جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-13@18:35:19 GMT

ورحل أحد فرسان الوطن

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

ورحل أحد فرسان الوطن

راشد الراشدي

رحل الرعيل الاول من بناة الوطن بعد انقضاء الأجل كما تتساقط أوراق الشجر من أغصانها ليبقى الوطن خريفياً في طقسه الذي ينتظر فرسان اخرين يحملون لواء الوطن لتزهر أوراقه من جديد وتتجدد الحياةُ ويتجدد الأمل .

هكذا حال هذه الدنيا الفانية فلقد شاءت اقدار الله وسنتهُ في الحياة أن يرحل البارحة عن عالمنا سيداً وشيخا جليل وقور تُحس وأنت بالقرب منه بسمت العماني الأصيل وبفكر العالم المتقد الذي صقلته مداركه وخبرات الحياة المتراكمة في سنوات قضاها في خدمة وطنه فأوقد من حوله ضياءً أنار به كل مجالسه .

عرفته شخصياً في سنواته الأخيرة من خلال اشرافه مع اخوته على تأسيس وانطلاقة منارة العلم جامعة الشرقية منذ افتتاحها من خلال تغطيتي الإعلامية لاذاعة سلطنة عمان خلال حفل افتتاحها تحت الرعاية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله - في عام ٢٠١٧م كما اعرف معظم أهله الأخيار فبيننا وبينهم رحم وزمالة وأخوة .

رحل السيد عبد الله بن حمد بن سيف بن محمد البوسعيدي عن عالمنا بعد أن تقلد عدة مناصب في عهد نهضة عُمان الحديثة فهو ينحدر من أسرة عريقة مأثورة بالعلم والصلاح والسيرة الطيبة في ولاية المضيبي التحق معالي الوزير المتقاعد في بداية حياته بوزارة الأراضي في عام 1973م ثم انتقل للعمل في هيئة جمع المخطوطات العمانية وفي عام 1978م انتقل للعمل في وزارة العدل وتحديدًا بالدائرة المالية حيث خضع لدوراتٍ إداريةٍ ومالية متخصصة ساهمت في صقل خبراته في المجال المالي

وبعد إنشاء وزارة البيئة في عام 1984م، طلبه السيد شبيب بن تيمور للعمل معه، فشغل منصب مدير عام المالية إلى أن تشرف بالثقة السامية وعين وزيرا للإسكان في أكتوبر 1986م، وفي يناير 1989م عين مندوبا لدى الجامعة العربية بتونس، ثم نُقل إلى القاهرة وعين سفيرا غير مقيم في قبرص، ثم عاد إلى سلطنة عمان وعمل كرئيسٍ لجهاز الرقابة المالية وبعدها حظيت جامعة الشرقية أن يكون رئيس مجلس أمناء الجامعة .

كان والده السيد حمد بن سيف البوسعيدي - رحمه الله- قاضياً فقيهاً تنقل بين عدد من ولايات السلطنة واسس مكتبة ثقافية فهو من الأسماء الأدبية البارزة على مستوى سلطنة عمان وقد اسس مكتبة تضمّ العديد من الكتب التراثية والمخطوطات، وقام بتأليف عدد من الكتب والمؤلفات التي رفدت المكتبة العمانية بقطاف الخير منها: الموجز المفيد نبذ من تاريخ البوسعيد، وإرشاد السائل من أجوبة المسائل، وقلائد الجمان من أسماء شعراء عمان، والجواهر السنية في المسائل النظمية، وجوهرة الزمان في ذكر سمد الشأن.

رحل اليوم السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي صاحب الخُلق والبشاشة والفكر والثقافة والادب وقد خلف بين محبيه من أهله ومُريديه حزنً عميق بتعامله الدمث مع الجميع وبأعماله التي تركت أثراً في المجتمع وساهمت في نهضة عُمان الفتية حيث تفقده اليوم جامعة الشرقية التي حظيت بإهتمامه الخاص والتي كانت حلماً تحقق على أرض الواقع وساهمت في تأسيس أجيال من بناة الوطن منذ تاسيسها كما سيفقده محبوه الذين عرفوه بخلقه الرفيع وبشاشته وفعاله .

