#وراء_الحدث د. #هاشم_غرايبه
أثير اهتمام مبالغ فيه، في الحديث عن الغارة الجوية التي شنها العدو على منطقة الحديدة في اليمن، رغم أن الحدث ليس خارقا بالمعيار العسكري، فمسافة 180 كيلومترا ليست بعيدة على الطيران العسكري الحديث، مع توفر امكانية التزود بالوقود جوا.
الملاحظ أن التركيز كان على ذكر وجود أربع طائرات مرافقة لغرض التزويد بالوقود، وذلك لنفي إمكانية أن الطائرات قد تكون تزودت به من قواعد أرضية، لأنه معلوم أن مسار الطائرات جيئة وذهابا بأكمله يقع في أجواء عربية، ورغم أن المنطقة المعنية تعج بالقواعد الأمريكية، إضافة الى القاعدة الجوية التي يمتلكها الكيان اللقيط في أرخبيل دهلك التابع لأريتريا، لذلك كان ذكر التزود الجوي لابعاد شبهة أن هنالك تنسيق وتعاون مع الدول المشاطئة للبحر الأحمر، والتي هي جميعها عربية (السعودية ومصر والسودان).
لكن كان من الصعب (إن لم يكن مستحيلا) تنفيذ هذا الهجوم، بدون أن تكتشفه أجهزة الرادار لهذه الدول، خاصة وأننا نعلم كم هي مستنفرة هذه الأيام للتصدي للمسيرات والصواريخ اليمنية المنطلقة باتجاه الكيان اللقيط، واللذي أعلن بصراحة وبلا خوف من الحرج الذي سيقع فيه المتعاملون معه، أعلن تقديره للدور الكبير للدول العربية المتحالفة معه في التصدي للهجومات الجوية السابقة عليه، سواء منها ما انطلقت من إيران أو من الأراضي العراقية أو اليمنية.
السؤال هنا كيف يمكن لأمريكا أن تزود الأنظمة العربية بأجهزة الرصد الجوي التي تحتاجها للدفاع عن أجوائها، بحيث لا تعمل ضد طيرانها أو طيران حلفائها سواء الأوروبيين أو الكيان اللقيط؟.
هل ذلك ممكن تقنيا؟
بالطبع ذلك صعب إن لم يكن مستحيلا، لذلك فالوسيلة هو أحد أمرين، إما أن يكون العاملون على هذه الأجهزة أمريكيون أو عملاء لمخابراتها من أبناء المنطقة اختارتهم ودربتهم وضمنت ولاءهم، وهذا مكلف كثيرا فهذه الوظائف تقنية ودائمة لذا فكلف إدامتها عالية وغير مجدية إلا في حالات قليلة وهي الحروب.
لذلك فالخيار الأفضل مما سبق أن تكون قيادات البلد موالية لها مرتبطة معها بعهود سرية على مواطنيهم، وهذا ممكن إما أغراء بالمال أو ترهيبا بنزع الحكم من الحاكم واستبداله، خاصة ان كان أصلا قد نال الحكم بناء على دعمهم، أو بكلي الأمرين معا.
ولو عدنا الى الأحداث المؤلمة تاريخيا، والتي نجح العدو فيها بدخول أقطار عربية لاغتيال مناضلين أو علماء يخشى أن يغيروا في معادلة التخلف التقني المضروب على أمتنا، جميع تلك العمليات والتي تمثل الإرهاب الحقيقي، لم تكن لها أية فرصة للنجاح إلا بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في ذلك القطر وبالدعم المعلوماتي وبالتغطية على انسحاب القوة المهاجمة أو خروجها من البلاد بأمان.
لقد عبرت الطائرات المغيرة الأجواء العربية لمدة تزيد عن ساعتين ذهابا وإيابا، والأعراف الدولية تقضي بوجوب الاستئذان، وحتى لوكان الكيان لا يقيم وزنا لهذه الأنظمة فلا يستأذن خرقه لأجوائها، فهي بأضعف الإيمان وعلى أقل واجب تجاه حماية كرامتها المستباحة، بإمكانها أن تبلغ الأشقاء اليمنيين قبل وصولها، لكن ذلك لم يحصل، مما يثبت الاستغراق في التآمر.
لذا لا يعتبر هذا العدوان على اليمن نجاحا عسكريا للكيان اللقيط، بقدر ما هو وصمة عار تنال من الأنظمة العربية المنبطحة تحت أقدام الكيان اللقيط، تضاف الى المئات من وصمات العار التي سبقتها.
