عربي21:
2025-06-19@14:04:36 GMT

صفقة خطيرة أبرمها السيسي تضع تدخل مصر عقدا مظلما

تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT

صفقة خطيرة أبرمها السيسي تضع تدخل مصر عقدا مظلما

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب أحمد عابدين تقريرًا سلط فيه الضوء على العقد المظلم الذي تعيشه مصر، والذي بُني على صفقة خطرة أبرمها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي الذي سمح للجيش بالسيطرة على ثروات الدولة ومؤسساتها مقابل ولائهم له، كما شملت هذه التنازلات حتى قضايا أمن قومي مثل تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.



وقال الكاتب، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر أعلن موافقته على ترشيح عبد الفتاح السيسي للرئاسة قبل عقد من الزمان، ليضع مبدأ أساسيا سيصبح حجر الزاوية في حكمه على مدى السنوات العشر التالية: مصالح الجيش وقيادته لها أولوية قصوى، فالكيان الذي أوصله إلى السلطة هو الوحيد القادر على إزاحته. وطوال هذا العقد المظلم، تطوّر دور الجيش من كونه حارسًا للدولة، كما كان الحال لعقود من الزمن، ليصبح المالك والمدير والمنفذ لجميع الجوانب المهمة للأمة.


وفي مقابل الولاء والطاعة، سمح السيسي للجيش بالسيطرة على ثروات الدولة ومؤسساتها حيث يدير أفراد الجيش هذه الموارد في المقام الأول لمصلحتهم الخاصة، دون أي مساءلة. ويمتد ولاء الجيش للسيسي حتى إلى القرارات التي يمكن أن تعرض الأمن القومي للخطر، مثل تنازله للمملكة العربية السعودية عن السيادة على جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر، الواقعتين في خليج العقبة.

وتستمر معادلة الحكم الراسخة منذ فترة طويلة بين الرئاسة والجيش: فالرئيس يستمتع بالسلطة المطلقة، شريطة أن يحافظ على السيطرة والاستقرار، وفي أوقات الاضطرابات يتدخل الجيش ويفرض شروطه، كما حدث في انتفاضة كانون الثاني/ يناير 1977 وثورة كانون الثاني/ يناير 2011 وقد تكرر هذا النمط بعد الاحتجاجات الضخمة في أيلول/سبتمبر 2019.

وفقا للكاتب، لعبت خبرة السيسي الواسعة في الجيش دورًا حاسمًا في الحفاظ على الاستقرار الداخلي داخل المؤسسة، من حيث كبح الطموحات الشخصية، ومنع تكوين مراكز القوى واستخدام نهجي الترغيب والترهيب. وأصبحت التغييرات السريعة والمنتظمة على مستوى القيادة سمة مميزة، وتم إضفاء الطابع المؤسسي عليها من خلال تقليص مدة تولي المناصب العسكرية العليا من أربع سنوات إلى سنتين فقط بينما يحتفظ السيسي بالسلطة لتمديدها مما يضمن السيطرة والولاء المطلقين.

الثروة والامتيازات
وأوضح الكاتب أن المزايا والمكافآت والحوافز على الولاء ازدادت، مما أدى إلى إغراق الضباط العسكريين بمشاريع ومناصب تجلب ثروات وامتيازات هائلة، مما يجعل أي تمرد يبدو انتحارياً. وأولئك الذين تجرأوا على تحدي السيسي، مثل رئيس أركان الجيش السابق سامي عنان، واجهوا عواقب وخيمة. وكما هو الحال مع جميع رؤساء مصر السابقين، عمل السيسي بلا كلل لتأمين منصبه، مستفيدًا من تجارب أسلافه، وتبقى أحداث كانون الثاني/يناير 2011 في صدارة ذهنه، وربما ذكرها في خطاباته أكثر مما ذكرها الثوار أنفسهم.

ولفت |إلى أن الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك الذي دام ثلاثة عقود في سنة 2011، عندما طغت موجة هائلة من الناس على قوات الأمن، تركت النظام الحاكم مكشوفا تماما، لكن الجيش سرعان ما استعاد السلطة بسهولة، تماما كما فعل في صيف سنة 2013 للإطاحة بمحمد مرسي، مستفيدا من السخط الشعبي.

