نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، انتقد تعدد المبادرات لوقف الحرب، فيما طالب المجتمع الكنسي بدور في إنهاء الحرب، والاستفادة من علاقات الكنائس في استقطاب الدعم.

الخرطوم: التغيير

قال نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي مالك عقار إير، إن تعدد المبادرات لم يأخذ السودان إلى مربع إنهاء الحرب.

وأفاد إعلام المجلس أن عقار عقد اجتماعاً مساء الأحد، مع عدد من قيادات الكنائس السودانية لإطلاعهم على خطة الحكومة لإنهاء الحرب وبحث الدور الذي يمكن أن تلعبه الكنيسة لتخفيف وطأة الحرب على النازحين واللاجئين.

وتولى عقار منصب نائب رئيس المجلس عقب اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع منتصف ابريل الماضي، حيث أقال رئيس المجلس، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، نائبه وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي».

وأوضح عقار في تصريح صحفي، أن الاجتماع بحث دور المجتمع الكنسي في إنهاء الحرب عبر الاستفادة من علاقات الكنائس السودانية في استقطاب الدعم الإنساني وإيصال المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية ومناقشة آليات توزيعها على السودانيين جميعاً دون تمييز على أساس العرق أو الدين او غيرهما من أشكال التمييز.

وأضاف أن اللقاء تناول الانتهاكات التي تعرضت لها الكنائس والدمار الذي طالها والتخريب المتعمد لها وقتل القساوسة وتعذيبهم، وأشار إلى أن القيادات الكنسية طالبت الحكومة برصد هذه الانتهاكات وتوثيقها.

وقال عقار ان تعدد المبادرات، لم يأخذ السودان إلى مربع إنهاء الحرب، وأوضح أنه تم الاتفاق على السعي لتحويل الحرب لتكون سبباً في توحيد الوجدان السوداني ووقف صوت البندقية إلى الأبد، وتأسيس دولة جديدة يمكنها التقدم إلى الأمام ويفخر بها السودانيون- حسب تعبيره.

وكان عقار كشف، السبت، عن خارطة طريق مقترحة لإنهاء الحرب، تبدأ بالفصل بين القوات المتقاتلة من الجانبين ثم التعجيل بإيصال العون الانساني وضمان سلامة المواطنين، ويتلو ذلك العملية السياسية والتي ترتكز على تأسيس الدولة وليس اقتسام السلطة.

ونبه خلال لقائه مع قيادة مبادرة “نساء ضد الحرب إلى مساعيهم لتوحيد المبادرات، وأشار إلى خطورة تعدد المنابر الذي يضر بجهود السلام ويطيل امد الحرب- على حد قوله.

الوسومالجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان المجتمع الكنسي حميدتي رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان مالك عقار إير مجلس الكنائس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان حميدتي رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان مجلس الكنائس إنهاء الحرب

إقرأ أيضاً:

معركة ما بعد الحرب.. التعافي النفسي والاجتماعي في جنوب لبنان

جنوب لبنان- لم تكن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منزل افتكار عطية مجرد صاروخ أُطلق من طائرة حربية إسرائيلية، بل كانت لحظة بددت سكون صباح بلدة كفر حمام في جنوب لبنان، واقتحمت وجدانها بلا استئذان، واستقرت في أعماقها حتى اليوم.

تروي افتكار للجزيرة نت تفاصيل تلك اللحظة "كان الوقت يقترب من العاشرة صباحا، كنا داخل المنزل، أنا وأمي وأختي، حين باغتنا صوت الانفجار، لم ندرِ ما الذي جرى، أُصبنا جميعا، ومنذ تلك اللحظة تغيّر كل شيء، لم تعد الحياة تُقاس بالأيام بل بما قبل الغارة وما بعدها".

منذ ذلك اليوم، لم تعد افتكار ترى العالم كما كانت، تسلل الخوف إلى يومياتها، وصارت الأصوات العابرة كطرقات الباب أو صوت سيارة كفيلة بإعادتها إلى تلك اللحظة، وكأن الزمن توقف هناك. وبصوت يتهدج تضيف "إذا سمعتُ أي صوت، أرتعب، أخاف وأشعر أن الغارة بدأت من جديد".

بلدة "كفر حمام" جنوب لبنان طالها العدوان الإسرائيلي الأخير (الجزيرة) جراح تتجدد

لم تكن تلك الغارة أول صفعة من هذه الحرب في حياة افتكار، فقبل نحو 20 يوما من بدء العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان فقدت والدها، أما شقيقها فقد استُشهد قبل 36 عاما، جراح تتوارثها الذاكرة وأخرى تنزف كل يوم. وتقول بأسى "ما زلت متأثرة، الجراح لا تزال مفتوحة ولا شيء جميلا في هذه الحياة".

رغم كل شيء، اختارت افتكار العودة إلى منزلها المتضرر لترميمه حجرا فوق آخر، مثل كثيرين من أبناء الجنوب الذين يرممون بيوتهم لعلهم يرممون شيئا من أرواحهم، لكنها تدرك جيدا أن إصلاح الجدران أسهل بكثير من استعادة الطمأنينة.

وتهمس بكلمات أثقلها التعب "ننام ونصحو على خوف، هذه ليست لحظة عابرة بل معاناة يومية"، وهي تعاني من أكثر من إصابات جسدية، فالغارة خلفت فيها ما تصفه بـ"الكسور الداخلية" التي تنخر حياتها اليومية، وتشير إلى أن القلق يرافقها في كل لحظة حتى تلك التي يُفترض أن تكون آمنة، وأن النوم أصبح ترفا بعيد المنال.

إعلان

وتشرح بصوت خافت "أشعر أنني لست بخير، أبكي كثيرا، أتشتت من دون سبب، أنسى ما كنت أريد فعله أو قوله حتى صوتي تغير، ونظرتي للحياة تغيرت". وتلقت زيارات دعم نفسي، لكنها ترى أنها لم تكن كافية، "ربما أحتاج إلى وقت طويل أو إلى معجزة، كي أستعيد شيئا من نفسي".

ورغم كل هذه الخسارات، ما زال في قلبها حيز صغير للأمل، وتقول "أتمنى من الله أن يخفف عنا، وأن يأتي جيل لا يرى ما رأيناه نحن من ألم ورعب وبشاعة لحظات لا توصف"، وتتقاطع مشاعرها بين الامتنان والخذلان، وتضيف "الحمد لله أننا خرجنا من البيت أحياء، لم تُقطع أيدينا ولا أرجلنا، وهذه نعمة".

ثم تسكت لحظة، قبل أن تتابع "لكن الحياة فقدت طعمها، ماذا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك؟ من الصعب على الإنسان أن يعبّر عن ألمه، الأمر بالغ الصعوبة".

افتكار عطية تعاني أزمة نفسية حادة بعد انتهاء الحرب على جنوب لبنان (الجزيرة) حطام داخلي

لم يكن نبيل عيسى (45 عاما) يتوقع أن يغادر منزله في بلدة عيترون الجنوبية من دون وداع، لا لذكرياته ولا لجدران بيته، لكنه اضطر إلى الرحيل على عجل بعدما غطى الدخان سماء البلدة، وتحول بيته إلى كومة من الركام.

رغم أن جسده لم يصب ولم يفقد أحدا من أفراد أسرته المباشرة، إلا أن شيئا عميقا تحطم في داخله، ويقول للجزيرة نت "أشعر وكأن سمعي لم يعد كما كان، ليس في أذني خلل بل في رأسي، أسمع الناس وكأنهم بعيدون وكأن بيني وبينهم مسافة لا تُقاس".

ثم يضيف بصوت متهدج "بات الهدوء يرعبني أكثر من الضجيج وعندما تختفي الأصوات ينتابني شعور بأن الصمت ليس إلا مقدمة لصاروخ قادم".

منذ توقف القصف تغيّر نبيل، صار قليل الكلام، كثير الشرود. زوجته وأطفاله لاحظوا ذلك، لكنه يتجنب الحديث عن مشاعره، ويقول "لم أعد أثق بالكلام، الحرب علمتنا أن نكتم، أن نحمل أوجاعنا بصمت، لأن لا أحد يفهم حجم هذا الألم".

صار القلق رفيق يومياته، لا يغيب عن باله، ولا يترك له لحظة سكينة، ويؤكد "لم أعد أحتمل الأخبار، كل شيء فيها يعيدني إلى تلك الأيام: الأصوات، والتحليلات، والصور، أشعر أنني ما زلت عالقا هناك، لا أستطيع الخروج".

قبل شهر فقط، عاد نبيل إلى عيترون ليتفقد أرضه، وقف أمام أنقاض بيته وراح يتأمل بقاياه بصمت، ويقول "حاولت أن أشعر بشيء، حزن، غضب، حتى حنين، لكني شعرت فقط بالفراغ، كأن قلبي تُرك تحت الركام".

وفي نهاية الحديث، تنزلق الكلمات من فمه كأنها تخرج من جرح "لا أريد شيئا كبيرا، فقط أن أنام ليلة واحدة من دون أن أرى بيتنا يُقصف، أو أن أركض حافيا في الشارع وأنا أبحث عن أطفالي". يصمت لبرهة، ثم يختم "كنا نظن أن الحرب تنتهي حين تتوقف الصواريخ لكننا كنا مخطئين، هناك حرب أخرى تبدأ بعد الهدنة".

بلدة عيترون شيعت 104 شهداء سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير (الجزيرة) رعاية نفسية

وتؤكد رئيسة جمعية "هَنا للتنمية" في لبنان نوال محمود، للجزيرة نت، على أهمية تقديم الدعم النفسي للعائلات النازحة من الجنوب اللبناني خصوصا للأطفال الذين يعانون من آثار الصدمة.

وتوضح أن الجمعية نفذت عدة أنشطة ضمن برنامج الدعم النفسي والاجتماعي، استهدفت الأطفال والأسر لمساعدتهم على تجاوز الصدمات النفسية والتكيف مع الظروف الصعبة الناتجة عن النزوح.

ولاحظت الجمعية -وفقا لها- التأثيرات السلبية العميقة للأزمات النفسية كالهلع وفقدان الأحبة على حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية، والتي تجلّت في مظاهر مثل العزلة الاجتماعية، وصعوبات في التواصل، إلى جانب مشاكل صحية كاضطرابات النوم، ومشاكل في الهضم، وضيق في التنفس.

إعلان

وساهمت أنشطة الدعم النفسي -حسب محمود- في تعزيز الصحة النفسية لدى النازحين والمجتمع المضيف، كما ساعدت على تقوية العلاقات الاجتماعية، وأصبح بعض المستفيدين من هذه البرامج قادة ومتطوعين في الجمعية، يقدّمون بدورهم الدعم للآخرين، بعد أن اكتسبوا القدرة على مواجهة التحديات.

وترى أن هذه البرامج يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من خطط التعافي والتنمية، إذ إن الأزمات التي يواجهها السكان، ولا سيما الأطفال وذوو الإعاقة، تترك آثارا نفسية عميقة يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع السياسات والخطط المستقبلية.

وتؤكد الناشطة نوال محمود أن أنشطة وبرامج الدعم النفسي تلعب دورا حيويا في تعزيز قدرة الأفراد على التكيف مع التحديات وتحقيق الإنجازات.

مقالات مشابهة

  • مكتبة مصر العامة بأسيوط تنظم فعاليات مبادرة براءتهم أمانة
  • وفد صمود برئاسة حمدوك يبحث مع رامافوزا في بريتوريا إنهاء الحرب السودانية
  • المتحدث باسم الكرملين يرد على ترامب حول قدرة بوتين على إنهاء الصراع بالشرق الأوسط
  • الرئيس الإيراني: إنهاء الحرب مرتبط بالوقف غير المشروط للعدوان الصهيوني
  • المبادرات الشبابية.. أفكار واعدة واستثمار مجتمعي تستدعي التمكين
  • معركة ما بعد الحرب.. التعافي النفسي والاجتماعي في جنوب لبنان
  • نائب رئيس الكونجرس الكندي العربي: الصين تتحرك بدبلوماسية هادئة لتفادي التصعيد بين إيران وإسرائيل
  • رئيس مدينة الغردقة يتفقد المركز التكنولوجي ويوجّه بتسريع إنهاء معاملات المواطنين
  • رئيس مجلس الوزراء اليمني يُثمن دعم المملكة الاقتصادي والإنساني لبلاده
  • الحكومة السودانية تدعو المجتمع الدولي إلى تصنيف "الدعم السريع" ميليشيا إرهابية