صحيح أنه لا قيمة استراتيجية لهذه الغارة، فهي أرادتها قيادة الكيان لحفظ ماء الوجه أمام مواطنيها، ولإظهار أنها لم تسكت على العملية اليمنية الهامة والناجحة لاستهداف تل أبيب، لكنها لن تغير من حقيقة أن الجيش اليمني البطل قادر على الوصول الى البطن الرخو لهذا الكيان المهزوم حتما، وبالتالي فالجيوش العربية الأخرى التي لم نرها الا في الاستعراضات أو عندما استدعتها أمريكا في حربها ضد الإسلام (الحرب على الإرهاب)، هذه الجيوش الأقوى كثيرا من الجيش اليمني، بيدها الكثير، وعليها تعلق الأمة آمالها لتسترد كرامتها، والتي ما أبقاها الى الآن مستباحة غير تخاذل القيادات السياسية العربية (وليس العسكرية) عن الاضطلاع بواجبها في قضية الأمة الأولى.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وراء الحدث
إقرأ أيضاً:
بمعايير مونديالية..كأس أفريقيا بالمغرب تشهد أكبر عملية رقمنة لولوج الملاعب في تاريخ البطولة
زنقة 20. الرباط – ماب
قبل أيام قليلة من انطلاق كأس الأمم الإفريقية، يسرع المغرب وتيرة نشر الآليات الرقمية التي تروم تأطير التدفقات البشرية الكبيرة المرتقبة، وتحسين مسارات المشجعين، وتعزيز الكفاءة التشغيلية لهذا الحدث القاري.
وأكد الخبير في التحول الرقمي، محسن بنخلدون، أن نجاح هذا الموعد الرياضي البارز يمر عبر تحقيق الانسجام بين مجموعة من اللبنات التكنولوجية الجاهزة فعليا، والتي ينتظر أن تتعزز فعاليتها تدريجيا مع توالي الاختبارات المقبلة.
وأوضح أن التحديات التقنية للبطولة تتركز أساسا حول ثلاثة محاور رئيسية، تتمثل في التعرف على الهوية وضبط الولوج الجماعي إلى الملاعب، ومناطق المشجعين، والفضاءات الرسمية، وضمان المزامنة بين مختلف الخدمات الرقمية، مثل التذاكر، والاعتمادات، والتنقل، والتأشيرة الإلكترونية، إضافة إلى مرونة الأنظمة المعلوماتية وقدرتها على استيعاب ذروة الضغط المرتفع خلال المباريات الكبرى أو التنقلات بين المدن.
وأشار السيد بنخلدون الى أنه في مواجهة هذه التحديات، اعتمد المغرب بنية رقمية مندمجة تعطي الأولوية للاتساق، بدل الاكتفاء بتجميع أدوات غير متجانسة.
ويحتل تطبيق “يلا”، موقعا محوريا ضمن هذه المنظومة، باعتباره البوابة الرقمية الموحدة التي تجمع بطاقة المشجع (Fan ID)، والتأشيرة الإلكترونية المجانية، والمعطيات اللوجستية، بهدف توفير مسار منظم يتم فيه التعرف على هوية كل مشجع طيلة رحلته الرسمية.
ومع ذلك، شدد الخبير على ضرورة استقرار هذه الأداة بسرعة، لافتا إلى أن التقييمات الأولية للمستخدمين تظهر علامة متوسطة ضعيفة، مما يدل على تجربة لا تزال بحاجة للتحسين قبل بداية المنافسة لتعزيز الثقة الرقمية لدى الجماهير وتجنب أي احتكاك محتمل يوم الحدث.
وتشكل منظومة التذاكر الرقمية بالكامل ركيزة أخرى لهذا الجهاز التنظيمي، إذ تساهم، من خلال ربطها بالهويات الرقمية في تقليص الاعتماد على الشبابيك التقليدية، وتسهل انسيابية الولوج للملاعب، والحد من تداول السيولة النقدية.
كما تسمح بتبسيط وصول المشجعين الأجانب بفضل الربط مع التأشيرة الإلكترونية المجانية التي يتم الحصول عليها عبر التطبيق نفسه، حيث تنجز غالبية الإجراءات قبل السفر.
وتوفر هذه الخدمات للمنظمين كما للسلطات تتبعا دقيقا للمعاملات والتحركات، مما يفتح المجال لتحليلات أدق تخدم الأمن والتقييم ما بعد الحدث.
وبالنسبة للمنظمين والسلطات العمومية، توفر هذه الخدمات مستوى عاليا من التتبع والشفافية في المعاملات والتنقلات، ما يفتح المجال أمام تحليلات دقيقة تخدم متطلبات الأمن، كما تفيد في التقييم اللاحق للتظاهرة.
