارد، ويبددون الأحلام بوقاحة لا تعرف الخجل.
المشاريع التنموية تتعثر، والبنى التحتية تنهار، بينما الأموال تتسرب إلى جيوب الفاسدين.
المواطن البسيط يدفع الثمن غاليًا، يقف في طوابير طويلة للحصول على خدمات أساسية مفقودة، ويواجه يوميًا تحديات العيش بكرامة في ظل اقتصاد منهك.
تحت ستار السلطة والنفوذ، تُبرم الصفقات المشبوهة، وتُضخم الفواتير، وتُنفذ المشاريع الوهمية.
لا صوت يعلو على صوت الفساد، ولا يد تمتد لوقف هذا النزيف المستمر.
الأمل في إصلاح هذا الواقع يصبح شبه مستحيل، طالما أن السراق يتمتعون بحصانة من المحاسبة والمساءلة.
ومع ذلك، الكل صامدين، يحلمون بيوم تتحرر فيه بلادهم من قبضة الفاسدين، يوم تُستعاد فيه الثروات لخدمة الشعب لا لخدمة حفنة من المستغلين.
يوم يصبح فيه الوطن منارة للإصلاح والشفافية، وتعود الابتسامة لوجوه أبنائه المكلومين.
اليوم الشريف الذي يحارب الفساد يُنظر إليه كشخص غريب الأطوار، شاذ عن القاعدة السائدة ؟؟؟
الأيدي النظيفة التي تجرؤ على مواجهة سراق المال العام تجد نفسها في مواجهة أمواج عاتية من التحديات والتهديدات.
يتعرض هؤلاء الشرفاء للتشويه، والترهيب، والإقصاء، فقط لأنهم قرروا أن يقولوا “لا” لثقافة الفساد التي تجذرت في كل زاوية من زوايا البلاد.
تستحضر هذه المعركة الشرسة ضد الفساد تجربة المصلح الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، الذي وقف بشجاعة أمام الظلم والطغيان في معركة كربلاء.
الحسين، ثار ضد الفساد والجور في زمانه، قدم للعالم نموذجًا للثبات على المبادئ والشجاعة في وجه الظلم. تلك القيم التي دافع عنها الحسين، من النزاهة والعدالة، تلهم اليوم كل من يقف في مواجهة الفساد متحملين المخاطر من أجل مستقبل أفضل.
الأصوات التي تنادي بالإصلاح تواجه صمتًا من المؤسسات الرسمية، وكأنما تهمس في وادٍ سحيق.
يسعى الفاسدون بكل قوتهم لإسكات كل من يحاول كسر دوائر الفساد المستحكمة ، بين أروقة المكاتب الحكومية، وفي أزقة الشركات، يُنظر إلى النزيه بعين الريبة والعداء، وكأنه دخيل لا ينتمي لهذا النظام العجيب.
ورغم كل هذه الصعوبات، يبقى هؤلاء المحاربون شعلة الأمل في بلد يتوق للحرية والنزاهة.
فهم يواجهون الخطر بشجاعة، ويستمرون في معركتهم من أجل مستقبل أفضل.
هم القناديل المضيئة في ليل الفساد الدامس، يذكرون الجميع أن النقاء والإخلاص ليسا مستحيلين، وأنه مهما طال الظلام، فلا بد للصبح أن ينبلج.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
تحمّل الألم مع قوّة الأمل
كان ستيف ويتكوف، قد انتهى إلى مشروع اتفاق شبه متوازن، مع انحياز أقل لموقف نتنياهو المعتدي، ومرتكب جرائم الإبادة. وقد وافقت عليه حماس، لما يتضمنه من تلبية جزء هام من شروطها. والأهم، وقف العدوان والمجزرة، تمهيداً لانسحاب كامل للجيش الصهيوني من غزة، ووقفاً للحرب لمدى طويل.
ولكن ويتكوف، وقبل أن يضغط ترامب على نتنياهو، ضغطاً كافياً ليخضع لشروط الاتفاق، عاد بمشروع اتفاق آخر تبنى جانباً خطراً، يسمح لنتنياهو العودة للحرب والمجزرة، بمجرد تسلّم المجموعة الأولى من الأسرى الأحياء، وأجداث الأموات. الأمر الذي حتمّ أن ترفضه حماس، كما توقع ويتكوف، ليحمّلها المسؤولية عن استمرار الحرب، وما يجري من إبادة إنسانية. ولكن حماس تجنبّت الرفض الصراح. وفتحت باباً لمفاوضات تسمح بالاتفاق حولها.
