بسبب الجفاف وتأثيرها على مناسيب المياه.. العراق يحدّ من مزارع تربية الأسماك
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
يتأمل عمر زياد ومن حوله بساتين النخيل في قريته في وسط العراق، حقلاً جافاً كان يضمّ حوضاً لتربية الأسماك قامت السلطات بردمه في إطار جهودها لترشيد المياه بهدف مواجهة الجفاف المتزايد.
للعام الرابع على التوالي، يواجه العراق، البلد الخامس الأكثر تأثّراً بالتغير المناخي في العالم بحسب الأمم المتحدة، موجة جفاف، ما يفرض على الحكومة الكفاح لتوفير مياه الشرب والري.
ولحفظ ما تبقى من الاحتياطات المائية، تعمل السلطات على تنظيم جذري لبعض الاستخدامات، لا سيما ما هو مخالف منها للقانون والذي كان يتمّ التساهل معه في الماضي.
في هذا الإطار، أطلقت حملة منذ نهاية أيار/مايو لإقفال مزارع تربية الأسماك غير المرخصة.
وطال ذلك أحواضاً كان يملكها عمر زياد البالغ من العمر 33 عاماً والذي فقد سبعة أحواض في مزرعة عائلته الواقعة في قرية البو مصطفى، بعدما ردمها موظفون في وزارة الموارد المائية لأنها غير مرخّصة.
شاهد: الجفاف يضرب العراق للعام الرابع.. الخطر يهدد مصير منطقة الأهوارشاهد: ما أسباب نفوق آلاف الأسماك في نهر العز بجنوب العراق؟ويقول الشاب الذي يعمل كذلك مدرساً "أعمل منذ عشرين عاماً في تربية الأسماك مع أبي وأخوتي السبعة".
وكان زياد وأشقاؤه يقومون بتربية 50 ألف سمكة في أحواض العائلة بمردود شهري يتراوح بين 1300 و2600 دولار. وكانوا يربّون أسماك الشبوط التي تستخدم في إعداد طبق "المسقوف" المشهور في العراق.
ويتابع الشاب "كنا نبيع الأسماك بسعر متدنّ" للسوق المحلية. أما اليوم، وبعد إغلاق مزارع الأسماك، ارتفعت الأسعار في السوق و"تجاوزت الـ8000 دينار للكيلوغرام الواحد"، أي ضعف سعرها السابق، وفق زياد.
من مكان مرتفع، تبدو الأراضي المجففة متراصة وتحدّها طرق ريفية، ويكسر أحيانا المشهد الممل، حوض مائي وحيد نجا من تدخّل الحكومة.
ـ المخزون الاستراتيجي ـويقول زياد "كانت هناك 80 بحيرة أسماك في منطقتنا تعيل حوالى 1500 عائلة، بقيت منها خمسة أحواض فقط كان يحمل أصحابها تراخيص".
في المقابل، يطالب عبدالله سامح، ابن عم زياد الذي يعمل كذلك مربياً للأسماك، السلطات ب"إيجاد بديل" لمن فقدوا عملهم. ويرى الشاب الثلاثيني أن إجراءات الحكومة "لم تحل مشكلة" المياه، مضيفاً "جُفّفت أحواضنا، لكن إذا سألت في مناطق الجنوب يقولون إنهم لم يحصلوا على أي مياه".
وتعدّ أزمة المياه في العراق البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، قضيةً طارئة، إذ إن مستويات الأنهر تراجعت كثيراً، لا سيما بسبب سدود تبنيها الجارتان تركيا وإيران على منابع دجلة والفرات، وفق السلطات.
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال لوكالة فرانس برس "المخزون الاستراتيجي من المياه في العراق (حاليا) هو الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينات القرن الماضي".
ويقرّ المسؤول أنه إضافة إلى العوامل الجيوسياسية وتراجع معدلات الأمطار، المشكلة أيضاً داخلية، لا سيما "سلوكيات وممارسات الري والزراعة" التي تستهلك الكثير من المياه.
ويضيف "ما زلنا نعيش ثقافة وفرة المياه ولم نغادرها إلى ثقافة شحّ المياه وترشيد الاستهلاك".
ويوضح أن "بحيرات الأسماك المتجاوزة أسهمت في زيادة المساحة المعرّضة للتبخّر وزيادة تخندق وتسرب المياه والملوثات البيئية".
وأغلقت قرابة نصف الأحواض الخمسة آلاف غير المرخصة التي كانت موجودة في العراق، وفق شمال الذي انتقد وجود "أحواض أسماك (غير مرخّصة) لا تدفع ضرائب ورسوما وضمانا"، معتبرا أن "ردمها واجب وطني".
ـ "لم يبقَ إلا قلّة" -وعلى الرغم من تأييده إغلاق الأحواض المخالفة، تساءل رئيس جمعية صيادي ومربي الأسماك في العراق أياد الطالبي خلال لقاء بثته قناة "الإخبارية" الحكومية "هل استُثمرت المياه التي أوقف استخدامها لتربية الأسماك؟".
