مع الإقرار الداخلي في إسرائيل بالتبعات العسكرية والاقتصادية للحرب الدائرة على غزة منذ أكثر من 8 أشهر، تكشف تقارير رسمية عن "ثمن باهظ" مختلف، يتعلق بالخسائر البشرية للجيش الإسرائيلي، التي تمتد وصولا إلى تزايد عدد المصابين بالاضطرابات النفسية "الحادة"، ومعاناة بعضهم من "ميول انتحارية".

 

ويقول استشاريون نفسيون ومحللون سياسيون لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن طول أمد الحرب على غزة، وعدم اتضاح جدول زمني لإنهاء القتال، يضع الجنود الإسرائيليين تحت وطأة المعاناة من الأمراض النفسية، التي تتراوح بين الاكتئاب والوساوس والميول الانتحارية، وصولا إلى اضطراب ما بعد الصدمة، وهي أعراض "مزمنة" وتحتاج وقتا طويلا للعلاج.

 

ماذا حدث للجنود الإسرائيليين؟

كشفت تقارير صحيفة إسرائيلية عن ارتفاع عدد الجنود المعاقين الذين يتلقون العلاج في أقسام إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع، إلى 70 ألف جندي، بعد انضمام 8663 جريحا منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

 

أشارت القناة السابعة الإسرائيلية إلى أن 35 بالمئة من المصابين يعالجون من أمراض نفسية، في حين أظهر تحليل أجراه مختصون أن حوالي 40 بالمئة من الجرحى الذين سيتم إدخالهم إلى المستشفى بحلول نهاية العام قد يواجهون أمراضا نفسية متباينة، بما في ذلك القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة وصعوبات التكيف والتواصل.

 

نقلت صحيفة "جيروسالم بوست" أن أكثر من 10 آلاف جندي احتياط طلبوا تلقي خدمات الصحة العقلية.

 

في فبراير الماضي، قرر قسم التأهيل في الجيش الإسرائيلي تشكيل فرق من أطباء نفسيين وممرضين قادرين على التعامل مع الميول الانتحارية، من أجل إجراء تقييم للجنود الذين يعانون اضطرابات نفسية.

 

جاءت تلك الخطوة بعدما كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن 10 ضباط وجنود إسرائيليين انتحروا منذ بداية الحرب، في حين أفادت الإذاعة الإسرائيلية قبل أيام بانتحار جندي آخر بعد تلقيه أمرا بالعودة للخدمة العسكرية في غزة.

 

في منتصف مارس الماضي، أقر الجيش الإسرائيلي بمواجهة "أكبر مشكلة للصحة النفسية" منذ عام 1973، حيث أوضح حينها أن نحو 1700 جندي خضعوا للعلاج النفسي، وأن 85 بالمئة منهم عادوا للخدمة.

 

في مطلع العام الجاري، سرح الجيش الإسرائيلي 90 جنديا من الخدمة بسبب "مشكلات نفسية"، وفقما نقلت "هآرتس".

 

تبعات "نفسية" مُنتظرة

 

قال استشاري الطب النفسي جمال فرويز، الذي عمل استشاريا للطب النفسي لدى الأمم المتحدة بعدد من مناطق النزاع، إن التأهيل النفسي أمر مهم وضروري قبل بداية الحروب، من أجل "رفع الروح المعنوية وتوفير الاحتياجات الأساسية للمقاتلين من مأكولات ومشروبات وزيادة الشعور بالأمان خلال أداء المهمات القتالية"، إلى جانب تعزيز العقيدة القتالية التي يحارب لأجلها، مشددا أنه "كلما توفرت هذه الأمور الأساسية، كانت الأمور أكثر انضباطا".

 

ويعتقد فرويز أن "الجيش الإسرائيلي لم يكن باستطاعته تقديم التأهيل النفسي مسبقا لجنوده، خاصة أن الحرب الراهنة لم يكن مخططا لها من جانبه، بعد الهجوم المفاجئ لحركة حماس في 7 أكتوبر الماضي".

 

ومع ذلك، شدد على أنه "كلما كان الهدف من الحرب غير واضح مع تزايد عدم الشعور بالأمان، فهذا يؤثر بشكل حاد على الحالة النفسية للمقاتل، مما يؤدي لفقدان السيطرة والتركيز، ويكون التواصل مع غرفة العمليات المتحكمة في ما يحدث على الأرض أكثر صعوبة، وبالتالي تزداد الخسائر البشرية".

