شبكة اخبار العراق:
2025-06-08@00:27:05 GMT

مزحة السفيرة الأميركية

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

مزحة السفيرة الأميركية

آخر تحديث: 29 يونيو 2024 - 9:17 ص بقلم:فاروق يوسف لسنوات طويلة بدا الأميركان كما لو أنهم تخلوا عن العراق الذي أنفقوا المليارات في عملية غزوه واحتلاله وتدميره مكتفين بدور استشاري في تقلبات مزاجه السياسي لا يخرج عن إطار الوصاية الإيرانية.في حقيقة المخطط الأميركي لم تكن هناك فكرة لبناء عراق أميركي. ذلك ما أكدته وقائع السنة الأولى للاحتلال.

لقد بدأت سلطة الاحتلال مهامها بعد أن ألغت الجيش العراقي ومحت كل أثر للدولة العراقية وأقرت قانونا لاجتثاث حزب البعث بتأليف مجلس للحكم هو بمثابة القاعدة التي سيقوم عليها في ما بعد نظام المحاصصة الطائفية وهو ما يتناقض كليا مع الديمقراطية.وكما هو معروف فإن الأميركان لم يعدوا العراقيين إلا بالديمقراطية التي تبين أنها ستطبق ضمن الوصفة الطائفية التي كان مؤكدا أنها ستحول العراق إلى محمية إيرانية. لذلك كانت الديمقراطية العراقية صورة طبق الأصل عن الديمقراطية الإيرانية. من غير تنسيق مع إيران ستكون مهمة جاكوبسون صعبة وليست مستحيلة. تملك الولايات المتحدة أوراقا لم تستعملها للضغط على إيران. ولكن من المستبعد أن تستعمل تلك الأوراق من أجل عيون العراقيين.لقد غادر الأميركان العراق بعد أن تركوه بلدا محطما يعيث فيه الفساد خرابا وتفتقر الغالبية من سكانه إلى أبسط وسائل العيش في ظل بنية تحتية مدمرة لم يعالجها شيء من إيرادات بلدهم الغني بالنفط بعد أن تمكن الفاسدون من رسم خرائط لنفقات ليس من ضمنها إنعاش البلد اقتصاديا عن طريق التنمية. نضحك على أنفسنا لو صدقنا مقولة أن الأميركان كانوا قد سهوا دون قصد مبيت عن مسألة الفساد. فالفساد في العراق بدأ باعتباره اختراعا أميركيا وجدت فيه الأحزاب المتبناة أميركيا ضالتها. لقد سن نوري المالكي كل القوانين التي تشرعن الفساد قبل أن يغادر الأميركان العراق بسنوات وهو ما يعني أنهم باركوا الفساد الذي هو وصيتهم.ولكن تريسي جاكوبسون وهي سفيرة الولايات المتحدة الجديدة في العراق تقول شيئا آخر. بالنسبة إليها لا يزال العراق في الحاضنة الأميركية ولم يغادرها. كل ما مضى هو زمن عراقي وليس زمنا أميركيا. معها سيبدأ الزمن الأميركي الحقيقي! في كلمتها أمام الكونغرس أكدت جاكوبسون على ضرورة التنمية الاقتصادية في العراق وأهمية أن تكون هناك حكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها. من وجهة نظرها ذلك كفيل بالقضاء على الإرهاب وإنهاء عمل الميليشيات المرتبطة بإيران.تصريحات السفيرة الأميركية أحدثت دويا هائلا في بغداد. فهل صحا العقل السياسي الأميركي من غفلته أخيرا؟ وهل سيتمكن الأميركان حقا من ضبط الميليشيات الإيرانية التي سبق لها أن قامت بقصف قواعد أميركية ووضعها تحت السيطرة؟ من غير تنسيق مع إيران ستكون مهمة جاكوبسون صعبة وليست مستحيلة. تملك الولايات المتحدة أوراقا لم تستعملها للضغط على إيران. ولكن من المستبعد أن تستعمل تلك الأوراق من أجل عيون العراقيين.لست من المتفائلين برؤية عراق نظيف من الميليشيات. ذلك لأن تلك الميليشيات صارت جزءا من النظام السياسي بعد أن تسللت إلى سلطاته الثلاث ،لا أعتقد أن السفيرة الأميركية لم تضع كل ذلك في حساباتها. فالعراقيون الذين كانوا يأملون في أن تكون بلادهم مختبرا للتجارب الديمقراطية الأميركية فوجئوا بأن الخيار الوحيد الذي وضعته الولايات المتحدة أمامهم يتمثل في ديمقراطية ترسي قواعد للاستبداد الذي اتخذ في ما بعد طابعا دينيا. كان لا بد لذلك النظام أن يجد في الميليشيات التي سمحت سلطة الاحتلال بدخولها من إيران واستيلائها على سلاح الجيش العراقي السابق سدا يحميه وهو ما شاهدناه جليا حين تصدى النظام لاحتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019. أما حين قتلت الميليشيات أكثر من 700 من شباب الانتفاضة فإن ذلك لم يشكل صدمة بالنسبة إلى صناع القرار في واشنطن. واقعيا كانت الميليشيات تدافع عن النظام الذي أقامته سلطة الاحتلال الأميركي في العراق. فهل علينا أن نصدق أن الإدارة الأميركية قد حدثت من نظرتها المستقبلية لمصير العراق؟ لست من المتفائلين برؤية عراق نظيف من الميليشيات. ذلك لأن تلك الميليشيات صارت جزءا من النظام السياسي بعد أن تسللت إلى سلطاته الثلاث. لم يعد مفاجئا أن يرى المرء وزيرا أو نائبا أو قاضيا ينتمي إلى إحدى الميليشيات. في حالة من ذلك النوع فإن القضاء على الميليشيات يتطلب نزع الشرعية عن الدولة. فهل جاءت جاكوبسون لتعيد الأوضاع في العراق إلى عام 2003 كما لو أنها بول بريمر جديد؟ سنصدق من خلال السفيرة تريسي جاكوبسون أن الولايات المتحدة تسعى إلى استعادة العراق الذي سبق لها وأن تخلت عنه لإيران. ولكن ماذا نفعل بركام العشرين سنة الماضية الذي هو ليس مجرد حمولة مادية، بل هو حمولة عقائدية لن تتمكن الولايات المتحدة من تفتيتها. عراق اليوم هو غير عراق عام 2003. لذلك فإن العاصفة التي أثارتها السفيرة الجديدة لن تصل إلى بغداد إلا باعتبارها مزحة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی العراق بعد أن

