1
هناك تضليل متعمد و كذب صريح عن الوضع الميداني في الخرطوم ..
هذه اللحظات تذكرني ذات الحالة التي مررت بها حين كنت أحاول أن أخبر الناس في أبريل بأن هذه ثورة ملونة .. ما كان الناس مستعدون للإستماع الى الحقيقة .. كانوا عنيفين و متعجلين ..
و ها أنا في ذات النقطة مجددا ، أقف في مواجهة مد كبير من الأكاذيب ، أكاذيب ستقود الى ما لا يحمد عقباه .

. هذه المرة ستكون كارثة أكبر من ديسمبر .. و بما لا يقاس ..
هذه الرحلة الطويلة من السباحة عكس التيار لابد لها من نهاية ..
لا يزال صوت الغفلة أعلى من صوت الحذر .. و جند الهزيمة أكثر من جند النصر
من حين لأخر .. ومنذ بداية هذه الفوضى .. أضع يدي على عبارة وضعتها كإستفتاحية لقصة قصيرة ك.تبتها قبل أربعة أعوام :
الشعوب الغافلة لا تستحق النجاة ..
2
قيادة الجيش الحالية لا يمكن أن تحقق النصر . أي شخص يحمل الأفكار الليبرالية الديسمبرية لا يمكن أن ينتصر في هذه المعركة ضد الجنجويد ، قادة الجيش أسرى ديسمبر.
3
لا يمكن للجيش أن ينتصر و القحاتة المؤيدين لحمدان دقلو لا يزالون في مناصبهم كولاة و كذلك في الخدمة المدنية و النيابة و الوزارات .
لا يمكن تحقيق النصر و المجموعات التي تعمل مع الجنجويد صراحة لا يتم التضييق عليها و لا ملاحقتها بالبلاغات .
قائد الجيش نفسه يتواصل مع الجناح السياسي للتمرد منذ بداية الحرب ، و هو مشغول بالتفاوض و الحل السياسي و ليس بتحقيق النصر .
4
لا يمكن للجيش تحقيق النصر و هو يعجز عن معالجة أهم نقاط قوة الجنجويد و هي الفزع ..
الفزع داخل العاصمة و خارجها .. يمكن قطع الفزع من خارج العاصمة بتحييد كبرى شمبات بضربة محدودة ..
أما قطع الفزع الداخلي فهو غير ممكن الا بتحييد الكباري بضربات محدودة تحرم الجنجويد من تجميع القوات في كل معركة ..
5
الجيش يترك المستنفرين ( حفايا) و دون دمورية تدريب و لا قمصان تدريب ..
بدل أن تمتلئ معسكرات الجيش بالملابس العسكرية و تظل هناك حتى تتلف .. أفتحوا هذه المخازن للمتطوعين .. الأحذية مكدسة و القمصان العسكرية فائضة عن الحاجة .. و أنتم تعرفون ذلك ..
تقول لهم لماذا لا تفعلون كذا أو كذا .. يقولون لك التعليمات ..
هذا النوع من المركزية المبالغ فيه يجعل الضابط بلا حول و لا قوة .. و بلا مساحة حركة و لا قدرة على التفكير و التقدير ..
6
أداء المليشيات في مواجهة المليشيات أفضل من أداء الجيوش النظامية في مواجهة المليشيات ..
من غرزوني الى كابول و من باخموت الى القامشلي ، التاريخ العسكري الحديث يقول ذلك .
لذلك أتعجب عندما يتحدث لي أحدهم بفخر شديد عن المركزية المتعسفة الموجودة في الجيش .
يا عزيزي سأقولها لك بالواضح .. أداء هيئة العمليات و المجاهدين و مجموعات العمل الخاص أفضل بكثير من أداء الجيش النظامي نفسه .. و السبب أن التشكيلات التقليدية للجيش غير فعالة في حرب المدن و حرب المليشيات فما بالك عندما تكون الحرب مزيج من حرب المليشيات و المدن .
هناك مسلمات كثيرة سقطت في هذا الكوكب ، لكنهم لا يقرؤون .. ليس صدفة أن نكون في هذا النقطة نناقش بديهيات ..