 

واعتبر فرويز أن الأمراض النفسية الناجمة عن حرب غزة تتراوح بين "اكتئاب وهلاوس وفصام، بجانب الاضطرابات الحادة لما بعد الصدمة، والوسواس القهري، والميول الانتحارية"، مشددا على أن "العامل الوراثي يلعب دورا أكبر في تزايد هذه الأعراض".

 

وأكد أن "الحروب تزيد من معدل الاكتئاب، خاصة في النزاعات غير واضحة الرؤية، كما تزداد حالات الانتحار للهروب من الواقع الصعب والضغوط الراهنة خاصة مع طول أمد الحرب، وعدم وجود خطة لما بعد القتال".

 

ومع ذلك، شدد على أن "المشاكل النفسية الرئيسة لم تظهر بعد، وستكون أكثر وضوحا في الجانبين بعد وقف القتال"، حسب موقع “سكاي نيوز عربية”.

 

رؤية من الداخل الإسرائيلي

 

ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن، أن هناك دلائل من واقع الأبحاث التي أجريت أن المشاركة في الحرب لها أثر نفسي على المقاتلين في كافة الحروب، وليس حرب غزة وحدها.

 

وأضاف أن "الحرب في غزة أثرت سلبيا على بعض الجنود الإسرائيليين، وأعتقد أن هناك حالات لم يتم الكشف عنها لأسباب مختلفة منها أن هؤلاء الجنود لا يريدون أن تلاحقهم وصمة عار".

 

واعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي أن كشف السلطات الرسمية عن عدد الجنود المصابين بالأمراض النفسية "مصدر قوة بالإعلان عن هذه الحقائق وليس نقطة ضعف"، مطالبا بضرورة الاهتمام بشكل أكبر بأساليب علاج الجنود الذين يعانون التأثير السلبي للحرب عليهم، للحد من هذه الظاهرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: والاقتصادية للحرب الدائرة غزة من 8 أشهر ثمن باهظ للجيش الإسرائيلى تمتد وصولا بالاضطرابات النفسية الحادة الجیش الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى الجنائية الدولية.. شاركا بجرائم الإبادة في غزة

قررت النيابة العامة الفيدرالية البلجيكية ، إحالة قضية عسكريين إسرائيليين اعتقلتهما منذ 10 أيام، إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي , وهو ما عده حقوقيون بأنه تطور كبير في ملاحقة الجنود الإسرائيليين في الخارج أمام القضاء الدولي.

وكان القضاء البلجيكي قد حقق مع جنديين إسرائيليين يوم الـ20 من تموز / يوليو الماضي في إطار تحقيق بجرائم حرب الإبادة في قطاع  غزة, حيث تم التعرف عليها خلال حضورهما مهرجان الموسيقى الإلكترونية "تومورولاند" في منطقة فلاندرز البلجيكية وجرى اعتقالهما بشكل علني, وذلك عقب شكوى قانونية تقدمت بها كل من مؤسسة هند رجب الحقوقية وشبكة الإجراءات القانونية العالمية, قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقًا مع استمرار التحقيق.

"هند رجب".. تلاحق مجرمي الحرب
ومن ضمن الاتهامات الموجهة للجنديين "الهجمات على المدنيين، واستخدامهم كدروع بشرية، واللجوء إلى التعذيب، والتشريد القسري للسكان في غزة".

وبحسب مؤسسة "هند رجب"، فإن الجنديين يخدمان في لواء غفعاتي التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد رُفعت ضدهما دعوى تتهمهما بالمشاركة في جرائم حرب ارتُكبت في قطاع غزة خلال العدوان المستمر منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023.

وأشارت المؤسسة إلى أن هذه الشكوى تأتي في إطار حملة واسعة لكسر دائرة إفلات الجنود الإسرائيليين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة من العقاب، مؤكدة أنها قدمت حتى الآن 30 دعوى قانونية في 15 دولة ضد جنود وضباط من جيش الاحتلال


لأول مرة في أوروبا .. بلجيكا تعتقل جنود إسرائيليين بتهم جرائم الحرب
وفي تطور ملفت في هذا الملف، قالت النيابة العامة البلجيكية إن قرار إحالة ملف الجنديين الإسرائيليين على المحكمة الجنائية الدولية جرى اتخاذه حرصًا على حسن سير العدالة واحترامًا لالتزامات بلجيكا الدولية, وهي خطوة تشير إلى أن بلجيكا بصدد تفعيل صلاحياتها القضائية الدولية لمحاكمة الأفراد المتهمين بانتهاك القانون الدولي الإنساني، حتى إن لم تقع الجرائم على أراضيها, وهو ما تسبب في أزمة بين بلجيكا و"إسرائيل"، نظرًا لكون هذا الإجراء يعد الأول من نوعه في أوروبا، يتم فيه اعتقال جنود إسرائيليين بتهم جرائم الحرب.

