17 خطوة نحو السلام.. مبادرة أمريكية لرسم مستقبل أوكرانيا
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
البلاد (واشنطن)
مع اقتراب موعد انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في مدينة لاهاي، تجد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نفسها أمام لحظة حاسمة، تستدعي طرح رؤية شاملة للسلام في أوكرانيا، تتجاوز الطروحات التقليدية الرامية فقط إلى وقف إطلاق النار، نحو خطة أكثر طموحاً تتضمن معالجة شاملة لجذور الصراع، وتوازن دقيق بين الأمن الإقليمي والمصالح الإستراتيجية لجميع الأطراف.
من هذا المنطلق، تبدو الحاجة ملحّة إلى تقديم خارطة طريق للسلام تتضمن سبعة عشر بندًا تشكل حجر الأساس لأي تسوية محتملة. تبدأ الخطة بوقف إطلاق نار دائم على خطوط التماس الحالية مع إمكانية محدودة لتبادل الأراضي بشكل متفق عليه، تليه ضمانات متبادلة بعدم تغيير الحدود بالقوة أو اللجوء إلى التخريب. وتشير الخطة إلى أهمية رعاية الأمم المتحدة لمفاوضات مستقبلية تهدف إلى تحديد الوضع النهائي للمناطق المتنازع عليها مثل دونباس وشبه جزيرة القرم، مع احترام إرادة السكان المحليين عبر آليات ديمقراطية. كذلك تشدد الخطة على ضرورة منع جميع أشكال العمليات التخريبية عبر الحدود، بما يعزز الثقة ويحد من احتمالات التصعيد المتجدد.
أما في ما يتعلق بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، فتقترح الخطة رفعًا تدريجيًا مشروطًا، مع الاحتفاظ بآلية تضمن إعادة فرضها تلقائيًا في حال حدوث أي خرق من الجانب الروسي. وتدعو إلى تحويل الأصول الروسية المجمدة إلى صندوق إعمار أوكراني تديره الأمم المتحدة، ويوزع عائداته بشكل متوازن على المناطق الخاضعة لكييف وتلك الواقعة تحت السيطرة الروسية، بهدف تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة. كما تتضمن الخطة بنودًا خاصة بضمان الحقوق الثقافية واللغوية للأقليات في البلدين، على أن تُكفل دستوريًا، بما يحد من خطاب الكراهية ويعزز الانسجام الاجتماعي.
ومن النقاط الجوهرية في هذا المقترح دعوة أوكرانيا إلى تبني حياد دائم في دستورها، والتخلي عن مساعي الانضمام إلى الناتو، مقابل تجميد توسع الحلف في مناطق جديدة، بما في ذلك استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد أي طلبات عضوية إضافية. في المقابل، تنص الخطة على اعتراف روسي واضح بحق أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى ضرورة احترام سيادتها في بناء قدراتها الدفاعية دون قيود تعسفية. ومع ذلك، تضع الولايات المتحدة قيودًا على نوعية المساعدات العسكرية التي تقدمها لكييف، بحيث لا تشمل صواريخ بعيدة المدى أو دبابات ثقيلة أو طائرات مقاتلة، تجنبًا لاستفزاز موسكو.
كذلك، تدعو الخطة إلى نشر قوات حفظ سلام محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة، ومنع تواجد أي قوات تابعة للناتو داخل الأراضي الأوكرانية. وتتضمن ضمانات أمنية روسية في مقابل التزام أمريكي بعدم نشر قوات عسكرية في الدول المتاخمة لروسيا، مع احتفاظ واشنطن بحق التراجع عن هذا التعهد إذا أقدمت موسكو على أي هجوم جديد ضد أوكرانيا. وعلى صعيد التسلح، تقترح الخطة اتفاقية جديدة بشأن الصواريخ المتوسطة المدى، تُلزم روسيا بسحب منظوماتها من بيلاروسيا وكالينينغراد، مقابل التزام أمريكي بعدم نشر صواريخ مماثلة في ألمانيا. كما تعيد الخطة فتح باب التفاوض حول الحد من الأسلحة النووية عبر استئناف المحادثات انطلاقًا من معاهدة “ستارت”، في إطار رؤية أوسع للحد من مخاطر التسلح النووي في أوروبا.
وتتوج هذه الخطة بطرح فكرة إنشاء مجلس أمن أوروبي دائم ضمن هيكلية الأمم المتحدة، يضم الدول النووية الخمس، مع إمكانية انضمام دول أخرى مؤثرة مثل الهند والبرازيل وألمانيا، على أن يتولى هذا المجلس متابعة الأزمات الأوروبية ووضع آليات دائمة للردع والحوار.
أما على صعيد آليات التنفيذ، فتؤكد الخطة أن انطلاق مفاوضات السلام مرهون بقبول أوكرانيا وحلفائها في الناتو لهذه الشروط. فإذا وافقوا عليها، يتم طرحها على الجانب الروسي، وفي حال رفضها الكرملين، يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار في دعم كييف عسكريًا دون تغيير. أما إذا رفض الأوكرانيون والأوروبيون هذه الخطة، فيجب على واشنطن أن تعلن صراحة أن هذا الرفض سيترتب عليه وقف الدعم العسكري الأمريكي، مع تحميلهم مسؤولية ما قد يترتب على استمرار الحرب وتصاعدها.
ويشكّل التوقيت عاملًا حاسمًا في هذا السياق، إذ يعاني القادة الأوكرانيون من ضغوط داخلية هائلة، ويحتاجون إلى غطاء سياسي خارجي – وخاصة من الولايات المتحدة – يمنحهم هامش مناورة لتقديم تنازلات قد تبدو غير شعبية على المستوى الداخلي، على غرار ما حدث تاريخيًا في تجارب مشابهة مثل خروج فرنسا من الجزائر أو انسحاب أمريكا من فيتنام. وتعدّ مواكبة واشنطن للموقف الأوكراني في هذه المرحلة الحساسة أمرًا ضروريًا ليس فقط لتحقيق السلام، وإنما للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة القيادية في النظام العالمي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
خبراء أمميون: عقوبات واشنطن على ألبانيزي تهدف لإسكات الأصوات المعارضة
أدان خبراء حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة -أمس الجمعة- قرار واشنطن فرض عقوبات على فرانشيسكا ألبانيزي المقررة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرين أن الأمر يدخل في إطار إستراتيجية أوسع لإسكات الأصوات المعارضة وحماية البنى السلطوية من المساءلة.
وندد خبراء حقوق الإنسان بقرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على ألبانيزي، مجددين التزامهم بالدفاع عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ضد الجهود الرامية إلى تقويضها، أو تخويف أو إسكات من يعملون على حمايتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الجنائية الدولية تصدر مذكرة اعتقال بحق الليبي سيف سليمانlist 2 of 2خبراء أمميون: إسرائيل تستخدم التجويع "كسلاح وحشي" لإبادة غزةend of listكما أعرب الخبراء الأمميون عن تضامنهم الكامل مع المقررة الأممية التي يعتبر تفويضها وتقاريرها أساسيين في دعم المعايير القانونية الدولية والمساءلة.
واعتبروا أن عمل ألبانيزي يمثل التزاما مبدئيا بتفويض قائم على حقوق الإنسان، حيث يقدم تحليلا مستقلا ودقيقا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك "النقل القسري والتمييز المنهجي ومجموعة واسعة من الجرائم الدولية التي يستهدف العديد منها أو يؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال".
وأشار الخبراء الحقوقيون إلى أن ألبانيزي تعرضت أثناء قيامها بمهامها لضغوط كبيرة، مما يبرز أهمية حماية التقارير الحقوقية المحايدة المبنية على الأدلة، وشددوا على أن هذا التفويض يلعب "دورا جوهريا في توثيق الظلم الهيكلي وتعزيز المساءلة بموجب القانون الدولي" مؤكدين أن هذا الجهد يجب الحفاظ عليه وحمايته.
كما ذكروا أن فرض عقوبات على المقررة الأممية بسبب قيامها بهذه المسؤولية -التي كلفها بها مجلس حقوق الإنسان- يمثل "هجوما مباشرا على نزاهة نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" واعتبروا أن هذه الإجراءات تشكل "انتهاكا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية عام 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، التي تمنح خبراء الأمم المتحدة الامتيازات والحصانات اللازمة لممارسة وظائفهم باستقلالية".
إعلانوأوضح الخبراء أن هذا الانتهاك يبعث برسالة خطيرة، ويهدد استقلالية نظام الإجراءات الخاصة، ويؤثر سلبا على المناصرة العالمية لحقوق الإنسان.
كما شددوا على ضرورة أن تتعامل الدول التي تختلف مع آراء خبراء الأمم المتحدة بشكل بناء عبر القنوات الدبلوماسية القائمة. وأكدوا أن استهداف المقررة الخاصة لا يمكن فصله عن الجرائم الدولية الجسيمة والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، إضافة إلى الجهود المستمرة لتجريد المدافعين عن حقوقهم من الشرعية.
ويرى الخبراء الأمميون أن التحيز والتهديدات التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان -سواء كانوا باحثين أو فاعلين في المجتمع المدني أو مسؤولين أو خبراء في الأمم المتحدة- تعكس "إستراتيجية أوسع لإسكات الأصوات المعارضة وحماية البُنى السلطوية المسيئة من المساءلة".
وختموا بيانهم بدعوة جميع الدول إلى الإدانة العلنية لهذه العقوبات (على ألبانيزي) وإلى رفض التعاون في تنفيذها، وإلى تجديد التزامها بالمقررين الخاصين للأمم المتحدة وهيئات العمل، والخبراء المستقلين، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.