ثمة أربعة لاعبين أساسيين في الحرب المحتدمة في قطاع غزة منذ عشرة أشهر، اللاعبون الأربعة هم: "إسرائيل" ، الولايات المتحدة، حماس، وحزب الله.

أعتق اللاعبين "إسرائيل" مذّ احتلت ميليشياتها قسماً من أرض فلسطين سنة 1948 وهي توسّع احتلالها على مدى 75 عاماً، حتى استكملت سيطرتها على كامل فلسطين التاريخية.

الولايات المتحدة كانت أول المعترفين بكيان الاحتلال الصهيوني وما زالت حاضنته ومموّلته وحاميته منذ لحظة قيامه، وهي تدعو حاليّاً إلى وقف الحرب وفق بنود مقترحٍ أعلنه رئيسها جو بايدن، وأضحى قراراً لمجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 2735.



حماس لم تكن من أوائل تنظيمات المقاومة الفلسطينية المتواصلة، لكنها كانت وما زالت من أكثرها عداء لكيان الاحتلال، ورفضاً لمهادنته وإجراء تسويات سياسية معه، أطلقت في 7 تشرين الاول/أكتوبر 2023 ملحمة طوفان الأقصى ضد مستعمرات كيان الاحتلال في غلاف قطاع غزة وسيطرت، خلال خمس ساعات، على معظمها واحتجزت عشرات الأسرى قبل أن تصحو حكومة بنيامين نتنياهو من آثار الصدمة وتباشر حرب إبادةٍ شرسة ما زالت محتدمة.

المقاومة الإسلامية في لبنان بقيادة حزب الله سارعت إلى نصرة حماس في اليوم الثاني لإطلاق طوفان الأقصى، نظمت جبهة إسناد لحماس على طول حدود لبنان الجنوبية مع شمال فلسطين المحتلة، من الناقورة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط غرباً إلى سفوح جبل الشيخ شرقاً.



اللاعبون الأربعة منخرطون حاليا، مباشرة أو مداورة، في مفاوضات هدفها وقف الحرب من دون أن يظهر لها بصيص نور في آخر نفقها الطويل المظلم، ذلك أن لكل من اللاعبين شروطه لوقف إطلاق النار، وهي تنطوي على تناقضات شتى حالت دون تسويتها حتى الآن.

لعل من أخطر تداعيات حرب الإبادة أن نتنياهو، الحريص على تدويم استمراريتها تفاديا لانهيار ائتلافه الحاكم بسبب رفض وزيرين عنصريين نافذين وقفها، تقدّم بشروط تعجيزية إضافية في المفاوضات السلحفاتية الجارية لوقفها، ما كشف مخططا رهيبا لتسريع حملة توسيع الاستيطان في الضفة الغربية بغية ضمها إلى كيان الاحتلال.

في هذا السياق، أقدم وزير المالية والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموترتيش على نقل الصلاحيات الرسمية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى جهاز يترأسه شخصيا ما جعله مسؤولا عن إدارة الأراضي في الضفة، والتخطيط والبناء، والمراقبة ومنع البناء غير القانوني، وإدارة السلطات المحلية، وإصدار التراخيص المهنية والتجارة والاقتصاد، وإدارة المحميات الطبيعية.

ليس أدل على خطورة هذا التدبير الانقلابي في نظام حكم الأراضي المحتلة من تداعياته الاستعمارية الاقتلاعية، التي كشفها المحامي الإسرائيلي ميخائيل سفراد، ممثل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، في صحيفة «هآرتس» (2024/7/8) بمقالةٍ بعنوان "سموتريتش أنهى ضمّ الضفة" مؤكداً فيها "أنه سيكون لهذا التدبير تداعيات كارثية على حقوق الفلسطينيين، الذين سيهاجَمَون ويُمعَن فيهم تمزيقاً، وسيجري بناء مستوطنات جديدة وأحياء جديدة بوتيرة لم نشهدها من قبل، إنه الأبارتهايد الوقح، الأبارتهايد كخطةِ عمل".
نتنياهو أدرك أخيرا أن حماس وحلفاءها في المقاومة الفلسطينية والعربية، قد هزموه في حربه على قطاع غزة
بات واضحا أن نتنياهو أدرك أخيرا أن حماس وحلفاءها في المقاومة الفلسطينية والعربية، قد هزموه في حربه على قطاع غزة، فكان أن عزز جهوده الرامية إلى محاولة التعويض عن هزيمته تلك، بخلق أمرٍ واقع وازن لمصلحة «إسرائيل» هو ضمّ الضفة الغربية برمتها إلى كيان الاحتلال، قبل أن يتوصّل اللاعبون في الحرب المحتدمة في قطاع غزة إلى تسوية قريبة أو بعيدة.

إزاء كل هذه التحديات والمخاطر المحدقة بحاضر الضفة الغربية ومستقبلها، ألا يقتضي ذلك أن يركّز قادة محور المقاومة تفكيرهم وتدبيرهم في هذه الآونة على ما يجب عمله، لربط جهود فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية في ميادين القتال، كما في كواليس المفاوضات، بين ما يجري وما سيجري في قطاع غزة، وما يجري وما يجب أن يجري في الضفة الغربية؟ حزبُ الله كان قد اتخذ خطوةً استراتيجية لافتة، شكّلت بحد ذاتها سابقة هادية في هذا المجال، فقد أعلن انه لن يُوقف القتال ضد «إسرائيل» المعتدية في منطقة الحدود اللبنانية – الفلسطينية قبل أن يوقف العدو عدوانه الوحشي على قطاع غزة.

