معاناة نساء غزة مع تراكم النفايات جعلهن يبتكرن طرقًا بديلة لاستخدامها
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
بمجرد بزوغ النهار تخرج الحاجة ام هاني برفقة حفيدتها ذات السبع سنوات الي شاطيء بحر دير البلح تحمل كيسًا كبيرًا في يديها، يتكرر هذا المشهد بشكل يومي منذ أكثر من شهر تقوم بتجميع ما تجده من أوراق وقطع بلاستيكية وعلب كرتون فارغه، تمضي وقتًا ليس بقليل حتى تملأ الكيس ومن تم تعود إلى خيمتها، تكون زوجة ابنها في انتظارها لاستخدام ما تم تجميعه من اوراق وكرتون لأعداد الخبز في فرن الطابون التقليدي الفلسطيني والذي يعتمد على نار الحطب في ظل عدم توفر غاز الطهي وارتفاع اسعار الحطب.
تقول سميرة، وهي واحدة من مجموعة من الفتيات الذي تتراوح اعمارهن ما بين 6 الي 13 عامًا، أنهن يأتين كل يوم عصرًا ليجمعن بعض مخلفات القمامة بالقرب من منطقة دير البلح التي تمتلئ بنفايات عبارة عن علب وجبات المساعدات: "نأتي كل يوم إلى هنا معاً للبحث عن صناديق من الورق المقوى وأشياء أخرى يمكن حرقها لإشعال النيران لعدم توفر غاز الطهي وارتفاع اسعار الخشب، تشجعنى امي للذهاب كل يوم كي تقوم باستخدام ما جلبته في اعداد الطعام لاخواتي بالاضافة الى تجهيز الخبز للاكل".
اما تحسين معروف، وهو نازح من جباليا، فقال إنه يبحث عن خردة معدنية وبعض الاحجار من ركام المنازل يمكنه استخدامها بمساعدة والدته لبناء افران مصنوعة من الطين والبلاط ثم يقوم ببيعها للنازحين، حيث لا تخلو خيمه من وجود مثل هذا الفرن الذي يستخدم للطبخ واعداد الطعام في ظل انعدام سبل الحياة داخل الخيام وعدم توفر الأثاث المناسب، يقول "تقوم امي بصناعة ثلاث إلي اربع افران يوميًا حسب طلب الزبائن الذين يأتون من مخيمات النزوح القريبة لاقتناء الأفران".
ويضيف: "لقد تركنا كل أموالنا وراءنا، متاجرنا وسياراتنا ومواشينا ومنازلنا. تركنا كل شيء. وهذا هو الخطر الذي يهدد صحتنا. لم أكن اتوقع يومًا ان أذهب إلى مكب النفايات، والبحث عن شيء فيها لكن الجميع يأتون الآن إلى هنا لعدم وجود اسواق تقوم ببيع ما نريد".
وكما هو معلوم فإنه منذ بداية الحرب علي قطاع غزة واغلاق كافة المعابر والنفايات تتكدس في جميع أنحاء القطاع بما في ذلك اماكن النزوح لتشكل بذلك خطر علي النازحين قسرًا هناك ما أدى الى انتشار العديد من الأمراض المعدية.
وأوضح المستشار الاعلامي للاونروا عدنان أبو حسنة: "أن المنظومة الصحية انهارت، وان 12 مؤسسة منها تعمل حالياً لكنها أشبه بالعيادات وأن مياه الصرف الصحي وأكثر من 300 ألف طن من النفايات الصلبة تعمل على تلويث المياه الجوفية في قطاع غزة، ويؤدي ذلك إلى تسرّب مواد سامة في التربة تصل إلى المياه الجوفية فتؤدي إلى تسمّمها في ظل تعطّل محطات الصرف الصحي".
وكما هو معلوم فإن معظم سكان قطاع غزة يتركزون في مساحة لا تتجاوز 50 كيلومتراً مربعاً من مساحة القطاع البالغة 360 كيلومتراً مربعاً، معظمهم وسط القطاع خاصة دير البلح ومواصي خان يونس ورفح.
لذلك حذرت وزارة الصحة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا من خطورة الوضع الراهن في قطاع غزة وقالت انه "بسبب تكدّس مئات آلاف النازحين في "ظروف غير صحية، وارتفاع درجات الحرارة، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب ادى إلى ظهور أمراض لم تكن موجودة في قطاع غزة قبل الحرب، منها الكبد الوبائي والتهاب السحايا".
كما حذرت الوزارة أيضًا "من ظهور وانتشار وباء الكوليرا، بسبب تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع، ومياه الشرب الملوّثة".
وفي هذا السياق صدر تصريح لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقول فيه إنه شارك مؤخراً في جمع 47 ألف طن من النفايات من وسط وجنوب غزة، ووزع 80 ألف لتر من الوقود لدعم جهود التنظيف. ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.
و مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، ظهرت تحذيرات جديدة من وكالات الإغاثة، بشأن المخاطر الصحية التي تشكلها القمامة الكثيرة المتراكمة.
ومع ذلك، يدفع اليأس العديد من سكان غزة إلى تحمل مخاطر إضافية كالبحث عن شيء للأكل أو الاستخدام أو البيع.
وتُبذل كذلك جهوداً بدائيةً في المنطقة ذاتها لتنظيف المواقع التي ضربتها الغارات الجوية الإسرائيلية.
هذه المشكلة جعلت لجنة الطوارئ المركزية للغرف التجارية بقطاع غزة تطلق نداء عاجل لإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة بالمجاعة والتلوث البيئي جاء فيه "مع دخول حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة شهرها التاسع، يستمر قطاع غزة في المعاناة من نقص حاد في الغذاء، وتدهور متزايد في معدلات التغذية، وانتشار سوء التغذية بين الأطفال، خاصة في شمال غزة الذي يتعرض لحصار خانق، ومنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية الكافية بشكل متعمد. إلى جانب الاستهداف الممنهج منذ اللحظات الأولى للحرب في أكتوبر من العام الماضي لكافة الأراضي الزراعية والمنشآت الصناعية والأسواق التجارية، في محاولة لإبادة كل مقومات الحياة وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش".
واضاف البيان ان "الظروف أدت إلى ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الأمراض الناتجة عن الجوع وسوء التغذية وصعوبة الوصول إلى الرعاية الطبية. بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع من تلوث بيئي نتيجة لإلقاء ما يزيد عن ثمانين ألف طن من المتفجرات، (أكثر من ستة أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما)، بالإضافة لتدمير شبكات الصرف الصحي، ونقص شديد في المياه الصالحة للشرب وعدم قدرة البلديات على إزالة النفايات، وتواجد آلاف الجثث تحت الركام، مع ضعف الاستجابة الإنسانية وتقديم المساعدات اللازمة للمحتاجين. ومع ارتفاع درجات الحرارة، تفشت الأمراض والأوبئة بين السكان، مما زاد من حدة الأزمة الصحية والبيئية في غزة".
وكما هو معلوم ووفقًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يُحظر استخدام المجاعة كسلاح ضد المدنيين، بل يؤكد على حماية المواد الأساسية لبقاء المدنيين، وتحظر مهاجمة أو تدمير المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق الشرب وشبكاتها وأشغال الري بهدف تجويع المدنيين أو تهجيرهم.
وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يعتبر أي فعل يهدف إلى إبادة جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية جريمة إبادة جماعية. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يؤكد حق الإنسان في الحصول على الغذاء الكافي، ويلزم الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان هذا الحق.
وعليه إن ما يحدث في غزة يعتبر انتهاكاً للتدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية، مما يمهد الطريق لمقاضاة المسؤولين أمام المحكمة الجنائية الدولية. السياسات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على السكان في غزة، بما في ذلك الهجمات المباشرة على المنشآت الحيوية وفرض الحصار، تجعل إسرائيل مسئولة جنائيًا.
إن جميع مناطق قطاع غزة، لاسيما شماله، قد أصبحت غير صالحة للعيش وتحث دول العالم على ضرورة التدخل السريع والعاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل موت سكانه من الجوع أو بسبب انتشار الأمراض والأوبئة. كما تدعو الأمم المتحدة والسلطة الوطنية الفلسطينية لإعلان قطاع غزة كمنطقة منكوبة بالمجاعة والتلوث البيئي وانتشار الأمراض، إلى جانب العمل المشترك وتنسيق الجهود العالمية والمحلية بالشراكة مع لجنة الطوارئ المركزية للغرف التجارية بقطاع غزة بصفتها الحاضنة لكافة مؤسسات القطاع الخاص من أجل وضع خطة فورية للتعامل مع هذه الكارثة، ورفع مستويات الإغاثة الفورية للمواطنين في القطاع، والدفع باتجاه تسريع محاسبة ومساءلة الاحتلال عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصرف الصحی فی قطاع غزة کل یوم
إقرأ أيضاً:
غزة: قتلى وجرحى في قصف على مدرسة وسموتريتش يهدد: إما وقف المساعدات أومغادرة الحكومة
شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية، فجر اليوم الخميس، سلسلة غارات على مواقع تؤوي نازحين في مدينتي غزة وخان يونس، أسفرت عن وقوع قتلى وإصابات، في وقت تتكثف فيه الاتصالات السياسية والعسكرية بشأن مستقبل الحرب المستمرة على القطاع. اعلان
وأفاد مصدر طبي في مستشفى الشفاء بارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 20، بينهم 9 نتيجة قصف مدرسة عمرو بن العاص في حي الشيخ رضوان غرب القطاع، والتي كانت تستخدم كمأوى للنازحين، ونشرت وسائل إعلام فلسطينية صورًا لعمليات انتشال الضحايا من تحت الأنقاض.
وقبل ذلك بساعات، استهدفت غارة جوية منزلاً قرب مدرسة الروم جنوب غرب المدينة، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين، وفق قناة الأقصى. كما شهدت مناطق شرق غزة، خاصة أطراف حي التفاح، عمليات تفجير لمنازل، إضافة إلى غارات جوية عنيفة على جباليا شمال القطاع.
Relatedهل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزةغزة.. شهادات ناجين من طوابير الموت أمام مراكز المساعدات في غزةوفي خان يونس، استُهدفت خيمة للنازحين في منطقة المواصي، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين، حسبما أفادت مصادر طبية محلية. كما أفاد مجمع ناصر الطبي بوصول قتيل وعدة مصابين جراء استهداف بطائرة مسيرة غرب المدينة. ووفق تقارير فلسطينية، تحولت خيام المواصي في الأسابيع الأخيرة إلى أهداف متكررة للغارات الجوية.
وفي وسط القطاع، قُتل شخص وأُصيب آخرون أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات في محيط محور نتساريم شمال مخيم النصيرات، بينما استُهدف آخرون في محيط مسجد الفاروق، بالتزامن مع قصف مدفعي على مخيم البريج القريب.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أفاد بأن عدد القتلى في محيط مراكز توزيع المساعدات ارتفع إلى 549 شخصًا، بينما تجاوز عدد المصابين أربعة آلاف منذ بداية استهداف تلك المناطق.
إما وقف المساعدات أو إسقاط الحكومةسياسيًا، هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم وقف المساعدات إلى قطاع غزة، مؤكداً رفضه لأي صفقة مع حركة حماس في المرحلة الحالية. وصرّح قائلاً: "كل من ينتمي لحماس مصيره القتل"، مشيرًا إلى وجود تفاهم مع وزير الدفاع على ضرورة القضاء على قدراتها العسكرية. كما دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى "مواصلة الضغط وعدم التراجع".
وفي السياق الدولي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، إنه تم إحراز "تقدم كبير" بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، مضيفًا أن ذلك يعود إلى "الهجوم الذي نفذناه"، في إشارة إلى الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية في إيران. وأعرب ترامب عن تفاؤله بصدور "أنباء جيدة جدًا" بشأن قطاع غزة، الذي يشهد أزمة إنسانية حادة بعد أكثر من عشرين شهرًا من العمليات العسكرية.
من جهته، أكد القيادي في حركة حماس طاهر النونو أن الاتصالات مع الوسطاء المصريين والقطريين "لم تتوقف وتكثفت خلال الساعات الأخيرة"، مشيرًا إلى أن الحركة "ترحب بأي جهود صادقة" لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والرهائن. وأكد أن حماس تسعى إلى "صفقة شاملة تشمل وقفًا دائمًا للحرب، وانسحابًا كاملاً، وإدخال المساعدات الإنسانية".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد ألمح مؤخرًا إلى أن الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد إيران خلال 12 يومًا، والتي تعتبر الداعم الأبرز لحماس، قد تمهّد لإنهاء النزاع في قطاع غزة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة