مع تصاعد الرهان عليها في تسهيل عمليات إغاثة المتضررين من الحرب، تواجه المفاوضات غير المباشرة التي تقودها الأمم المتحدة بين وفد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في جنيف، مصاعب ربما تضعها أمام شبح الانهيار سريعا، وفق مراقبين.

وكانت الأمم المتحدة أكدت أن المحادثات جاءت بناء على دعوة من مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة، مشيرة إلى أن الأطراف ستتفاوض عبر لعمامرة بدلا من الاجتماع وجها لوجه.



وأجرى لعمامرة مباحثات أولية مع وفد قوات الدعم السريع، بينما تعذر قيام اللقاء الذي كان من المخطط أن يجمعه مع وفد الجيش السوداني.

ويشير الصحفي المعتمد لدى الأمم المتحدة في جنيف، رئيس تحرير صحيفة "غلوبال ميديا"، طه يوسف، إلى أن الجيش يتمسك بضرورة أن تخرج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين، كشرط لأي تفاوض.

وقال يوسف لموقع "الحرة" إن "وفد الجيش السوداني تمسك بأن تكون المفاوضات محصورة على الجانب الإنساني، وشدد على ضرورة عدم استخدام المسارات الإنسانية في إيصال العتاد الحربي إلى قوات الدعم السريع".

وأكد الصحفي المعتمد لدى الأمم المتحدة في جنيف، أن اللقاء الذي كان من المفترض أن يجمع لعمامرة مع وفد الجيش لم يتم، مشيرا إلى أن متحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف أبلغت الصحفيين عن لقاء بين الطرفين، الجمعة.

وتوقع يوسف أن يكون الجيش سلم لعمامرة رؤيته للمحادثات وكذلك تحفظاته وشروطه على التفاوض، "مما قد يغير في مسار المفاوضات، المهددة بالفشل".

نازحون من سنار
أيام تمضي وآلاف بلا مأوى.. كارثة إنسانية تفتك بنازحي سنار السودانية
حذرت منظمات طوعية من مصير غامض يواجه آلاف النازحين الذين فروا من ولاية سنّار بوسط السودان، إلى مناطق بشرق البلاد، مشيرة إلى أنهم يواجهون "أسوأ كارثة إنسانية" منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
واعترضت الحكومة السودانية على أي تفاوض مباشر بين الطرفين، وأشارت إلى أن وفدها في جنيف لم يتلق أي أجندة أو برنامج عن هذه المداولات، رغم مكوثه هناك لأيام.

وقالت في بيان "طُلب من الوفد الحكومي الذهاب إلى قصر المؤتمرات بجنيف، وهو أمر يتناقض مع مقترح المناقشات غير المباشرة، ومع التفاهم عن عدم الإشهار الإعلامي لهذه المناقشات، الذي طالب به الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة".

وأكد البيان التزام حكومة السودان بالتعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة في كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عن السودانيين، والتوصل إلى رؤية مشتركة بشأن توصيل الإغاثة للمحتاجين والنازحين.

وجدد البيان تمسك الحكومة السودانية بمنبر جدة بالسعودية، مطالبا بضرورة تنفيذ التعهدات التي أُبرمت في المنبر.

ووقع الجيش وقوات الدعم السريع في 11 مايو 2023، اتفاقا في مدينة جدة، برعاية من السعودية والولايات المتحدة، ينص على "حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية".

ويتبادل الطرفان الاتهامات بعدم تنفيذ الاتفاق.

ورحب أعضاء مجلس الأمن الدولي، في بيان الجمعة، بالمحادثات غير المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في جنيف، وحثوا الطرفين على وقف الأعمال القتالية وضمان حماية المدنيين.

وطالب البيان الطرفين بالاتفاق على مزيد من الخطوات للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، بدون عوائق.

ودعا البيان جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يثير الصراع وعدم الاستقرار، وأن تدعم بدلا من ذلك جهود الوساطة من أجل السلام المستدام.

نازحون من سنار السودانية
السودان.. منظمة تتحدث عن فقدان أكثر من 500 نازح في ولاية سنار
أعلنت منظمة شباب من أجل دارفور المعروفة بـ"مشاد"، الأحد، عن فقدان أكثر من 500 مدني بينهم 95 طفلا دون سن الثامنة عشر، أثناء فرارهم من مدينة سنجة بولاية سنار إلى مناطق آمنة، عقب هجوم قوات الدعم السريع على المدينة.
ويرى المحلل السياسي السوداني، الطاهر نورين، أن طرفي الحرب في السودان لا يملكان الإرادة لإتمام السلام المفضي إلى إنهاء معاناة ملايين السودانيين.