لقد ركز السيسي على منع حدوث مثل هذا الأمر من خلال ضمان عدم تصاعد أي مظاهرات، مهما كانت صغيرة، إلى انتفاضة شاملة. لقد سحق كل محاولات المعارضة السلمية المنظمة، وتجاوزت حملته القمعية أي فترة أخرى في تاريخ مصر الحديث.

لقد أظهر العقد الماضي أن المَخرج الوحيد من هذه الحلقة المفرغة هو عودة السلطة إلى أصحابها الشرعيين: الشعب المصري، الذي يجب أن يستعيد دوره في مساءلة السلطات، لكن الحراك الشعبي يحتاج إلى القيادة والتنظيم، وهي الأدوات التي دمرها السيسي بشكل منهجي.


وأكد الكاتب، الذي عمل مستشارًا سياسيًا في حملة قائد المعارضة المسجون أحمد طنطاوي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أن إيجاد طريقة يستطيع بها الشعب العودة إلى المعادلة السياسية كانت مهمة تحملها هو وطنطاوي ومجموعة من رفاقهم. وكانت استراتيجية ما أُطلق عليه "مشروع الأمل" تتلخص في وقف دائرة الاستبداد من خلال إعادة دمج جميع شرائح السكان في العملية السياسية، وتعزيز المنظمات السياسية وتعزيز بيئة مواتية للمشاركة العامة واسعة النطاق.

صمت عالمي
وأشار الكاتب إلى أنهم راهنوا على عودة سلطة الشعب عبر صندوق الاقتراع الذي اعتبروه أكثر أمنًا من الاحتجاجات، وما لم يكن متوقعًا هو المشاهد المرعبة لآلاف البلطجية في جميع أنحاء البلاد وهم يمنعون الناس من التوقيع على عرائض منح طنطاوي حقه في الترشح للرئاسة.

وقد تحصنت قوات الأمن وأجهزة الدولة في مصر ضد إرادة الشعب، وحتى لو كنا نتوقع ذلك، ماذا كان بوسعنا أن نفعل تجاه العصابات المسلحة التي تعتدي على المواطنين في الشوارع؟ والأكثر إثارة للدهشة هو صمت المجتمع الدولي، إذ لم تكتفِ الدول بعدم الرد على تصرفات نظام السيسي المناهضة للديمقراطية فحسب، بل كافأت الزعيم القمعي أيضًا بمليارات الدولارات لتجنب الانهيار الاقتصادي.

وأضاف الكاتب أن السبب الرئيسي لذلك هو علاقة السيسي بإسرائيل، فمن الواضح أن المجتمع الدولي يهتم بأمرين فقط عندما يتعلق الأمر بمصر: منع انهيارها، وهو ما قد يؤدي إلى تدفق المهاجرين إلى شواطئ أوروبا، وضمان أمن إسرائيل - وهي المهمة التي برع فيها السيسي.


قبل الانقلاب العسكري سنة 1952، تنافست قوى متعددة على السلطة في مصر: الملك، والاحتلال البريطاني، وأحزاب سياسية مختلفة، لكن الانقلاب الأخير في سنة 2013 ركّز كل السلطة في يد الرئيس، مع احتفاظ الجيش بمفاتيح الرئاسة. ثم وضع الرئيس السابق أنور السادات تلك المفاتيح في أيدي الولايات المتحدة، ومع تنامي نفوذ اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، أصبحت أهمية أي نظام يحكم مصر تقاس بعلاقته بإسرائيل.

تحرير فلسطين
أفاد الكاتب بأن السيسي أدرك هذه المعادلة جيداً، وتجاوز الصداقة مع تل أبيب ليصبح حليفًا وثيقًا لها، وهذه الشراكة مفيدة للطرفين ذلك أن احتمالات الديمقراطية في مصر تهدد كلا الطرفين. فالديمقراطية بالنسبة للسيسي تعني فقدان عرشه، خاصة بعد مستويات غير مسبوقة من الفشل والقمع والفقر في البلاد. أما بالنسبة لإسرائيل، فمن المرجح أن تؤدي الديمقراطية في مصر إلى حكومة تعكس إرادة الشعب المصري - معادية لإسرائيل وتعتبر نفسها جزءًا من القضية الفلسطينية - وهي أيديولوجية لم تتغير منذ الأربعينيات، عندما سافر العشرات من المصريين إلى فلسطين للقتال ضد غزو العصابات الصهيونية.