وذكّر الطالبي بأن "العراق كان ينتج 900 ألف إلى مليون طن من الأسماك سنوياً"، لكن بعد حملة السلطات، انخفض الإنتاج إلى 190 ألف طن.
وأضاف أن قطاع الأسماك كان يوظّف مليوني شخص، محذّراً من أن "هذه العائلات كلها ستهاجر إلى المدينة".
ويشير المتحدث باسم وزارة الموارد المائية إلى أن السلطات قد تسمح "مستقبلا بالأحواض أو الأقفاص العائمة ضمن مسار النهر" لتربية الأسماك، لأن "استهلاكها للمياه أقل".
في جنوب العراق، يشكّل ارتفاع ملوحة المياه التحدّي الحقيقي للصيادين في شطّ العرب، النهر الذي يلتقي فيها دجلة والفرات قبل أن يصبّ في نهر الخليج.
وخلال كل موسم صيف، يتراجع تدفّق المياه العذبة القادمة من شمال البلاد مقابل تزايد المدّ البحري المالح، ما يؤدي إلى الاختلال في النظام البيئي.
ويزيد هذا الأمر معاناة خضير عبود، صياد السمك البالغ من العمر 71 عاماً،
وفيما يتفقّد شباكه وهو على قاربه عند حافة النهر، يتذكّر الرجل صاحب اللحية البيضاء أنه "في الماضي، كانت تصلنا أسماك مختلفة.... لكن بعدما جاء الماء المالح انتهت، انقرضت، لم يبقَ شيء".
اليوم، يكسب الرجل حوالي عشرة آلاف دينار (7 دولارات) مما يصطاده، لكن "هذا لا يكفي، لديّ عائلة".
ويشير الى إن العديد من "الصيادين تركوا العمل وتوجهوا لعمل آخر (مثل) عمل البناء"، مضيفاً "لم يبقَ إلاّ قلّة، كبار في السن، نعمل" في الصيد.
المصادر الإضافية • أ ف ب
المصدر: euronews
كلمات دلالية: جفاف شح المياه العراق ضحايا أوروبا السعودية إسرائيل إيطاليا الهجرة غير الشرعية تونس مهاجرون الشرق الأوسط باكستان ضحايا أوروبا السعودية إسرائيل إيطاليا فی العراق
إقرأ أيضاً:
مديونية العراق تتجاوز 130 مليار دولار وعجز يهدد الرواتب
30 مايو، 2025
بغداد/المسلة: يواجه العراق أزمة مالية غير مسبوقة تهدد استقراره الاقتصادي، حيث بلغ العجز المالي مستويات قياسية مع تجاوز المديونية العامة 130 مليار دولار.
ويعود السبب إلى تدهور الإيرادات النفطية، التي تشكل 93% من موازنة الدولة، مع انخفاض أسعار النفط بنسبة 10% خلال الربع الثاني من 2025 بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة المعروض، مما أدى إلى عجز يقدر بحوالي 14.5 مليار دولار إذا استمر التصدير بمعدل 4 ملايين برميل يوميًا بسعر أقل 10 دولارات عن الموازنة.
وقال النائب رائد المالكي أن محافظ البنك المركزي يرفض الاقتراض لتغطية العجز، مشيرًا إلى أن الإيرادات لا تكفي حتى لتغطية رواتب الموظفين، مما دفع وزارة المالية إلى تجميد تحويلات رواتب موظفي إقليم كردستان بسبب عدم تسديد الإيرادات من الإقليم.
وتؤكد وزيرة المالية تعليق العلاوات والترفيعات لموظفي الوزارات حتى إقرار جداول الموازنة، التي لم تُعد بعد، مما يفاقم الضغوط على الموظفين ويزيد من استيائهم.
وتصاعدت الانتقادات لقرارات الحكومة، حيث وصف النائب المستقل حمدان قرار تخصيص 160 مليار دينار لمشروع “بغداد أجمل المرحلة الثانية” بـ”غير المسؤول”، في ظل تراكم مستحقات المقاولين بتريليونات الدنانير وعمل مشاريع البنية التحتية “بالدين”.
ويحذر خبراء من تكرار سيناريو 2016، عندما توقفت مشاريع بسبب الأزمات المالية. وتشير تقارير إلى أن إيرادات أمانة بغداد، لو استُثمرت بشكل صحيح بعيدًا عن الفساد، كفيلة بتحسين العاصمة دون تمويل مركزي.
واضطرت الحكومة إلى سحب أموال الأمانات وبيع أصول مثل دور الخضراء لتغطية النفقات التشغيلية، في خطوة وُصفت بـ”التعسر المالي”.
ويعكس غياب جداول الموازنة لعام 2025، إلى جانب سكوت البرلمان واللجنة المالية، سوء إدارة السياسة المالية، مما ينذر بتفاقم الأزمة.
ويبقى الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على النفط، عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، مع توقعات باستقرار النمو غير النفطي عند 2.5% فقط بسبب العقبات التي تحد من تنمية القطاع الخاص.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts