آية مصطفى وعوضية وست النفور وشادن
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
من مخزيات رموز النظام البائد والحكومة النازحة، أن لهم سجلاً حافلاً بالملفات الموثقة لقهرهم للنساء، وضربهم واغتصابهم واعدامهم لهن، فعلى هذا السلوك الإجرامي تجتمع كل الأنظمة الثيوقراطية – اغتيال الناشطة الإيرانية مهسا أميني، وفي خضم مهزلة النظام الاخواني السوداني وافتقاره لأدنى قواعد الأخلاق، يقدم اليوم على إصدار حكم الإعدام بحق المواطنة آية مصطفى، بذريعة أعجابها بقائد ثورة التحرير عبر تغريدة بريئة وعابرة بمنصة من منصات التواصل الاجتماعي، تخيل عزيزي القارئ وتصور الانحدار السريع والعميق، الذي هبط إليه رموز الدويلة الإرهابية المندحرة، لقد تشكل وعي المنحرفين من المنتمين لهذه الدويلة على الوحشية السافرة تجاه المرأة، ووضعها في ميزان الحرب سواء بسواء مع وضعية الرجل، في الوقت الذي يوجهنا ديننا الحنيف بأن نستوصي بالنساء خيراً، خلافاً لمنهج المتطرفين الذين لا يفرقون بين النساء والرجال في ميدان الحرب، ويظهر ذلك في قصفهم المستهدف للنساء والأطفال في أحياء أم درمان والخرطوم والفاشر، إنّها العقلية الفزعة المقشعرة البدن لما لاقته من جرأة وشجاعة مقاتلين أشداء، لا يهابون الموت ولا ترتعد أجسادهم لأصوات وتفجيرات السلاح الثقيل، الواقع عليهم من السماء والصائد لهم من الأرض، إنّ الجبان وعلى مر العصور والسنين، لا يحقق نصراً إلّا على النساء والعجزة والمسنين والأطفال، وقد درج نظام حكم المشعوذين الحاملين للتمائم على استدراج النساء والفتيات الصغيرات لمعتقلاته، بتهم لا ترقى للمستوى الذي يدفع القضاة المزيفون من ذوي اللحى والذقون المطلية بالحناء، لأن يصدروا أحكاماً جزافية ظالمة وقراقوشية قاهرة تجاه المستضعفين، لكنها مخرجات الحكم الثيوقراطي المتاجر بالدين، السابح ضد تيار الموروث الثقافي الذي لا يجامل في صون المرأة والذود عن عفتها.
المحكومة بالإعدام جوراً وظلماً آية مصطفى، مثلها مثل غيرها من بنات الوطن العزيزات والشريفات، اللائي انبهرن بالشجاعة والرجولة والتفاني في أداء المقاتلين الأحرار، غير المرتهنين لأجندة الكتب الصفراء، فعبّرن بصدق عن ذلك الشعور الأنثوي المكبوت، بكلمات قليلات على صفحاتهن بمنصة فيس بوك، لقد فعلت آية ذات الأمر دون أن تدري بأن الرعديد يرتعد لمجرد رؤية تلافيف العمامة المميزة لثوار الخامس عشر من أبريل، وما أدراك ما هذه العمامة التي أعادت صفاء ونقاء عهود الرشد والعدل الصحابي الذي ولّى، فشهد الناس شباب نبيلين يخوضون غمار الحرب، من أجل سؤدد شعب رزح تحت نير الدكتاتوريات العسكرية لعقود، شباب احتفت بهم زغاريد النساء، فكان طبيعياً أن ينال من المواطنة آية هؤلاء القتلة الأشرار الانتقاميون، الذين لم يهبهم الله سمة واحدة من السمات التي اتصف بها الفتية الذين آمنوا بقضيتهم، فمهروا أرض الوطن بدمهم الطاهر، فالرعديد يرتجف وترتعد فرائصه وهو يواجه أصحاب العمائم الرائعين، المالكين لنواصي فنون مداعبة الزناد، فيكون هذا المرتجف معذور في أفعاله لأنه مذعور، والذعر حينما يستحوذ على قلوب الرجال، يحيلهم إلى مسوخ ومجانين ومعتوهين لا يدرون ما يفعلون، فيتجهون نحو البريئين والبريئات من المواطنين والمواطنات، فيفتكون بهم وبهن تنكيلاً وقتلاً، تعويضاً عن نقص استشعروه وهم يواجهون مقاتلين حقيقيين، لا روبوتات ولا مجانين، كما ظل يهذي بذلك الطبيب المعتوه المتحدث باسم القوات (الوطنية) المخطوفة بأيدي زعماء الهوس الديني، فالفوبيا الماسحة لعقول جنود فلول المنظومة القديمة، سوف تدفعهم لارتكاب جرائم بشعة كثيرة أخرى، تفوق بشاعتها جرائم حرب رواندا، إنه رد قعل المرعوب الذي ذبح المواطنين العزل في مدينة الأبيض وقرى الجزيرة، فالصدمة التي أحدثها الأشوس بالذهنية القديمة سوف تأتينا بمزيد من مسلسلات قتل الأبرياء وسيل الكثير من الدماء.
الحرب التي أوقد نارها الإرهابيون لن تضع أوزارها، إلّا بعد أن يقدم الناس القرابين الكثيرة من شيب وشباب ونساء، فكما غدرت بالشهيدتين عوضية عجبنا وشادن محمد حسين رصاصتان موجهتان من سدنة النظام البائد، فقتلتا الناشطة المجتمعية والمطربة السفيرة الشعبية الحاملة لتراث شعبها، من الطبيعي أن تكون هنالك الكثيرات من الشيخات والميارم والكنداكات، اللاتي يتقدمن صفوف القضية العادلة التي أشعلت جذوتها الشهيدة ست النفور، تلك الغصة الأخرى الطاعنة في حلق كل سوداني يحمل بين يديه معول هدم صنم الإرهاب والتطرف، وليعلم الناس أن حكم الإخوان في بلاد السودان، قد عمل ضد القواعد الأخلاقية للمجتمعات السودانية منذ يومه الأول، وأدخل سلوك عام غريب لا يمت بصلة لخصائص هذه المجتمعات المنحدرة من أعرق الحضارات الإنسانية، فحاول كسر إرادة المرأة والحط من قدرها، بتشريع القوانين المكرسة لقهرها، لكن العمود الفقري للبناء النسوي لهذه المجتمعات ظل مرتكزاً على الإرث الكبير الذي لا يهزم، مهما بذل الإخوانيون من عمل غير طيب لدك حصون النساء واقتحام خدور الميارم والشيخات والكنداكات، اللائي كن مصدر إلهام للسيرورة القتالية لهذا الشباب المدهش، ولو كان هنالك نظام حكم أوحد في تاريخ البلاد، قد أهان وأذل المرأة بهذه البشاعة وتلك الوضاعة، فهو نظام الحكم الإخواني المحاصر في بورتسودان، والمهزوم عسكرياً في الخرطوم والمدن السودانية والعواصم الولائية، ولن يأتي بعده نظاماً يدني من هامة النساء، لأن أشاوس التحرير قد اقسموا على أن لا يتركوا معتوهاً من معتوهي النظام الفاسد، إلّا ويأخذونه إلى السماء ذات البروج، ليلقى حسابه في اليوم الموعود.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
"يبدو الأمر كما لو أن زلزالا دمّر مدينة غزة، هناك الكثير من الأنقاض التي تملأ الشوارع بحيث يصعب المشي، من المستحيل أن تمر سيارة بسهولة"، بهذه الكلمات لخص جراح العيون محمد مسلّم لصحيفة لوموند الفرنسية الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب التي استمرت لعامين كاملين.
وقالت لوموند إن الدكتور مسلّم (40 عاما) كان في حالة من الذهول عند دخوله غزة، وهي صدمة عاشها كل من دخل المدينة من جيرانه وأصدقائه، كما أكد للصحيفة في حوار عبر الهاتف.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الدويري يحذر العائدين لشمال غزة من مخلفات جيش الاحتلالlist 2 of 2نصف مليون يعودون إلى غزة وأرقام صادمة عن الدمار الهائلend of listوأضاف الطبيب "حيثما وليت وجهك ترى أنقاضا في كل مكان".
وتابعت أن الدكتور مسلّم اضطر الشهر الماضي لمغادرة منزله بغزة رفقة زوجته وأطفاله الـ3 بسبب القصف الإسرائيلي الذي لم ينقطع، ولجأت الأسرة إلى منطقة قريبة، لكن شدة القصف دفعتهم إلى المغادرة "بقلوب مكسورة، وشعور بأننا لن نرى مدينتنا مرة أخرى".
وانتهى به الأمر باستئجار شقة باهظة الثمن في دير البلح، في وسط القطاع، مع عائلته وبينهم والداه المسنّان اللذان يحتاجان إلى رعاية طبية.
عاد الدكتور مسلّم -تتابع لوموند- إلى غزة مشيا على الأقدام مع آلاف النازحين بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، ليفاجأ بالوضع الكارثي للمدينة، وتساءل في حديثه للصحيفة "كيف سنقوم بالإصلاح في غياب الأسمنت؟ في أي ظروف سنعيش في ديارنا؟ أين سيعود أولئك الذين لم يعد لديهم منازل؟".
وندد مسلّم بسياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة خلال عامين من الحرب التي شنتها إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف شخص، بحسب ما صرح به للوموند.
لم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا.
وتساءل "ماذا فعل سكان غزة ليُعرضوا للتشريد والدمار والقصف على هذا النطاق؟".
من بين القتلى، يفكر محمد مسلّم في الطاقم الطبي الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية، كما لا تغيب عن باله صور الجرحى في غزة الذين عالجهم.
إعلانوصرح للوموند قائلا "في أحاديثنا بين الأصدقاء، نقول غالبا إن معركة جديدة تنتظرنا بعد انتهاء هذه الحرب، هذه المعركة هي التي يجب خوضها للتغلب على المعاناة الهائلة التي عانيناها، وعلى الحزن على أحبائنا الذين قُتلوا، ولإعادة بناء غزة، وللحصول على حقوقنا مثل عدم العيش تحت الحصار، ولإعادة حياتنا إلى مسارها الطبيعي".
استهداف الأطر الطبيةوإلى حدود أغسطس/آب الماضي ذكرت الإحصائيات الفلسطينية أن ثلثي المستشفيات باتا خارج الخدمة، وتقلصت أجهزة التشخيص والعمليات بشكل كبير، في حين اختفت الأدوية الضرورية من رفوف الصيدليات، تاركة أكثر من 300 ألف من ذوي الأمراض المزمنة في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض.
وأضافت وزارة الصحة في غزة وقتها أن 6 آلاف و758 من ذوي الأمراض المزمنة توفوا منذ بداية الحرب، نتيجة انقطاع العلاج أو منعهم من السفر لتلقيه.
كما سجلت المراكز الصحية 28 ألف حالة سوء تغذية خلال العام الجاري، ويدخل يوميا نحو 500 شخص المستشفيات بسبب مضاعفات الجوع.
ولم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا. كما اعتُقل 361 من الطواقم الطبية، ولا يزال 150 منهم رهن الاعتقال، بينهم 88 طبيبا.