النيابة العامة الفيدرالية أوضحت في بيان لها نقلته وسائل الإعلام البلجيكية اليوم الجمعة ، أنه سيتم إحالة هذه الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية عن طريق وزارة العدل، وهي السلطة المركزية المختصة بإحالة طلبات السلطات القضائية البلجيكية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وبهذا، تكون بلجيكا قد أرست سابقة في مجال التعامل مع الجنود الإسرائيليين المشاركين في الحرب ضد قطاع غزة , وهو ما قد يفتح الباب أمام دول أخرى لاتخاذ الخطوات نفسها وإحالة ملفات الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب بعد التعرف عليهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وتعد بلجيكا رفقة إسبانيا من الدول التي تبنت مواقف متشددة من الحرب التي تشنها "إسرائيل" ضد قطاع غزة، حيث طالبت بتعليق اتفاقية الشراكة مع دولة الاحتلال.

كما أن القضاء البلجيكي أصدر منذ أسبوعين قرارا يقضي بمنع مرور أسلحة الى "إسرائيل" عبر الموانئ والمطارات البلجيكية، واعتبرت ذلك تطبيقا للقانون الدولي في ظل ما يجري في قطاع غزة.

وفي نبرة وصفت بالحادة, وصف ملك بلجيكا "لويس فيليب" التي تحتضن مؤسسات الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو, الانتهاكات في غزة بأنها "عار على الإنسانية", مضيفا خلال كلمة بقصره في بروكسل في تموز / يوليو الماضي إنه سيضم صوته إلى كل من يدين الانتهاكات الإنسانية الخطيرة في غزة، حيث يموت الأبرياء من الجوع ويقتلون بالقنابل بينما هم محاصرون.
"It is a disgrace to all of humanity."

During a speech marking the country's National Day, Belgium's King Philippe denounced "grave humanitarian abuses" in Gaza. pic.twitter.com/uczGB04p4v — DW News (@dwnews) July 21, 2025
جيش الاحتلال "يُخفي" جنوده لتجنيبهم الاعتقال في الخارج
وفي محاولة لتجنيب جيش الاحتلال اعتقال جنوده في الخارج , فقد عمد إلى اتخاذ قرار في مطلع كانون الثاني / يناير عام 2025 يمنع الكشف عن أسماء وصور الجنود برتبة عقيد وما دون ذلك في مناطق القتال في وسائل الإعلام خشية اعتقالهم لدى سفرهم إلى الخارج وفق ما ذكرته صحيفة هآرتس، حيث دعا للاكتفاء بتصوير الجنود من الخلف أو بوجوه مشوشة.

وكانت تقارير أمنية إسرائيلية أفادت بارتفاع محاولات ملاحقة جنود جيش الاحتلال قضائيًّا في الخارج، ووصفت هذه المحاولات بأنها "نهج نجاح محتمل" ، حسبما ذكرت هيئة البث الرسمية.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: حكومتنا مغرورة ومخادعة ولا إستراتيجية لديها بشأن غزة
  • صحيفة: القتال طويلاً والمشاهد المروعة ترفع معدلات الانتحار بالجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي: الحرب في غزة وراء معظم حالات انتحار الجنود
  • تحولات في العلاقات بين إسرائيل وهولندا بسبب الحرب على غزة
  • جنود إسرائيليون: نحن منهكون وأملنا الخروج من جحيم غزة
  • بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى الجنائية الدولية.. شاركا بجرائم الإبادة في غزة
  • ألمانيا: عزلة “إسرائيل” تزداد بسبب الحرب على غزة
  • مشاهد غير مسبوقة للحظة انفجار نفق مفخخ بقوة للاحتلال في غزة (فيديو)
  • معاريف: الأمراض النفسية للجنود وباء صامت يقوّض المجتمع الإسرائيلي
  • هآرتس: انتحار 7 جنود إسرائيليين خلال يوليو الجاري