وقال نورين لموقع "الحرة" إن "جنرالات الجيش والدعم السريع يتقاتلان على أشلاء السودانيين، من أجل الوصول إلى السلطة، دون أدنى اعتبار للمخاوف المتزايدة من أن يواجه السودانيون أسوأ مجاعة خلال العقود الأخيرة".

وأشار إلى أن المحادثات، وإن تمكنت من الوصول إلى اتفاق بين الطرفين، فإن إمكانية تنفيذه تبقى معدومة، إذ سيتم استغلال الاتفاق من الطرفين لخدمة مصالحهما، بدلا من إيصال المساعدات للمحتاجين.

ولفت المحلل السياسي إلى أن "تجارب الحروب السودانية تبرهن بجلاء أن المتقاتلين يستولون على النصيب الأكبر من المواد الإغاثية الخارجية لمنسوبيهم، بينما يذهب الفتات إلى المحتاجين".

وأضاف "للآسف، لم يذهب الطرفان إلى جنيف رغبة في السلام، أو إغاثة المتضررين، وإنما لإرضاء المجتمع الدولي، ولإظهار صورة زائفة عن أنهما لا يمانعان في تقديم العون للمحتاجين".

وتابع قائلا "المجتمع الدولي نفسه، لا يتحرك في أزمة السودان بالجدية المطلوبة، وهو الآخر يبحث عن نصر زائف، إذ أنه مشغول بأزمات أخرى أقل كارثية، ويغفل أكبر أزمة إنسانية في العالم، يواجهها ملايين السودانيين".

وبدورها، أشارت قوات الدعم السريع إلى أن وفدها وصل إلى جنيف "برغبة صادقة من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني بسبب الحرب".

وقال المتحدث باسمها في بيان "نتطلع لأن تكون محادثات جنيف بناءة ومثمرة تسهم في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المتأثرين بالحرب، إلى جانب بحث آليات فعالة لتعزيز حماية المدنيين".

وقفة احتجاجية
تأشيرة مصر بالسودان.. شهادات عن مافيا الأقبية السرية
يعاني كثير من السودانيين الذين يرغبون في السفر إلى مصر، من صعوبات متعلقة بالحصول على تأشيرة الدخول إلى الجارة الشمالية، التي تعد وجهة مفضلة لعديد السودانيين، إذ وصل فعليا إلى مصر نحو نصف مليون سوداني هربا من جحيم الحرب.
وتوقع يوسف انهيار المفاوضات، "ما لم يُظهر الطرفان رغبة جادة للوصول إلى اتفاق، وما لم تتدخل أطراف دولية فاعلة لحث الطرفين على تقديم التنازلات المطلوبة، لإنجاح المحادثات".

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخليا، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.

الحرة / خاص - واشنطن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الأمم المتحدة فی وفد الجیش فی جنیف أکثر من من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

مع احتدام الحرب.. «الدعم السريع» تهاجم بورتسودان للمرة الأولى

بورتسودان "أ.ف.ب": استهدفت ضربة نفذتها قوات الدعم السريع اليوم الأحد بواسطة مسيّرات لأول مرة مطار بورتسودان، الواقعة على البحر الأحمر والمقر الحالي للحكومة السودانية الموالية للجيش، في ظل تكثيف الدعم السريع لهجماته على معاقل الجيش السوداني في الأسابيع الأخيرة.

وقال المتحدث في بيان إن قوات الدعم السريع "استهدفت هذا الصباح قاعدة عثمان دقنة الجوية ومستودعا للبضائع وبعض المنشآت المدنية بمدينة بورتسودان بعدد من المسيّرات الانتحارية"، متسببة في "أضرار محدودة" بدون وقوع إصابات.

وزاد اعتماد الدعم السريع على الطائرات المسيّرة والمدافع البعيدة المدى في الآونة الأخيرة بعد خسارتها مواقع عسكرية في الخرطوم ووسط السودان.

وأكد المتحدث باسم الجيش السوداني في بيانه أن "مضاداتنا الأرضية تمكنت من إسقاط عددا من مسيّرات الدعم السريع "في بورتسودان.

وأظهرت صور لوكالة فرانس برس تصاعد أعمدة الدخان في المنطقة المحيطة بمطار بورتسودان، التي تبعد نحو 650 كيلومتر عن أقرب قاعدة معلنة لقوات الدعم السريع في ضواحي العاصمة الخرطوم.

وفي ولاية كسلا على بعد 500 كيلومتر جنوب بورتسودان، قرب الحدود السودانية الإريترية، استهدفت مسيّرات مطار المدينة اليوم الأحد لليوم الثاني على التوالي.