لا يمكن المبالغة في أهمية ما يحدث في غزة وفي جميع أنحاء فلسطين اليوم. لعقود من الزمن، كان الشعار السائد هو أن تحرير فلسطين من الاحتلال يبدأ بتحرير القاهرة من الدكتاتورية، واضعًا مصر باعتبارها العمود الفقري القادر على توحيد العرب، ولكن يبدو أن العكس هو الذي يحدث. إن التغيرات التي جلبتها الحرب في غزة لن تشكل مستقبل فلسطين فحسب، بل وأيضًا مستقبل مصر ـ بل وربما المنطقة بالكامل. وتحوّل الرأي العام الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي سوف ينعكس في السياسات العالمية تجاه مصر.

في المستقبل، من الممكن أن تصبح الديمقراطية وحقوق الإنسان أساس العلاقات الدولية مع مصر، بعيدًا عن الاتجاه الذي السائد منذ عقود الذي دعم الأنظمة الفاسدة فقط لحماية ومساعدة الاحتلال الإسرائيلي، حتى في خضم الإبادة الجماعية واسعة النطاق في فلسطين. ويؤكد هذا الوضع تأكيد المحللة نعومي كلاين مؤخرًا أن "الصنم الكاذب للصهيونية يساوي بين الأمان الإسرائيلي والديكتاتورية المصرية والدول العميلة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية مصر السيسي مصر السيسي التشكيل الوزاري صفقة خطيرة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مصر

إقرأ أيضاً:

6 سنوات على وفاة مرسي.. ماذا قدم السيسي خلالها للمصريين؟

حلت الثلاثاء، الذكرى السادسة لوفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، في ظروف غامضة في مثل ذلك اليوم من عام 2019، في ظل تجاهل تام لملف وفاته مع انشغال الحقوقيين والسياسيين وجل المصريين بأزمات تردي أحوالهم السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.

ذكرى وفاة أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في العصر الحديث، تأتي في ظل أوضاع إقليمية صعبة؛ إذ تحيط مصر من حدودها الشرقية والجنوبية والغربية، من أزمة الحرب في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى حرب السودان منذ نيسان/أبريل 2023، وحتى استمرار توتر الأوضاع في ليبيا.

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، كتب نجل مرسي الأكبر الطبيب أحمد محمد مرسي: "في يوم 17 يونيو 2019، ودعنا أبي إلى أن نلقاه عند الله في جنات النعيم. رحمات الله عليك تترا يا أبي، فنعم الأب والصاحب والصديق، استودعناك الله وعند الله الملتقى".  



وقال الكاتب الفلسطيني الدكتور إبراهيم حمامي: "اليوم وبعد 6 سنوات نفتقده رجلا شهما خلوقا نظيفا، نفتقده رئيسا شجاعا صاحب موقف".

وعلق الكاتب الصحفي وائل قنديل قائلا: "اليوم ذكرى رحيل رجل بكت لموته غزة، ودعا له المرابطون حول المسجد الأقصى، وفرحت بالانقلاب عليه إسرائيل".

وقارن نشطاء مصريون وعرب عبر مواقع التواصل بين موقف الرئيس مرسي، ورئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، من الحرب على قطاع غزة وفتح معبر.

وذكر الكاتب الكويتي بجريدة "الراي" عبدالعزيز الفضلي كلمة مرسي الشهيرة عام 2012: "لن نترك غزة وحدها".

وأعاد البعض، هتافه قائلا من قفص محاكمته: "لبيك ياغزة.. لبيك يافلسطين"، وقوله بضرورة أن "نمتلك غذائنا ودوائنا وسلاحنا"، فيما لفت آخرون إلى آخر قوله قبل وفاته داخل قفص الاتهام -وفق محاميه-: "بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام".

ولفت الباحث المصري سيف الإسلام عيد، إلى ضرورة إحياء ذكرى وفاة الرئيس مرسي، "لكيلا يموت التاريخ"، قائلا عبر موقع "إكس": "من يمت تاريخه يهن، ويجبن، ويغبى".