عبد الرحمن عمسيب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

معركة البناء

الكثير من الدول حولنا عانت من حروب (بمختلف أنواعها) سواء في تاريخها القديم أو الحديث، وهناك مـَن مرت عليها كوارث مدمرة سواء كانت بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان ، لكن المتأمل لهذه التجارب يجد أن القاسم المشترك بين كل هذه الدول أنها خرجت من الحرب أو الكارثة أقوى وأفضل مما كانت عليه قبلها. قد يكمن السر في قوة الإرادة وصدق العزيمة التي تتولد بعد معاناة وألم وتنعكس في الرغبة الأكيدة للبناء والتعمير والتغيير نحو الأفضل.

قديماً قالوا قراءة التاريخ تعطي التجارب و العبر للمستقبل، وفي سبيل إعادة إعمار وبناء بلادنا علينا قراءة تجارب الأمم والشعوب حولنا من وقت لآخر حتى نعيد بناء بلادنا وتعود أفضل وأقوى مما كانت ، ولنا الكثير من التجارب عالمياً وأفريقياً، لكن من التجارب التي خضعت لدراسات وكتابات كثيرة عالميا كانت في ألمانيا التي خاضت حرباً عالمية ودمرت تماماً ثم عادت أقوى مما كانت.

ألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية عام 1945م مدمرة على كل الأصعدة اقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً بالإضافة لخراب البنية التحتية تماماً، وتراجع المحصولات الزراعية فحدث نقص حاد في الغذاء وصل إلى مؤشرات المجاعة، وتراجع القطاع الصناعي فتوقفت مصانع وشرد العمال وعم الفقر بين فئات الشعب كله، فقد الناس بيوتهم وعاشوا بين الانقاض ، كان أغلب الشعب بين لاجئ ومهاجر وفقدت العملة الوطنية قيمتها لدرجة أن الناس لجأوا إلى نظام المقايضة لتبادل السلع والخدمات.

أُحتلت ألمانيا وقُسمت إلى نصفين، شرقية وغربية، دُمرت ترسانتها العسكرية وفقدت قياداتها وأُسر جنودها وتعطلت سبل الحياة فيها.

رغم ذلك كله نهض الشعب بإرادة وطنية قوية لإعمار البلاد ، عملوا علي عودة الأمن والأمان أولا ليعود كل لاجئ ومهاجر للبلاد ، كان الشعب هو مَن يسعى لبسط النظام وتفعيل القانون قبل أجهزة الدولة، ثم بناء الديمقراطية والاستقرار السياسي ومد علاقات خارجية تقوم على المصالح المشتركة، مما دفع وزير خارجية الولايات المتحدة – آنذاك – (جورج مارشال) لتقديم مساعدات اقتصادية ومالية ضمن ما عرف تاريخياً (بخطة مارشال) والتي كان الغرض الأساسي منها منع انتشار الشيوعية في ألمانيا بعد الحرب، مما يشكل تهديداً للأمن الأوروبي، فكان لابد من تقوية الاقتصاد الألماني حتى لايقع في شرك الشيوعية (علاقات تحكمها المصالح المشتركة).

بالفعل تلقت ألمانيا المساعدات واستثمرتها في الاتجاة الصحيح فاتجهت لبناء البنى التحتية وفتح المصانع وتقوية القطاع الصناعي وإدخال التكنولوجيا الحديثة في الصناعات الثقيلة ، وتنمية القطاع الزراعي لتوفير الغذاء و توفير الاستقرار النقدي للعملة وتمويل مشاريع إعادة إعمار البلاد ، ودعم الجيش لحماية الدولة وسيادتها، وتقوية الشرطة لبسط هيبة القانون والحفاظ علي النظام ومنع الجريمة.

في كل ذلك كانت إرادة الشعب هي المحرك السحري لعجلة التنمية وبناء وإعمار الدولة ، رغم الأوضاع الانسانية القاسية والاقتصاد المتردي ومرارات الحرب ، كان الإصرار على تجاوز الحرب ودمارها و الأزمات وآثارها بالعمل المستمر المخلص والتفاني من أجل إعمار الوطن هو جوهر التغيير ، لذلك اتخذ العالم ألمانيا نموذجاً عالمياً في إعادة إعمار الدول المتضررة من الحروب .

نحن على الضفة الأخرى علينا أن نطلع على تجارب العالم من حولنا للنهوض ببلادنا، لابد لنا من العمل ، والعمل الجاد مع تركيز وتكامل الجهد بين الحكومة والشعب ومكافحة الفساد والمحسوبية والعمل بالشفافية والكفاءة في اختيار الكوادر لقيادة هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ بلادنا.

الآن ونحن نضع لبنات البناء من جديد علينا الاستفادة القصوى من التقدم التكنولوجي والأخذ به في كافة القطاعات الزراعية والصناعية والانتاجية والبحث عن محرك نمو اقتصادي جديد يدعم معطيات اقتصادنا ويزيد من معدلات النمو والازدهار ، وعقد مؤتمرات اقتصادية دولية بين السودان والدول الصديقة لدعم الاقتصاد السوداني (بالتأكيد الحرب اظهرت لنا الأصدقاء الحقيقين)، والاستفادة من تجارب الإعمار.

هناك الكثير من الدروس القيمة تستخلص من الأزمات التي تمر بها الدول، وتداعيات الحرب في السودان لها ارتدادات على العالم العربي والأفريقي بل والعالمي لاسيما في المجال الاقتصادي ، والجميع يدرك ثقل السودان اقتصادياً وما يمتلكه من موارد وثروات، وكذلك موقعه الجغرافي كنقطة التقاء للتجارة الدولية وممر تجاري للعديد من الدول، مما يؤكد أن السلام والأمن الدوليين لا يمكن النظر إليهما من منظور إقليمي ضيق .

الحرب أظهرت للعالم كله قوة وثبات السودانيين وشجاعة وإقدام قواتنا المسلحة المنتصرة بعزم الرجال وبسالة الأبطال ومؤازرة الشعب السوداني لها وتأييد المولى عز وجل قبل ذلك كله ، فهم (جند الله جند الوطن) .

حان الوقت لنقدم للعالم أنموذجا مشرفاً للبناء وإعادة الإعمار لسودان جديد قوي بأبنائه قبل سلاحه، سودان راسخ بمبادئه مثل جباله، أساسه (المواطنة) لا قبلية ولا جهوية ولا عرقية، يكفي فقط أن تكون سودانياً.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • معركة البناء
  • مليشيا الجنجويد إلى زوال قريباً
  • رئيس وزراء الاحتلال الأسبق: أعداؤنا الحقيقيون هم المليشيات اليهودية العنيفة
  • أولمرت: أعداؤنا هم المليشيات اليهودية العنيفة التي تنكل بالفلسطينيين
  • أوحيدة: الدبيبة بحماية المليشيات هو الحصان الوحيد المتبقي للاتحاد الأوروبي في ليبيا
  • القرشي اعتذر عن منصب وزير الإعلام بعد إعادة نشر مقالات له تتماهي مع خط الجنجويد
  • لحظة تفجير الحوثي لسفينة بضربات صاروخية.. فيديو
  • أزمة نقص الأدوية في كوبا تحرم المرضى من علاجات لا غنى عنها
  • المنيا تواصل تجميع تجار الجملة تحت مظلة سوق ماقوسة الحضاري
  • أوحيدة: الأوروبيون لا يراهنون سوى على المليشيات لاختراق السيادة الوطنية