زهير عثمان حمد
إن صراع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من أجل السلطة لا يعدو كونه صراعاً عدمياً لن يخرج منه أي طرف منتصراً، بل ستظل الخسائر تتراكم على حساب الشعب السوداني البريء. حكومة الأمر الواقع تجد نفسها تحت ضغوط وهجمات سياسية وإعلامية دولية متزايدة، مما يحول السودان إلى دولة فاشلة، مارقة، ومنبوذة، تُقارن بجماعات إرهابية مثل داعش وبوكو حرام، ومتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

ليس بعيداً أن يكون قادتها في يوم ما ملاحقين بأوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابهم جرائم حرب في بقاع مختلفة من السودان.
كانت قوة السودان دوماً مرتبطة بدوره الأفريقي والإقليمي والعالمي، لكن العناد والصلف الأجوف ورفض التعاطي مع الحقائق على الأرض، يؤدي إلى عزله عن الاندماج الوثيق بالنظام الدولي. هذا الارتباط يتعرض حالياً لتهديد كبير، حيث تواجه البلاد حملة دولية غير مسبوقة ضدها. الجهد المتواصل لشيطنة الجيش وكتائب الإسلاميين أدى إلى تراجع ملحوظ في مكانة السودان على كافة الأصعدة.
إن فشل السودان في معالجة هذه الحملة يضع اقتصادها وأمنها القومي في مخاطر كبيرة، ويضعف قدرتها على تحقيق أهدافها العسكرية. نحن، ككتاب وأبناء هذا الوطن، نبكي على ما آل إليه حال بلدنا ونطالب قادة الجيش وصناع القرار بأن يعوا ما هم فيه من أخطاء فادحة.
ضرورة المشورة القانونية والشفافية
إن إسداء المشورة القانونية لقادة الجيش وصناع القرار بشأن القضايا المتعلقة بالقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بالنزاع المسلح وحل النزاعات، هو أمر حتمي. المستشارون القانونيون يمكنهم أن يساعدوا في توجيه عمليات الجيش نحو احترام القانون الدولي والابتعاد عن الجرائم التي قد تؤدي إلى ملاحقات قانونية دولية.
لكن لماذا تصر القيادة العسكرية على التعنت ورفض الذهاب إلى التفاوض في الظلام وعبر وسطاء يسعون للسلم؟ إن التفاوض السري عبر وسطاء ليس الحل الأمثل ولا يعكس الشفافية المطلوبة لحل النزاعات. يجب أن يكون هناك وضوح وشفافية في هذا الأمر، حتى يتمكن الشعب السوداني من معرفة ما يجري والمشاركة في صناعة مستقبلهم.
شفافية التفاوض والقناعة الشعبية
إن الشعب السوداني يستحق أن يعرف الحقائق ويتشارك في صنع القرار. يجب على القيادة العسكرية أن تكون أكثر شفافية في عمليات التفاوض وأن تستمع إلى صوت الشعب. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. العناد ورفض التعاطي مع الحقائق لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والمزيد من الخسائر.
إن السودان بحاجة إلى قيادة رشيدة، تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، وتعمل بجدية لتحقيق السلام والتنمية. إننا ندعو قادة الجيش وصناع القرار إلى تبني الحوار والتفاوض بشفافية، والاستماع إلى مطالب الشعب، والعمل على بناء مستقبل أفضل لبلادنا. إن طريق العناد والتعنت لا يؤدي إلا إلى مستقبل مظلم، بينما طريق الحوار والتفاوض يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للأمل والتقدم.
إننا نناشد القيادة العسكرية السودانية بأن تنظر إلى المستقبل بعين الحكمة، وأن تدرك أن القوة الحقيقية لا تأتي من العناد والتعنت، بل من القدرة على الحوار والتفاهم والعمل معاً من أجل مصلحة السودان وشعبه. دعونا نتعلم من دروس التاريخ، ونعمل معاً لبناء سودان مستقر، مزدهر، ومتصالح مع نفسه ومع العالم.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القیادة العسکریة

إقرأ أيضاً:

«الدعم السريع» السودانية تسيطر على مناطق واسعة.. مقتل 114 شخصاً في كردفان

أعلنت قوات الدعم السريع، يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025، سيطرتها الكاملة على منطقة هجليج النفطية وكامل إقليم غرب كردفان، الذي يمثل مركزًا حيويًا لعصب الاقتصاد السوداني، بعد التصدي لهجوم من الجيش السوداني، مشيرة إلى فرار أعداد كبيرة من ضباط وجنود اللواء 90 التابع للجيش خارج حدود البلاد.

وأكد بيان صادر عن قوات الدعم السريع أن السيطرة على منطقة هجليج تشكل نقطة محورية، لما تحمله المنطقة من أهمية اقتصادية بارزة، إذ تعد مورداً رئيسيًا لتمويل العمليات العسكرية وتوسيع نطاقها، إضافة إلى مساهمتها في الإيرادات الوطنية.

وتعهدت قوات الدعم السريع بتأمين وحماية المنشآت النفطية الحيوية في المنطقة لضمان مصالح دولة جنوب السودان، التي تعتمد بشكل كبير على موارد النفط المتدفقة عبر الأراضي السودانية إلى الأسواق العالمية، مؤكدًا توفير الحماية اللازمة للفرق الهندسية والفنية والعاملين في المنشآت النفطية، بما يوفر لهم بيئة آمنة لأداء مهامهم.

وجددت قوات الدعم السريع التزامها بالهدنة الإنسانية المعلنة من جانبها، مع احتفاظها بحق الدفاع عن النفس، مشددة على حرصها على حماية الموارد الاقتصادية الحيوية وضمان استمرار الإنتاج النفطي.

ويضم إقليم غرب كردفان أكبر حقول النفط في السودان، ويعد أكبر معقل للثروة الحيوانية والصمغ العربي، وتنتج منطقة هجليج في الظروف الطبيعية نحو 600 ألف برميل نفط يوميًا، مما يجعلها مصدرًا رئيسيًا لإيرادات السودان.

كما يشكل الإقليم معبرًا حدوديًا استراتيجيًا يربط السودان بعدد من دول الجوار، بما فيها تشاد وليبيا وجنوب السودان، ويشهد تقاطعًا لخط سكك حديدية يربط المدن الرئيسية كوستي ونيالا وواو.

ويأتي هذا التطور بعد سيطرة قوات الدعم السريع على إقليم دارفور في 26 أكتوبر الماضي، لتتركز المعارك لاحقًا في إقليم كردفان، ما أسفر عن سيطرتها على بابنوسة ومناطق واسعة، فيما يمثل الإقليم، إلى جانب دارفور، نحو نصف مساحة البلاد ويعيش فيه نحو 30 بالمئة من السكان، كما يضم حوالي 35 بالمئة من الموارد الاقتصادية السودانية.

منظمة الصحة العالمية: مقتل 114 شخصاً بينهم 63 طفلاً بهجوم على روضة في جنوب كردفان بالسودان

أعلنت منظمة الصحة العالمية، الاثنين، مقتل 114 شخصاً بينهم 63 طفلاً في هجوم عنيف استهدف روضة أطفال بولاية جنوب كردفان في السودان، واستمر الهجوم أثناء محاولة إسعاف المصابين ونقلهم إلى مستشفى مجاور.

وأكد المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في بيان صادر اليوم، أن الهجمات شملت قصفاً متكرراً على الروضة بأسلحة ثقيلة، ثم استهداف المسعفين والمدنيين الذين كانوا يحاولون إنقاذ الجرحى، مشيراً إلى نقل الناجين لاحقاً إلى منشأة طبية أخرى مع إطلاق نداءات عاجلة لتوفير الإمدادات الطبية والدم.

وأدانت جامعة الدول العربية، الأحد، الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين في إقليم كردفان السوداني، مطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة، وحملت المسؤولية القانونية والجنائية عن أعمال القتل والعنف في مجزرة مدينة كلوقي للمسؤولين عنها، محذرة من استمرار الانزلاق الخطير للأوضاع وتحول العنف إلى ممارسة ممنهجة يهدد الأمن والاستقرار في السودان.

وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، ضرورة صياغة الدولة السودانية من جديد وفق أسس حقيقية، مشدداً على عدم قبول أي حل لا يفكك قوات الدعم السريع ويجردها من سلاحها، واصفاً الحرب بأنها أثرت على جميع السودانيين وخلّفت مأساة خاصة في الفاشر، مؤكداً أن الحل الوحيد يكمن في زوال الميليشيات.

وشهد السودان منذ أبريل 2023 اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع محاولات كل طرف السيطرة على مقار حيوية، وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار دون التوصل لوقف دائم، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، وبعضهم إلى دول الجوار، الأمر الذي تسبب بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في العالم بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

مقالات مشابهة

  • جنوب السودان تعلن وصول ضباط وجنود من الجيش السوداني بعتادهم العسكري من هجليج
  • خبير عسكري: انسحاب الجيش السوداني من هجليج يعني الاستعداد لهجوم مضاد
  • إسرائيل تنفي وصول الاتفاق الأمني مع سوريا إلى طريق مسدود
  • بعد خسارة شريان النفط.. هل بات الجيش السوداني مجبرا على التفاوض؟
  • مناقشات بين السيسي وحفتر في القاهرة.. تناولت التطورات السودانية
  • «الدعم السريع» السودانية تسيطر على مناطق واسعة.. مقتل 114 شخصاً في كردفان
  • سبب انقطاع الكهرباء عن السودان - الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء
  • الجيش السوداني ينسحب من حقل هجليج النفطي والدعم السريع تهاجم
  • سد النهضة : طريق مسدود
  • وزير الخارجية: إثيوبيا تروج الأكاذيب ومفاوضات السد وصلت لطريق مسدود