"أكبر كارثة في تاريخ البحرية التركية".. هكذا تصف تركيا إغراق غواصة مجهولة لسفينة شحن تابعة لها في 23 يونيو عام 1941 ما أدى إلى مقتل 168 شخصا من ركابها.

جرت المأساة فيما كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها. تركيا كانت تحاول حينها اتباع سياسة محايدة، وكانت تسعى إلى عقد اتفاقية عدم اعتداء مع ألمانيا، الأمر الذي جرى بالفعل في 18 يونيو 1941، قبل أربعة أيام من غزو القوات الألمانية النازية للاتحاد السوفيتي.

مع ذلك جددت بريطانيا الطلب من تركيا إرسال فريق لاستلام أربع غواصات كانت اشترتها تركيا ودفعت ثمنها قبل الحرب، فيما كانت تغريها قبل توقيع الاتفاقية التركية الألمانية أيضا بهدية إضافية تتكون من أربع طائرات.

رئاسة الأركان التركية استأجرت للمهمة سفينة الشحن "رفاه"، وهي سفينة توصف بأنها قديمة ومتداعية.

انضم للبعثة التركية 20 ضابطا بحريا و63 ضابط صف و68 بحريا من أفضل رجال البحرية التركية. بالإضافة إلى ذلك أرسل على متن السفينة 21 طيارا كان اتفق منذ فترة طويلة على تدريبهم في المملكة المتحدة.

السفينة "رفاه" انطلقت في الساعة 17.30 من يوم 23 يونيو 1941 من ميناء مرسين بجنوب تركيا في طريقها إلى ميناء بورسعيد في مصر ومنها إلى بريطانيا. خط إبحار السفينة التركية كان أوصى به السفير البريطاني في تركيا.

كان على ظهر سفينة الشحن التركية 200 شخص، واحد منهم فقط أجنبي، وهو ضابط بريطاني كان انضم للبعثة في ميناء مرسين.

المصادر التركية تصف هذا الضابط البريطاني بأنه غامض، وأن الجميع حينها كان يتساءل من هو ومن أعطى الأمر بانضمامه. عن هذا الضابط البريطاني الغامض قيل أيضا إنه كان يتجول دائما على ظهر السفينة مرتديا سترة نجاة.

بعد مرور 5 ساعات على إبحار السفينة، وكان الظلام قد حل، دوى صوت انفجار رهيب في المتوسط، وأصاب طوربيد سفينة الشحن التركية متسببا في فتحة كبيرة في هيكلها.

تعطلت أجهزة السفينة، وألقى بعض الجنود بأنفسهم في البحر، ومات عدد منهم غرقا. السفينة رفاه بقيت مع ذلك على سطح الماء لمدة 4 ساعات. بعدها حدث انفجاران وابتلعها البحر.

قتل 15 ضابطا من سلاح البحرية التركية بينهم ضابط برتبة مقدم، إضافة إلى 10 نقباء و4 يحملون رتبة ملازم أول، و49 من ضباط الصف. كما قتل 63 من رجال البحرية العسكرية، و25 من أفراد الطاقم بمن فيهم القبطان المدني.

نجا بالصدفة 28 شخصا من الركاب بعد أن تمكنوا من النزول باستخدام قارب النجاة الوحيد المتبقي. لاحقا تم إنقاذ 4 جنود آخرين كانوا تمكنوا من التعلق بألواح في البحر. من بين 200 شخص كانوا على متن السفينة، قتل 168 شخصا بمن فيهم الضابط البريطاني الغامض.

لم تعترف أي دولة بمسؤوليتها عن الكارثة، وتبادل الألمان والإيطاليون مع الفرنسيين والبريطانيين الاتهامات بالمسؤولية عن هذا الهجوم المأساوي.

الأثر الفرنسي في كارثة سفينة الشحن التركية:

اللافت أنه بعد مرور عام على الحادثة، ومع عدم اعتراف أي دولة بانها صحابة الغواصة التي أغرقت سفينة الشحن التركية، جرت مفاوضات سرية مع الفرنسيين منح بموجبها الأتراك سفينتين فرنسيتين بمثابة تعويض عن إغراقهم بـ"الخطأ" السفينة التركية، وتم حينها إغلاق الملف نهائيا.

في عام 1982، صرّح العقيد المتقاعد في هيئة الأركان الجوية التركية حيدر قرسان، وكان من الناجين في تلك المأساة قائلا: "لقد أغرق الفرنسيون رفاه. بالطبع، ليس لدي وثائق حول هذه المسألة ولا يمكن بالطبع أن تكون. تم نسفنا في حوالي الساعة 23.00 ليلا وغرقنا بعد ذلك بقليل. بدأت النضال من أجل الحياة في البحر من خلال التمسك بقطعة من الخشب. في الساعات الأولى من الصباح، ظهرت طائرة فرنسية ذات جناحين ومقعدين وبدأت تحلق فوقنا على ارتفاع 25 مترا. ماذا كانت هذه الطائرة الفرنسية تفعل حولنا؟ لماذا جاءت في الساعات الأولى من الصباح؟ ماذا كانت تفعل هناك؟".

المصدر: RT

 

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف

إقرأ أيضاً:

مراكز الإغاثة في غزة.. تمويل غامض يرهق اقتصاد إسرائيل

القدس المحتلة- في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق النازحين الفلسطينيين عند مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وهي مراكز يشرف عليها الجانب الأميركي ضمن برامج الإغاثة.

وقد أعاد هذا التصعيد تسليط الضوء على الدور الغامض والمثير للجدل الذي تؤديه شركات الأمن الخاصة في تأمين هذه المراكز، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وسط اتهامات بتحوّلها إلى مصايد موت جماعية للمدنيين.

وكشف تحقيق استقصائي نشرته المجلة الإلكترونية الإسرائيلية "شومريم" عن تفاصيل صادمة تتعلق بكواليس عمل شركة الأمن الأميركية "إس آر إس" التي تتولّى مهمة تأمين مراكز الإغاثة، من مصادر تمويلها وهيكليتها إلى الأجور اليومية الباهظة التي يتقاضاها موظفوها والذين يعمل معظمهم من داخل إسرائيل.

رواتب خيالية ومصاريف ضخمة

بحسب التحقيق، توظّف الشركة نحو 500 شخص، يتقاضى كلّ منهم أجرًا يوميا يراوح بين 800 و980 دولارًا، يشمل الراتب الأساسي، والتأمينات الاجتماعية، وأيام الإجازة. وتُصرف الرواتب بشكل نصف شهري مباشرة من مقر الشركة الكائن في ولاية وايومنغ الأميركية.

رواتب موظفي شركة التأمين تستهلك نحو 15 مليون دولار في الشهر الواحد (رويترز)

إلى جانب ذلك، تُضاف مصاريف يومية تبلغ 180 دولارًا لتغطية تكاليف المعيشة، والإقامة في فنادق بجنوب إسرائيل، فضلًا عن تذاكر طيران ذهابًا وإيابًا بدرجة رجال الأعمال.

إعلان

وتُقدّر كلفة الرواتب وحدها بنحو 15 مليون دولار شهريا، بينما تصل نفقات التأمين والإقامة إلى 4 ملايين دولار لكل منهما شهريا، بالإضافة إلى التكاليف اللوجستية الأخرى مثل المواصلات، والوجبات، والمعدات الوقائية، والأسلحة.

ومع احتساب هامش ربح الشركة، تصل التكلفة الإجمالية إلى نحو 35 مليون دولار شهريا، أي ما يعادل 360 مليون شيكل (100 مليون دولار) خلال 3 أشهر فقط. ولكن السؤال الأهم الذي يطرحه الصحفيان أوري بلاو وميلان تشيرني في تحقيقهما يتمحور حول الجهة التي تتحمّل فعليا هذه التكاليف الباهظة.

تمويل غامض وإشارات لإسرائيل

وفي حين تم توقيع العقد مع شركة "إس آر إس" في نهاية أغسطس/آب 2024، لا تزال مصادر التمويل غير واضحة. وألمح بعض السياسيين الإسرائيليين، مثل رئيس المعارضة يائير لبيد ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، إلى أن إسرائيل هي من تموّل البرنامج، ولم يصدر أي توضيح رسمي أو دليل قاطع في هذا السياق.

في المقابل، صرّحت مؤسسة "غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة والتي تدير عمليات الإغاثة، بأنها تلقّت وعدًا بتبرّع قيمته 100 مليون دولار من "دولة أوروبية غربية" لم يُكشف عن اسمها. ورغم هذا التصريح، ظل الغموض قائمًا، خاصة مع رفض الأمم المتحدة وعدد من منظمات الإغاثة الدولية التعاون مع هذه المبادرة التي تتم بتنسيق كامل مع الجيش الإسرائيلي.