ويعد الاستخدام المتزايد لحلول الذكاء الاصطناعي، بحسب بنخلدون، رافعة إضافية في هذا الإطار، إذ تتيح هذه التقنيات تحليل التدفقات السياحية والرياضية، وتحسين تدبير حركة المرور، وتطوير حلول الأداء غير التلامسي، بهدف استباق حالات الازدحام بدل الاكتفاء برصدها، اعتمادا على البيانات المستخلصة من مختلف الخدمات الرقمية.
ويأتي إطلاق تقنية الجيل الخامس (5G) في المدن الرئيسية المحتضنة للبطولة ليستكمل هذه البنية التحتية.
وبحسب السيد بنخلدون، فإن أهمية هذه التقنية تتجاوز بكثير مجرد تحسين سرعة الاتصال، إذ تتيح استيعاب عدد ضخم من المستخدمين في آن واحد، وهو عنصر حاسم بالنظر للاستخدام المكث ف لتطبيق “Yalla”، وخدمات التذاكر والتأشيرة الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي خلال المباريات، مع ضمان مستوى خدمة مستقر.
كما أن زمن الاستجابة المنخفض الذي توفره تقنية الـ 5G يفيد أيضا الجوانب التقنية للإنتاج السمعي البصري (البث بتقنية HDR، وكاميرا “سبايدر”، وطائرات “الدرون” FPV، أو خوادم التصوير البطيء فائق الدقة).
ويعتمد تزامن الإشارة بين الملاعب والاستوديوهات والقنوات الناقلة الدولية بشكل مباشر على هذه التقنية. وهكذا تساهم هذه البنية التحتية في تمكين المغرب من بلوغ مستوى إنتاج مطابق للمعايير الدولية.
وتشكل المدفوعات الرقمية ورقمنة الخدمات محورا هيكليا آخر في التحضير للحدث. وبالنسبة للخبير، تكمن مزايا هذه الخدمات في انسيابية المسارات وفي القيادة التشغيلية على حد سواء.
فمن جهة الجماهير، تتيح المسارات “غير النقدية”، وتقليص الطوابير، والتحقق المسبق من الهويات الرقمية، وصولا أسرع إلى الملاعب ومناطق المشجعين ونقاط المطاعم. أما بالنسبة للمنظمين، فإن كل معاملة مالية وكل عملية ولوج إلى المناطق الرسمية يمكن ربطها بهوية رقمية فريدة، مما يعزز مكافحة الاحتيال ويحسن قراءة القدرة الاستيعابية في الوقت الفعلي.
وستغذي هذه البيانات أيضا التحليلات التي ستجرى بعد الحدث، خاصة في أفق تنظيم البطولات المستقبلية، وعلى رأسها كأس العالم 2030. وهكذا ينتقل الحدث من منطق يركز على بيع التذاكر إلى منطق أكثر تكاملا يقوم على مسارات رقمية مدمجة.
كما تشكل بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 رافعة لتحفيز المنظومة الرقمية الوطنية. إذ توفر التقنيات المسخرة، من البث بتقنية “HDR” والمنصات السحابية، وأدوات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الإنتاج والاتصال المتقدمة، واجهة بارزة للفاعلين المغاربة في مجال البث والاتصال المتقدمة، وكذلك الشركات الناشئة المتخصصة في الخدمات الرقمية.
وفي هذا الصدد، أشار السيد بن خلدون إلى أن الحدث يشكل ميدانا للتجريب على نطاق واسع، بمستوى من المتطلبات يرفع من كفاءة القطاع بأكمله.
ولكي لا تبقى هذه الابتكارات محصورة في إطار كأس إفريقيا للأمم، يتعين إدراج إعادة استخدامها ضمن الاستراتيجيات الحضرية للمدن المعنية، وذلك عبر استدامة البنى التحتية للاتصال، ووضع حكامة واضحة للبيانات التي تم توليدها خلال الحدث، والدمج التدريجي للأدوات الرقمية في تدبير الحياة اليومية للمجالات الترابية.
ويرى الخبير أن كأس الأمم الأفريقية 2025 يمكن أن تشكل محطة مفصلية ضمن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، التي تضع الرقمنة في صلب التنافسية الوطنية وتحديث الخدمات.
وبالإضافة إلى كونها موعدا رياضيا بارزا، تشكل بطولة كأس الأمم الافريقية 2025 فرصة لتعزيز النضج الرقمي للمملكة، وهيكلة الخدمات الرقمية، التي سترافق التظاهرات الكبرى والمدن المغربية خلال السنوات المقبلة.
تابعوا آخر الأخبار من زنقة 20 على Google News