يمن مونيتور/العربي الجديد

قرّر اليمني نعمان الحذيفي أن يحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن حقوق فئة المهمشين أو ما يعرف لدى العامة باسم “الأخدام” كونه أحد أبنائها، قاطعاً العهد بانتزاع حقوقها المسلوبة بفعل عادات وتقاليد متوارثة. نشط في مجال الحقوق والحريات، وتركزت جهوده في الدفاع عن حقوق فئة المهمشين. وفي مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في اليمن عام 2013 بمشاركة 565 عضواً، كان الحذيفي عضواً في مؤتمر الحوار ممثلاً لفئة المهمشين عن منظمات المجتمع المدني.

وفئة المهمشين في البلاد تضم ذوي البشرة السوداء، وتعد الفئة الاجتماعية الأدنى في السلم الاجتماعي، وتتعرض لتمييز سلبي وعنصرية، وتعاني الحرمان من كافة الحقوق المدنية والسياسية. والمهمّشون هم الطبقة الأدنى في المجتمع اليمني، ويسكنون في عشوائيات ومخيمات من الصفيح غالباً في أطراف المدن، وفي تجمعات تسمى “المحوى” وتفتقر إلى أدنى الخدمات. ويواجه المهمشون سلوكاً عنصرياً من المجتمع، ويمنع تناول الطعام معهم أو الزواج منهم أو تزويجهم باعتبار الأمر عيباً اجتماعياً.

ويبلغ عدد المهمشين في اليمن ثلاثة ملايين نسمة وفقاً لإحصائيات الاتحاد الوطني للمهمشين والأمم المتحدة، أي أنهم يمثلون ما نسبته 12% من إجمالي سكان اليمن، وتتوزع نسبة كبيرة منهم في المحافظات الواقعة على طول الخط الساحلي للبحر الأحمر الحديدة وحجة وتعز، وفي محافظات المحويت وذمار وإب، وفي المحافظات الجنوبية عدن ولحج وأبين وحضرموت الساحل.

وتحصر الأعراف في المجتمع اليمني عمل المهمشين في مهن محددة تعد دونية ومحتقرة. فقد تراهم عمال نظافة، أو يتولون إصلاح الصرف الصحي، وتصليح الأحذية، وقرع الطبول في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، فيما يلجأ عدد كبير منهم، وخصوصاً النساء، إلى التسول. ويقول أحد أبناء فئة المهمشين، ويدعى موسى إدريس، لـ”العربي الجديد”: “أعيش في المحوى وسط تعز في بيت من الصفيح مع ثلاث زوجات وسبعة أطفال، وأعمل في تصليح الأحذية كونها المهنة الوحيدة المتاحة لي للعمل كمهمش. لم أنل حظي من التعليم على اعتبار أن المهمشين لا يدخلون المدارس، وأكتفي بهذا العمل وأجني يومياً حوالي خمسة آلاف ريال (الدولار يساوي 1850 ريالاً)، وأعيش على أحصل عليه”.

وتكشف دراسة مسحية لمجتمع المهمشين في اليمن، أعدّتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وشملت 9200 أسرة (51406 أشخاص)، عن ارتفاع مستويات الفقر مع انخفاض الإلمام بالقراءة والكتابة والالتحاق بالمدارس، وتشير إلى أن الظروف المعيشية للأسرة سيئة للغاية، وتواجه صعوبة في الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية. وتبيّن الدراسة أن واحداً فقط من كل خمسة أشخاص ممن بلغت أعمارهم 15 عاماً وأكثر يستطيعون القراءة أو الكتابة، ولا يتم تسجيل سوى طفلين من كل أربعة أطفال تراوح أعمارهم ما بين ستة أعوام و17 عاماً في المدرسة، كما أن تسجيل المواليد منخفض ويبلغ 9% فقط.

من جهته، يقول الباحث الاجتماعي عارف الشميري، لـ”العربي الجديد”: “لا توجد نصوص قانونية تمارس التمييز ضد فئة المهمشين، لكن قضية التمييز تأخذ بعداً اجتماعياً نتيجة لتراكمات في العادات الاجتماعية التي عزلت أبناء هذه الفئة وحصرتها في مهن محتقرة اجتماعية. كما أن المهمشين أنفسهم يتحملون جزءاً من المسؤولية نتيجة استسلامهم لهذا الواقع وعدم الانخراط في المجتمع”، ويشير إلى “وجود تفاوت في مستوى العنصرية الممارسة ضد المهمشين، ويرتبط ذلك بوعي المجتمع. نُلاحظ بدء دمج المهمشين في المجتمع في محافظة عدن، حيث يتلقون التعليم ويتولون وظائف حكومية وإدارية. لذلك، تقع المسؤولية على عاتق الدولة ومنظمات المجتمع المدني في وضع خطط استراتيجية لدمج المهمشين في المجتمع”.

وبعد ثورة 11 فبراير/ شباط الشبابية الشعبية، بدأ التحرك لدمج المهمشين في المجتمع في إطار الدولة المدنية المنشودة. في هذا السياق، تضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني توصيات عدة لتعزيز وضع المهمشين واندماجهم في المجتمع اليمني. وأوصى المؤتمر بضرورة سن التشريعات اللازمة لضمان الإدماج الكلي للمهمشين وتمتعهم بجميع حقوقهم تبعاً للدستور. كما طالب المؤتمر بتشريع يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية للمهمشين والفرص المتكافئة، وتوفير دعم معنوي ومالي ولوجستي لتمكينهم من المشاركة في عملية التنمية.

إلى ذلك، يقول رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين نعمان الحذيفي، لـ”العربي الجديد”، إن “مشكلة المهمشين في اليمن كانت في الأساس سياسية كونها نتاج صراع سياسي على السلطة خلال فترة صراعات دويلات اليمن القديم، وأقصد هنا صراع الدولة النجاحية مع الدولة الصليحية، وصراع النجاحيين مع الدولة المهدية المدعومة من الإمامة الزيدية في مناطق الشمال اليمني بما يسمى المكون الزيدي، وانتهى هذا الصراع بسقوط الدولة النجاحية لصالح الدولة المهدية، وتحول في عهدها رعايا الدولة النجاحية لما يشبه أسرى حرب وأطلقت عليهم كلمة أخدام بمرسوم ملكي أصدره الأمير علي بن مهدي الرعيني الحميري في عام 553 هجرية. وهكذا تحول هذا القرار إلى عرف ومشكلة اجتماعية في اليمن”.

يضيف الحذيفي أن “حالة التهميش والتمييز التي يتعرض لها المهمشون اليمنيون من ذوي البشرة السوداء تكمن في فشل الأنظمة السياسية التي حكمت اليمن في ترسيخ دولة المواطنة المتساوية والعادلة وفي طبيعة التركيبة الاجتماعية والقبلية للمجتمع اليمني ونظرته الدنيوية للفئات الضعيفة والمستضعفة، ناهيك عن استسلام السود اليمنيين للواقع الذي هم عليه وعدم تمردهم، والاكتفاء في العيش على هامش الحياة العامة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اليمن”.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: المهمشين اليمن العربی الجدید المهمشین فی فی المجتمع فی الیمن

إقرأ أيضاً:

فى ذكرى ميلاد بشير الديك.. أبرز كتاب السينما الواقعية ‏وصوت المهمشين والطبقات الكادحة

يحل اليوم ذكرى ميلاد السيناريست والكاتب الراحل بشير الديك، ويعد واحدا من أبرز صناع السينما الواقعية في مصر، وكان من أبرز أعماله الواقعية مع سبق الإصرار و سواق الأتوبيس وضد الحكومة.

ولد بشير الديك يوم 27 يوليو عام 1944، وهو من أبناء محافظة دمياط، وفي عام 1966 حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة، وبدأ مسيرته المهنية من باب «الأدب» حيث كتب العديد من القصص القصيرة التي نشرت في مجلات وصحف ودورات أدبية مختلفة، إلى أن جاءته فرصة الكتابة للسينما.

السيناريست بشير الديك بداية المشوار الفني لـ بشير الديك

بدأ السيناريست بشير الديك مشواره الفني عام 1978 من خلال فيلم «مع سبق الإصرار» الذي كتب له القصة والحوار وأخرجه أشرف فهمي، وحقق العمل نجاحا جماهيريا وفنيا كبيرا، بينما كان بداية الانطلاقة الحقيقية لـ بشير في عالم الفن من خلال تعاونه مع المخرج عاطف لبيب، حيث قدما معا العديد من الأعمال الفنية النجاحة منها فيلم «سواق الأتوبيس» وفيلم «ضربة معلم» وفيلم «ضد الحكومة» وفيلم «ناجي العلي» « ليلة ساخنة».

أبرز أعمال السيناريست بشير الديك

قدم السيناريست بشير الديك، خلال مشواره الفني العديد من الأعمال الفنية الناجحة وكان من أبرز أفلامه: سواق الأتوبيس والحريف وضد الحكومة وموعد على العشاء وعصر القوة وناجي العلي وزيارة السيد الرئيس وغيرها من الأعمال الناجحة.

وكان من أبرز أعماله الدرامية: «درب الطيب وظل المحارب والناس في كفر عسكر وحرب الجواسيس وغيرها من الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا بتاريخ الدراما المصرية.

بشير الديك وفاة السيناريست والكاتب بشير الديك

توفى السيناريست والكاتب بشير الديك يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2024، عن عمر ناهز 80 عاما، بعد صراع مع المرض استدعى حجزه داخل غرفة العناية المركزة منذ أيام. حيث كتبت بوسي، ابنة شقيق السيناريست الكبير بشير الديك، خبر وفاة عمها بعد صراع مع المرض عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «ولا نقول إلا ما يرضي الله، عمي بشير الديك في ذمة الله».

واختتمت المنشور بالدعاء له، قائلة: «اللهم ارحمه واغفر له واجعل مرضه شفيعاً له واجعل قبره روضة من رياض الجنة».

اقرأ أيضاًطليقها كسر هدايا أطفالها وتعدى عليها.. التحقيق في بلاغ شقيقة منة عرفة

«راجعين».. وائل كفوري يطرح أغنية ذات طابع وطني |فيديو

مقالات مشابهة

  • “الصحة”: 98% معدل التغطية بتطعيم التهاب الكبد الوبائي في الدولة
  • فى ذكرى ميلاد بشير الديك.. أبرز كتاب السينما الواقعية ‏وصوت المهمشين والطبقات الكادحة
  • ثورة 23 يوليو والمرأة المصرية
  • مسؤول: تعميم الحماية الاجتماعية.. خطوة حاسمة نحو دولة الرعاية الشاملة
  • قبل أن تبدأ اللجنة عملها.. إعلان يغير مسار الريال اليمني!
  • سيف الدولة لـعربي21: الأنظمة العربية تعاني من التبعية.. والمقاومة الفلسطينية وحدها من تحمي الأمة
  • العربي الناصري: التجمهر أمام السفارات محاولة مرفوضة لضرب الدولة المصرية
  • هل يتغلب السودانيون على الشروخ الاجتماعية والاستقطاب الإثني؟
  • هتافات اليمنيين تزلزل الصمت العربي .. ثورة الشعب اليمني ضد إبادة غزة تدخل مرحلة جديدة وهذه تفاصيلها
  • عاجل. محكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد