شابة سورية اتخذت من المناظرة ومهاراتها أسلوب حياة
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
دمشق-سانا
تقدم كريستينا السمور ذات الـ 17 عاماً أفكارها وجملها الجدلية في المناظرات المدرسية بجرأة في الطرح والكلام، وبفكر شبابي سوري طامح بأن يمتلك فن الحوار والإقناع ومواهب المناظرات.
تميزت كريستينا في نهائيات المواجهات البلاغية بالتصفيات النهائية للبطولة الوطنية للمناظرات المدرسية التي أقامتها إدارة الأولمبياد العلمي في هيئة التميز والإبداع عام 2022 والتي تضمنت 38 مباراة تدور حول 17 جملة جدلية ضمن 4 مراحل، قدم خلالها 96 شاباً وشابة على منبر الكلام حوارات بناءة وحضارية.
يتوافق اهتمام كريستينا بالمناظرات مع اتجاه عالمي يدعم هذا النوع من الحوار البناء، حيث أصبح امتلاك فن الحوار والإقناع ومواهب المناظرات اليوم من الوسائل التي يستطيع بها الطالب السوري تقديم نفسه للعالم على أسس معرفية، مطوعاً جسده ولغته للإقناع بأفكاره والارتقاء بمجتمعه.
تحدت كريستينا كل الظروف وحملت قضايا مجتمعها، وخاصة ما يعنى بقضايا الأطفال والتعليم، حيث أكدت لمراسلة سانا أن المناظرة أصبحت بالنسبة لها أسلوب حياة، جاعلة الحوار سبيلاً للتواصل والتقارب، مؤمنة بفكرها ورأيها الشخصي التي أوضحت أنها تطوعه في تقديم الأفكار لجمل جدلية ولقضايا تراها مهمة في المجتمع.
وعملت كريستينا على استثمار فوائد المناظرة من خلال تعزيز الثقة بالنفس، وتقدير الذات واكتساب علوم ومعارف ومهارات جديدة، وتنمية القدرة على بناء الأفكار وتنظيمها، وتطوير القدرة على التفكير النقدي ومهارات التحليل العلمي، وتدوين الملاحظات التي تطور قدرة الشخص في عرض الحجج والبراهين وكيفية استخدامها بشكل جيد، إضافة إلى تطوير مهارة الخطابة، التي تنمي روح العمل الجماعي حسب وصفها.
ولفتت كريستينا إلى أنها لقيت الكثير من التشجيع من قبل عائلتها التي وفرت لها الجو المناسب لامتلاك أدوات المناظرة والبحث، موضحة أن عائلتها تمنحها منذ طفولتها مساحتها الخاصة للتعبير عن رأيها ومناقشته مع الآخرين، وهذا ما سهل عليها الكثير من الخطوات لتصبح مناظرة سورية شابة.
وبينت أنها تطمح إلى حمل قضايا مجتمعها والدفاع عنها ونقل فكر الشباب السوري وصورته الحضارية إلى كل العالم من خلال فن الحوار الراقي لترك أثر ينعكس إيجاباً على الآخرين.
والمناظرة في قاموس اللغة العربية هي حوار وجدال علمي يقوم أطرافه بالتحاور حول قضية فيها إشكالية معينة، على أن يكون الطرفان أو أكثر على معرفة بالقضية المطروحة للمناظرة، حيث يقوم كل طرف بمحاولة إثبات صحة رأيه والدفاع عنه باستخدام الحجج والبراهين العلمية، كما يحاول إقناع الجماهير برأيه وحججه، وذلك من أجل الفوز في المناظرة.
وتدار المناظرة ضمن قواعد وضوابط وشروط معينة تختلف حسب المكان المستضيف للمناظرة وحسب نوع القضية المطروحة.
كنانة إسماعيل
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
الاختلاف وثقافة الحوار مع الآخر
مايو 22, 2025آخر تحديث: مايو 22, 2025
نزار السامرائي
قرأت الكثير عن الندوة التي استضاف بها الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الكاتب المصري يوسف زيدان يوم الثلاثاء الماضي، وحضرتها شخصيا. وما يمكن اجماله بشكل عام عن خطاب المنشورات والتعليقات التي قرأتها، وهي لا تخرج عن طبيعة كتاباتنا بشأن رؤانا نحو مفكرين وكتاب وأدباء آخرين، والتي غالبا ما تكون تحت عنوان الشخصنة، فأما ان نهاجمهم ونرفض كل ما يخرج عنهم، او نمدحهم ونجعلهم في القمة بالكامل، بعيدا عن مواضع الصواب والخطأ في أفكارهم ورؤاهم، وذلك يعود كما أرى الى افتقادنا الى ثقافة الاختلاف والحوار مع الاخر، كوننا اسرى ما نعرف او نريد الاخرين ان يتبنوه بغض النظر عن متبنياتهم الشخصية، وهو امر ذهب بنا الى اطلاق الاتهامات التي تنطلق من وجهات نظر أيديولوجية، محملة بانتماء كلي احادي الاتجاه، وهذا احد الأمور التي جعلتنا نفقد بوصلة معرفة اتجاهات العالم واتجاهاته المستقبلية، لنبقى ندور كثور الساقية مغمم العينين، في دائرة تعود بنا لنقطة البداية دائما.
لا ينكر أن يوسف زيدان كاتب اشكالي، شخصيا، لا اتفق مع الكثير من طروحاته، وهو امر أيضا اجده مع العديد من الكتاب والمفكرين، عراقيين وعرب وحتى عالميين، ولكن لم يمنع هذا من التواصل معهم سواء بلقاءات مباشرة او بمتابعة كتاباتهم وافكارهم، فمع ما اراه من أخطاء فيها، اجد منها ماهو سليم ويستحق المراجعة والبحث، وهكذا ديدننا جميعا، اذ لا يمكن ان نكون على صواب دائم، كما لا يمكن ان يكون الاخرين ممن نختلف معهم على خطأ دائم.. فالمسألة تتعلق بمواقف متجددة مبنية على رؤية شمولية يمكن ان تتغير في الاتجاهات مع كل اكتشاف جديد.
قبل حضور ندوة زيدان قلت لأستاذنا مالك المطلبي أن حضرت وأعاد طرح ما نعرفه من طروحاته سأسله سؤال واحد، هذا الاتجاه الممنهج بهدم او محاول هدّ المتبنيات التاريخية او الفكرية هل هو لغاية الهدم المجرد، ام هناك أسس للبناء وفق رؤى تجدها سليمة؟
والمسألة هنا تتعلق بكون كل فئة تأتي لتسلم قيادة الامة تعمل على هد كل ما قبلها لتبدأ من جديد، وقبل ان تعمل شيء ترحل بفعل فاعل ليأتي آخرون يفعلون مثلما فعل السابقون، وبالنتيجة دائما نجد أنفسنا بالبدايات فيما العالم يتقدمنا بمراحل.
ولكن لم يطرح زيدان أي إشكاليات فكرية حقيقية “لا شأن لي بآرائه السياسية”، في المحاضرة التي القاها، حتى يمكن الحوار بشأنها بشكل جدي، لذلك جاءت الكثير من المداخلات في سياق ما قاله وصرح به سابقا، بمعنى ان المتداخلين جاءوا برؤية واستعداد مسبق كما فعلت أنا. غير ان الحوار خرج عن السياق وهذه احدى مشاكل حواراتنا في المجال العام، اذ يكون الحديث ذو شجون يجر بعضه بعضا حتى يختلط الحابل بالنابل وتضيع الفائدة.
ولكن في الوقت نفسه طرح يوسف زيدان معلومات او اراء تحتاج الى مراجعة فكرية وتاريخية، مستندة الى وثائق ومعلومات دقيقة، اذ يمكن ان تغير بعض المتبنيات، او تعدل منها، وهذا العصف الذهني الذي احدثه بنقاط متناثرة يجعل الموضوع مثير للاهتمام، وهو الجدوى الحقيقية من الحوار والاستماع الى الآخر الذي نختلف معه. ليكون حوارنا مبنيا على أسس معلوماتية واضحة لا على صورة ذهنية بنينانها استنادا الى مرجعياتنا ومعرفياتنا السابقة.
اتفق مع زيدان فيما ذكره ان السياسة والثقافة أحدهما يؤثر بالآخر، ولكن على المثقف ان يؤثر بالسياسة لا العكس، كما يحصل عندنا.
لذلك خلصت الى ان أقول له على هامش المحاضرة وبعد انتهاء الندوة في رواق فندق المنصور: أستاذ زيدان الذي توصلت اليه هو ان هناك تياران يتصارعان في عالمنا الأول خطاب شعبوي يريدنا ان نعيش التراث كما هو، وخطاب تنويري يريدنا ان نستلهم التراث لنبني حضارتنا بشكل معاصر.