الدكتور باسل عادل يكتب: ميلاد ثورة ووأد جماعة
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
ثوره ٣٠ يونيو أنقذت البلاد من حكم ثيوقراطى دينى وسيطرة جماعة مغلقة على مقدرات مصر الهائلة، تحالف ثوار يونيو هو تحالف بديع ضم شتات المواطنين والتيارات السياسية كافة حول هدف واحد وهو وأد جماعة غير مرغوب فى وجودها، نظراً لخطورتها الكبيرة على التكوين المصرى المتفرد، اتضح للكافة أن الإخوان جيتو مغلق يعمل فى الظلام، وكان سيحول مصر لظلام دامس كما تعود أن يعيش، أيضاً مسألة إحساس الجماعة أنها منبوذة داخلياً وترتاب فيها كل مؤسسات الدولة كان سيدفعها لدفع ولاءات بأثمان باهظة لدول إقليمية تؤيد سياستها وتدعم وجودها مما كان سيهدد الأمن القومى المصرى ويعرض أسرار مصر لتكون مشاعاً مستباحاً!!
إن النظرة الفاحصة لممارسات الاستيلاء على كل مفاصل السلطة من قبل جماعة الإخوان، مرة بفعاليات انتخابية تعتمد على تنظيم دينى تاريخى لا تحوز الرضا العام، ومرة أخرى باستخدام السلطة لإصدار مراسيم بإعلانات دستورية سلطوية وحدوية لا تخدم إلا مصالح الجماعة ومن هم على ضفافها، تضعنا فى مربع الراصد للانتهاكات الديكتاتورية التى تمتطى ثوب الشرعية المثقوب، لقد اتسع الرتق على الراتق وأفلت زمام انتهاك الشرعية وامتطائها، واتضح لعموم الشعب المصرى خطورة جماعة استخدمت تنظيمها والمشاعر الدينية للوصول للسلطة واحتكارها، بدافع من الحفاظ على الدين والفضيلة كما يرون وكما تقول سردياتهم كلها.
ثورة المثقفين واعتصام وزارة الثقافة كان نقطة فارقة فى التحول النوعى لمواجهة الإخوان، لأنها كانت مواجهة واضحة بين مخاوف المثقفين على هويتهم الوطنية والثقافية وبين التخلف والرجعية التى تستمد أدبياتها من مؤلفات فقهية ودينية لزمن غير الزمن ولبشر غير البشر! أيضاً اتحاد القوى السياسية وجبهة الإنقاذ وكل الائتلافات الثورية فى وجه الإخوان كانت مؤشراً لكتلة سياسية حرجة تقف بصلابة وشراسة فى مواجهة مشروع المد الثيوقراطى.
ومن المؤكد أن دور الجيش وشجاعة قائده وقتها المشير عبدالفتاح السيسى كانت رمانة الميزان ونقطة التأثير فى تلقى رغبات الشعب المصرى فى إزاحة الإخوان من الحكم والتأشير على رغبة قديمة متجددة لدى القوى الوطنية فى إزالة عدوان القوى السياسية التى تمتطى الدين عن السياسة.
إن ثورة يونيو وأدت حكم جماعة الإخوان لأنها كانت عاراً على الحياة السياسية ومصر التى كانت وستظل أقدم منارة تاريخية عرفها التاريخ
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان
إقرأ أيضاً:
محمد دياب يكتب: غزة بين الإنهيار وتمرد الإحتلال
تجتاح العواصف قطاع غزة المنهك، فتغرق الأمطار خيام النازحين الذين لم يبقَ لهم من الحياة سوى ما تحميه الأقمشة الممزقة، بينما تواصل الطائرات الإسرائيلية ضرب كل ما بقي على قيد الحياة فوق الأرض المحاصرة الغارات تتصاعد حدّتها يومًا بعد يوم ويخرج قائد جيش الاحتلال «زامير» ليتبجح بأن «حدود إسرائيل الجديدة» أصبحت عند الخط الأصفر الذى يشطر غزة، فى تحدٍ سافر لكل الاتفاقات والقرارات الدولية التى اعتادت إسرائيل أن تتجاوزها بلا حساب.
وفى الوقت نفسه، تطلق المنظمات الدولية تحذيرات متصاعدة من كارثة إنسانية وشيكة تهدد سكان القطاع خمسون يومًا مرت منذ وقف إطلاق النار، ومع ذلك تصرّ إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية، وتمنع دخول المساعدات الضرورية، وكأنها تدير حربًا موازية هدفها تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة، تمهيدًا لفرض مخطط التهجير القسرى الذى لم تعد تخفيه.
وبعد أن تسلمت كل أسراها أحياءً وأمواتًا، لم تجد إسرائيل حتى الذريعة الواهية التى ما دام احتمت بها؛ فلم يتبق لها سوى جثة واحدة تبحث عنها بالتنسيق مع الصليب الأحمر. لكنها تتجاهل فى الوقت ذاته أنها تحتجز ٧٥٠ جثة لشهداء فلسطينيين، وترفض إدخال المعدات اللازمة لانتشال نحو عشرة آلاف شهيد مازالوا تحت الأنقاض. ورغم وقف إطلاق النار، تضيف إسرائيل يوميًا وبدم بارد أعدادًا جديدة إلى قوائم الشهداء، فى استهانة كاملة بقرارات مجلس الأمن.
وتؤكد منظمات الأمم المتحدة أن التحرك العاجل أصبح ضرورة لمنع انهيار أكبر فى غزة، ولإجبار إسرائيل على فتح المعابر أمام آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والخيام والأغطية، المحتجزة عند الحدود بذريعة جثة واحدة. وإذا استمرت هذه الفوضى التى تمارسها إسرائيل دون ردع دولى، فالعالم كله سيدفع ثمن تقاعسه.
إن قرار إنهاء الحرب انتقل من خانة المقترحات إلى مستوى الالتزام الدولي عقب اعتماده في مجلس الأمن
وما تمارسه إسرائيل الآن هو تحدٍ جديد للشرعية الدولية، التى ستفقد جدواها إذا سمحت باستمرار هذا السلوك الهمجي.
فالفلسطينيون ليسوا وحدهم على حافة الانهيار… العالم كله أمام اختبار أخلاقى وإنسانى قد يحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.