موقفه الحاسم هذا حمَلَ أحزابا وقوى سياسية متعددة داخل كيان الاحتلال على زيادة ضغوطها على حكومة نتنياهو لوقف الحرب والقبول بالتفاوض، بغية تفادي المزيد من الهزائم والخسائر في جبهة القطاع، كما في جبهة شمال فلسطين المحتلة.

ترى أليس في مقدور أحد أطراف محور المقاومة المشاركين في دعم حماس ضد «إسرائيل» في قطاع غزة، اتخاذ موقفٍ مماثلٍ لموقف حزب الله المشار إليه آنفاً فيعلن عدم استعداده لوقف حربه الدفاعية ضد الكيان الصهيوني قبل أن يُوقف هذا الأخير حربه الوحشية على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية؟ هذا السؤال يطرح بالضرورة سؤالاً آخر: كيف يمكن تعديل شروط اللاعبين بغية وقف الحرب؟



لا يخفى على أحد أن نتنياهو أعلن مرارا أنه لن يتعهد بوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها. بعض هذه الأهداف معلن وبعضها الآخر مضمر، وهو لم يتوانَ في تصريحاته عن التمسك بضرورة أن تبقى القوات الإسرائيلية متحكّمةً في معبر رفح المؤدي إلى سيناء المصرية، كما عن التمسك بمنطقة فيلادلفيا على الحدود الفلسطينية – المصرية بدعوى الحؤول دون تهريب السلاح والعتاد عبرها إلى فصائل المقاومة الفلسطينية.

باختصار، بإمكان حركة حماس أن تًعلن عدم استعدادها لوقف حربها الدفاعية ضد كيان الاحتلال طالما رئيس حكومته يعلن جهارا نهارا أنه لن يتعهد بوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها على النحو المشار اليه آنفاً، وأنها (حماس) لن تشارك فوق ذلك في أيّ مفاوضات لوقف الحرب، إلاّ اذا تضمّن جدول أعمالها وقف حرب "إسرائيل" على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، خصوصاً بعد اتخاذ حكومة نتنياهو عدة قرارات بتشريع بؤر استيطانية، وجعلها مستوطنات رسمية وضمّها تالياً إلى كيان الاحتلال.
غني عن البيان أن اتخاذ حماس هذا الموقف الثوري الصارم سيؤدي تلقائيا إلى إعلان حزب الله تضامنه معها، فلا يُوقف حربه الدفاعية ضد "إسرائيل" طالما هذه الأخيرة مستمرة في حربها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.

هل كثير على مَن أطلق طوفان الأقصى أن يُطلق أيضا طوفان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وأن يحقق بقراره الثوري هذا وحدة الساحات ووحدة الجبهات العربية ضد العدو الصهيوني؟

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال مفاوضات غزة مفاوضات الاحتلال صفقة التبادل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی فی الضفة الغربیة المقاومة الفلسطینیة کیان الاحتلال فی قطاع غزة وقف الحرب حزب الله قبل أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يطالب نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة.. لهذه الأسباب

نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر مطلعة قولها، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب على قطاع غزة "لأنها استنفدت أهدافها"، وتزامن ذلك مع تأكيد نتنياهو إحراز تقدم كبير في مفاوضات صفقة التبادل.

ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر قوله إن ترامب طلب من نتنياهو، خلال اتصال هاتفي الاثنين، إنهاء الحرب في قطاع غزة، وقال إنها قد استنفدت نفسها.

وأضافت القناة أن ترامب قال لنتنياهو إنه يريده أن ينهي الحرب، وليس فقط عبر مقترح مبعوثه ستيف ويتكوف.

وأوضح ترامب، أن إنهاء الحرب في غزة سيساعد في المفاوضات مع إيران وكذلك مع السعودية.

في المقابل ذكر مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء عقد اجتماعا مع وزير الدفاع، ووزير الشؤون الإستراتيجية، ورئيس الأركان، لبحث المفاوضات.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال إن ثمة تقدما وصفه بالكبير في ما يتعلق بصفقة للإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة.

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مسؤول إسرائيلي قوله "هناك فرصة، وهناك اتصالات، وهناك تطورات".



وكشفت وسائل إعلام عبرية، مساء الاثنين، عن مكالمة هاتفية جرت بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واستمرت لمدة 40 دقيقة وتناولت الملفين الإيراني والحرب على قطاع غزة.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إلى أن المكالمة بين الجانبين ركزت على الملف النووي الإيراني، في ظل المحادثات الجارية بين طهران وواشنطن بشأن التوصل لاتفاق نووي جديد.

ولفتت الصحيفة إلى أن المكالمة تطرقت أيضا إلى قضية الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مع وصول المفاوضات بشأن التوصل إلى صفقة لطريق مسدود.

وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بمواصلة الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، لا سيما استمراره في السلطة.

وتُقدر تل أبيب وجود 56 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • “حماس”: عملية حرميش رد مشروع على جرائم الاحتلال
  • “حماس” تبارك عملية إطلاق النار لمقاوم فلسطيني في الضفة
  • أول تعليق من حماس على عملية إطلاق النار قرب مستوطنة حرميش
  • نتنياهو يزعم استعادة جثث اثنين من المختطفين من قطاع غزة
  • نتنياهو: سنواصل الحرب حتى القضاء على حماس
  • أول تعليق من حماس على قرار الاحتلال بالاستيلاء على 800 دونم من أراضي شرق رام الله
  • سموتريتش يطالب نتنياهو بعدم إبرام صفقة مع حماس
  • ‏الجيش الإسرائيلي: مقتل قيادي مسلح في إحدى قرى الضفة الغربية واعتقال اثنين آخرين
  • استشهاد 28 فلسطينيًا وسط قطاع غزة وشمال الضفة الغربية
  • ترامب يطالب نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة.. لهذه الأسباب