كيف توفي مرسي؟

توفي الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي 17 حزيران/ يونيو 2019، أثناء حضوره جلسة محاكمته بإحدى القضايا "المسيسة" وفق وصف حقوقي، والتي جرى اتهامه بها إثر الإطاحة به من حكم البلاد، ليتم دفنه بشكل سري وبحضور أفراد من أسرته بمقابر جماعة الإخوان المسلمين شرق القاهرة، وسط حضور أمني مكثف.




وفقا للبيان الرسمي للنيابة العامة المصرية، فإن مرسي طلب الكلمة وتحدث مدة 5 دقائق، وبعد رفع الجلسة للمداولة، سقط مغشيا عليه، تم نقله للمستشفى حيث أُعلنت وفاته، التي أرجعها التقرير الطبي الرسمي لنوبة قلبية مفاجئة.

أثارت وفاة مرسي ردود فعل دولية وطالبت منظمات حقوقية بـ"فتح تحقيق مستقل ونزيه وشفاف بظروف وملابسات وفاته"، مؤكدين أن "ما حدث لمرسي لا يمكن اعتباره وفاة طبيعية"، فيما رفضت مصر تلك المطالب، واعتبرتها "تسييسا" للوفاة وتدخلا بشؤونها.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أكد خبراء بالأمم المتحدة، معهم "المقررة الخاصة" أغنس كالامارد أن "ظروف احتجاز مرسي يمكن وصفها بأنها وحشية، وأن موته يمكن اعتباره قتلا تعسفيا بإقرار من الدولة، بسبب ظروف سجنه التي قوضت وضعه الصحي لدرجة تقود لقتله".

اتهمت عائلة مرسي، ومنظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" السلطات الأمنية المصرية بارتكاب جريمة "القتل بالإهمال الطبي المتعمد"، فيما أقامت أسرته ومحاموه دعاوى أمام "محكمة العدل الدولية"، و"المحكمة الجنائية الدولية"، مع مخاطبة الهيئات الأممية ولجان حقوق الإنسان.



وفي ذكرى وفاته السادسة، علقت "مؤسسة مرسي للديمقراطية" التي تأسست في الذكرى الأولى لرحيل مرسي، بقولها عبر موقع "إكس": "وقف مع إرادة شعبه، ودفع الثمن حياته"، مؤكدة في بيان عبر صفحتها أنه "كان صاحب مشروع نهوض وكرامة، أراد لمصر أن تنهض واقفة، لا أن تبقى متكئة على الخارج".

هل نسي المصريون مرسي؟

أحد مؤيدي الرئيس الراحل محمد مرسي، من قيادات جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في مصر، أجاب على هذا السؤال مؤكدا أن "المصريين لم يعد يهمهم البحث في ملف وفاة أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، رغم علمهم بما تعرض له من ظلم، كونهم يتعرضون لظلم فادح مع استمرار نظام السيسي".

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الأكاديمي المصري إن "هناك قطاع كبير من المصريين يؤمنون بأن الرئيس مرسي تعرض للظلم، ويرون أن عام حكمه مثل تجربة ديمقراطية حقيقية جرى إجهاضها".

ويلفت إلى أن "من بقي يعارض مرسي حتى بعد الانقلاب عليه وسجنه ووفاته التي ترقى للقتل العمد هم من المستفيدين من وجود النظام الحالي"، مبينا أن "أغلب من أيدوا انقلاب السيسي، يندمون اليوم على مواقفهم، مع تردي أحوالهم المعيشية".

وأشار إلى أن "وسائل الإعلام المصرية قدمت مادة دعائية لتشويه فترة حكم الرئيس الراحل؛ لكن الجيل الحالي الذي لم يعاصر مرسي، ولا يعرف غير المعاناة من حكم السيسي".



"وفاة مرسي.. وفرصة السيسي"

وفاة مرسي التي جاءت خلال فترة رئاسة السيسي الثانية (2018- 2024) يرى مراقبون أنها "مثلت فرصة سانحة للسيسي لترسيخ هيمنته.

وأكد البعض أنه "منذ وفاة مرسي منتصف 2019، اتخذ السيسي عشرات القرارات لتثبيت أركان جمهوريته الجديدة، لكن كان أكثرها خطورة وتأثيرا ومنحت السيسي، فرصة لحكم البلاد حتى 2030، التعديلات الدستورية، التي جرت قبل وفاة مرسي بشهرين فقط".