أحسن الله عزائنا جميعاً وعزاء اسرته في فقده فقد فقدت نيابة سمد الشان أحد أبنائها الفضلاء وعزائنا فيه سيرته العطرة ومأثره التي خطها في سجلات تاريخه خلال سنوات حياته الكريمة . ( إنا لله وإنا اليه راجعون ).

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

تغيّر المناخ والنمو الاقتصادي.. العلاقة والفرص

يمر العالم بتغيرات مناخية وتطورات صناعية وتقنية توثر سلبا على الغطاء النباتي وعلى الصحة العامة وعلى نمو الاقتصادات أيضا؛ بسبب تركز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ونتيجة لذلك ينظر الباحثون والمحللون عموما إلى المناخ كأزمة وجودية تهدد الاقتصادات والمجتمعات على حدٍ سواء؛ للنظرة المختزلة لدى البعض بأن تغيّر المناخ في حد ذاته يعدُّ تحديا أمام التنمية الاقتصادية ويؤدي إلى حدوث إرباك في الخطط والاستراتيجيات، لكنه في رأيي ربما يكون سببا للتفكير في ابتكار نماذج اقتصادية حديثة للحد من آثار تغير المناخ وتحويل الأزمات البيئية الناجمة عن المناخ إلى فرص اقتصادية تحفّز ريادة الأعمال والابتكار؛ لإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي، وهو ما يتفق مع رأي الاقتصادي جوزيف شومبيتر عندما أطلق على التغير المناخي مصطلح «الدمار الخلاق»، مشيرا إلى أنّ التغير المناخي والأزمات البيئية عموما يعد فرصة لقطاعات اقتصادية جديدة أكثر كفاءة واستدامة، وبالتالي فإن التحول إلى الاستدامة البيئية من خلال توظيف أدوات الاقتصاد الدائري هو الخيار الأفضل، ويعكس مبدأ تكلفة الفرصة البديلة في التحليل الاقتصادي.

اطلعت مؤخرا على دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي قبل عدة سنوات بعنوان «التغير المناخي والنمو الاقتصادي في العالم العربي»، أكدت الدراسة على أهمية التخفيف من آثار التغير المناخي وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تبني جملة من السياسات والاستراتيجيات التي تساعد على ذلك، وفي اعتقادي أن ما يعيق تحقيق ذلك في الوقت الحالي هو الطلب المرتفع على الطاقة مع تزايد أعداد السكان عالميا، ما قد يؤثر على النمو الاقتصادي نتيجة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج الطاقة، وهو ما يحفّز التوجه إلى الطاقة النظيفة المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة بعيدة عن الاضطرابات البيئية وتغير المناخ، وبالتالي تحقيق بيئة صحية مستدامة، وأعتقد أن دعم المراكز البحثية بالأدوات التحليلية وتأهيل كوادرها البشرية هي حلول فاعلة للانتقال إلى الطاقة المتجددة.