وفي بورتسودان أفاد مراسل فرانس برس بسماعه أصوات الانفجارات في المطار صباح اليوم الأحد من منزله الذي يبعد نحو 20 كيلومترا عن المطار والذي تعرض لاهتزازات جراء الانفجارات.

ونشر شهود عدة على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لاستهداف المطار، يظهر فيها انفجار ضخم وسحب كثيفة من الدخان.

ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من تلك المقاطع على الفور.

وقال أحد الركاب في المطار لفرانس برس "كنا في طريقنا لركوب الطائرة حين تم إجلاؤنا بسرعة شديدة وإخراجنا من الصالة".

وأوضح مصدر حكومي لفرانس برس أنه تم تعليق الرحلات الجوية من وإلى مطار بورتسودان، البوابة الرئيسية للبلاد منذ بدء الحرب، حتى إشعار آخر.

في الأيام الأولى من الحرب، انتقلت الحكومة السودانية من العاصمة الخرطوم إلى بورتسودان بعد أن سيطرت الدعم السريع على العاصمة في هجوم خاطف.

وظلت بورتسودان التي نزح إليها مئات الآلاف من السودانيين وانتقل إليها موظفو الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، بعيدة عن الحرب طوال العامين الماضيين.

ويشهد السودان، ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، منذ أبريل 2023 حربا مدمرة اندلعت على خلفية صراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021، ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة فيما تعاني بعض المناطق من المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.

ويسيطر الجيش السوداني على شرق وشمال وسط البلاد بينما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب.

وتستخدم الدعم السريع الطائرات المسيّرة، بعضها بدائي الصنع والبعض الآخر متطور تكنولوجيا بشكل ملحوظ، لعدم امتلاكها أسلحة جوية نظامية.

ورصدت صور بالأقمار الاصطناعية حللها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل بالولايات المتحدة وجود ست مسيّرات في مطار نيالا الذي تسيطر عليه الدعم السريع في دارفور غرب السودان.

وفي تقرير أصدره نهاية أبريل، قال المعهد إن المسيّرات "قد تكون قادرة على تنفيذ الهجمات وعمليات المراقبة بعيدة المدى".

وتأتي عمليات اليوم الأحد في إطار سلسلة من الهجمات البعيدة المدى التي نفذتها قوات الدعم السريع على مواقع في عمق مناطق سيطرة الجيش، ومنها بنى تحتية مدنية.

واستنكرت السعودية التي توسطت سابقا في محادثات هدنة بين طرفي النزاع، "استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية" معتبرة في بيان لخارجيتها أنه "يمثل تهديدا للاستقرار الإقليمي والأمن الوطني العربي والافريقي".

وقال خبير عسكري لفرانس برس إن "مهاجمة الدعم السريع لمطاري بورتسودان وكسلا بالمسيرات له عدة أهداف أولها إيصال رسالة أنها قادرة على الوصول إلى أي منطقة في السودان وأنه ليس هناك مكان آمن".

وأضاف أن الهدف الثاني هو "إيقاف حركة الملاحة الجوية والهدف الثالث تدمير مخزن السلاح في قاعدة عثمان دقنة ما يؤثر على إمدادات القوات المسلحة".

وكانت مسيّرة تابعة للدعم السريع استهدفت الخميس الماضي قاعدة عسكرية للجيش في مدينة كوستي جنوب السودان على بعد نحو 100 كيلومتر من الحدود مع دولة جنوب السودان.

وفي نهاية أبريل استهدفت قوات الدعم السريع مدينة عطبرة الواقعة في منتصف الطريق بين الخرطوم وبورتسودان بطائرة مسيّرة متسببة في انقطاع طويل للكهرباء عن عدة مدن بينها بورتسودان.

مقالات مشابهة

  • انقطاع الكهرباء وتعطل حركة الطيران بعد هجمات بمسيّرات على بورتسودان لليوم الثالث
  • البرهان: الشعب السوداني سينتصر.. وسندحر الدعم السريع
  • الدعم يقصف بورتسودان لليوم الثالث والآلاف يفرون من دارفور إلى تشاد
  • مفوض حقوق الإنسان: الرعب الذي يتكشف في السودان لا حدود له
  • انفجارات بورتسودان.. تفاصيل محاولات ميليشا الدعم السريع لإرباك الجيش السوداني
  • الأمم المتحدة: الهجوم على بورتسودان “تطور مقلق” 
  • العدل الدولية تفصل اليوم في دعوى السودان ضد الإمارات
  • الجيش السوداني يتهم الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بطائرات مسيرة
  • “العدل الدولية” تصدر حكمها في شكوى سودانية تتّهم الإمارات بالضلوع في إبادة
  • مع احتدام الحرب.. «الدعم السريع» تهاجم بورتسودان للمرة الأولى