وفي محادثات داخلية حصلت عليها "شومريم"، أقر مسؤول كبير في شركة "إس آر إس" بأن الشركة "مُمولة جيدًا"، مضيفًا أن مصدر القلق الحقيقي لا يتعلق بتوفر الأموال، بل بإمكانية عدم تمديد العقد بعد سبتمبر/أيلول المقبل. وأكد أن الشركة تعمل "بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل من دون أن تكون خاضعة لسيطرتها المباشرة"، مشيرًا إلى أن الحل الأميركي هو الوحيد القائم حاليا على الأرض.

إعلان أعباء اقتصادية ثقيلة

ما يزيد من تعقيد المشهد هو الأثر الاقتصادي الكبير الذي تُخلّفه هذه العمليات، خصوصًا في ظل استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، المعروفة باسم "عربات جدعون". وقدّرت وزارة المالية الإسرائيلية التكلفة الإجمالية للحرب حتى نهاية عام 2024 بنحو 141.6 مليار شيكل (ما يعادل 40 مليار دولار)، تشمل النفقات العسكرية والمدنية وصندوق تعويضات الأضرار.

أما صافي الإنفاق، بعد استبعاد المساعدات الأميركية، فقد بلغ 121.3 مليار شيكل (نحو 33 مليار دولار)، منها 96.4 مليار شيكل (نحو 26.5 مليار دولار) للإنفاق الدفاعي و24.9 مليار شيكل (حوالي 6.85 مليارات دولار) للنفقات المدنية.

العجز المالي الإسرائيلي الناتج عن الحرب بلغ حوالي 29.2 مليار دولار بنهاية العام (رويترز)

ويرى كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة "كالكاليست"، أدريان بايلوت، أن الفجوة بين الرقمين تعود إلى الدعم الأميركي بالإضافة إلى إسهامات وزارات حكومية ودول أجنبية.

وأوضح بايلوت أن أحد أبرز تداعيات الحرب تمثّل في ارتفاع الدين الحكومي، إذ زادت نسبة الإنفاق المدني (باستثناء النفقات العسكرية) إلى 6.1% من الناتج المحلي في عام 2024، مقارنة بنسبة 4.9% كانت مُخططة سابقًا.

العجز وتراجع الإيرادات

وأشار بايلوت إلى أن الحرب أسهمت كذلك في اتساع العجز المالي بشكل كبير، إذ ارتفع العجز بنسبة 1.4% من الناتج المحلي في عام 2023، و4.8% في عام 2024، ليصل إجمالي إسهام الحرب في العجز إلى 106.2 مليارات شيكل حتى نهاية العام.

كذلك تسببت نفقات الحرب في انخفاض ملحوظ في الإيرادات الضريبية، وهي خسائر يصعب قياسها بدقة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الخسائر الضريبية وحدها بلغت 1.1% من الناتج المحلي في عام 2024، أي ما يعادل 22 مليار شيكل إضافية.

ورغم كل هذه المعطيات، يؤكد بايلوت أن "الغموض لا يزال يلفّ تفاصيل العقود الأمنية"، خاصة في ظل امتناع وزارة المالية الإسرائيلية عن نشر بيانات منفصلة تتعلق بنفقات الحرب في عام 2025.

إعلان

ويضيف أن هذا التكتّم الرسمي يُصعّب من مهمة تقييم الكلفة الحقيقية الجارية للحرب، في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي في إسرائيل حول مدى جدوى هذا الإنفاق وفاعليته، سواء على الصعيد العسكري أو الإنساني.

مقالات مشابهة

  • اشتعال سفينة تحمل 3000 سيارة قبالة ألاسكا
  • كارثة بحرية قبالة ألاسكا.. حريق يلتهم سفينة شحن تقل 800 سيارة كهربائية
  • سفينة البحرية السلطانية العُمانية(شباب عُمان الثانية) ترسو بميناء شيفتافيكيا الإيطالي
  • حريق قبالة سواحل ألاسكا.. اشتعال النيران على متن سفينة شحن تقلّ ثلاثة آلاف سيارة
  • البحرية الروسية تنفذ تمرينا يحاكي تحرير سفينة مختطفة في بحر البلطيق
  • كويدير يتوقع تشكيل لجنة فنية لدراسة موضوع الاتفاقية الليبية التركية البحرية
  • مسيرات مجهولة تحلق فوق سفينة أسطول كسر حصار غزة مادلين
  • مراكز الإغاثة في غزة.. تمويل غامض يرهق اقتصاد إسرائيل
  • بريطانيا: بناء 12 غواصة و6 مصانع أسلحة ضمن مراجعة استراتيجية الدفاع
  • مخاوف من مفاجآت أمنية إضافية في الجنوب وضابط أميركي متقاعد خلفاً لأورتاغوس