إنّ التوجه نحو الاستثمار في تقنيات كفاءة استخدام الموارد الطبيعية مثل تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة يعدُّ خيارا استراتيجيا ويحد من المخاطر البيئية، ويعيد صياغة النموذج التنموي في سلطنة عُمان، ولذا نحن بحاجة إلى مزيدٍ من المبادرات المؤسسية والمجتمعية للتعامل مع أزمة المناخ وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض عبر تبني ممارسات تساعد على الحفاظ على مكونات البيئة الأساسية وهي النبات، والحيوان، والماء، والهواء، والتربة من خلال تشجيع المواطنين على التشجير أمام المنازل والتركيز على الأشجار التي تساعد على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، والتشجيع على الاستخدام الأمثل للمياه الذي يحافظ على كمية المياه ومنسوبها، إضافة إلى التشجيع على الاستخدام الأمثل للأراضي الزراعية وتجنب استخدام الأسمدة والمواد الكيماوية الضارة بالتربة، ومن الجيد دراسة مقترح منح المواطنين الراغبين والمهتمين بالجانب الزراعي أراضٍ زراعية للانتفاع بمساحات مختلفة؛ لتشجيعهم على الزراعة وزيادة رقعة المسطحات الخضراء في مختلف المواقع بسلطنة عُمان، ما يعكس القدرة على تحويل التحديات البيئية إلى ميزة تنافسية استراتيجية لسلطنة عُمان.

إنّ الصدمات الاقتصادية الناتجة عن تغيّر المناخ، يجب أن تشجّع المخططين والباحثين وتحفزهم على الاستفادة من التحولات الهيكلية في منظومة الاقتصاد التي يفرضها المناخ واضطراباته والتحديات البيئية المرتبطة، وتبني مشاريع الاقتصاد الدائري التي تشجع على الاستدامة البيئية بحيث يتم جلب مزيدٍ من الاستثمارات التي تساعد على الوقاية من مخاطر تغير المناخ، وبدورها ستسهم في النمو الاقتصادي من خلال توفير الوظائف النوعية، ودعم ريادة الأعمال، إضافة إلى دورها في تشجيع الابتكار المحلي ودعم المحتوى المحلي، لذلك أعتقد أن تغيرات المناخ تتطلب مبادرات أكثر تأثيرا مجتمعيا ومؤسسيا بحيث يتم تحويل التحديات إلى فرص استثمارية وهو ما ينسجم مع توجهات «رؤية عُمان 2040» التي تضع البيئة المستدامة من أولوياتها؛ خاصة أن سلطنة عُمان تملك الخبرة الواسعة في التعامل مع التحديات المناخية لا سيّما الحالات الجوية التي تأثرت بها أجواء سلطنة عُمان خلال الأعوام السابقة.

إن التغيّر المناخي يجعلنا نفكر بجدية في المضي قدما نحو وضع سياسات واستراتيجيات تمكننا من الاستثمار بجرأة في الطاقة النظيفة والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وأن ننظر إلى التغير المناخي كفرصة لتعزيز الميزة التنافسية للاستثمارات في سلطنة عُمان؛ لتكون مركزا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره بحيث توازي الاستثمارات المهمة في طاقة النفط والغاز، وأعتقد أن الطلب على الطاقة منخفضة الكربون ستزداد خلال السنوات المقبلة مع تشديد السياسات المناخية في بعض أجزاء العالم مثل أوروبا التي تجمعها علاقات اقتصادية متينة مع سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • تغيّر المناخ والنمو الاقتصادي.. العلاقة والفرص
  • سفير سلطنة عمان: نقدّر جهود مصر قيادةً وشعبًا على استضافتها لقمة السلام
  • سفير سلطنة عمان: نؤكد على مبدأ السلام ومشاركتنا رسالة دعم لجهود إنهاء حرب غزة
  • سفير عمان: مشاركتنا في قمة شرم الشيخ رسالة دعم لجهود إنهاء الحرب في غزة
  • سقطات كامل نرجس.. ومناة الثالثة الأخرى..!
  • أميرُ الكويت يزورُ سلطنة عُمان غدًا
  • إنجاز وطني جديد يضع سلطنة عمان على خارطة تدريب رواد الفضاء عالميا
  • «الصحة العالمية»: سلطـنة عمان تتبنى مبادرات وخططا استراتيجية لصناعة مستقبل صحي مشرق
  • ما أكبرك يا غزة
  • 74 ألف كشفي يشاركون في أجيال السيد ببيروت إحياء لذكرى اغتيال نصر الله