إثر تلك التعديلات، جرى تمديد فترة رئاسة السيسي الثانية عامين لتصبح 6 سنوات بدلا من 4، مع منحه حق الترشح لولاية رئاسية ثالثة من (2024 حتى 2030)، ما ضمن للسيسي البقاء بالحكم 16 عاما، مع توسيع صلاحياته بتعيين رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام، وتكريس دور القوات المسلحة، وبناء العاصمة الجديدة والعلمين الجديدة فاخرة المباني والإنشاءات، التي يرى خبراء أنها "لا تخدم التنمية الاقتصادية".




وإلى جانب تراجع دور المعارضة السياسية، واستمرار تضييق سلطات السيسي الخناق على الأحزاب السياسية المعارضة والمجتمع المدني، جرى انتخاب السيسي لفترة رئاسية ثالثة في كانون الأول/ ديسمبر 2023، دون منافسة حقيقية وإجبار مرشح القوى المدنية (أحمد الطنطاوي) على الانسحاب.

وعلى الجانب الآخر، أنشأ السيسي، سجونا جديدة ضخمة بوادي النطرون، وبدر، والتي أثارت نقاشات حول أولويات الإنفاق في مصر وحول ملف حقوق الإنسان، لتنضم تلك السجون إلى 91 سجنا رئيسيا، بُنى منها في عهد السيسي 48 سجنا.

في المقابل اتخذت حكومات السيسي، عشرات القرارات برفع أسعار السلع الأساسية كالخبز والمواد الغذائية بكامل أنواعها، والخدمات الحكومية، مثل الكهرباء، المياه، الوقود، وركوب النقل العام وبينها المترو والسكك الحديدية.

واصلت أيضا، قراراتها بالاقتراض الخارجي ومن صندوق النقد الدولي، ليتعدى الدين الخارجي 155 مليار دولار، ما قاد لارتفاع قياسي في عبء الدين العام وخدمة الدين، وذلك رغم الاستمرار ببرنامج الطروحات الحكومية وبيع وتأجير حصص من شركات وأصول وأراضي مملوكة للدولة.

ما يقابله مؤشرات سلبية كنتيجة لتلك السياسيات، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة عجز الميزان التجاري مع ارتفاع فاتورة الواردات، وتفاقم أزمة نقص العملة الصعبة، ووصول معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة لأكثر من 40 بالمئة في بعض الأشهر، وتراجع إيرادات قناة السويس.

"ارتداد ضد السيسي"

تلك الأزمات عصفت بالمصريين وفق شكاواهم الدائمة في وسائل المواصلات التي ترصد بعضها "عربي21"، ومنها تدهور القوة الشرائية، مع الارتفاع الهائل في أسعار السلع والخدمات، ما أدى إلى تآكل قيمة الدخول والمدخرات، وتدهور مستوى المعيشة، وزيادة معدلات الفقر، وتراجع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ذلك الوضع المتفاقم طوال السنوات الست الماضية إثر وفاة مرسي، أدى إلى تغييرات كبيرة في القاعدة الشعبية المؤيدة للسيسي، الذي واصل أداءه غير المرضي لأغلب المصريين البالغ عددهم 107 ملايين نسمة.

مع اقتراب ذكرى استشهاده، نتذكر #محمد_مرسي الذي مات واقفاً شامخاً عزيزاً شريفاً. تكالبت عليه قوي الفساد داخلياً وخارجياً، لم يغرق مصر في ديون، لم يرفع دعما عن مواطن، لم يغلق مصنعاً، حافظ علي كل شبر أرض، وفي عهده زاد القمح والناتج القومي، وعاش المصريون عاما واحدا في حرية وكرامة pic.twitter.com/SkVjbAEIhn — المجلس الثوري المصري (@ERC_egy) June 16, 2025
عديد من السياسيين والنشطاء المصريين، الذين شاركوا في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، وما تلاها من أحداث عزل مرسي، وفض اعتصامي "رابعة العدوية، والنهضة" 14 آب/ أغسطس 2013، أعلنوا لاحقا اعتذارهم مع ما تعرضوا له من "تضييق أمني، وغلق للمجال العام، ومنع للحريات، وتقييد العمل السياسي، والتظاهر، واعتقال أكثر من 60 ألف مصري".