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يدعم المحكمة الجنائية  على خلفية العقوبات الأميركية وإصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو

أعرب الاتحاد الأوروبي الجمعة عن دعمه « القوي » للمحكمة الجنائية الدولية، غداة فرض الولايات المتحدة عقوبات على أربعة من قضاتها على خلفية قضايا مرتبطة بواشنطن وإسرائيل.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا على منصة إكس إن الجنائية الدولية « لا تواجه الدول، بل تواجه الافلات من العقاب. علينا أن نحمي استقلاليتها ومصداقيتها. حكم القانون يجب أن يسود على حكم القوة ».

فرضت الولايات المتحدة، يوم الخميس، عقوبات على أربعة قضاة في المحكمة الجنائية الدولية على خلفية قضايا مرتبطة بواشنطن وإسرائيل، منها إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية حرب الإبادة في غزة. وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان « ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات التي تعدها ضرورية لحماية سيادتنا وسيادة إسرائيل وأي حليف آخر للولايات المتحدة، من الخطوات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية ».

المحكمة الجنائية الدولية، اعتبرت أن العقوبات الأميركية على أربع قضاة « محاولة جلية لتقويض استقلالية مؤسسة دولية قضائية تعمل بتفويض 125 من الدول الأطراف من كل أنحاء الأرض »، مؤكدة أنها تدعم أفرادها بشكل كامل وستواصل عملها دون أي رادع.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في 13 فبراير الماضي عقوبات على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بمعاقبة الجنائية الدولية لإصدارها مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وادعى ترامب في بيان، وقتها، أنّ المحكمة الجنائية الدولية « تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها المقرّبين مثل إسرائيل بشكل لا أساس له وغير مشروع ».

(وكالات)

كلمات دلالية اسرائيل العقوبات الأميركية المحكمة الجنائية الدولية نتنياهو

مقالات مشابهة

  • نائب للسوداني:عدم التسرع على حساب دقة الانجاز الذي يدفع ثمنه المواطن
  • تضامن فرنسي مع المحكمة الجنائية الدولية رداً على العقوبات الأميركية
  • مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟
  • الإدارة الأميركية توجه طلبا لجماعة الحوثي في اليمن وتحذر من طمس معالم قضية المحتجزين
  • بسبب تجميد المساعدات الأميركية.. وسائل منع الحمل المخصّصة للدول الأكثر فقراً عالقة في المستودعات
  • شركة استثمار خاصة في شيكاغو على خط المساعدات في غزة.. ما الذي يحدث خلف الكواليس؟
  • الصدّي استقبل السفيرة الأميركية
  • الاتحاد الأوروبي يدعم المحكمة الجنائية  على خلفية العقوبات الأميركية وإصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو
  • الملك يثمن العمل المشترك الذي يقوم به الأردن والمملكة المتحدة
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية يعلّق على تسليح الميليشيات في غزة