استطاعت حماس بهذه الدقة، بإدارة التفاوض، أن تعزل موقف ويتكوف ونتنياهو، وتُبقي ترامب في حالتيّ الحرج والفشل، في عدم نجاحه بوقف إطلاق النار في غزة. وذلك إلى جانب الفشل الذي لاحقه، ويلاحقه في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ثمة مشكلة لدى كثيرين، حتى من مؤيّدي المقاومة، في تقويم الوضع وموازين القوى، تقويماً لا يلحظ، ميل ميزان القوى في غزة، في مصلحة المقاومة.
صحيح أن الحملة ضدّ نتنياهو، وحتى الكيان الصهيوني، من جانب الحكومات الغربية، وبعض الرؤساء، يمكن السيطرة عليها لاحقاً، بالرغم من أهميتها الراهنة، إلاّ أن أثرها على الرأي العام الغربي، سيكون الأبقى مستقبلاً.وتنشأ هذه المشكلة من استمرار مشاهد ما يجري من جرائم، ومذابح، وبمواصلة تدمير ما تبقى من عمار. الأمر الذي يطغى على ما عداه، ليصبح المعيار، هو ما يجري من مشاهد تجرح القلوب، وتذهب بالعقول، من هولها ومن بشاعتها. ولكن هذه المشكلة التي لها ما يبرّرها من ألم، بمرأى الدماء والأشلاء، وسماع صرخات العذاب، يجب أن يتمّ تجاوزها، برؤية جوانب أخرى أساسية في الوضع، تؤكد أن هذا الذي يقترفه نتنياهو، وغطّاه ويتكوف، لا بدّ من أن يُهزم، وأن تتوقف الحرب بفشلٍ منكرٍ لنتنياهو، وتراجع ترامب.
1 ـ يجب أن ترى الجوانب المتعلقة بالوضع الداخلي في الكيان الصهيوني، من ناحية عدم الإجماع على سياسة نتنياهو، وعدم الثقة بأن الحرب التي يشنّها الجيش ضدّ المقاومة والشعب، في طريقها إلى النجاح، بل راحت تُدمّر بسمعة الكيان الصهيوني، وتفقد الثقة بقوّة الجيش والمستقبل. ثم ملاحظة تنامي الانقسام الداخلي والمعارضة، ضدّ نتنياهو، يوماً بعد يوم. فالعوامل التي لم تستطع حتى الآن، ليّ ذراع نتنياهو، لا يعني أن تزايدها المتواصل، لن يصل إلى النقطة التي تفرض عليه التراجع، أو القبول بالفشل.
2 ـ ويجب أن تتتابع، ما يتعاظم من تظاهرات، ضدّ نتنياهو والحرب والإبادة، على مستوى الرأي العام الغربي، ليس على مستوى الحراكات الشبابية فحسب، وإنما أيضاً على مستوى الرأي العام، والإنسان العادي. كما بروز انقسامات في صفوف مؤيدّي الكيان الصهيوني. وقد بدأت تظهر حالات ضدّ حَمَلَة "الجواز الإسرائيلي"، مما يوجب، على من يهمهم الأمر، اعتبارها اتجاهات شعبية، لا يُحمد عقباها، بمحوها كل ما أريدَ أن تتركه المحرقة، من تعاطف غربي، على ضحاياها وورثتهم.
إن من يتابع العمليات العسكرية للمقاومة، خلال الأسبوع الفائت، يتأكد بأن يد المقاومة ما زالت الأعلى، وبأن الجيش الصهيوني، لن يحقق إنزال هزيمة بالمقاومة. بل عليه أن ينتظر العكس.صحيح أن الحملة ضدّ نتنياهو، وحتى الكيان الصهيوني، من جانب الحكومات الغربية، وبعض الرؤساء، يمكن السيطرة عليها لاحقاً، بالرغم من أهميتها الراهنة، إلاّ أن أثرها على الرأي العام الغربي، سيكون الأبقى مستقبلاً.
3 ـ إن من يتابع العمليات العسكرية للمقاومة، خلال الأسبوع الفائت، يتأكد بأن يد المقاومة ما زالت الأعلى، وبأن الجيش الصهيوني، لن يحقق إنزال هزيمة بالمقاومة. بل عليه أن ينتظر العكس.
من هنا ما ينبغي للألم أن يُعمي عن رؤية الأمل، مهما كان شديداً، ومهما كنا متألمين.
أما ترامب، فما زال أمامه الاختيار، لتجنّب الفشل في وقف الحرب. وهو تقدير ممكن الحصول في حالة الاضطراب.