و"أغضبهم تولى العسكريين معظم المواقع المدنية في الحكومة والجهاز الإداري للدولة فيما أطلقوا عليه تعبير (عسكرة الدولة)"، وفق مراقبين لفتوا إلى جانب ذلك "ما يطال مؤسسة الجيش من اتهامات بالسيطرة على مفاصل الدولة، وتغول إمبراطورية الجيش الاقتصادية على الاقتصاد الحكومي والخاص".

وأشاروا إلى "قرارات عمقت معاناة المصريين مثل تعويم الجنيه 5 مرات في (2016، و2022، و2023، و2024)، وتفاقم أزمة الدين الخارجي، ووصول الدين العام بالعام المالي الحالي 16 تريليون جنيه بما يعادل 96.4 بالمئة من الناتج المحلي، وارتفاع الأسعار بنحو 450 إلى 500 بالمئة (أو أكثر) من 2014 حتى منتصف 2025، وفق بعض التقديرات".

وبداية من قرار تنازل السيسي، عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية عام 2016، جاء إصداره وثيقة ملكية الدولة منتصف 2022، والتي جرى على إثرها طرح عشرات الشركات العامة والأصول المملوكة للدولة والأراضي الاستراتيجية، مثل رأس الحكمة، لصناديق وشركات خليجية أغلبها إماراتية، ليزيد من حالة الغضب الشعبي من توجهات السيسي وقراراته.

"حقيقة وقعت وترسخت"

وهنا يقول السياسي المصري، الدكتور خالد سعيد، لـ"عربي21": "في ذكرى وفاة الرئيس مرسي المحزنة؛ أقول: بعض الناس لا يدرك الناس قيمتهم إلا بعد وفاتهم بسنوات".

‏المتحدث باسم "الجبهة السلفية"،أضاف أن "القضاء على تجربة الثورة في مصر، والتي كان من أهم نتائجها فوز الرئيس مرسي كأول رئيس مدني منتخب لمصر في تاريخها، وقد كان هدف دولة العسكر محو هذه الفترة من ذاكرة مصر والمصريين بل والعالم؛ بمعنى حصارها وعدم السماح بظهور آثارها في حال نجاحها والذي كان يحتاج فقط إلى بعض الوقت".

وتابع: "مع ذلك فالرئيس مرسي حقيقة وقعت وترسخت رغم أنف الدولة المضادة ومن يقفون وراءها، فهي مرحلة لم تمر وتنقضي كما يظنون ولكنها باقية كدرجة في سلم التحرر من التبعية والنهوض بالبلاد".

وأكد أن "الدكتور مرسي، كرجل من رموز أحد أكبر وأعرق التيارات في مصر والعالم -وهو التيار الإسلامي العريض- ولا أعني به الإخوان فقط؛ سيبقي أحد أيقونات تلك المرحلة الملهمة للأجيال رحمه الله".

ومضى يوضح أن "الوضع الذي وصلت إليه البلاد جعل أكثر الناس يعرفون خطورة التخلي عن الثورة وعن الدكتور مرسي، الذي يحسب له صموده وعدم إيثار السلامة الشخصية على مصلحة البلاد ومفهوم الحق الذي ستبني عليه الأجيال القادمة".

مقالات مشابهة

  • جامعة الدول العربية تتسلم رسالة من فلسطين
  • الرئيس الكرواتي: يجب أن نعترف بدولة فلسطين
  • ريال مدريد يجهز عقداً جديداً لتحصين نجمه المغربي ابراهيم دياز
  • إيران: سماء فلسطين تحت سيطرتنا الكاملة
  • أبو الغيط يتسلم رسالة من رئيس الوزراء ووزير خارجية فلسطين
  • 6 سنوات على وفاة مرسي.. ماذا قدم السيسي خلالها للمصريين؟
  • الرئيس السيسي يهنئ أيسلندا بذكرى يوم الاستقلال
  • الرئيس السيسي يُهنئ الفلبين بذكرى يوم الاستقلال
  • أدعو المملكة المتحدة إلى الاعتراف بدولة فلسطين
  • ايران تتوعد لتوجيه ضربة خطيرة جدا لإسرائيل